المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: ترجمة اليونيني - روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» - جـ ٢

[جمعة فتحي عبد الحليم]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني:أسباب الاختلافات

- ‌المجموعة الأولى: أسباب تفاوت الرواة في الروايات وترجيح بعضهم على بعض

- ‌النوع الأول: ما يرجع إلى ذات الراوي:

- ‌1 - الحفظ:

- ‌2 - الفقه:

- ‌3 - العلم بالعربية:

- ‌النوع الثاني: ما يرجع إلى أحوال الراوي مع شيخه:

- ‌1 - البلديَّة:

- ‌2 - القرابة:

- ‌3 - تقديم الشيخ للطالب وإيثاره بالرواية:

- ‌النوع الثالث: ما يرجع إلى أحوال التحمل:

- ‌1 - السن في حال التحمل:

- ‌2 - وجه التحمل:

- ‌3 - حال الشيخ عن التحمل:

- ‌4 - الصحبة والملازمة:

- ‌5 - عناية المحدث بكتابه:

- ‌المجموعة الثانية: أسباب الاختلافات التي تتعلق بالمروي وهو «الصحيح»:

- ‌1 - الاختلاف في النقل عن أصل البخاري نفسه:

- ‌2 - كثرة الرواة عن البخاري:

- ‌3 - ومن الأسباب التي تعود إلى العوامل البشرية:

- ‌أولًا: التصحيف والتحريف

- ‌ثانيًا: ومن الأسباب التي تؤدى إلى الاختلافات:بعض الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الإدراج

- ‌ثالثًا: ومن أسباب الاختلافات:اختلاف العلماء في حكم تغيير جمل الثناء على الله عز وجل أو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم أو الترضي والترحم على العلماء

- ‌رابعًا: اختلاف العلماء في حكم جواز إصلاح الخطأ وتقويم اللحن

- ‌خامسًا: ومن هذه الأسباب - أيضًا - الاختلاف بين العلماء في التعبير في صيغ الأداء عن طريقة التحمل

- ‌سادسًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات أيضًا:اختلاف العلماء في حكم جواز الرِّواية بالمعنى

- ‌سابعًا: ومن الأسباب التي أدت إلى كثير من الاختلافات:إهمال البُخارِيّ نسبة بعض الراوة:

- ‌ثامنًا: ومن هذه الأسباب:أن يروى الحديث من طريقين ويكون في أحد الطريقين زيادة ليست في الرِّواية الأخرى فيروى الحديث مرة بدون الزيادة ومرة بها

- ‌تاسعًا: ومن أسباب الاختلاف بين الرُّواة:أن يكون الحديث محفوظًا عن أحد الرُّواة من وجهين

- ‌عاشرًا: ومن هذه الأسباب:اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث أو الاقتصار على بعضه دون الباقي

- ‌حادي عشر: ومن هذه الأسباب: اختلاف قراءات القرآن الكريم

- ‌ثاني عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلاف في ضبط الكلمات وإعرابها، وجودُ بعض الكلمات في العربية تحتمل أكثر من ضبط لغوي أو أكثر من وجه إعرابي

- ‌ثالث عشر: ومن أسباب وقوع كثير من الاختلافات في تقسيم الكتب والأبواب

- ‌رابع عشر: الاختلافات اللغوية الناشئة عن الاختلاف بين لغات العرب وأوجه الإعراب

- ‌الأمر الأول: الاختلافات الناشئة لاختلاف لغات العرب:

- ‌الأمر الثاني: الاختلافات الناشئة عن اختلاف العلماء في المذاهب أو المدارس النحوية:

- ‌الأمر الثالث: الاختلافات الناشئة لوجود أكثر من وجه إعرابي

- ‌الفصل الثالث:نتائج الوقوف على الاختلافات

- ‌أولًا: إزالة إشكالات وعلل في الإسناد

- ‌ثانيًا: ومن هذه النتائج الإسنادية:جعل بعض الرُّواة على شرط البُخارِيّ وهم ليسوا كذلك

- ‌ثالثًا: الوقوف على أسماء الرُّواة المهملين في الإسناد وخاصة شيوخ البُخارِيّ

- ‌رابعًا: ومن هذه النتائج إزالة التصحيف الواقع في الأسانيد

- ‌خامسًا: اختلاف العلماء في عدد كتب الجامع الصحيح وأبوابه وأحاديثه بناء على اختلاف النسخ

- ‌سادسًا: الوقوف على بعض الزيادات من الرواة

- ‌سابعًا: إزالة سوء الفهم في الترتيب والحذف والإثبات في الأبواب والأحاديث

- ‌ثامنًا: إزالة نسبة الوهم إلى بعض الشراح في عزو الأحاديث

- ‌تاسعًا: إيضاح فهم مراد البُخارِيّ وعلاقة الحديث بالترجمة التي سبقت له

- ‌عاشرًا: إزالة إشكالات في فقه متن الحديث

- ‌حادي عشر: إزالة تكرار حديث أو أثر أو باب في الصحيح

- ‌ثاني عشر: ثبوت أحاديث ومعلقات أو سقوطها من الصحيح

- ‌الفصل الرابع:وسائل توجيه الاختلافات

- ‌مراعاة صحة بعض الروايات، وشهرتها بين العلماء:

- ‌بعض الوسائل التي تساعد في الوصول إلى توجيه الاختلافات:

- ‌1 - النسخ من «الصحيح» التي قارنت بين هذه الروايات:

- ‌2 - الرجوع للكتب المتعلقة بـ «الصحيح»:

- ‌أ - شروح «الصحيح»:

- ‌ب - الكتب التي اهتمت بتقييد هذه الاختلافات وتوجيهها:

- ‌ج - كتب الأطراف:

- ‌د - الكتب المتعلقة بتمييز رجال الصحيح:

- ‌هـ - الكتب المؤلفة في العلل:

- ‌و- الكتب المؤلفة في المستخرجات:

- ‌ز - كتب السنة المسندة:

- ‌ي - الكتب التي اهتمت بضبط غريب الحديث:

- ‌خاتمة الباب الثاني

- ‌الباب الثالث«عناية الأمة بضبط الاختلافات»

- ‌الفَصْل الأول:عناية المشارقة بالصحيح

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: ترجمة اليُونِينِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة اليُونِينِيّ (701) ه

- ‌المبحث الثالث:الطبعة السطانية

- ‌الفَصْل الثاني:عناية المغاربة بالصحيح

- ‌المبحث الأول:عناية المغاربة بصحيح البُخارِيّ

- ‌المبحث الثاني:نسخة أبي علي الصَّدفي (454 - 514) ه

- ‌المبحث الثالث:نسخة أبي عمران موسى ابن سعادة (522) ه

- ‌الفَصْل الثالث:أهم المصنفات التي تعتني بضبط الاختلافات

- ‌المبحث الأول:ضبط الاختلافات من خلال كتب الشروح

- ‌1 - كتاب «فتح الباري» بشرح صحيح البُخارِيّ لابن حجر العسقلاني (852) ه

- ‌الروايات التى روى الصحيح من خلالها:

- ‌منهج المؤلف في كتابه:

- ‌نماذج الكتاب:

- ‌طبعات الكتاب:

- ‌2 - كتاب «إرشاد الساري إلى صحيح البُخارِيّ»

- ‌روايات الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب في الوقوف على الروايات:

- ‌ طبعات الكتاب:

- ‌«شرح صحيح البخاري»لابن بطال (449) ه

- ‌«التلخيص شرح الجامع الصحيح»للإمام النووي (676) ه

- ‌«الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري» للكرماني (786) ه

- ‌«فتح الباري شرح صحيح البخاري» لابن رجب الحنبلي (795) ه

- ‌«التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (804) ه

- ‌«عمدة القاري شرح صحيح البخاري» لبدر الدين العيني (855) ه

- ‌المبحث الثاني: كتب تقييد الألفاظ واختلاف الروايات والنسخ

- ‌كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل» لأبي علي الجَيّانيّ

- ‌كتاب «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» للقاضي عِياض

- ‌كتاب «مَطالِعُ الْأَنْوارِ عَلَى صِحاحِ الْآثارِ» لابن قُرْقُول 505 - 569 ه

- ‌خاتمة الباب الثالث

- ‌النتائج العامة للبحث

- ‌كيفية الوصول إلى نص «صحيح البخاري»

- ‌منهج الجمع بين أكثر من رواية من روايات «الصحيح»

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: ترجمة اليونيني

‌التمهيد

جاء عصر اليُونِينِيّ وقد كثرت روايات «الصحيح» في كل مكان وكثر التحديث بروايات مختلفة بسبب كثرة الرُّواة والبعد الزماني عن البُخارِيّ، فجاء اليُونِينِيّ - رحمه الله تعالى - وعزم على ضبط «صحيح البُخارِيّ» بحيث يجمع في نسخة واحدة أشهر الروايات وأضبطها وأتقنها.

‌المبحث الأول: ترجمة اليُونِينِيّ

اسمه ونسبه (1):

هو الفقيه المحدث الزاهد، الإمام شيخ العلماء في زمانه، شرف الدين

(1) مصادر ترجمة اليُونِينِيّ:

ترجمة شرف الدين اليُونِينِيّ في كتب كثيرة، فقد ترجم له تلميذه الذَّهبي في معظم كتبه، فترجم له في «تاريخ الإسلام» وفيات سنة 701 هـ (53/ 18 - 19)، وفي «المعجم المختص» ص: 168، 169 (207)، و «معجم الشيوخ» 376، 377 (543)، و «تذكرة الحفاظ» 4/ 1500، و «المقتنى في سرد الكنى» 1/ 188 (1608).

كما ترجم له الصفدي في «الوافي بالوفيات» 21/ 421 (295)، واليافعي في «مرآة الجنان» 4/ 235، وابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» 4/ 329 (491)، وتقي الدين الفاسي في «ذيل التقييد» 3/ 210 (1452)، وابن حجر في «الدرر الكامنة» 3/ 98 (223)، وابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» 8/ 198، وابن مفلح في «المقصد الأرشد» 2/ 259 ترجمة (759)، والعليمي في «الدر المنضد» 2/ 450 (1191)، وابن العماد في «شذرات الذهب» 6/ 3، والزبيدي في «تاج العروس» 18/ 602، وغيرها.

وقد ترجم له الدكتور عمر عبد السلام تدمري ترجمة وافية استفدت منها كثيرًا في مقدمة تحقيقه «مشيخة اليُونِينِيّ شرف الدين» تخريج محمد بن أبي الفضل البعلبكي، والتي طبعتها المكتبة العصرية ببيروت مع ملحق من «عوالي شرف الدين» أيضا برِوَاية مؤرخ الإسلام الحافظ الذَّهبي، وذلك في سنة 1423 هـ الموافق 2002 م.

ص: 655

أبو الحسين، علي بن محمد بن أحمد ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، اليُونِينِيّ (1)

ولادته: ولد رضي الله عنه ببعلبك (2) في الحادي عشر من شهر رجب من سنة إحدى وعشرين وستمائة، وقد نشأ في بيت علم، وأسرة لها شأن عظيم في العلم والديانة وحفظ الحديث.

أسرته: أما والده فهو الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد تقي الدين اليُونِينِيّ المحدث الحافظ الزاهد، أحد الأعلام، كان حنبلي المذهب، ولد في شهر رجب سنة (572) هـ بيونين القريبة من بعلبك، وكان ملازمًا لأسد الشام عبد الله اليُونِينِيّ، وحفظ كثيرًا من كتب الحديث منها:«الجمع بين الصحيحين» و «صحيح مسلم» وأكثر «مسند أحمد» وكان إماما في الفقه.

توفي في 19 من رمضان المبارك سنة (658) هـ (3).

(1) نسبة إلى قرية من قرى بعلبك اسمها يونين - بضم الياء وكسر النون الأولى - وسماها ياقوت في «معجم البلدان» 5/ 453، والفيروزآبادي في «القاموس»: يونان بضم الياء وفتح النون الأولى، وقال الزبيدي في «تاج العروس» ويقال فيها: يونين أيضًا وهو المعروف.

وفي هذه القرية نشأة أسرة اليُونِينِيّ، قَال الزبيدي: وهم أهل بيت علم وحديث.

ومن ينسب إلى يونين:

- محمد بن عبد القادر بن على بن محمد

حفيد الشيخ ت777 هـ يكنى أبا الحسن.

- محمد بن على بن أحمد

المعروف بابن اليونانية ت793 هـ.

(2)

بعلبك بفتح الباء وسكون العين وفتح اللام والباء الموحدة والكاف مشددة، مدينة قديمة فيها أبنية عجيبة وأثار عظيمة وقصور لا نظير لها في الدنيا، بينها وبين دمشق ثلاثة أيام، أو اثنا عشر فرسخًا من جهة الساحل «معجم البلدان 1/ 453» .

(3)

ينظر ترجمته في: «تاريخ الإسلام» للذهبي 48/ 356 - 361 رقم 456، و «الذيل على طبقات الحنابلة» لابن رجب 2/ 269 - 273، و «مرآة الجنان» لليافعي 4/ 150، و «الوافي بالوفيات» للصفدي 2/ 121، و «الدرر الكامنة» لابن حجر 2/ 195، 278، 302، و «النجوم الزاهرة» 7/ 92، وغيرها مما لا مجال لحصره.

ص: 656

أما أخوه فهو قطب الدين موسى صاحب «التاريخ» الذي ذيله على «مرآة الزمان» لسبط بن الجوزي والمتوفى سنة (726) هـ (1).

وله أخٌ آخر اسمه بدر الدين الحسن، وأخت اسمها أمة الرحيم حدثا كما قال الزبيدي في «تاج العروس» .

وكان لنشأة شرف الدين اليُونِينِيّ في بيت علم أن طلب العلم مبكرًا، فحضر ببلده بعلبك عدة أجزاء على البهاء عبد الرحمن المقدسي، وسمع بها من القاضي عبد الواحد بن أبي المضاء الإربلي في سنة (626) هـ، وهو في السادسة من عمره، كما سمع والده الشيخ الفقيه وغيرهم.

شيوخه: يمكن القول أن شيوخ الفقيه شرف الدين تجاوزوا السبعين شيخًا من خلال تتبع مشيخته التي ألفها اليُونِينِيّ نفسه، ومنهم من سمع منه في رحلاته: إسماعيل بن إبراهيم بن شاكر التنوخي، وأبو المواهب الحسن بن سالم بن الحسن ابن صَصْرىَ وغيرهم.

ويعتبر الحسن بن الحسن الجواليقي، ومحمد بن عبد الله بن المبارك البندنيجي، المعروف بابن عُفَيجة، أقدم شيوخ شرف الدين وفاة؛ حيث توفي الإثنان سنة (625) هـ مما يعني أنه أخذ بالإجازة عنهما وهو في الرابعة من عمره.

أما آخر شيوخه وفاة فكان عبد المؤمن بن خلف الدمياطي، الذي تأخرت وفاته حتى سنة (705) هـ أي بعد وفاته هو بأربع سنين، وكان من

(1) ينظر في ترجمة قطب الدين: «نهاية الأرب» للنويري 33/ 215، و «المعجم المختص» للذهبي285، 286 (366)، و «مرآة الجنان» 4/ 276، و «الذيل على طبقات الحنابلة» 2/ 279، 380، و «الدرر الكامنة» 5/ 153 (4900)، وغيرها.

ص: 657

بين شيوخه امرأة واحدة، هي زينب بنت عمر بن كندي، كما كان من بين شيوخه سلطانٌ مَلِكٌ، هو الأشرف موسى العادل محمد الأيوبي، وقد حدث عنه بأربعين حديثًا خرجت له.

وتنوعت تخصصاتهم بين الحديث والفقه والقضاء والفتوى والأدب والأنساب وغيرها، وأكثرهم من الأئمة الأعلام المسندين سواء في المذهب الحنبلي أو الشافعي أو الحنفي.

تلاميذه: بعد أن انتهى شرف الدين من رحلاته العلمية، التي سمع وتفقه فيها على أعيان عصره من العلماء الشاميين والمصريين، عاد إلى وطنه لكي يحدث ويسمع ما أخذه، وحدث بكل من دمشق وبعلبك.

ومكانته العلمية بوأته لكي يحدث في دار الحديث الظاهرية (1) بدمشق سنة (683) هـ، وحدث بما سمع، ومن الكتب التي حدث بها:«المحدث الفاصل» للرامهرمزي، كما حدث وأقرأ:«مسند الشافعي» و «الثقفيات العشرة» و «مشيخته» و «سنن الشافعي» برِواية الطحاوي ورِواية المزني وكتاب «المنتقى الكبير من ذم الكلام» .

وأخذ عنه الكثير من الدمشقيين وأهل بلده من البعلبكيين ومن بلاد شتى - كانوا ينزلون دمشق وبلاد الشام - من بلاد المغرب وغيرها، وممن أخذ عنه:

- أحمد بن إبراهيم بن محمد التركماني (723) هـ.

(1) المدرسة الظاهرية هي التي أمر ببنائها السلطان الظاهر بيبرس صاحب مصر والشام، المولود في حدود العشرين وستمائة، والمتوفى سنة ست وسبعين وستمائة.

وأمر ببناء هذه المدرسة في حدود سنة سبعين وستمائة وهي الآن مقر دار الكتب الوطنية بدمشق، ينظر «الدارس في تاريخ المدارس» 1/ 348 - 359، و543 - 548 لعبد القادر النُّعيمي الدمشقي المتوفى سنة (927) هـ.

ص: 658

- أحمد بن أيوب بن أبي فراس، ويعرف بابن الغلفي، إمام مسجد الحنابلة ببعلبك 745 هـ.

- محيي الدين أحمد بن الحسين الشبلي خازن الكتب بدار الحديث الأشرفية بدمشق، المتوفى سنة (744) هـ.

- العلامة المفسر شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، صاحب «الفتاوى الكبرى» المتوفى سنة (728) هـ.

- الحافظ المصنف القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الدمشقي، المتوفى سنة (739) هـ.

- شمس الدين أبو عبد الله الذَّهبي صاحب «تاريخ الإسلام» المتوفى سنة (748) هـ وغيرهم.

وباستعراض قائمة تلاميذه نجد منهم الأئمة الأعلام أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية، والبرزالي والذَهَبِيّ، فبرعوا في تخصصاتهم وتنوعت معارفهم في الفقه وفروعه وأصوله والنحو والتفسير والحديث، وغير ذلك من الفنون.

أقوال العلماء فيه: من يتتبع أقوال العلماء في الإمام شرف الدين اليُونِينِيّ يجد أنهم أجمعوا على وصفه بالإمامة، والحفظ، والفضل، والسبق في الضبط والقراءة والتقييد، وأجمعوا على تنوع معارفه في الفقه والأصول واللغة.

أما الحديث فهو حامل لوائه، والمقدم فيه على أقرانه، حتى توافد عليه العلماء من كل مكان، حتى استحق أن يكون شيخ بعلبك.

قال فيه الذَّهبي: الإمام العلامة الصالح العارف المحدث المتقن الديّن شيخ العلماء

، قدم واستنسخ «صحيح البُخارِيّ» ، وعُني به وقابله بضع

ص: 659

عشرة مرة في سنة

(1)

وقال ابن رجب: حدث بالكثير، وسمع منه خلق من الحفاظ والأئمة، وأكثر عنه البرزالي والذَهَبِيّ بدمشق وبعلبك

(2).

وقال الصفدي: عُني بالحديث وضبطه، وبالفقه واللغة، وحصل الكتب النفيسة، وكان في زمنه عديم النظير في بابه، ليس له مشارك في عشرته لأصحابه

(3).

وقال القاضي الفاسي: سمع على البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي كتاب «مناقب الإمام أحمد» لأبي الفرج بن الجوزي بسماعه منه، وعلى الحسين بن المبارك بن الزبيدي البغدادي «صحيح البُخارِيّ» وكان أجل من رواه عنه

(4).

وغير ذلك الكثير من أقوال العلماء التي لا يتسع المقام بذكرها لكثرتها.

رحلاته: ارتحل شرف الدين اليُونِينِيّ من بلده بعد أن سمع بها طلبًا لعلو الإسناد، فذهب إلى:

1 -

دمشق مرات كثيرة ليتزود من العلم بها، وسمع بها من الحسين بن المبارك ابن محمد الزبيدي، وعبد الله بن عمر بن علي اللتي أبو المنجا، وابن الصلاح، وجعفر الهمداني، وابن الشيرازي وغيرهم.

2 -

ثم ارتحل إلى مصر خمس مرات بعد سنة (641) هـ فلازم الحافظ المنذري وتخرج به، وسمع من علي بن هبة الله بن سلامة المعروف بابن

(1)«المعجم المختص» ص: 168 - 169.

(2)

«الذيل على طبقات الحنابلة» 2/ 346.

(3)

«أعيان العصر» 3/ 476.

(4)

«ذيل التقييد» 2/ 210 - 211.

ص: 660

الجميزي، ومحمد ابن الظافر بن أبي الحسين الإسكندراني المعروف بابن رواج، وغيرهم.

آثاره العلمية: لا تعرف آثار حديثية أو غيرها لشرف الدين اليُونِينِيّ بالرغم من شهرته التي ملأت الآفاق شرقًا وغربًا، إلا «المشيخة» التي خرج فيها أسماء شيوخه، وجزء فيه عوالي، خرجها تلميذه الذَّهبي، ونص «الصحيح» ، الذي ضبطه على الروايات التي وقعت له.

و «المشيخة» خرجها تلميذه محمد بن أبي الفضل البعلبكي المتوفى سنة 709 هـ.

وهي ثبت خرج فيه اليُونِينِيّ شيوخه الذين روى عنهم وعرف بهم، ويذكر حديثًا أو اثنين مما رواه من طريقه، وهو يتألف من ثلاثة عشر جزءًا (1).

أما «العوالي» فهي مجموعة أحاديث رواها عنه الذَّهبي، وهي منثورة في مؤلفات الذَّهبي (2).

وفاته: توفي رضي الله عنه شهيدًا في رمضان ليلة الجمعة من سنة إحدى

(1) لم يحقق منها سوى ثلاثة أجزاء هي الثامن والتاسع والعاشر، حققها الدكتور عمر بن عبد السلام تدمري، ونشرته المكتبة العصرية بصيدا بيروت سنة 2002 م.

(2)

وقد جمع بعضًا منها الدكتور عمر عبد السلام وألحقها في آخر مشيخة اليُونِينِيّ.

ومما يجدر التنبيه عليه هنا أن فؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» ذكر في ترجمة البُخَارِيّ عند الكلام على نسخ «صحيح البُخَارِيّ» أن اليُونِينِيّ قام بإعداد النص الذي بين أيدينا من شرح «الجامع الصحيح» للفربري

إلخ.

ففهم منه الدكتور عمر تدمري أن اليُونِينِيّ له شرح على «الصحيح» وإنما في حقيقة الأمر المقصود نص اليُونِينِيّ لـ «صحيح البُخَارِيّ» .

ص: 661

وسبعمائة من الهجرة وفاةً غبطه الناس عليها؛ إذ كانت وفاته شهادة عندما دخل عليه - يوم الجمعة في الخامس من رمضان وهو يجلس في خزانة الكتب بمسجد الحنابلة ببعلبك بعد مجيئه من دمشق - شخص يدعى موسى المصري الناشف، وصف بالفقير، فضربه بعصا على رأسه عدة ضربات، ثم أخرج سكينا صغيرة فجرحه في رأسه أيضًا، فاتقى الشيخ بيده فجرحه فيها، وأُمسك الضارب، وأخد إلى مُتولي بعلبك، وضرب ضربًا مبرحًا وحبس وأظهر الاختلال في عقله وتجانن، فكان يقول: كسرة وجبينة (1)، وهو غير معروف بالبلد.

أما الشيخ فحمل إلى داره وأتم صيام يومه، وأقبل على أصحابه يحدثهم وينشدهم على عادته، ثم حصل له بعد ذلك حمى، وحقن واشتد مرضه حتى توفي يوم الخميس المذكور، في الساعة الثامنة منه، ودفن من يومه بباب سطحا حيث المقبرة ببعلبك، وصُلي عليه يوم الجمعة بجامع دمشق الأموي صلاة الغائب، وتأسف الناس عليه، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة.

(1) كأنه يظهر علامات الجنون عنده حتى لا يؤاخذ بما فعل.

ص: 662