الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عادوا ولم يلقوا كيدا)(1)، أي حربا. والمعنى أعلنوها حربا مدبرة (فَلا تُنظِرونِ)، أي لَا تؤجلوني لحظة من زمان، هذا تحد أمر الله تعالى به نبيه، وبيان لضعف ما يعبدون - وإنما هي الأوهام، ووساوس الشيطان هي التي تفرض فيهم قوة، وما هم بشيء فضلا عن أن يخوَّف عاقل مدرك بهم.
ولئن كانت لهذه الأصنام قوة، أو لكم أنتم معشر العابدين لها - قوة، فقوتكم من الشيطان وهو وليكم والله ولي المؤمنين، وأين أولياء الشيطان من أولياء الله؛ ولذا قال تعالى:
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ
(196)
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ) الولي هو الحبيب الموالي، والنصير، والمظل بالرعاية، وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه فهو حبيبه وناصره، ومن يعيش في ظله، ومن يفيض عليه برحمته وهدايته، ومن يكون الله تعالى وليه لَا يضار، ومن يرومه رد عليه. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ولايته لله بالجملة الاسمية، و " إنَّ " المؤكدة. والكلام يفيد القصر، أي إن ولايتي لله تعالى وحده، لَا ولاية لأحد سواه، هنالك الولاية لله الحق، وإنه نعم المولى ونعم النصير.
وقد ذكر بعد ذلك أن الله تعالى هو منزل القرآن، وهو جدير بأن يحفظه كما وعد، وكما ذكر، وأن يؤيد من بلَّغه رحمة للعالمين، فقال تعالى:(الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ) وصلة الموصول علة في الحكم أو مؤكد لمعنى القول، أي أن الله تعالى ناصر محمدا صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صاحب الولاية المطلقة؛ ولأنه رسوله، وصاحب الكتاب المبين الذي يماري فيه الضالون، فالله ناصره.
وأمر ثالث يوجب عون الله تعالى، ونصرته، وهو أن الله تعالى من شأنه أن يتولى الصالحين، أي يتعهدهم برعايته وتأييده وتوفيقه، ولا يتولى المفسدين.