الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما كان من بعد هذا إلا العقاب، فنزل بهم عذاب ساحق أهلكهم الله تعالى، وأنجى الله تعالى هودا ومن معه من المؤمنين، ولذا قال تعالى:
* * *
(فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
…
(72)
* * *
وترى التشابه التام، بين ما لقي النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المشركين، وبين ما لقي نوح، وهود من قبله - عليهم الصلاة والسلام - وإن ذلك يجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصبر، ويحمل التبعة، وشدائدها فإن تلك سنة الله مع الدعاة، والذين يدعونهم، وما كنت بدعا من الرسل.
بيد أن الله تعالى أهلك المجرمين الذين يعصون الأنبياء، أما قوم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه - سبحانه - أمهلهم ليكون من أصلابهم من يعبد الله، وليجاهدهم على الحق هو ومن اتبعه إلى يوم الدين.
* * *
من قصة صالح عليه السلام
* * *
نذكر من قصص الأنبياء في هذا الموضع، ما قصه الله تعالى في هذه السورة الكريمة، ونترك بقية قصص الله تعالى فيها إلى موضعها، وبمجموع ما يذكره سبحانه يكون خبر النبي من الأنبياء، ولكنه مفرق في السور، كل جزء منه في موضع عبرته، وإرادة مغزاه.
* * *
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ
الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)
* * *
كان بعث صالح بعد هود، وكانت ثمود خلائف لعاد، قال الله تعالى:
(وَإِلَى ثَمودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا)، أي أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا، كما كان لعاد أخوهم هود، وذكر الأخوة في هذا المقام فيه إشارة إلى أنه واحد منهم قد ربط بينهم برباط الأخوة، وكذلك كان يبعث الله تعالى لكل أمة رسولا منهم، كما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم من أنفسهم.
قال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ). هذه دعوة التوحيد، وهي دعوة النبيين أجمعين ودعوة الفطرة، ودعوة المنطق العقلي.
ولقد أردف دعوته إلى الله، ببيان أنه مرسل إليهم من الله تعالى، ومعه البينة الدالة على إيمانه، ولذا قال لهم:(قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ من رَّبِّكُمْ)، أي معجزة