الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في جمعهم، فلم يوفوا الكيل والميزان، وبخسوا الناس أشياءهم وأكلوا أموالهم، وظلموهم.
وقد استجاب ناس من قومه، فآمنوا، وعصى آخرون فجحدوا، فذكر القسمين، وأن الله تعالى هو الذي يحكم بينهم، فقال لهم عليه السلام:
* * *
(وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
(87)
* * *
وهذا فيه تبشير للذين آمنوا؛ لأنهم يعبدونه وحده؛ لأنه لَا يمكن أن يحكم لصحة ما يقول الذين يشركون معه حجارة، وهو إنذار للذين لم يؤمنوا؛ لأنهم يشركون ويعبدون غيره وهو سبحانه وتعالى وحده خير الحاكمين، وأفعل التفضيل ليس على بابه، لأنه لَا خير في حكم سواه، فهو أحكم الحاكمين.
كان هذا ما بين شعيب وقومه، فماذا كان جواب قومه؟، قد أشار - سبحانه - في النص الكريم السابق إلى أن منهم من آمن، ومنهم من لم يؤمن وكان رأس من لم يؤمنوا، كبراؤهم، وقد قال تعالى في موقف هؤلاء الكبراء:
* * *
(قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا
كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)
* * *
هكذا كانت دعوة شعيب الهادية المرشدة بعد أن بين لهم الحجة الدالة على رسالته، ولقد آمن بعضهم، وأعرض غيرهم، فماذا كان جواب قومه الذين يقودون الشرك منهم؟.
قال رؤساؤهم المسيطرون: (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ)، وإليك ذكر القرآن الكريم لأقوال هؤلاء:
(قَالَ الْمَلأُ) أي الكبراء وسادتهم، ووصفهم - سبحانه - بأنهم الذين استكبروا وكذبوا بآيات الله تعالى وصموا آذانهم عن الحق:(لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) أكدوا بالقسم بأن يخرجوهم من قريتهم، أو يعودوا في ملتهم، مؤكدين الإصرار على الخروج بالقسم، أو الإصرار على العودة في ملتهم.
فأجابهم شعيب نبي الله عليه السلام موبخا بأن ذلك ضد الحق، والحرية فقال:(أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ)، أي تخرجوننا على الرغم منا، ولو كنا كارهين فعلتكم لأنها غير الحق، وأنها الباطل الذي لَا ريب فيه.
ويؤكد لهم شعيب أن مطلبهم العود لن يكون أبدا، فهما حاولتم الإيذاء والتهديد فيقول عليه السلام لهم:
(قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا)" قد " هنا للتحقيق كما هي في كل استعمالات القرآن الكريم، سواء أدخلت على فعل ماض أم دخلت على فعل مستقبل (افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) أن نعود إلى ملتكم أي كذبنا على الله تعالى كذبا مقصودا متعمدا إذا عرفنا الحق، واعتنقناه، ثم كفرناه، وأكد عليه السلام هذا المعنى بقوله:(بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا) أي بعد نجاتنا، وإخراجنا من الضلال إلى نور الهداية، ثم قال عليه السلام مؤكدا عدم العود:(وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا) أي ليس لنا بعد أن