المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إنهم لن يعجزوا الله، ومهما ينالوا من سبق فلن يعجزوا - زهرة التفاسير - جـ ٦

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌31)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌70)

- ‌(71)

- ‌(72)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(83)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(90)

- ‌(92)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(99)

- ‌(100)

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(107)

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(113)

- ‌(115)

- ‌(116)

- ‌(117)

- ‌(118)

- ‌(119)

- ‌(120)

- ‌(124)

- ‌(126)

- ‌(128)

- ‌(129)

- ‌(131)

- ‌(132)

- ‌(133)

- ‌(134)

- ‌(135)

- ‌(141)

- ‌(143)

- ‌(146)

- ‌(147)

- ‌(149)

- ‌(151)

- ‌(152)

- ‌(153)

- ‌(156)

- ‌(158)

- ‌(160)

- ‌(161)

- ‌(162)

- ‌(164)

- ‌(165)

- ‌(166)

- ‌(168)

- ‌(169)

- ‌(170)

- ‌(172)

- ‌(173)

- ‌(174)

- ‌(177)

- ‌(178)

- ‌(180)

- ‌(181)

- ‌(183)

- ‌(184)

- ‌(185)

- ‌(186)

- ‌(188)

- ‌(190)

- ‌(191)

- ‌(193)

- ‌(194)

- ‌(196)

- ‌(197)

- ‌(198)

- ‌(200)

- ‌(201)

- ‌(203)

- ‌(205)

- ‌(سُورَةُ الْأَنْفَالِ)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌(25)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(60)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(سُورَةُ التَّوْبَةِ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(51)

- ‌(52)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(63)

الفصل: إنهم لن يعجزوا الله، ومهما ينالوا من سبق فلن يعجزوا

إنهم لن يعجزوا الله، ومهما ينالوا من سبق فلن يعجزوا الله عن أخذهم من نواصيهم بالهزيمة في الدنيا، والعذاب في الآخرة.

ولكن هزيمة الدنيا لَا بد لها من أسباب يقوم بها العباد بتوفيق الله تعالى، والتوكل عليه سبحانه بعد الاستعداد بالعدة، وأخذ الأهبة والعزيمة والصبر؛ ولذا قال تعالى:

ص: 3174

(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ

(60)

(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قوَّة وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) هذا أمر تكليفي وهو فرض كفاية على الأمة الإسلامية يجب على الأمة كلها أن تتعاون في إعداد هذه القوة، بالدربة، والتعليم والرمي، وكل ما يربي الجند القوي.

فلا بد من التربية على الجندية، وإعداد عدة القتال، وذلك بالمستطاع بل بأقصى ما يستطاع، ومن هنا بيانية في قوله (مِّن قُوَّةٍ) وهي تدل على عموم القوى، فأعدوا كل ما يمكن أن يكون قوة في الحرب من دربة على الرمي بالسهام، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" ألا إن القوة الرمي "(1)، كما روى عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان الراوي نفسه وهو عقبة راميا حتى لقد مات وعنده سبعون قوس رمي، ومن القوة الحصون، ومن القوة المنجنيق، وهكذا كل ما يكون سببا للقوة، ومنها من الماضي النار الإغريقية، ولم تكن معروفة عند العرب، وإن وجدت في الحروب الإسلامية.

فكل قوة مستطاعة يجب على الأمة أن تتضافر على إيجادها، وإلا أثمت كلها، ولم ينج من الإثم فقيرها وغنيها ولا قويها أو ضعيفها، فالقادر بقدرته، والضعيف بلسانه.

وقوله تعالى: (وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) معطوفة على (مِّن قُوَّة)، ورباط الخيل جماعة الخيل خمسة فأكثر، وقيل رباط جمع ربيط، وقيل رباطا مصدر - رابط،

(1) رواه مسلم: الإمارة - فضل الرمي (1917). كما رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، والدارمي.

ص: 3174

وأطلق على الخيل؛ لأن المرابطة تكون بها، ومهما يكن فالمراد من رباط: الخيل المجتمعة، وخصت الخيل بالذكر؛ لأنها كانت قوة الحرب، في العرب، وربط الخير بنواصيها، فكانت رمز القوة، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها، ولا في ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها فخرا ورياء فهي له وزر "(1).

وقوله تعالى: (تُرْهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَكُمْ) ترهبون أي تخيفون، وتفزعون، وتربون في نفوس أعدائكم المهابة، وتلقون في قلوبهم الرهبة وسمى الكفار عدو الله؛ لأنهم كفروا به وكذبوا آياته، وسماهم " عدوكم؛ لأنهم يريدون بكم الأذى، ويناصبونكم العداوة لإيمانكم وكفرهم.

وقال تعالى: (وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) وقوله: (مِن دُونِهِمْ) أي من غيرهم، أي من غير الذين يجاهرون الآن بعداوتكم من المشركين واليهود وغيرهم ممن يلاقونكم من الرومان الذين يعاصرونكم، ويشير بهذا إلى الذين يجيئون بعد ذلك الذين لَا يعلمهم المسلمون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن والاه والله تعالى يعلمهم؛ لأنه علام الغيوب، وإن الله تعالى يشير بذلك إلى الأخلاف الذين يجيئون بعد ذلك، فإنه بمجرد أن انتشر الإسلام في الأرض ودخل الناس في الدين أفواجا، صار المسلمون في مذأبة من الأرض، فأوربا أرادت أن تنقض على الإسلام من الشرق والغرب. . . . والتتار أخذوا ينقصون على المسلمين الأرض من أطرافها.

وكان لابد من قوة تقهر وترهب هؤلاء، وتلقي مهابة المسلمين في قلوبهم، ولكن مع ذلك لم يستجيبوا لنداء الله، ولم يعدوا ما استطاعوا من قوة، وإن ذلك الاستعداد كان يوجب أولا - أن يكون لهم مصانع تصنع لهم الأسلحة لَا أن

(1) سبق تخريجه.

ص: 3175

يستعينوا بأسلحة من غيرهم، إن شاء أعطى وإن شاء منع، وفي عطائه ومنعه يعمل لمصلحة نفسه، ولا يريد بالإسلام خيرا.

ويوجب ثانيا: أن ينافسوا الناس في اختراع الأسلحة ليدفعوا أذاهم، وإلا كانوا - وهم هم المرهوبون - يُرهَبُون ولا يُرهِبون، يَخافون، ولا يُخيفون، وتتبدد قواهم ضياعا.

ويوجب ثالثا: تعاونهم جميعا في ذلك، حتى لَا يؤكلوا في الأرض.

وقد كان عكس ذلك، فتقطعت وحدتهم، وضرب الناس بهم في افتراقهم فتوزعتهم الأرض، وأكلتهم ذئابها، وصيروا الخير لغيرهم دونهم، وصاروا لأعداء الله وأعدائهم ما يصنعون به السلاح ليستعمل لإرهابهم، وإرهاب كل من يعاونهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. .

هذا وإن إعداد عدة الحرب، والحرب ذاتها تحتاج إلى المال، ولذا قال تعالى:(وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).

إن الحرب تحتاج إلى نفقات، وإعداد العدة يحتاج إلى نفقات، وفي أيامنا تحتاج العدة إلى الإنفاق من الدولة والجماعات، ولقد كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يخرج من ماله كله للجهاد في سبيل الله، كأبي بكر، ومنهم من كان يخرج من نصف ماله كعمر، ومنهم من كان يجهز جيشا بأسره كذي النورين عثمان بن عفان، وأنى لنا بأمثال هؤلاء من أمراء المسلمين وملوكهم، وعندهم المال الوفير من أكناز الأرض.

ومن لَا ينفق ألقى بنفسه وبقومه في التهلكة، ولقد قال تعالى في الإنفاق في الحرب:(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقوا بِأيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلكَةِ. . .).

(وَمَا تُنفِفوا) و " ما " هنا شرطية، أي أن تنفقوا في سبيل الله تعالى، وسبيل الله تعالى هو الجهاد (يوَفَّ إِلَيْكمْ) أي بالبركة في رزقكم وبتيسير الرزق لكم وتسهيل سبل الحياة، والنماء في أموالكم، وبعد ذلك الجزاء في الآخرة، وهي خير

ص: 3176

وأبقى، وأوفى وأتم بهذا التفسير الدنيوي والنماء في هذه الحياة، والجزاء في الآخرة لَا يظلمون لَا تُنقصون شيئا مما قدمتم.

* * *

السلم

(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)

* * *

إن الإسلام ما جاء للحرب، بل جاء للسلام، وهو يقول:(وَلا تَقولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. . .)، فهو دين السلام، وما كانت الحرب إلا لتأييد السلام، وليكون على العدل، وقال تعالى:(وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251).

وما حارب النبي صلى الله عليه وسلم المشركين إلا بعد أن فتنوا الناس عن دينهم، وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم، وشردوا المؤمنين، فكان لابد من القتال ليقدعوهم، ويمنعوهم من هذا الظلم، فإذا جنحوا للسلم، وامتنعوا عن الفتنة، فقد زال سبب القتال، وعاد الأمر إلى أصل السلام الذي هو أساس العلاقة الإنسانية بين المسلمين وغيرهم؛ ولذا

ص: 3177

(وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى اللَّهِ).

ص: 3177

(جَنَحُوا) أي مالوا، والضمير يعود إلى المشركين الذين وقعت الحرب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم والذين كانوا يريدون الغارة على النبي ومن معه من المؤمنين الوقت بعد الآخر، والذين يخاف النبي صلى الله عليه وسلم خيانتهم من وقت لآخر، وإنهم إن كانوا كذلك ينبذ إليهم على سواء، والسَّلم تكون بفتح السين كما في هذه الآية، وتكون بكسرها، كما في قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208).

والسَّلْمُ هو السلام، وهي مؤنثة كنقيضها، وهي الحرب، ولذا عاد الضمير عليها مؤنثا في قوله تعالى:(فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى اللَّهِ) ومؤدى هذا النص السامي أنهم إذا مالوا إلى السَّلْم، ولم يقولوه بظاهر من القول، بل قالوه مطمئنين إلى أنه أصلح لهم، فإنه لَا مضارة منه عليهم، ولا على المسلمين.

ومؤدى ذلك أن الإسلام يكون في قوة وعزة وغلبة أو أقرب إلى الغلب، فإنه يجب على المؤمنين، ولو كانوا هم الأقوياء الغالبين أن يميلوا إلى الصلح كما مالوا، فالإسلام لَا يريد الغلب لذات الغلب، فليست فروسية، إنما يريد دفع الأسرى وتسهيل الدعوة، وإزالة كل العقبات المانعة للدعوة، فإن كان ذلك بسلم فهو أولى بالأخذ والاتباع.

وقد لوحظ في الدعوة المحمدية أنها تقوى في السلم العزيمة، ولا تضعف، فقد حصل في فترة الحديبية أنه دخل الناس في الإسلام بعدد يعد أضعاف ما دخل فيه المسلمون من وقت البعثة المحمدية إلى وقت عهد الحديبية.

وإنه واضح من النص الكريم أن الذين جنحوا إلى السلم هم المشركون، وأن المسلمين كان فيهم الغلب والقوة، وقد نهى الإسلام بنص القرآن عن أن يعرض المسلمون الصلح على المشركين، وهم في صلفهم لَا يبدون ميلا للسلام، ولذا قال تعالى:(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْم وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهً مَعَكُمْ. . .).

وإن التقدم بطلب الصلح في هذه الحال خنوع في وقت القوة، والصلح في هذه الحال يمكنهم من معاودة الحرب، والاستعداد لها.

ص: 3178