الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَيُوْسُفُ القَوَّاس، وَابْنُ جُمَيْع، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَخْلَد، وَهلَال الحَفَّار، وَأَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ القَوَّاس (1) .
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وجَمِيْعُ جُزء الحَفَّار عَنْهُ.
159 - القِرْمِطِيُّ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ حَسَنٍ *
عَدُوُّ اللهِ، مَلكُ البَحْرين، أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ حَسَنٍ القِرْمِطِيُّ (2) ، الجَنَّابِيُّ (3) ، الأَعْرَابِيُّ، الزِّنديقُ، الَّذِي سَارَ إِلَى مَكَّةَ فِي سَبْع مائَة فَارس، فَاسْتَبَاح الْحَجِيج كلَّهُم فِي الحَرَمِ، وَاقْتَلَعَ الحجَرَ الأَسود، وَرَدَمَ زَمْزَمَ بِالقَتْلَى، وَصَعِد عَلَى عتبَةِ الكَعْبَة، يَصيح:
أَنَا بِاللهِ وَبَالله أَنَا
…
يخلق الْخلق وَأُفْنيهم أَنَا
(1)" تاريخ بغداد ": 8 / 148.
(*) تاريخ أخبار القرامطة: 36، وما بعدها، المنتظم: 6 / 336، الكامل: 8 / 143، وما بعدها، وفيات الأعيان: 2 / 148 - 150، العبر: 2 / 167 - 168، الوافي بالوفيات: 15 / 363 - 366، مرآة الجنان: 2 / 271 - 273، البداية والنهاية: 11 / 208 - 209، تاريخ ابن خلدون: 3 / 377 - 379، النجوم الزاهرة: 3 / 224، 281، شذرات الذهب: 2 / 331 - 332.
(2)
نسبة إلى حمدان قرمط، وهو أول من نشر مذهب القرامطة. انظر " الأنساب ": 10 / 108.
(3)
هذه النسبة إلى جناية، وهي بلدة من أعمال فارس متصلة بالبحرين عند سيراف، والقرامطة منها، فنسبوا إليها.
انظر " وفيات الأعيان ": 2 / 150.
فَقتل فِي سِكَكِ مَكَّةَ وَمَا حولهَا زُهَاءَ ثَلَاثِيْنَ أَلْفاً، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَأَقَامَ بِالحرم سِتَّة أَيَّام، بذَلَ السَّيْف فِي سَابِع ذِي الحِجَّةِ، وَلَمْ يعرِّفْ (1) أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَة (2) ، فَللَّه الأَمْر.
وَقَتَلَ أَمِيْرَ مَكَّة ابْنَ مُحَارِب، وَعَرَّى البَيْتَ، وَأَخَذَ بَابه، وَرَجَعَ إِلَى بلَاد هَجَر (3) .
وَقِيْلَ: دَخَلَ قِرْمِطِيُّ سكرَان عَلَى فَرَسٍ، فصَفَّر لَهُ، فَبَالَ عِنْد البَيْتِ، وَضَرَبَ الْحجر بدُبوس هشَّمه ثُمَّ اقتلَعَه، وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ أَحَدَ عشرَ يَوْماً.
وَبَقِيَ الْحجر الأَسودُ عِنْدَهُم نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً (4) .
وَيُقَالُ: هلك تَحْته إِلَى هجر أَربعُوْنَ جَمَلاً، فَلَمَّا أُعيد كَانَ عَلَى قَعُودٍ (5) ضَعِيْف، فسَمِنَ.
وَكَانَ بُجْكُم التُّرْكِيُّ (6) دَفَعَ لَهُم فِيْهِ خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَارٍ، فَأَبَوا، وَقَالُوا: أَخذنَاهُ بِأَمْرٍ، وَمَا نردُّه إِلَاّ بِأَمْرٍ (7) .
وَقِيْلَ: إِنَّ الَّذِي اقْتَلَعَه صَاحَ: يَا حمِير، أَنْتُم قَلْتُم وَمَنْ دَخَله كَانَ
(1) لم يقف أحد على جبل عرفة.
(2)
سنة / 317 / هـ.
(3)
إحدى بلاد الاحساء انظر " وفيات الأعيان ": 2 / 150 وانظر " المنتظم ": 6 / 323.
(4)
" المنتظم ": 6 / 323.
(5)
البعير من الابل، وهو البكر الفتي.
(6)
أمير الامراء في بغداد زمن الراضي بالله والمتقي. كان داهية، شجاعا، قتله الاكراد سنة / 329 / هـ.
انظر ما كتبه عنه الصولي في " أخبار الراضي والمتقي ": 193 - 197 وانظر " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(7)
" المنتظم ": 6 / 367.
آمِناً (1) فَأَيْنَ الأَمَنُ؟
قَالَ رَجُلٌ: فَاسْتَسْلَمت، وَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ أَرَادَ: وَمَنْ دَخَلَه فَأَمِّنوهُ، فلَوَى فَرَسَه وَمَا كلَّمنِي (2) .
وَقَدْ وَهِمَ السِّمْنَانِيُّ (3)، فَقَالَ فِي (تَارِيْخِهِ) :
إِنَّ الَّذِي نَزَعَ الْحجر أَبُو سَعِيْدٍ الجَنَّانِيُّ القِرْمِطِيُّ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنه أَبُو طَاهِرٍ.
وَاتَّفَقَ أَنَّ ابْن أَبِي السَّاج الأَمِيْر نَزَلَ بِأَبِي سَعِيْدٍ الجَنَّابِيِّ (4) فَأَكْرَمَه، فَلَمَّا سَارَ لِحَرْبِهِ، بَعَثَ يَقُوْلُ:
لَكَ عليَّ حَقٌ، وَأَنْتَ فِي خَمْس مائَة وَأَنَا فِي ثَلَاثِيْنَ أَلْفاً.
فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: كَمْ مَعَ صَاحِبك؟
قَالَ: ثَلَاثُوْنَ أَلفَ رَاكبٍ.
قَالَ: وَلَا ثَلَاثَة، ثُمَّ دَعَا بعبدٍ أَسود، فَقَالَ لَهُ: خَرِّقْ بَطْنَك بِهَذِهِ السِّكين، فَبدَّد مصَارينَه.
وَقَالَ لآخر: اغرقْ فِي النَّهر، فَفَعَل.
وَقَالَ لآخر: اصعَدْ عَلَى هَذَا الحَائِطِ، وَانزل عَلَى مُخّكَ، فَهَلَكَ.
فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: إِنْ كَانَ مَعَهُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ، وَإِلَاّ فَمَا مَعَهُ أَحَد.
وَنقل القيْلوِيُّ فِي الْحجر الأَسود لَمَّا قِيْلَ: مَنْ يَعْرِفه؟
فَقَالَ ابْنُ عُليم المُحَدِّث: إِنَّهُ يَشُوف (5) عَلَى المَاء، وَإِنَّ النَّار لَا تُسخِّنه، فَفُعِل بِهِ ذَلِكَ، فَقبَّله ابْنُ عُليم.
وَتعجَّب الجَنَّابِيُّ، وَلَمْ يَصِحَّ هَذَا.
وَقِيْلَ: صَعِدَ قِرْمِطِيٌّ لِقَلْع المِيزَاب، فَسَقط، فَمَاتَ (6) .
وَكَانَ ذَلِكَ
(1) آل عمران: 97.
(2)
" المنتظم ": 6 / 223.
(3)
هو علي بن محمد بن أحمد، أبو القاسم، كان من فقهاء الحنفية له تصانيف في الفقه والتاريخ. توفي سنة / 499 / هـ.
(4)
هكذا في الأصل، وهو والد أبي طاهر، وقد قتل سنة / 301 / هـ، ولعل ورود اسمه هنا سبق قلم، فابن أبي الساج - واسمه يوسف - سار لحرب أبي طاهر / 315 / هـ. انظر " الكامل ": 8 / 170 - 175.
(5)
هكذا الأصل: يريد أنه يستقر على سطح الماء، ولا يغرق، وفي " آثار البلاد وأخبار العباد ": يطفو وهو الوجه.
(6)
" المنتظم ": 6 / 223.
سنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ (1) ، وَكَانَ أَمِيْر العِرَاقين مَنْصُوْر الدَّيْلَمِيّ، وَجَافَتْ (2) مَكَّة بِالقَتْلَى.
قَالَ المرَاغِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ محْرم، وَكَانَ رَسُوْلَ المُقْتَدِر إِلَى القِرْمِطيِّ.
قَالَ: سأَلْتُهُ بَعْد مُنَاظَرَاتٍ، عَنِ اسْتحلَاله بِمَا فَعَل بِمَكَّةَ، فَأَحْضَرَ الْحجر فِي الدِّيباج، فَلَمَّا أُبرز كبَّرْتُ، وَأَرَيْتُهم مِنْ تعَظِيْمه وَالتَّبرّك بِهِ عَلَى حَالَةٍ كَبِيْرَةٍ، وَافتُتِنَتِ القَرَامِطَةُ بِأَبِي طَاهِرٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَطْلَعَه وَحْدَه عَلَى كُنُوزٍ دَفَنَهَا.
فَلَمَّا تَمَلَّك، كَانَ يَقُوْلُ: هُنَا كَنْزٌ فيحفِرُوْنَ، فَإِذَا هُمْ بِالمَالِ.
فَيَفْتَتِنُوْنَ بِهِ وَقَالَ مَرَّةً: أُرِيْدُ أَنْ أَحفر هُنَا عَيْناً.
قَالُوا: لَا تَنْبَعُ، فَخَالفهُم، فَنَبَعَ المَاءُ، فَازْدَادَ ضَلَالُهُم بِهِ، وَقَالُوا: هُوَ إِله.
وَقَالَ قَوْم: هُوَ المَسِيْحُ.
وَقِيْلَ: نَبِيّ.
وَقَدْ هَزَمَ جُيُوش بَغْدَاد غَيْرَ مَرَّةٍ وَعتَا وَتمرَّد.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ رزَام الكُوْفِيّ: حَكَى لِي ابْنُ حَمْدَانَ الطَّبِيْبُ، قَالَ:
أَقَمْتُ بِالقَطِيف أُعَالجُ مَرِيْضاً، فَقَالَ لِي رَجُل:
إِنَّ اللهَ ظَهَرَ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا النَّاس يُهرَعُوْنَ إِلَى دَارِ أَبِي طَاهِرٍ، فَإِذَا هُوَ ابْنُ عشْرِيْنَ سَنَةً، شَابٌّ مليحٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، وَثوبٌ أَصفرُ عَلَى فَرَسٍ أَشْهَبَ، وَإِخوتُه حَوْلَهُ، فَصَاح:
مَنْ عَرَفنِي عَرَفَنِي، وَمِنْ لَمْ يَعْرفْنِي، فَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي سَعِيْد الحَسَنُ، الجَنَّابِيُّ.
اعلمُوا أَنَّا كُنَّا وَإِيَّاكُم حَمِيراً، وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِهَذَا وَأَشَار إِلَى غُلَامٍ أَمْرَدَ، فَقَالَ: هَذَا ربُّنَا وَإِلهُنَا، وَكُلُّنَا عِبَادُه.
فَأَخَذَ النَّاسُ التُّرَابَ، فَوَضَعُوهُ عَلَى رُؤُوْسهُم.
ثُمَّ قَالَ أَبُو طَاهِرٍ: إِنَّ الدِّين قَدْ ظَهَر وَهُوَ دين أَبينَا آدم، وَجَمِيْع مَا أَوصَلتْ إِلَيْكُم الدُّعَاةُ بَاطِلٌ منِ ذِكْرِ مُوْسَى وَعِيْسَى وَمُحَمَّد، هَؤُلَاءِ دَجَّالُوْنَ.
وَهَذَا الغُلَامُ هُوَ أَبُو الفَضْلِ المَجُوْسِيّ،
(1) انظر " المنتظم ": 6 / 222 - 223، و" الكامل ": 8 / 207 - 208.
(2)
أنتنت.
شَرَعَ لَهُم اللّواطَ، وَوطء الأُخت، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنِ امْتَنَعَ.
فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عِدَّةُ رُؤُوْس، فسجدتُ لَهُ، وَأَبُو طَاهِرٍ وَالكُبَرَاءُ حَوْلَهُ قيَام.
فَقَالَ لأَبِي طَاهِرٍ: المُلُوكُ لَمْ تزل تُعِدُّ الرُّؤُوس فِي خزَائِنهَا.
فسلُوهُ كَيْفَ بقَاؤهَا؟
فَسُئِلْتُ، فَقُلْتُ: إِلهُنَا أَعْلَم، وَلَكِنِّي أَقُول: فجُمْلَة الإِنْسَانِ إِذَا مَاتَ يحتَاج كَذَا وَكَذَا صبِراً وَكَافُوْراً، وَالرَّأْس جُزْءٌ فيُعطَى بحسَابه.
فَقَالَ: مَا أَحسنَ مَا قَالَ.
ثُمَّ قَالَ الطَّبِيْبُ: مَا زِلْتُ أَسمَعُهُم تِلْكَ الأَيَّامَ يَلْعنُوْنَ إِبْرَاهِيْمَ وَمُوْسَى وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً.
وَرَأَيْت مصحفاً مُسِحَ بغَائِط.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ يَوْماً لكَاتِبه: اكْتُبْ إِلَى الخَلِيْفَة، فصلِّ لَهُم عَلَى مُحَمَّد، وَكِلْ مِنْ جِرَاب النُّوْرَة (1) .
قَالَ: وَاللهِ مَا تَنْبَسِطُ يدِي لِذَلِكَ، فَافتضَّ أَبُو الفَضْلُ أُختاً لأَبِي طَاهِرٍ الجَنَّابِي، وَذَبَحَ وَلدَهَا فِي حجرهَا، ثُمَّ قَتَل زوجَهَا، وَهَمَّ بِقَتْلِ أَبِي طَاهِرٍ، فَاتَّفَقَ أَبُو طَاهِرٍ مَعَ كَاتِبه ابْن سَنْبَر، وَآخر عَلَيْهِ فَقَالَا:
يَا إِلهنَا، إِن وَالِدَةَ أَبِي طَاهِرٍ قَدْ مَاتَتْ فَاحضر لتحشوَ جَوْفهَا نَاراً.
قَالَ: وَكَانَ سَنَّه لَهُ، فَأَتَى، فَقَالَ: أَلَا تجيبهَا؟
قَالَ: لَا، فَإِنَّهَا مَاتَتْ كَافرَةً، فَعَاوده، فَارتَاب، وَقَالَ: لَا تعجلَا عليَّ، دعَانِي أَخْدِمُ دوَابَّكمَا إِلَى أَنْ يَأْتيَ أَبِي.
قَالَ ابْنُ سَنْبَر: وَيْلَك هتَكْتَنَا، وَنَحْنُ نرتِّب هَذِهِ الدّعوَة مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَلَو رَآك أَبُوك لقتَلك اقْتُلْهُ يَا أَبَا طَاهِر.
قَالَ: أَخَافُ أَنْ يمسخَنِي، فَضَرَبَ أَخُو أَبِي طَاهِرٍ عُنُقَه، ثُمَّ جمع ابْنُ سَنْبَر النَّاس، وَقَالَ:
إِنَّ هَذَا الغُلَامَ وَرَدَ بكذبٍ سَرَقه مِنْ معْدن حقّ، وَإِنَّا وَجَدنَا فَوْقه مَنْ يَنْكِحُه، وَقَدْ كُنَّا نَسْمَع أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنين مِنْ فِتْنَة يظهرُ بَعْدَهَا حقٌّ، فَأَطفئوا بُيُوْتَ النِّيرَان، وَارجعُوا عَنْ نِكَاح الأُم، وَدعُوا اللِّواط، وَعظِّمُوا الأَنْبِيَاءَ.
فضجُّوا وَقَالُوا: كُلُّ وَقت تقولُوْنَ لَنَا قَوْلاً.
فَأَنْفَقَ أَبُو طَاهِرٍ الذَّهبَ حَتَّى سكنُوا.
(1) أي أعمل معهم بالتقية انظر ص / 239 / من هذا الجزء.