الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
66 - القَائِمُ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ ابنُ المَهْدِيِّ عُبَيْدِ اللهِ *
صَاحِبُ المَغْرِبِ، أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ ابنُ المَهْدِيِّ عُبَيْدِ اللهِ.
مَوْلِدُهُ: بسَلَمِيَّةَ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَدَخَلَ المَغْرِبَ مَعَ أَبِيْهِ، فَبُوْيِعَ هَذَا عِنْد موت أَبِيْهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مَهِيْباً شُجَاعاً، قَلِيْلَ الخَيْر، فَاسِد العقيدَة.
خَرَجَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ أَبُو يَزِيْدَ مخْلَد بن كَيْدَاد البَرْبَرِيُّ.
وَجَرَتْ بينهُمَا ملَاحمُ، وَحَصَره مَخْلَد بِالمهديَّة، وضيَّق عَلَيْهِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بلَادِهِ (2) .
ثُمَّ وُسْوِسَ القَائِم، وَاخْتَلَطَ وَزَال عَقْلُه، وَكَانَ شيطَاناً مريداً يتزَنْدَق.
ذَكَرَ القَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ المُتَكَلِّم، أَنَّ القَائِمَ أَظهر سبَّ الأَنْبِيَاء.
وَكَانَ مُنَادِيه يَصيح: العنُوا الغَار وَمَا حَوَى (3) .
وَأَبَادَ عِدَّةً مِنَ العُلَمَاءِ.
وَكَانَ يُرَاسل قَرَامِطَةَ الْبَحْرين، وَيَأْمرهُمُ بِإِحرَاق المَسَاجِد وَالمَصَاحِف.
فَتَجمعت
(*) الحلة السيراء: 1 / 285 - 291، الكامل: 8 / 284 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 208 وما بعدها، وفيات الأعيان: 5 / 19 - 20، المختصر في أخبار البشر: 2 / 80، 95،: العبر: 2 / 240، الوافي بالوفيات: 4 / 4، مرآة الجنان: 2 / 317، البداية والنهاية: 11 / 210 - 211، تاريخ ابن خلدون: 4 / 40 - 43، خطط المقريزي: 1 / 351، اتعاظ الحنفا: 107 - 120، النجوم الزاهرة: 3 / 287، شذرات الذهب: 2 / 337 - 338.
(1)
وقيل سنة / 280 / هـ. انظر " وفيات الأعيان ": 5 / 20.
(2)
كان ابتداء أمره سنة / 316 / هـ. انظر أخباره في " الكامل ": 8 / 422 - 441.
(3)
" البيان المغرب ": 1 / 216.
الإِبَاضِيَّةُ (1) وَالبربر عَلَى مَخْلد، وَأَقْبَلَ، وَكَانَ نَاسِكاً قَصِيْر الدّلق (2) ، يَرْكَب حِمَاراً (3) ، لَكِنَّهُم خوَارج، وَقَامَ مَعَهُ خَلْق مِنَ السُّنَّةِ وَالصُّلَحَاء، وَكَادَ أَنْ يتملَّك العَالِمَ، وَرُكِزت بُنودُهُم (4) عِنْد جَامِع القَيْرَوَان فِيْهَا: لَا إِلَهَ إِلَاّ الله، لَا حُكْم إِلَاّ للهِ.
وَبَنْدَان أَصفرَان فِيْهِمَا: نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ.
وَبند لمَخْلَد فِيْهِ اللَّهُمَّ انْصُرْ وَليك عَلَى مِنْ سبّ نَبِيّك (5) وَخطبهُم أَحْمَد بن أَبِي الوَلِيْد (6) فحضّ عَلَى الجِهَاد ثُمَّ سَارُوا وَنَازلُوا المهديَّة وَلَمَّا التَقَوا وَأَيقن مَخْلَد بِالنَّصْر تَحَرَّكت نَفْسه الخَارجيَة.
وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: انكشفُوا، عَنْ أَهْل القَيْرَوَان حَتَّى ينَال مِنْهُم عدوهُم فَفَعلُوا ذَلِكَ فَاسْتُشْهِدَ خَمْسَة وَثَمَانُوْنَ نَفْساً مِنَ العُلَمَاءِ وَالزُّهَّاد (7) وخوَارج المَغْرِب إِباضيَّة منسوبُوْنَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ إِباض الَّذِي خَرَجَ فِي أَيَّام مَرْوَان الحِمَار (8) وَانْتَشَر أَتْبَاعه بِالمَغْرِب يَقُوْلُ:
أَفعَالنَا مخلوقَة لَنَا وَيكفر بِالكبَائِر وَيَقُوْلُ:
لَيْسَ فِي القُرْآن خُصُوْص وَمِنْ خَالَفَه حَلَّ دَمُه.
(1) من أكبر فرق الخوارج، وهم أصحاب عبد الله بن يحيى بن إباض.
الملقب: بطالب الحق، من أهل اليمن، خلع طاعة مروان بن محمد، وبويع له بالخلافة، واستولى على صنعاء ومكة، قتل سنة / 130 / هـ. انظر أخباره في " تاريخ الطبري ": 7 / 348 - 400. وانظر أيضا " الملل والنحل ": 1 / 134 - 136.
(2)
الدلق: ثوب متسع الاكمام طويلها (صبح الاعشى) 4 / 42.
(3)
كان قد أهدي إليه حين دخل مرماجنة وهي قرية بأفريقية انظر " الكامل ": 8 / 423.
(4)
مفردها: بند، وهو العلم الكبير، فارسي معرب.
(5)
" البيان المغرب ": 1 / 217.
(6)
أيام أبي يزيد، كان هو صاحب مظالم القيروان، والحاكم بها ايام أبي يزيد له ترجمة في " معالم الايمان ": 3 / 75 (ط 1320) .
(7)
" البيان المغرب ": 1 / 217 - 218.
(8)
مروان بن محمد، آخر ملوك بني أمية تقدمت ترجمته في الجزء السادس برقم 17.
نعم وَكَانَ القَائِم يُسَمَّى أَيْضاً نزَاراً (1) وَلَمَّا أَخذ أَكْثَر بلَاد مِصْر فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِ مائَةٍ انْتدبَ لِحَرْبِهِ جَيْش المُقْتَدِر عَلَيْهِم مُؤنس فَالتَقَى الجمعَان فَكَانَتْ وَقعَة مَشْهُوْرَة ثُمَّ تقهقر القَائِم إِلَى المَغْرِب وَوَقَعَ فِي جَيْشِهِ الغلَاء وَالوبَاء وَفِي خَيْلهمْ وَتَبِعَهُ أَيَّاماً جَيْش المُقْتَدِر (2) .
وَكَانَ موت القَائِم فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ محصوراً بِالمهديَّة (3) لَكِن قَامَ بَعْدَهُ ابْنه المَنْصُوْر.
وَقَدْ أَجمع عُلَمَاء المَغْرِب عَلَى محَاربَة آل عبيد لمَا شَهْروهُ مِنَ الكُفْر الصرَاح الَّذِي لَا حِيْلَة فِيْهِ وَقَدْ رَأَيْت فِي ذَلِكَ توَاريخ عِدَّة يصدق بَعْضهَا بَعْضاً وَعُوتِبَ بَعْض العُلَمَاء فِي الخُرُوْجِ مَعَ أَبِي يَزِيْد الخَارِجِيّ فَقَالَ:
وَكَيْفَ لَا أَخرج وَقَدْ، سَمِعْتُ الكُفْر بِأُذُنَي حضرت عقداً فِيْهِ جمع مِنْ سنَة وَمشَارقَة وَفيهُم أَبُو قضَاعَة الدَّاعِي فَجَاءَ رَئِيْس فَقَالَ:
كَبِيْر مِنْهُم إِلَى هُنَا يَا سيدِي ارْتَفَع إِلَى جَانب رَسُوْل اللهِ يَعْنِي: أَبَا قضَاعَة فَمَا نطق أَحَد (4)، وَوجد بِخَط فَقِيْه (5) قَالَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ 331 قَامَ المكوكب يقذف الصَّحَابَة وَيطعن عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعلقت رُؤُوْس حمِير وَكباش عَلَى الحوَانيت كتب عَلَيْهَا أَنَّهَا رُؤُوْس صَحَابَةٍ.
(1) ثمة خلاف حول اسمه، قيل: عبد الرحمن، وقيل: حسن.
ولكن الصحيح ما أورده الذهبي في أول الترجمة.
انظر " الحلة السيراء ": 1 / 285.
(2)
" الكامل ": 8 / 113 - 114.
(3)
" البيان المغرب ": 1 / 218.
(4)
" انظر " معالم الايمان ": 3 / 37.
(5)
انظر " معالم الايمان ": 3 / 38.
وَخَرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ الفَقِيْه (1) مَعَ أَبِي يَزِيْد، وَقَالَ: هُم أَهْل القِبْلَة وَأَولئك ليسُوا أَهْل قبلَة وَهُم بَنو عَدُوّ الله فَإِن ظفرنَا بِهِم لَمْ ندْخل تَحْتَ طَاعَة أَبِي يَزِيْد لأَنَّه خَارِجِيّ.
قَالَ أَبُو مَيْسَرَة الضَّرِيْر (2) :أَدخلنِي الله فِي شَفَاعَة أَسود رمَى هَؤُلَاءِ القَوْم بِحجر.
وَقَالَ السبَائِي: أَي وَاللهِ نجد فِي قتل الْمُبدل لِلدين.
وَتسَارع الفُقَهَاء وَالعبَاد فِي أَهبَة كَامِلَة بِالطبول وَالبنود وَخطبهُم فِي الجمعَة أَحْمَد بن أَبِي الوَلِيْد وَحرضهُم وَقَالَ:
جَاهدُوا مِنْ كفر بِاللهِ وَزعم أَنَّهُ ربّ مِنْ دُوْنَ الله وَغَيّر أَحْكَام الله وَسب نَبِيّه وَأَصْحَاب نَبِيّه فَبَكَى النَّاس بكَاء شَدِيْداً وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا القرمطِي الكَافِر المَعْرُوْف بِابْنِ عُبَيْدِ اللهِ المدعِي الرُّبُوبِيَّة جَاحد (3) لِنِعْمَتِك كَافِر بِرُبُوبِيَّتِك طَاعن عَلَى رسلك مُكَذب بِمُحَمَّد نَبِيّك سَافك لِلدمَاء فَالعنه لعناً وَبيلاً وَاخزه خزيّاً طَوِيْلاً وَاغضب عَلَيْهِ بكرَة وَأَصيلاً ثُمَّ نزل فَصَلَّى بِهِم الجمعَة (4) .
وَركب ربيع القَطَّان (5) فرسه مُلبساً وَفِي عُنُقه المُصْحَف وَحَوْلَهُ
(1) هو إبراهيم بن أحمد السبائي الزاهد، كان أوحد زمانه ورعا وعقلا، شديد العداوة لبني عبيد، مجاهرا لهم بالسب والتكفير.
توفي سنة / 356 / هـ " معالم الايمان ": 3 / 77 - 92.
(2)
أحمد بن نزار، أبو ميسرة، رجل صالح مشهور بالفقه، ستأتي ترجمته برقم / 218 / من هذا الجزء.
(3)
في الأصل: بالنصب. وكذلك في " معالم الايمان ".
(4)
" البيان المغرب ": 1 / 285 و" معالم الايمان ": 3 / 39 - 40.
(5)
ربيع بن سليمان بن عطاء الله، القطان، كان لسان أفريقية في وقته في الزهد والرقائق.
وكان جعل على نفسه أن لا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دولة بني عبيد.
انظر ترجمته في " ترتيب المدارك ": 3 / 323 - 332 و" معالم الايمان ": 3 / 35 - 41.