الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتعدَّى طَوْرَه فَسقِي (1) .
ثمَّ وَزَرَ لَهُ وَلَدُه الحَسَن، فَكَانَ شرَّ وَزِيْرٍ تَمَرَّدَ وَطَغَى، وَقَتَلَ أَرْبَعِيْنَ أَمِيْراً، إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ فِيْهِ تسنُّنٌ، فَخَافه أَبُوْهُ، وَجَهَّزَ لَهُ عَسْكَراً فتحَاربُوا أَيَّاماً، ثُمَّ سَقَاهُ أَبُوْهُ (2) ، وَقَدِ امتدَّتْ أَيَّامهُ (3) .
وَمَاتَ فِي خَامِس جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْس مائَة، فَكَانَتْ دولَتُه عِشْرِيْنَ سَنَةً سِوَى خَمْسَةِ أَشهر.
وَعَاشَ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
فَمَا بَلَغَ أَحَدٌ هَذَا السنَّ مِنَ العُبَيْدِيَّة، وَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُه الظَّافر (4) .
76 - الظَّافِرُ بِاللهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَافِظِ لِدينِ اللهِ *
صَاحِبُ مِصْر، الظَافِرُ بِاللهِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ إِسْمَاعِيْلُ ابنُ الحَافِظِ لدينِ الله عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ المُسْتَنْصِر مَعَدِّ ابنِ الظَّاهِر عَلِيّ بنِ الحَاكِم العُبَيْديُّ، المِصْرِيُّ، الإِسْمَاعِيْلِيُّ، مِنَ العُبَيْدِيَّة الخَارجين عَلَى بَنَي العَبَّاسِ.
وَلِي الأَمْرَ بَعْد أَبِيْهِ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ.
وَكَانَ شَابّاً جَمِيْلاً وَسِيماً لعَّاباً عَاكِفاً عَلَى الأَغَانِي وَالسَّرَارِي.
= وقد ذكر قبلها وزارة رضوان، مع العلم أنها كانت سنة / 531 / هـ.
(1)
انظر " الكامل ": 10 / 673.
(2)
انظر " الكامل ": 11 / 22 - 24، و" اتعاظ الحنفا ": 319 - 323.
(3)
أي الحافظ لدين الله.
(4)
" الكامل ": 11 / 141 - 142.
(*) الكامل: 11 / 141، وما بعدها، وفيات الأعيان: 1 / 237 - 238، العبر: 4 / 136، البداية والنهاية: 12 / 231، تاريخ ابن خلدون: 4 / 73 - 75 - خطط المقريزي: 2 / 30، النجوم الزاهرة: 5 / 288 - 297، تاريخ ابن إياس: 1 / 65 - 66، شذرات الذهب: 4 / 152 - 153.
استَوْزَرَ الأَفضلَ سُلَيْم (1) بنَ مَصَال فَسَاسَ الإِقلِيمَ.
وَانْقَطَعتْ دعوتُه (1) وَدعوَةُ أَبِيْهِ مِنْ سَائِرِ الشَّام وَالمَغْرِب وَالحَرَمَيْنِ.
وَبَقِيَ لَهُم إِقلِيم مِصْرَ.
ثمَّ خَرَجَ عَلَى ابْنِ مصَال العَادلُ بنُ السلَاّر (3) ، وَحَاربَه وَظَفِرَ بِهِ، وَاسْتَأْصَلَه، وَاسْتبَدّ بِالأَمْرِ.
وَكَانَ ابْنُ مصَالٍ مِنْ أَجلِّ الأُمَرَاء، هَزَمَهُ عَسْكَرُ ابْن السلاّر بِدَلاص (4) ، وَأَتُوا بِرَأْسِهِ عَلَى قَنَاةٍ (5) وَكَانَ عَلِيُّ بنُ السَلاّر مِنْ أُمَرَاءِ الأَكرَادِ وَمِنَ الأَبطَالِ المَشْهُوْرينَ، سُنِّياً مُسْلِماً حَسَنَ المعتقَد شَافِعِياً، خَمَدَ بولَايته نَائِرَة الرَّفض.
وَقَدْ وَلِي أَوَّلاً الثَّغْر (6) مُدَّة، وَاحْتَرَم السِّلَفِيّ (7) ، وَأَنشَأ لَهُ المَدْرَسَةَ العَادِليَة، إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ ذَا سَطوَة، وَعَسْفٍ، وَأَخَذَ عَلَى التُّهمَةِ، ضَرَبَ مرَّةً دُفّاً وَمِسْمَاراً عَلَى دِمَاغِ المُوَفَّق مُتَوَلِّي الدِّيْوَان لِكَوْنِهِ فِي أَوَائِل أَمْره شكَا إِلَيْهِ غرَامَة لَزِمَتْهُ فِي وَلَايته، فَقَالَ:
كَلَامك مَا يَدْخُلُ فِي أُذُنِي.
فَبقِي كُلَّمَا دَخَلَ المِسْمَار فِي أُذُنه يَسْتَغيثُ فَيَقُوْلُ:
أَدَخَلَ كَلَامِي بَعْدُ فِي أُذُنِكَ (8) ؟
وَقَدِمَ مِنْ إِفْرِيْقِيَة عَبَّاسُ بنُ أَبِي الفُتُوْح (9) بنِ الْملك يَحْيَى بنِ تَمِيْمٍ بنِ
(1) هكذا ضبط في الأصل: وترجمته في " وفيات الأعيان ": 3 / 416 - 417.
(2)
أي: الظافر بالله.
(3)
أخباره في " الكامل ": 11 / 141 - 142، وله ترجمة في " وفيات الأعيان ": 3 / 416 - 419.
(4)
كورة بصعيد مصر على غربي النيل.
(5)
" وفيات الأعيان ": 3 / 416.
(6)
أي: الإسكندرية.
(7)
هو الحافظ المشهور أحمد بن محمد بن سلفة. له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 1 / 105 - 107، وسترد ترجمته في الجزء 21 من هذا الكتاب.
(8)
" وفيات الأعيان ": 3 / 417.
(9)
في الأصل: ابن أبي الفتح وما أثبتناه من " وفيات الأعيان ": 3 / 417.
المُعِزّ بن بَادِيس مَعَ أُمّه صَبِيّاً.
فتزوَّج العَادلُ بِهَا قَبْلَ الوَزَارَة، فتزوَّج عَبَّاسٌ، وَوُلِدَ لَهُ نَصْرٌ، فَأَحَبّهُ العَادلُ، ثُمَّ جَهَّز أَبَاهُ لِلْغَزْوِ، فَلَمَّا نزل بِبِلْبِيس، ذَاكره ابْنُ مُنْقِذ (1) ، وَكَرِهَا البيكَارَ (2) ، فَاتَّفَقَا عَلَى قَتْلِ العَادِلِ، وَأَن يَأْخذَ عَبَّاس مَنصبَه.
فَذَبَح نَصْرٌ العَادلَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ 548، وَتَمَلَّكَ عَبَّاس وَتَمَكَّنَ (3) .
وَكَانَ ابْنُهُ نَصْرٌ مِنَ المِلَاح، فَمَالَ إِلَيْهِ الظَّافر وَأَحَبَّهُ، فَاتَّفَقَ هُوَ وَأَبُوْهُ عَبَّاس عَلَى الفَتْكِ بِالظَّافر (4) .
فدَعَاهُ نصرٌ إِلَى دَارِهِم ليَأْتِي متخفياً، فَجَاءَ إِلَى الدَّار الَّتِي هِيَ اليَوْم المَدْرَسَة السُّيوفيَة.
فشدَّ نَصْرٌ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَطَمَرَهُ فِي الدَّار.
وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْس مائَة.
فَقِيْلَ: كَانَ فِي نِصْفه (5) ، وَعَاشَ الظَّافر اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
ثمَّ رَكِبَ عَبَّاس مِنَ الغَدِ وَأَتَى الْقصر.
وَقَالَ: أَيْنَ مولَانَا؟
فَطَلبوهُ فَفَقدُوهُ.
وَخَرَجَ جِبْرِيْلُ وَيُوْسُف أَخوا الظَّافر، فَقَالَ: أَيْنَ مولَانَا؟
قَالَا: سل ابْنَكَ، فَغَضِبَ.
وَقَالَ: أَنْتُمَا قَتَلْتُمَاهُ، وَضَرَبَ رِقَابَهُمَا فِي الحَالِ (6) .
(1) أسامة بن منقذ الكناني، أمير، من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر (قرب حماه) ومن العلماء الشجعان، له تصانيف في الأدب والتاريخ. ومن أمتع كتبه " الاعتبار " نحا فيه منحى السيرة الذاتية. توفي سنة / 584 / هـ بدمشق.
له ترجمة في " معجم الأدباء " 5 / 188 - 245، و" وفيات الأعيان ": 1 / 195 - 199، وسترد ترجمته عند المؤلف.
(2)
الحرب.
وتأتي بمعنى: ميدان الحرب.
(3)
" وفيات الأعيان ": 3 / 417 - 418.
وقد ذكر أسامة بن منقذ خبر قتل العادل، وأنه كان بالاتفاق مع الظافر انظر " الاعتبار "18.
(4)
يذكر أسامة بن منقذ أن الظافر حمل نصرا على قتل أبيه، فاطلع والده على الامر فلاطفه واستماله وقرر معه قتل الظافر.
انظر الاعتبار: 19 - 20.
(5)
" وفيات الأعيان ": 1 / 237.
(6)
المصدر السابق.