الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمع كَبِيْر وَهُوَ يَتْلُو آيَات جِهَاد الكفرَة فَاسْتُشْهِدَ ربيع فِي خلق مِنَ النَّاس يَوْم المَصَافّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَكَانَ غَرَض هَؤُلَاءِ المَجُوْس بنِي عبيد أَخذه حَيّاً ليُعَذّبوهُ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابسِي: اسْتُشْهِدَ مَعَهُ فضلَاء وَأَئِمَّة وَعبَاد (1) .
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاء فِي بنِي عبيد:
المَاكر الغَادر الغَاوِي لشيعته
…
شَرّ الزنَادق مِنْ صحب وَتُبَاع
العَابدين إِذَا عجلاً يخَاطبهُم
…
بِسحر هَاروت مِنْ كفر وَإِبدَاع
لوْ قِيْلَ: لِلرُّومِ أَنْتُم مثلهُم لبكُوا
…
أَوْ لِلْيَهُوْد لسدُوا صمخ أَسْمَاع
67 - المَنْصُوْرُ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْل بن القَائِم بن المَهْدِيِّ *
العُبيدِيُّ، البَاطنِيُّ، صَاحِب المَغْرِب.
وَلِي بَعْد أَبِيْهِ، وَحَارَبَ رَأْس الإِبَاضِيَّة (2) أَبَا يَزِيْدَ مَخْلَد بن كيدَاد الزَّاهِد، وَالتَقَى الجمعَان مَرَّات وَظهر مَخْلَد عَلَى أَكْثَر المَغْرِب وَلَمْ يَبْقَ لبنِي عبيد سِوَى المهديّة (3) ، فَنَهَضَ المَنْصُوْر وَأَخفَى موت أَبِيْهِ (4) ، وَصَابر الإِبَاضِيَّة حَتَّى ترحلُوا
(1)" معالم الايمان ": 3 / 41.
(*) الكامل: 8 / 455 وما بعدها، البيان المغرب: 1 / 218 وما بعدها، وفيات الأعيان: 1 / 234 - 236، العبر: 2 / 257، مرآة الجنان: 4 / 333 - 334، البداية والنهاية: 11 / 225 - 226، تاريخ ابن خلدون: 4 / 43 - 45، اتعاظ الحنفا: 129 - 133، خطط المقريزي: 1 / 351، النجوم الزاهرة: 3 / 308، شذرات الذهب: 2 / 359 - 360.
(2)
انظر الصفحة 153 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(3)
" وفيات الأعيان ": 1 / 235.
(4)
" الكامل ": 8 / 455.
عَنْهُ وَنَازلُوا مَدِيْنَة سوسَة فَبرز المَنْصُوْر مِنَ المهديَّة وَالتَقَوا فَانكسر جَيْش مَخْلَد عَلَى كَثْرَتهمْ (1) وَأُسر هُوَ فِي سَنَةِ 336، فَمَاتَ بَعْدَ الأَسر بِأَرْبَعَة أَيَّام مِنَ الجرَاح فَسلخَ وَحشِي قطناً وَصلب (2) .
وبنُوا مَدِيْنَة المَنْصُوْريَّة مَكَان الوقعَة فنزلهَا المَنْصُوْر (3) .
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً رَابط الجأْش فَصِيْحاً مُفَوَّهاً يرتجل الْخطب (4) وَفِيْهِ إِسْلَام فِي الجُمْلَةِ وَعقلٌ بِخِلَاف أَبِيْهِ الزِنْدِيْق.
وَقَدْ جمع فِي قصره مرَّة مِنْ أَوْلَاد جُنْده وَرعيته عَشْرَة آلَاف صَبِيّ وَكسَاهُم كسوَة فَاخرَة وَعمل لَهُم وَليمَة لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ بِمثلهَا وَختنهُم جَمِيْعاً وَكَانَ يهب لِلْوَاحِد مِنْهُم المائَة دِيْنَارٍ وَالخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً عَلَى أَقدَارهم.
وَمِنْ محَاسنه أَنَّهُ وَلَّى مُحَمَّد بن أَبِي الْمَنْظُور (5) الأَنْصَارِيّ قَضَاء القَيْرَوَان وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَاب الحَدِيْث قَدْ لقِي إِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَالحَارِث بن أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ بِشَرْط أَنْ لَا آخذ رزقاً وَلَا أَركب دَابَّة (6) فولَاهُ ليتَأَلف الرَّعِيَّة فَأَحضر إِلَيْهِ يهودِي قَدْ سبّ (7) فَبطحه وَضَربه إِلَى أَنْ
(1)" الكامل ": 8 / 434 - 435.
(2)
" البيان المغرب ": 1 / 219 - 220.
(3)
انظر " البيان المغرب ": 1 / 219.
و" معجم البلدان ": 3 / 391 - 392.
(4)
" وفيات الأعيان ": 1 / 235.
(5)
في " معالم الايمان ": 3 / 54 " ابن أبي المنصور ". كان رحمه الله عالما بأصول الفقه، فاضلا صالحا، لا تأخذه في الله لومة لائم. توفي سنة / 337 / وقد نيف على التسعين.
انظر " قضاة الأندلس وعلماء أفريقية ": 227 و" معالم الايمان ": 3 / 54 - 57.
(6)
في " معالم الايمان ": 3 / 55 " فاشترط عليه أن لا يأخذ صلة، ولا يركب لهم دابة، ولا يقبل شهادة من طاف بهم أو قاربهم، ولا يركب إليهم مهنيا ولا معزيا ".
(7)
أي: النبي صلى الله عليه وسلم -
مَاتَ تَحْتَ الضَّرب خَاف أَنْ يحكم بِقَتْلِهِ فَتحل عَلَيْهِ الدَّوْلَة (1) .
وَأَتَى يَوْماً بَيْته فَوَجَد سُلَاف دَايَة (2) السُّلْطَان تشفع فِي امْرَأَة نَائِحَة فَاسقَة ليطلقهَا مِنْ حَبسه، فَقَالَ مَالِك، قَالَتْ قَضِيب (3) مَحْبُوْبَة المَنْصُوْر تطلب مِنْكَ أَنْ تطلقهَا، فَقَالَ: يَا منتنَة لَوْلَا شَيْء لَضَرَبْتُك لَعَنَك الله وَلعن مِنْ أَرْسَلك فولولت وَشقت ثيَابهَا ثُمَّ ذكرت أَمرهَا لِلْمَنْصُوْرِ.
فَقَالَ: مَا أَصنع بِهِ مَا أَخذ منَا صلَة وَلَا نقدر عَلَى عَزله نَحْنُ نحب إِصْلَاح البَلَد (4) .
خرج فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ إِلَى مَكَان يتَنَزَّه فَأَصَابَه برد وَريح عَظِيْمَة فَأَثر ذَلِكَ فِيْهِ وَمَرِضَ وَمَاتَ عدد كَثِيْر مِمَّنْ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ هُوَ فِي سَلْخِ شَوَّال مِنَ السّنَة وَلَهُ تِسْع وَثَلَاثُوْنَ سَنَةً (5) .
وَقَدْ كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ جهَّز جَيْشه فِي البَحْر إِلَى صَقِلِّيَّة فَهَزمُوا النَّصَارَى وَكَانَتْ ملحمَة عظمَى قتل فِيْهَا مِنَ العَدُوّ ثَلَاثُوْنَ أَلْفاً وَأُسر مِنْهُم أُلوف وَغنم الجُنْد مَا لَا يعبر عَنْهُ (6) .
وَقِيْلَ: أَنَّهُ افتَتَح مَدِيْنَة جنوهُ وَنهب أَعمَال سُرْدَانِيَه (7) .
(1) في " معالم الايمان ": 3 / 56 " وإنما فعل ذلك - والله أعلم - لأنه لو رفع أمره إليه - يعني: للمنصور - لم يقتله بسبب السب، فأظهر إنما يضربه ضرب الأدب، ليصل بذلك إلى قتله، فإذا قيل له: لم قتلته؟ قال: مات من الضرب..".
(2)
في " معالم الايمان ": 3 / 56 " جارية ".
(3)
جارية أخرى للسلطان، ليس عنده أعز منها كما في " معالم الايمان ": 3 / 57.
(4)
" معالم الايمان ": 3 / 56 - 57.
(5)
" الكامل ": 8 / 497 - 498.
(6)
" الكامل ": 8 / 493 - 494.
(7)
في " الكامل ": 8 / 310 أن القائم هو الذي افتتحها.