الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَقِيَ الآمِر فِي المُلْك تِسْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتسعَةَ أَشهر إِلَى أَنْ خَرَجَ يَوْماً إِلَى ظَاهِر القَاهرَة، وَعدَّى عَلَى الجِسْر إِلَى الجِيزَة (1) ، فَكَمَنَ لَهُ رِجَالٌ (2) فِي السِّلَاحِ، ثُمَّ نزلُوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافهُم، وَكَانَ فِي طَائِفَةٍ لَيْسَتْ بكَثِيْرَةٍ، فَرُدَّ إِلَى الْقصر مثخناً بِالجرَاح.
وَهَلَكَ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ.
وَكَانَ العَاشرَ مِنَ الخُلَفَاءِ البَاطنيَّة فَبايعُوا ابْنَ عَمٍّ لَهُ، وَهوَالحَافِظ لِدِيْنِ اللهِ (3) .
وَكَانَ الآمِر رَبْعَةً، شَدِيدَ الأُدْمَةِ، جَاحظَ الْعين، وَكَانَ حَسَنَ الْحَظ، جَيِّد الْعقل وَالمَعْرِفَة - لَكِنَّه خَبِيْثُ المعتَقَد - سفَّاكاً لِلدِّمَاءِ، متمرّداً جَبَّاراً فَاحشاً فَاسقاً، صَادر الخلقَ.
عَاشَ خمساً وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً (4) .
وَانقَلَعَ فِي ذِي القَعْدَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة.
وَبُوْيِع وَلَهُ خَمْسَة أَعْوَامٍ.
75 - الحَافِظُ لِدِيْنِ اللهِ عَبْد المَجِيْدِ بن مُحَمَّد بن المُسْتَنْصِر *
صَاحِبُ مِصْر، أَبُو المَيْمُوْنِ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ الأَمِيْر مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَنْصِر
= المؤمن بن علي، ملك المغرب، ومؤسس دولة الموحدين. كان عظيم الهامة، حديث النظر، داهية، توفي سنة 524 هـ.
انظر أخباره في " المعجب "، 178 وما بعدها، وترجمته في " وفيات الأعيان ": 5 / 45 - 55.
وسيورد المؤلف ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم 319.
(1)
في " وفيات الأعيان ": 5 / 301 " الجزيرة ".
(2)
قتله جماعة من أعوان عمه نزار المقتول بيد أبيه المستعلي، بعد واقعة الإسكندرية.
انظر " النجوم الزاهرة ": 5 / 184 - 185.
وص / 197 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3)
" الكامل ": 10 / 664 - 665.
(4)
" وفيات الأعيان ": 4 / 302.
(*) الكامل: 10 / 665 وما بعدها، وفيات الأعيان: 3 / 235 - 237، العبر: 4 / =
بِاللهِ مَعَدّ بن الظَّاهِر عَلِيّ بن الحَاكِم بن العَزِيْز بن المُعِزّ، العُبَيْديُّ الإِسْمَاعِيْلِيُّ المِصْرِيُّ.
بايعُوهُ يَوْمَ مَصْرَعِ ابْنِ عَمِّهِ الآمِر ليدبِّر المملكَةَ إِلَى أَنْ يُولَد حَملٌ لِلآمر إِن وُلِد، وَغَلَبَ عَلَى الأُمُورِ أَمِيْرُ الجُيُوش أَبُو عَلِيٍّ بنُ الأَفْضَل بن بَدْر الجمَالِي (1) .
وَكَانَ الآمِرُ قَدْ سَجَنَه عِنْدَمَا قَتَلَ أَبَاهُ، فَأَخْرَجَتِ الأُمَرَاء أَبَا عَلِيٍّ، وَقدَّمُوهُ عَلَيْهِم، فَأَتَى إِلَى القَصْر، وَأَمرَ وَنَهَى، وَبَقِيَ الحَافِظُ مَعَهُ مُنْقَهراً، فَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ بِالمُلْكِ أَتمَّ قِيَام، وَعَدَلَ فِي الرَّعيَة، وَرَدَّ أَمْوَالاً كَثِيْرَةً عَلَى المصَادَرين، وَوَقَفَ عِنْد مَذْهَب الشِّيْعَة، وَتَمَسَّكَ بِالإِثنِي عشر، وَتَرَكَ مَا تقولُهُ الإِسْمَاعِيْلِيَّة، وَأَعْرَضَ عَنِ الحَافِظِ وَآلِ بَيْته، وَدَعَا عَلَى منَابِرِ مِصْر لِلْمُنْتَظَر صَاحِبِ السِّرْدَاب عَلَى زَعْمهِم (2) ، وَكَتَبَ اسْمَه عَلَى السِّكَّة وَاسْتمرَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَلِقَت الدَّوْلَة إِلَى أَنْ شَدَّ عَلَيْهِ فَارسٌ مِنَ الخَاصَّة، فَقَتَلَهُ بِظَاهِرِ القَاهِرَة فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، وَذَلِكَ بتَدْبِيْرِ الحَافِظِ، فَبَادرتِ الأُمَرَاء إِلَى خدمَة الحَافِظ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الضِّيق وَالاعتقَالَ، وَجدَّدُوا بَيعَتَهُ، وَاسْتقلَّ بِالمُلْكِ (3) .
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي الغُرْبَة بِسبَبِ القَحطِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بعَسْقَلَان (4) .
= 122، البداية والنهاية: 12 / 226، تاريخ ابن خلدون: 4 / 71 - 73، خطط المقريزي: 1 / 357، النجوم الزاهرة: 5 / 237 - 246، تاريخ ابن إياس: 1 / 64 - 65، شذرات الذهب: 4 / 138.
(1)
أحمد بن الأفضل شاهنشاه بن بدر، الجمالي. له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 3 / 235 - 236 وسيورد المؤلف ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (295) .
(2)
" ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالامام المنتظر على زعمهم " كما في " وفيات الأعيان ": 3 / 236.
(3)
" الكامل ": 10 / 672 - 673.
(4)
" الكامل ": 10 / 665.
وعِنْدَمَا مَاتَ الْآمِر قبْله، قَالَ الجُهالُ:
هَذَا بَيْتٌ لَا يموتُ إِمَامٌ مِنْهُم حَتَّى يخلِّفَ ابْناً يَنْصُّ عَلَى إِمَامته، فَخلَّف الآمُر حَمْلاً فَكَانَ بنتاً (1) .
وَكَانَ الحَافِظ يعترِيه القُولَنْج، فَعَمِلَ لَهُ شيرمَاهُ الدّيْلَمِيُّ طَبْلاً مُرَكَّباً مِنْ سَبْعَة معَادنَ فِي شَرَفِ الْكَوَاكِب السَّبْعَة، فَكَانَ مَنْ ضَرَبَهُ وَبِهِ قُولَنْج، انفشَّ مِنْهُ رِيْح كَثِيْرٌ، فَوجَدَ رَاحَةً (2) .
فَوَجَده السُّلْطَان صلاحُ الدِّينِ فِي خَزَائِنهُم، فَضَرَبَ بِهِ أَمِيْرٌ كرديٌّ فَضَرَطَ، فَغَضِبَ وَشَقَّه، وَلَمْ يعلَم منفَعَتَه (3) .
وَكَانَ الحَافِظُ كلَمَّا أَقَامَ وَزِيْراً تَمَكَّنَ.
وَحَكَمَ عَلَيْهِ، فيتَأَلَّمُ وَيتحيَّلُ عَلَيْهِ، وَيَعْمَلُ عَلَى هلَاكِهِ، مِنْهُم، رِضوَان، فسجنَه سبعَ سِنِيْنَ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ الشَّامَ، وَجَمَعَ جُموعاً، وَقَاتَلَ المِصْرِيّين، وَقَاتَلَهُمْ عَلَى بَاب القَاهِرَة، وَانتَصَرَ، ثُمَّ دَخَلَهَا، فَاعتقله الحَافِظُ عِنْدَهُ معزَّزاً فِي الْقصر، ثُمَّ نقب الحَبْس، وَرَاح إِلَى الصَّعيد، وَأَقبلَ بجمعٍ عَظِيْمٍ، وَحَارَبَ، فَكَانَ المُلْتَقَى عِنْد جَامِع ابْنِ طولُوْنَ، فَانتصر وَتَمَلَّكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الحَافِظُ بِعِشْرِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، رسمَ الوِزَارَة، فَمَا رضيَ حَتَّى كمل لَهُ سِتِّيْنَ أَلْفاً، ثُمَّ بعثَ إِلَيْهِ عِدَّةً مِنَ المَمَالِيْك، فَقَاتَلَهُم غِلْمَانُهُ وَهُوَ، فَقُتِلَ، وَبَقِيَ الحَافِظ بِلَا وَزِيْرٍ عَشْرَ سِنِيْنَ (4) .
وَلَمَّا قُتِلَ الأَكمل (5) ، أَقَامَ فِي الوَزَارَة يَانس (6) مَوْلَاهُ فَكَبُرَ يَانس،
(1)" وفيات الأعيان ": 3 / 236 - 237.
(2)
المصدر السابق.
(3)
" النجوم الزاهرة ": 5 / 335.
(4)
انظر " الكامل ": 11 / 48 - 49.
(5)
هو أبو علي أحمد بن الأفضل، الذي مر ذكره في أول الترجمة.
(6)
لم يراع الامام الذهبي هنا الترتيب الزمني للاحداث، فإن وزارة يانس كانت سنة / 526 / =