الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
77 - الفَائِزُ بِاللهِ عِيْسَى بنُ الظَافر بنِ عَبْد المَجِيْدِ *
صَاحِبُ مِصْرَ، أَبُو القَاسِمِ عِيْسَى ابنُ الظَّافِر إِسْمَاعِيْلَ ابنِ الحَافِظِ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ الْمُسْتَنْصر بِاللهِ العبيديُّ، المِصْرِيُّ.
لمَا اغتَال عَبَّاس الوَزِيْر الظَّافرِ، أَظْهَرَ القَلَقَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَهْلُ القَصْرِ بِمَقْتَلِهِ.
فَطَلَبُوهُ فِي دور الحُرَم فَمَا وَجَدوهُ، وَفتَّشوا عَلَيْهِ وَأَيسُوا مِنْهُ، وَقَالَ عَبَّاسٌ لأَخويه: أَنْتُمَا الَّذِيْنَ قَتَلْتُمَا خَلِيفَتَنَا، فَأَصرَّا عَلَى الإِنْكَار، فَقَتَلَهُمَا نَفْياً لِلتُّهْمَة عَنْهُ.
وَاسْتَدعَى فِي الحَالِ عِيْسَى هَذَا، وَهُوَ طفلٌ لَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ سنتَانِ فَحْمله عَلَى كَتِفِهِ، وَوَقَفَ بَاكياً كئيباً، وَأَمر بِأَنْ تَدْخُل الأُمَرَاءُ، فدخلُوا.
فَقَالَ: هَذَا وَلَدُ مولَاكُم، وَقَدْ قَتَلَ عَمَّاهُ مولَاكُم، فَقتلتُهُمَا بِهِ كَمَا تَرَوْنَ، وَالواجِبُ إِخْلَاصُ النيَة وَالطَّاعَةِ لِهَذَا الوَلَد، فَقَالُوا كلُّهُم: سَمْعاً وَطَاعَةً، وضجُّوا ضجَّةً قويَةً بِذَلِكَ، فَفَزِعَ الطِّفلُ، وَبَال عَلَى كَتِفِ الملكِ عَبَّاس، وَلقَّبوهُ الفَائِزَ، وَبعثَوهُ إِلَى أُمّه، وَاخْتُلَّ عَقْلُه مِنْ حِيْنَئِذٍ، وَصَارَ يتحرَّكُ وَيُصْرَعُ، وَدَانَتِ الممَالِكُ لعَبَّاسٍ (1) .
وَأَمَّا أَهْلُ القَصْرِ، فَاطَّلعُوا عَلَى باطِنِ القَضِيَّة، وَأَقَامُوا المآتمَ عَلَى الثَلَاثَة، وَتحيَّلُوا، وَكَاتَبُوا طلَائِعَ بنَ رُزِّيك الأَرْمنِي الرَّافضِي (2) ، وَالِي
(*) الكامل: 11 / 191، وما بعدها، وفيات الأعيان: 3 / 491 - 494، العبر: 4 / 156، البداية والنهاية: 12 / 242، تاريخ ابن خلدون: 4 / 75 - 76، خطط المقريزي: 1 / 357، النجوم الزاهرة: 5 / 306 - 317، تاريخ ابن اياس: 1 / 66 - 67 شذرات الذهب: 4 / 175. وقد ورد في أغلب المراجع " الفائز بنصر الله ".
(1)
" وفيات الأعيان ": 3 / 491 - 492.
(2)
لقب بالملك الصالح. كان شجاعا حازما مدبرا، أصله من الشيعة الامامية في =
المُنْيَةَ (1) ، وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ وَإِقْدَامٍ.
فسأَلُوهُ الغوثَ، وَقَطَعُوا شعورَ النِّسَاءِ وَالأَوْلَادِ، وَسيرَّوهَا فِي طَيِّ الكِتَابِ وَسخَّمُوهُ، فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ اطَّلَعَ مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الجُنْدِ عَلَيْهِ، وَبَكوا، وَلبسَ الحَدَّادَ، وَاسْتمَال عربَ الصَّعيدِ، وَجَمَعَ وَحَشَدَ، وَكَاتَبَ أُمرَاءَ القَاهرَةِ، وَهيَّجَهُمْ عَلَى طَلَبِ الثَّأْرِ، فَأَجَابوهُ.
فَسَارَ إِلَى القَاهرَةِ، فَبَادر إِلَى ركَابه جُمْهُوْرُ الجَيْش، وَبَقِيَ عَبَّاسٌ فِي عَسْكَرٍ قَلِيْل.
فَخَارتْ قوَاهُ وَهَرَبَ هُوَ وَابْنُهُ نصر وَمَمَالِيْكه وَالأَمِيْرُ ابْنُ مُنْقِذ (2) .
وَنَقَلَ ابْنُ الأَثِيْرِ: أَنْ أُسَامَةَ هُوَ الَّذِي حَسَّنَ لعَبَّاس وَابْنِهِ اغتيَالَ الظَّافِرِ وَقتْلَ العَادلِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الظَّافِرَ، أَقْطَعَ نَصرَ بنَ عَبَّاس قليوبَ (3) .
فَقَالَ: أُسَامَة: مَا هِيَ فِي مَهْرِك بِكَثِيْرٍ (4) .
ثمَّ قَصَدَ عَبَّاسٌ الشَّام عَلَى نَاحِيَة أَيْلَه (5) فِي رَبِيْعِ الأَوَّلِ، فَمَا كَانَتْ أَيَّامُهُ بَعْدَ قَتْلِ الظَّافِرِ إِلَاّ يَسِيْرَة، وَاسْتَوْلَى الصَّالِحُ طلَائِع بنُ رُزِّيك عَلَى دِيَارِ مِصْر بِلَا ضَرْبَةٍ وَلَا طَعْنَةٍ، فَنَزَلَ إِلَى دَارِ عَبَّاس، وَطَلَبَ الخَادِمَ الصَّغِيْر الَّذِي كَانَ مَعَ الظَّافر، وَسَأَلَهُ عَنِ المَكَان الَّذِي دُفِنَ فِيْهِ أُسْتَاذه، فَأَعْلَمَهُ، فَقَلَعَ بلَاطَه، وَأَخْرَجَ الظَّافَر وَمَنْ مَعَهُ مِنَ القَتْلَى، وَحُمِلُوا وَنَاحُوا عَلَيْهِم، وَتكفَّل طلَائِعُ بِالفَائِز، وَدبَّر الدَّوْلَة (6) .
وجَهَّزَتْ أُخْت الظَّافر رَسُوْلاً إِلَى الْفِرِنْج بِعَسْقَلَان، وَبَذَلَتْ لَهُم مَالاً
= العراق، مات غيلة سنة / 556 / هـ له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 2 / 526 - 529.
(1)
منية بني خصيب، من أعمال صعيد مصر.
(2)
" وفيات الأعيان ": 3 / 492.
(3)
تقع شمالي القاهرة، وعلى بعد خمسة عشر كيلو مترا منها.
(4)
" الكامل ": 11 / 191 - 192.
(5)
مدينة على ساحل البحر مما يلي الشام.
(6)
" وفيات الأعيان ": 3 / 493.