الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الصُّوْلِيُّ: سُئِلَ الرَّاضِي أَنْ يخطُبَ يَوْم جُمُعَةٍ، فَارتقَى مِنْبَر سَامَرَّاء، وَحَضَرْتُه، فشنَّف الأَسْمَاعَ وَأَبلغَ، ثُمَّ صَلَّى (1) بنَا.
قِيْلَ: إِنَّ الرَّاضِي سُقِي بطنُهُ، وَأَصَابَه ذَرَبٌ (2) ، وَأَتلَفَه كَثْرَةُ الجِمَاع (3) .
فَتُوُفِّي فِي نِصْفِ ربيعٍ الآخر سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَثَلَاثُوْنَ سنَةً، سِوَى أَشْهُرٍ.
وَله مِنَ الأَوْلَاد: عَبْدُ اللهِ، رُشِّحَ لولَايَة العَهد، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ، وَبنتٌ، وَهُم أَوْلَادُ إِمَاء.
وبُوْيِع المتَّقِي للهِ إِبْرَاهِيْمُ أَخُوْهُ.
وَكَانَتِ الفِتَنُ وَالحُرُوبُ مُتَوَاتِرَةٌ بالعِرَاق فِي هَذِه السنين، وضعُفَ شَأْن الْخلَافَة، فَللَّه الأمرُ.
وَجَرت فتنَةُ ابْنِ رَائق، وفتنَةُ ابْن البَرِيدِيّ، ومَرِجَ (4) أَمر النَّاسِ، وعمَّ الْبلَاء، ومَات أَمِير الأمرَاء محمدُ بنُ يَاقُوت مسجوناً.
وفِي أَيَّام الرَّاضِي عظُمَ محمدُ بنُ رَائق، وَلم يبقَ للرَّاضِي مَعَه حلٌّ وَلَا رَبْطٌ، وَله مِنَ الْوَلَد أَبُو الفَضْل عَبْدُ الله، وأَحْمَد، والسّتّ هَجْعَة.
59 - المُتَّقِي للهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُقْتَدِر بنِ المُعْتَضِدِ العَبَّاسِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُقْتَدِر بنِ المُعْتَضِد العَبَّاسِيُّ.
(1)" أخبار الراضي ".
(2)
بالتحريك: الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه.
" اللسان "(ذرب) .
(3)
" الوافي بالوفيات ": 2 / 299.
(4)
اختلط: ومنه الهرج والمرج.
(*) أخبار الراضي والمتقي للصولي: 186 - 285، مروج الذهب: 2 / 530، تاريخ =
قَالَ الصُّوْلِيُّ: مَاتَ الرَّاضِي، فَبَعَثَ بُجْكم (1) مِنْ وَاسِط إِلَى كَاتِبه أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الكُوْفِيِّ أَنْ يَجْمَعَ القُضَاةَ وَالأَعيَانَ، وَوَزِيْرَ الرَّاضِي سُلَيْمَانَ بنَ الحَسَنِ، وَيشْتَورُوا فِي إِمَامٍ، فَبَعَثَ حُسَيْنُ بنُ الفَضْلِ بنِ المَأْمُوْن إِلَى الكُوْفِيِّ بِعَشْرَةِ آلَاف دِيْنَار ليشتَرِيه، وَنفَّذ إِلَيْهِ أَيْضاً بِأَرْبَعِيْنَ أَلف دِيْنَار لِيفرّقَهَا فِي الأُمَرَاءِ فَلَمْ يَنفع ذَلِكَ، وبَايَعُوا إِبْرَاهِيْمَ، وَسنُّه أَرْبَعٌ وَثَلَاثُوْنَ سنَةً، وَأُمُّه اسْمُهَا خَلُوب.
وَكَانَ حَسَنَ الوَجْه، مُعْتَدِل الخَلْقِ بحمرَةٍ، أَشهلَ، كَثَّ اللِّحْيَة، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَعِدَ عَلَى السَّرِيْر، وَلَمْ يغيّرْ شَيْئاً، وَلَا تسرَّى عَلَى جَاريته.
وَكَانَ ذَا صومٍ وَتعبُّدٍ، وَلَمْ يشربْ نبيذاً، وَيَقُوْلُ: لَا أُرِيْد نَدِيماً غَيْرَ المُصْحَفِ (2) .
وَأَقَرَّ فِي الوِزَارَة سُلَيْمَانَ بنَ الحَسَنِ فَكَانَ مقهوراً مَعَ كَاتِب بجْكم، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ سَقَطَتِ القُبَّة الخَضْرَاء، وَكَانَتْ تَاجَ بَغْدَادَ وَمأْثرَة بَنِي العَبَّاسِ، بنَاهَا المَنْصُوْرُ علوّ ثَمَانِيْنَ ذرَاعاً، تَحْتهَا إِيوَان طولُه عِشْرُوْنَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِهَا.
فَسقَطَ رَأْسُهَا مِنْ مَطَرٍ ورَعْدٍ شَدِيد (3) ، وَكَانَ القَحْطُ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ عَزَل المُتَّقِي وَزِيْره بِأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ.
وَأَقبلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البَريديُّ مِنَ البَصْرَة، يطلُبُ الوِزَارَة فَولِيَها وَمَشَى إِلَيْهِ ابْنُ مَيْمُوْنٍ.
فكَانَتْ وِزَارَةُ ابْن مَيْمُوْنٍ شَهْراً، لَكِنْ هَرَبَ البريدِي بَعْد أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِيْنَ يَوْماً لَمَّا شغَبَ الجُنْد بطلَب أَرزَاقِهِم.
فَوِزْرُ القَرَاريطِيّ (4) ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْد شَهْرٍ
= بغداد: 6 / 51 - 52، المنتظم: 6 / 316 - 319، 7 / 43، الكامل: 8 / 368 وما بعدها، النبراس: 119 - 120، العبر: 2 / 307 - 308، الوافي بالوفيات: 5 / 341، 342، نكت الهميان: 87، تاريخ الخلفاء: 394 - 397، شذرات الذهب: 3 / 22 - 23.
(1)
أخبار بجكم في " المنتظم ": 6 / 320 - 322.
(2)
" أخبار الراضي والمتقي ": 193.
(3)
" المنتظم ": 6 / 318.
(4)
هو محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، الاسكافي القراريطي، أبو إسحاق، وزير من الكتاب توفي سنة / 357 / هـ أخباره في " الكامل ": 8 / حوادث سنة 329 وما بعدها.
وَأَيَّام، فولِيَهَا الكَرْخِيّ، وَعُزِلَ بَعْد أَيَّام، وَولَّى المُتَّقِي إِمرَةَ الأُمَرَاء كورتكين الدَّيْلَمِيّ.
وَقُتِلَ بجكم، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْطنَ وَاسِطاً، وَالتزم بِأَنَّ يحُمِلَ إِلَى الرَّاضِي فِي السَّنَة ثَمَان مائَة أَلْف دِيْنَار.
وَعَدَل وَكَانَ إِلَى كَثْرَة أَمْوَاله المُنْتَهَى فَكَانَ يُخْرِجُهَا فِي الصَّنَادِيقِ، وَيُخرِجُ رِجَالاً فِي صنَادِيقِ عَلَى جِمَالٍ إِلَى البَرّ ثُمَّ يَفتحُ عَلَيْهِم فيحفِرُوْنَ، وَيدفن المَالَ، وَيردُّهُم إِلَى الصَّنَادِيقِ فَلَا يعرِفُون الكَنْزَ، وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا أَفعلُ هَذَا خَوَفاً أَنْ يحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَارِي، فَذَهَبَ ذَلِكَ بِموتِهِ (1) ، ثُمَّ حَاربَه أَبُو عَبْدِ اللهِ البَرِيديُّ، وَانتصرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (2) ، وَخَرَجَ بُجكم يَتَصَّيد، وَهنَاك أَكرَادٌ، فطَعَنه أَسودٌ برُمْح فَقَتَلَهُ فِي رَجَبٍ سنَةَ 329 (3) .
وَذهبَ أَصْحَابُه: كورتكينُ وَتوزونُ وَغيرُهُمَا إِلَى الشَّامِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ رَائِق.
وطَلَبَه المتقِي (4) فَسَارَ مِنْ دِمَشْقَ، وَاسْتنَابَ عَلَى الشَّامِ.
وَكَانَ قَدْ تغلَّب عَلَيْهَا، فَاسْتنَابَ أَحْمَدَ بنَ مقَاتل. وَجَاءَ فَقَدَّمه المتقِي وَطوَّقَه وَسوَّره.
وَخضعَ لَهُ مُحَمَّد بنُ حَمْدَان (5) ، وَنفَّذ إِلَيْهِ بِمائَة أَلف دِيْنَار، وَخطَبَ لَهُ بِوَاسِط وَبِالبَصْرَةَ البَريديُّ، وَكتب اسْمَه عَلَى أَعلَامِهِ، ثُمَّ اخْتلف ابْنُ رَائِقٍ وَكورتكينُ وَتحَارَبا أَيَّاماً، وَقَهَرَه ابْنُ رَائِق، ثُمَّ ضعُف وَاخْتَفَى، وَتَمَكَّنَ ابْنُ رَائِق وَأَبَاد جَمَاعَةً، وَأَسر كورتكين فِي سَنَةِ ثَلَاثِيْنَ (6) ، وَأبيع (7) كُرُّ القَمحِ
(1)" المنتظم ": 6 / 320 - 321.
(2)
انتصر أبو عبد الله البريدي في الجولة الأولى، ثم هزمه توزون.
(3)
انظر خبر مقتله في " الكامل ": 8 / 371 - 372.
(4)
أي طلب المتقي محمد بن رائق.
(5)
في الأصل: " وخضع لمحمد بن حمدان " وهي تقلب المعنى.
إذ أن ابن حمدان خضع لابن رائق، وحمل له المال.
انظر " الكامل ": 8 / 375.
(6)
" الكامل ": 8 / 376 - 377.
(7)
بمعنى عرض للبيع.
بِأَزيدَ مِنْ مَائَتَي دِيْنَار، وَأَكلُوا الجيَفَ، وَخَرَجتِ الرُّوْمُ، فَعَاثُوا بِأَعمَال حلَبَ (1) .
وَفِيْهَا: اسْتوزر المتقِّي أَبَا عَبْدِ اللهِ البَريديَّ برَأْي ابْنِ رَائِق، ثُمَّ عُزِلَ بِالقرَاريطِيّ، فَذَهَبَ مُغَاضِباً، وَجَمَع العَسَاكر (2) .
وَفِي جُمَادَى الأُولَى ركِب المُتَّقِّي للهِ وَوَلَدُه أَبُو مَنْصُوْرٍ، وَابْنُ رُائِق، وَالوَزِيْر القَرَاريطِيُّ، وَبَيْنَ أَيديهُم القُرَّاء وَالمَصَاحِف لِحَرْب البَرِيْديِّ، ثُمَّ انْحَدَر مِنَ الشَّمَّاسِيَّة فِي دِجْلَةَ، وَثقُل كُرْسِيُّ الجِسْر، فَانْخَسف بخلْقٍ (3) .
وَأَمر ابْنُ رَائِق بلَعْنَة البَريدِيّ عَلَى المنَابرِ، ثُمَّ أَقبل أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البَريديُّ أَخُو أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَهَزَمَ المُتَّقِّي، وَابْن رَائِق، وَكَانَ مَعَهُ خلقٌ مِنَ الدَّيْلَم وَالتُّرْك، وَالقَرَامطَة.
وَوقَعَ النَّهبُ بِبَغْدَادَ، وَزَحَفَ ابْنُ البَرِيديّ عَلَى الدَّار، وَعظُم الخَطْبُ.
وَقُتِلَ جَمَاعَة بِدَارِ الخِلَافَة، وَهَرَبَ المُتَّقِّي وَابْنُه، وَابْن رَائِق إِلَى المَوْصِل، وَاخْتَفَى القَرَاريطِيّ الوَزِيْرُ.
وَبَعَثَ ابْنُ البَريديّ بكورتكين مقيَّداً إِلَى أَخِيْهِ فَأَتْلَفَه، وَحكَم أَبُو الحُسَيْنِ بِبَغْدَادَ، وَتعثَّرتِ الرَّعيَّة، وَهجُّوا، وَبلَغَ الكُرُّ أَزيد مِنْ ثَلَاث مائَة دِيْنَارٍ، وَغَرِقَتْ (4) بَغْدَادُ.
ثُمَّ فَارَقَه توزون وَرَاحَ إِلَى المَوْصِل، فَقويَ قلبُ نَاصر الدَّوْلَة ابْنِ حَمْدَان، وَعَزَمَ أَنْ ينحدِرَ إِلَى بَغْدَادَ بِالمُتَّقِّي.
فتَهَّيأَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَرِيديّ، وَتردَّدَت الرُّسل بَيْنَ ابْنِ رَائِق وَبَيْنَ ابْن حَمْدَانَ، فتحَالفَا، فَجَاءَ ابْن حَمْدَانَ وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَحضر ابْن المتقِّي فَلَمَّا ركب ابْن المتقِّي، قُدِّمَ فَرَس ابْن رَائِق ليركَبَ، فتعلَّق بِهِ ابْنُ حَمْدَان.
وَقَالَ: تقيمُ عِنْدنَا اليَوْمَ نتحدّث.
فَقَالَ: كَيْفَ أَتخلَّف عَنْ وَلَدِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؟
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى ارْتَابَ وَجَذَبَ كُمَّه مِنْ
(1)" الكامل ": 8 / 391 - 392.
(2)
" الكامل ": 8 / 379.
(3)
أخبار الراضي والمتقي: 223.
(4)
" الكامل ": 8 / 380 - 381.
يَده فَتخرَّق، هَذَا وَرِجْلُه فِي الرِّكَاب، فشبَّ بِهِ الفرسُ فَوَقَعَ.
فصَاح ابْنُ حَمْدَانَ بغِلْمَان: اقتلُوهُ، فَاعْتَورَتْه السُّيوفُ فَاضطرب أَصْحَابُه خَارجَ المخيَّم.
وَدُفِنَ وَعُفِي أَثرُه، وَنُهبَتْ أَمْوَالُه (1) .
فَذكر رَجُلٌ أَنَّهُ وَجَد كِيساً فِيْهِ أَلف دِيْنَارٍ، وَخَافَ مِنَ الجُنْدِ.
قَالَ: فرمَيْتُه فِي قِدْرِ سِكْبَاج (2) ، وَحمَلْتُهَا عَلَى رَأْسِي فسَلِمْتُ، وَجَاءَ ابْنُ حمَدَان إِلَى المُتَّقِّي وَقَالَ:
إِنَّ ابْنَ رَائِق هَمَّ بِقَتْلِي، فَقلَّدَه مَكَانَ ابْنِ رَائِق، وَلقَّبه يَوْمَئِذٍ نَاصر الدَّوْلَة وَلقَّب أَخَاهُ سَيْف الدَّوْلَة وَعَادَ بِهِمْ.
فَهَرَبَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَريديّ مِنْ بَغْدَادَ (3) ، وَسَارَ بَدْر الخَرْشَنِيٌّ فَولِيَ دِمَشْق.
ثُمَّ بَعْد شَهْر أُرجفَ بِمجِيْء ابْن البَرْيديّ، فَانْجَفَلَ النَّاسُ، وَخَرَجَ المُتَّقِّي ليَكُوْنَ مَعَ نَاصرِ الدَّوْلَةِ، وَتوجَّه سَيْفُ الدَّوْلَة لمحَاربَةِ ابْنِ البَريديّ، فَكَانَتْ بينهُمَا مَلْحَمَةٌ بقُرْبِ المَدَائِن.
فَاقْتَتَلُوا يَوْمَيْنِ، فَانكسرَ سَيْفُ الدَّوْلَة أَوَّلاً، فردَّ نَاصرُ الدَّوْلَة الفلَّ، ثُمَّ كَانَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى ابْنِ البَريدِيّ وَرُدَّ فِي وَيْل إِلَى وَاسِطٍ.
وَتَبِعَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة فَانهزمَ إِلَى البَصْرَةِ (4) ، وَمِنْ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَبُو مَنْصُوْرٍ إِسْحَاقُ بنُ المُتَّقِّي ببنتِ نَاصرِ الدَّوْلَة عَلَى مَائَتَي أَلف دِيْنَار، وَتَمَكَّنَ نَاصر الدَّوْلَة، وَأَخَذَ ضِيَاعَ المُتَّقِّي، وَصَادَرَ الدَّوَاوِيْن، وَظَلَمَ.
ثُمَّ بلَغَه هُرُوب أَخِيْهِ سَيْفِ الدَّوْلَة مِنْ وَاسِطٍ، فَخَافَ نَاصرُ الدَّوْلَة، وَرُدَّ إِلَى المَوْصِل وَنُهِبَتْ دَارُه (5) ، وَاستَوْزَرَ عَلِيَّ بنَ أَبِي عَلِيّ بنِ مُقلَة، وَأَقبلَ تَوزُون مِنْ وَاسِطٍ فَخَلَعَ عَلَيْهِ المُتَّقِّي، وَلقَّبَه أَمِيْرَ الأُمَرَاءِ، وَلَكِنْ مَا تَمَّ
(1)" الكامل ": 8 / 382.
(2)
السكباج: بالكسر، معرب عن سركه باجه، وهو: لحم يطبخ بخل.
" تاج العروس ": 2 / 59.
(3)
" الكامل ": 8 / 383 - 384.
(4)
" الكامل ": 8 / 384 - 385.
(5)
" الكامل ": 8 / 396 - 397.
الوُدّ (1) .
فَعَاد تَوزون إِلَى وَاسِطٍ وَصَادَرَ المُتَّقِّي وَزِيْرَهُ، وَبَعَثَ بخِلَعٍ إِلَى أَحْمَدَ بنِ بُوَيه، وَاسْتَوْزَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَيَعْزِلُهُمْ.
وَصَغُرَ أَمرُ الوِزَارَة، وَوَهَنَتِ الخِلَافَةُ العَبَّاسِيَّةُ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ المَرْوَانِيَّ، صَاحِبَ الأَنْدَلُس (2) فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِإِمرَةِ الْمُؤمنِينَ، فتلقَّبَ بِذَلِكَ.
وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، يُقَال لَهُ: الأَمِيْر، كآبَائِهِ.
وَسَارَ المُتَّقِّي للهِ إِلَى تِكْرِيت، وَتَفَلَّل أَصْحَابُه وَقَدِمَ تَوزُون فَاسْتوْلَى عَلَى بَغْدَادَ، فَأَقبل نَاصرُ الدَّوْلَة فِي جَمْع كَبِيْر مِنَ الأَعرَابِ وَالأَكْرَاد، فَالتَقَى توزون بعُكْبَرَا وَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً، ثُمَّ انهزمَ بَنو حَمْدَان، وَالمتقِّي إِلَى المَوْصِل، ثُمَّ التَقَوا ثَانياً عَلَى حَربه (3) فَانهزم سَيْف الدولَة وَالخَلِيْفَة إِلَى نَصِيبين وَتبعهُم تَوزون (4) .
وَأَمَّا أَحْمَد بن بُوَيه (5) ، فَإِنَّهُ أَقبل وَنَزَلَ بِوَاسِط يُرِيْد بَغْدَاد (6) .
وَرَغِبَ تَوزون فِي الصُّلح.
وَفِي سَنَةِ 332 قَتَل أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَريدِيّ أَخَاهُ أَبَا يُوْسُفَ.
وَمَاتَ بَعْدَهُ بِيَسِيْرٍ (7) .
وَكَتَبَ المُتَّقِّي إِلَى صَاحِبِ مِصْر الإِخْشِيد ليحضُرَ إِلَيْهِ، فَأَقبل
(1)" أخبار الراضي والمتقي ": 242، و" الكامل ": 8 / 399.
(2)
" جذوة المقتبس ": 13.
وستأتي ترجمته ص / 336 / من هذا الجزء.
(3)
" أخبار الراضي والمتقي ": 256 - 257 وفي " الكامل ": 8 / 407 " فالتقى هو وتوزون بحربى في شعبان، فانهزم سيف الدولة مرة ثانية، وتبعه توزون ". وحربي: مقصورة:
بليدة في أقصى دجيل بين بغداد وتكريت. " معجم البلدان ": 2 / 237.
(4)
" الكامل ": 8 / 406 - 407.
(5)
الملقب بمعز الدولة، من ملوك بني بويه في العراق. امتلك بغداد سنة / 334 / هـ في خلافة المستكفي، ودام ملكه في العراق / 22 / سنة إلا شهرا، توفي سنة / 356 / هـ. له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 1 / 174 - 177.
(6)
" الكامل ": 8 / 408.
(7)
" الكامل ": 8 / 409.
إِلَيْهِ فَوَجَدَه بِالرَّقَّةِ.
وَبَانَ لِلْمُتَّقِّي مِنْ بَنِي حَمْدَان الضَّجر، فرَاسل تَوْزون، وَاسْتوثَقَ مِنْهُ (1) ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ الإِخْشِيد، فَقَالَ لِلْمُتَّقِّي:
أَنَا عبدُك، وَقَدْ عرفتَ غدْر الأَترَاكِ، فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِك، سِرْ مَعِي إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، لتَأَمنَ.
فَلَمْ يُطْعه، فرُدَّ إِلَى بلَاده (2) .
وَقُتِلَ بِبَغْدَادَ حَمْدِي اللِّصُّ الَّذِي ضَمِنَ (3) اللُّصُوصِيَّة فِي الشَهْر بخَمْسَةٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِيْنَارٍ.
فَكَانَ ينزِل عَلَى الدُّور وَالأَسوَاق بِالشَّمْعِ وَالمَشْعَل جِهَاراً.
ظَفِرَ بِهِ شِحْنَةُ بَغْدَاد فوسَّطه (4) .
وَكَانَ توزون بِبَغْدَادَ وَإِليه الأُمُور فَاعْتَرَاهُ صَرْع (5) .
وَهلك أَبُو عَبْدِ اللهِ البَريديُّ، وَخَلَّفَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَبِضْعَةَ عشر أَلف أَلفِ دِرْهَم، وَمِنَ الآلَات وَالقُمَاشِ مَا قيمتُهُ أَلفُ أَلفِ دِيْنَارٍ (6) .
وَتوجَّه المُتَّقِّي مِنَ الرَّقَّة إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهِيْتَ، وَحَلَفَ لَهُ تَوْزون، فَلَمَّا الْتَقَاهُ، ترجَّل لَهُ وَقَبَّلَ الأَرْضَ، وَمَشَى بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى مخيَّمٍ ضَرَبَه لِلْمُتَّقِّي، فَلَمَّا نَزَلَ قَبَضَ توزون عَلَيْهِ وَسَمَله، وَأُدْخِلَ بَغْدَادَ أَعْمَى (7) ، فَللَّه الأَمْرُ، وَأَخَذَ مِنْهُ البُردَ وَالقَضِيْبَ وَالخَاتَمَ.
وَأَحْضَرَ عَبْدَ اللهِ المستكفِي بِاللهِ بن المُكْتَفِي فَبايَعَهُ بِالخِلَافَة.
(1)" الكامل ": 8 / 411.
(2)
" الكامل ": 8 / 418، و" تاريخ الخلفاء ":396.
وستأتي ترجمة الاخشيذ ص 365 من هذا الجزء.
(3)
علق ابن الأثير بقوله: " وهذا ما لم يسمع بمثله ".
(4)
أي قطعه نصفين.
" الكامل ": 8 / 416.
(5)
" الكامل ": 8 / 417.
(6)
" الكامل ": 8 / 410 - 411.
(7)
" الكامل ": 8 / 418 - 419.