الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلد أَبُو بَكْرٍ سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
واحترقتْ كتُبُه، فَسَلِمَ مِنْهَا جُزْءان سمِعهُمَا مِنَ العُطَارِدِيّ (1) .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُسْلِم الكَاتِب وَغَيْرهُ.
وَكَانَ رَئِيْساً نبيلاً كَثِيْرَ الأَمْوَال جِدّاً، لَا يلْحق فِي برِّه.
وَكَانَ القُضَاةُ وَالكُبَرَاء يتردَّدُوْنَ إِلَى بَابه، حَجَّ عِشْرِيْنَ حجَّةً، وَكَانَ كَثِيْر الصِّيَام، ملَازِماً للجَمَاعَة، وَقَدْ نُكب مرَّةً عَلَى يَد الوَزِيْر ابْن حِنْزَابَة (2) ، فوزَنَ أَلف أَلف دِيْنَار، وَحُبِس مُدَّة بِالرَّمْلَة، ثُمَّ أَطْلَقَهُ الإِخشيذ (3) ، وَبَالَغَ فِي إِكرَامه (4) .
قَالَ المُسَبِّحِيّ: يُقَال إِن ديوَانَه اشتملَ عَلَى سِتِّيْنَ أَلْفاً مِمَّنْ يمُونهُم، وَكَانَ يتصدَّق فِي الشَّهْرِ بِمائَة أَلف رَطْل دَقِيق.
وَقِيْلَ: أَعتقَ فِي عُمره مائَةَ أَلْف نَسمَة.
وَكَانَ ذكياً جَيِّد البَدِيْهَة، وَكَانَ لَهُ خَتْمَة فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
وَبَلَغَ ارتفَاعُ أَملَاكه فِي العَامِ أَرْبَع مائَة أَلْف دِيْنَار، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ أَنفقَ فِي بَعْض حجَّاتِه مائةَ أَلْف دِيْنَار، نَقله المُسَبِّحِيّ (5) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ رحمه الله.
258 - الأَصَمُّ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بن يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ
(1)" تاريخ بغداد ": 3 / 80.
(2)
هو الفضل بن جعفر، أبو الفتح، وقد تقدمت ترجمته.
(3)
تقدمت ترجمته رقم / 189 / من هذا الجزء.
(4)
انظر " خطط المقريزي ": 2 / 156.
(5)
" خطط المقريزي ": 2 / 155.
(*) الأنساب: 1 / 294 - 297، تاريخ ابن عساكر: 16 / 67 آ - 69 ب -، المنتظم: =
العَصْرِ، رِحلَة الوَقْتِ، أَبُو العَبَّاسِ الأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمُ، السِّنَانِيُّ، المَعْقِلِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَصَمُّ، وَلَدُ المُحَدِّث الحَافِظِ أَبِي الفَضْل الوَرَّاق.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَصْحَاب إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَعَلِيِّ بن حُجْر، وَكَانَ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: من أَحسن النَّاس خَطّاً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد الدُّوْرِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ العَتَكِيُّ، وَابنُه أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ.
وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ بَابنِه أَبِي العَبَّاس إِلَى الآفَاق، وَسَمَّعَهُ الكُتُبَ الكِبَارَ.
فسَمِعَ (2) مِنْ: أَحْمَد بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَأَحْمَدَ بن الأَزهَر، وَكَانَ خَاتمَةَ أَصحَابهمَا بِهَا (3) لَكِنَّه عُدِمَ (4) سَمَاعه مِنْهُمَا، وَسَمِعَ: بِأَصْبَهَانَ مِنْ هَارُوْنَ بن سُلَيْمَانَ، وَأَسِيْد بن عَاصِم، وَبِبَغْدَادَ مِنْ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى أَسد المَرْوَزِيّ، صَاحب سُفْيَان بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَعِدَّة.
وَبِمصر: مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالرَّبِيْع بنِ سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ، وَبَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلَانِيّ وَأَقرَانِهم.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن ملَاّس النُّمَيْرِي، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِي.
وَببَيْرُوْت مِنْ:
= 6 / 386 - 387، تذكرة الحفاظ: 3 / 860 - 864، العبر: 2 / 273 - 274، الوافي بالوفيات: 5 / 223، نكت الهميان: 279، البداية والنهاية: 11 / 232، غاية النهاية: 2 / 283، النجوم الزاهرة: 3 / 317، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 373 - 374.
(1)
له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 14 / 286.
(2)
أي: أبو العباس الأصم.
(3)
أي بنيسابور.
(4)
أي: فقد.
العَبَّاس بن الوَلِيْدِ العُذْرِيّ.
وَبَالكُوْفَةِ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ العَامِرِيِّ.
وَحَدَّثَ بكتَاب (الأُم) للشَافعِي عَنِ الرَّبِيْع.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَبَعُد صيتُه، وَتزَاحَمَ عَلَيْهِ الطَّلبَة.
وَجمِيع مَا حَدَّثَ بِهِ إِنَّمَا رَوَاهُ مِنْ لَفْظه، فَإِنَّ الصَّمم لحِقَه وَهُوَ شَابٌّ لَهُ بِضْع وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، بَعْد رُجُوعه مِنَ الرِّحْلَة، ثُمَّ تَزَايد بِهِ، وَاسْتحكَم بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا يسمع نهيقَ الحِمَار.
وَقَدْ حدَّث فِي الإِسْلَامِ ستّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُسَيْن بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد القَبَّانِيُّ، وَأَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ (2) - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَحَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَان، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِر بن مَحْمِش، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَأَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفوَارس العَطَّار، وَالفَقِيْه أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الأَدِيْبُ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّاذْيَاخِي، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ شَبِيْب الفَامِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بن مُعَاوِيَةَ العَطَّار، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ السُّوسِيُّ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب المُفَسِّر، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عَبْدَان.
وَأَبُو الطَّيِّبِ سَهْل بنُ
(1)" الأنساب ": 1 / 294.
(2)
نسبة إلى الأعمش سليمان بن مهران، قيل له ذلك لأنه كان يحفظ حديثه.
مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَن المِهْرَجَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بَالُوْيَه المُزَكِّي، وَعُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن مَهْدِيّ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الإِسْفَرَايينِي المُقْرِئ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السُّبعِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الطَّهْمَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الحَرَشِيّ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو (1) بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيْدٍ، وَأَبُو سَعِيْد مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيّ الطِّرَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ الجُرْجَانِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ يكرَه أَنْ يُقَالَ لَهُ: الأَصَمُّ، فَكَانَ أَمَامُنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي (2)، يَقُوْلُ: المعقلِي قَالَ:
وَإِنَّمَا حَدَثَ (3) بِهِ الصَّممُ بَعْد انصرَافِه مِنَ الرِّحْلَة، وَكَانَ محدِّث عَصْره، وَلَمْ يَخْتلفْ أَحدٌ فِي صِدْقه وَصحَّة سَماعَاته، وضبْط أَبِيهِ يَعْقُوْب الوَرَّاق لَهَا، وَكَانَ يَرْجِع إِلَى حُسْن مَذْهب وَتديُّن.
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَذَّن سبعينَ سَنَةً فِي مسجِدِه.
قَالَ: وَكَانَ حَسَنَ الخُلُق، سخيَّ النَّفْس، وَرُبَّمَا كَانَ يحتَاجُ إِلَى الشَّيْء لِمَعَاشه، فيُورق، وَيَأْكُل مِنْ كسب يَده، وَهَذَا الَّذِي يُعَاب بِهِ، مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَأْخذُ عَلَى
(1) في الأصل: بكر بن محمد، وهو خطأ. انظر " الإكمال ": 2 / 160 - 161.
(2)
ستأتي ترجمته برقم / 274 / من هذا الجزء.
(3)
في " الأنساب ": ظهر.
الحَدِيْث (1) ، إِنَّمَا كَانَ يَعِيْبُه بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يكره ذَلِكَ أَشدَّ الكرَاهَة وَلَا ينَاقش أَحداً فِيْهِ، إِنَّمَا كَانَ وَرَّاقُه وَابنُه يطلُبَان (2) النَّاس بِذَلِكَ، فَيكْرَه هُوَ ذَلِكَ، وَلَا يقدِرُ عَلَى مخَالِفتهمَا (3) .
سَمِعَ مِنْهُ: الآباءُ وَالأَبنَاءُ وَالأَحْفَاد، وَكفَاهُ شَرَفاً أَنْ يُحَدِّث طول تِلْكَ السِّنين، وَلَا يجدُ أَحدُ فِيْهِ مَغْمزاً بحُجَّةٍ، وَمَا رأَينَا الرِّحْلَة فِي بلَادٍ مِنْ بلَاد الإِسْلَام أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الأَنْدَلُس، وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ طرَاز (4) ، وَإِسْبيجَاب (5) عَلَى بَابه، وَكَذَا جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ فَارس، وَجَمَاعَة مِنْ أَهْلِ الشَّرْق (6) .
سمِعته غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (7) .
وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ عَلَى طَرِيْق أَصْبَهَان فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، فسَمِعَ بِهَا وَلَمْ يَسْمَعْ بِالأَهْواز وَلَا البَصْرَة حَرْفاً، ثُمَّ حَجَّ، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ أَحْمَدَ بن شَيْبَان الرَّمْلِيِّ، صَاحبِ ابْنِ عُيَيْنَه، سَمِعَ بِهَا مِنْهُ فَقَطْ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ وَعَسْقلَان وَبَيْرُوْتَ وَدِمْيَاط وَطَرَسُوْس، سَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيِّ.
وَسَمِعَ بحِمْص: مِنْ مُحَمَّد بن عَوْف، وَأَبِي عُتْبَة أَحْمَد بنِ الفَرَجِ.
وَبَالجَزِيْرَة مِنْ: مُحَمَّد بنِ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْن الرَّقِّيِّ. وَسَمِعَ المَغَازِي مِنْ لَفْظ العُطَارِدِيّ.
(1) في " الأنساب ": التحديث.
(2)
" تذكرة الحفاظ ": 3 / 861: يطالبان.
(3)
" الأنساب ": 1 / 295، وما بين حاصرتين منه.
(4)
بلد قريب من إسبيجاب، من ثغور الترك.
في أقصى بلاد الشاش مما يلي تركستان.
انظر " آثار البلاد وأخبار العباد ": 544.
(5)
في " الأنساب ": إسفيجاب.
(6)
" الأنساب ": 1 / 295.
(7)
المصدر السابق.
وَسَمِعَ مصنَّفَات عَبْد الوَهَّابِ بنِ عَطَاء مِنْ يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَسَمِعَ مُصنَّفَات زَائِدَة وَ (السُّنَن) لأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِي.
وَسَمِعَ (العِللَ) لعَلِيِّ بن المَدِيْنِيِّ مِنْ حَنْبَل (1) .
وَسَمِعَ (معَانِي القُرْآن) مِنْ مُحَمَّد بن الجَهْمِ السِّمَّرِيّ.
وَسَمِعَ (التَّارِيْخ) مِنْ عَبَّاس الدُّوْرِيّ، ثُمَّ انْصَرف إِلَى خُرَاسَانَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِيْنَ سَنَةً (2) .
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حدَّثت بكتَاب (معَانِي القُرْآن) فِي سَنَةِ نَيِّف وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ: كتَبْنَا عَنْ أَبِي العَبَّاس بنِ يَعْقُوْبَ الوَرَّاق فِي مَجْلِسِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن خُزَيْمَةَ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَسُئِلَ عَنْ سَمَاع كتَاب (المَبْسوط) مِنْ أَبِي العَبَّاس الأَصَمِّ، فَقَالَ: اسمعُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، قَدْ رَأَيْتُهُ يسمعُ مَعَ أَبِيهِ بِمِصْرَ، وَأَبُوْهُ يضبِطُ سَمَاعَه (5) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْر القَاضِي، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْم بنَ عَدِيّ، وَاجتَمَعَ جَمَاعَةٌ يسأَلونه المُقَام بِنَيْسَابُوْرَ لقرَاءةِ (المَبْسوط) .
فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! عندكُم رَاوِي هَذَا الكِتَاب الثِّقَة المَأْمُوْنُ أَبُو العَبَّاسِ
(1) حنبل بن إسحاق، ابن عم الامام أحمد بن حنبل، وتلميذه.
(2)
" الأنساب ": 1 / 295 - 296.
(3)
" تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 آ.
(4)
" تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(5)
المصدر السابق.
الأَصَمِّ، وَأَنْتُم تريدُوْنَ أَنْ تسمعُوهُ مِنْ غَيْره (1) .
أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ لكتَاب (المَبْسوط) رَاوٍ غَيْرَ أَبِي العَبَّاس الوَرَّاق، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (2) .
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: حَضَرْتُ أَبَا العَبَّاسِ يَوْماً فِي مَسْجده، فَخَرَجَ ليُؤذِّن لصَلَاة العَصْر، فوقَفَ مَوْضِع المئْذَنِة، ثُمَّ قَالَ بصوتٍ عَالٍ:
أَخْبَرَنَا الرَّبِيْع بنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيّ، ثُمَّ ضَحِكَ، وَضَحِكَ النَّاسُ، ثُمَّ أَذَّن (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الأَصَمّ، وَقَدْ خَرَجَ وَنَحْنُ فِي مسجدِه، وَقَدِ امتلأَتِ السِّكَّةُ مِنَ النَّاسِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلَاثِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُمْلِي عَشِيَّة كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ مِنْ أُصُولِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَة النَّاس وَالغُرباءِ وَقَدْ قَامُوا يُطرقُوْنَ (4) لَهُ، وَيحملونه عَلَى عواتِقِهِم مِنْ بَاب دَاره إِلَى مَسْجده، فَجَلَسَ عَلَى جِدَار المَسْجَد، وَبَكَى طَوِيْلاً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى المُسْتَمْلِي، فَقَالَ: أُكْتبْ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَشَجَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْس يَقُوْلُ:
أَتيتُ يَوْماً بَاب الأَعْمَش بَعْد مَوْتِهِ فَدَقَقْت البَاب، فَأَجَابتَنِي جَارِيَةٌ عرفتَنِي: هَاي هَاي تَبْكِي (5) :يَا عَبْدَ اللهِ، مَا فعلَ جمَاهيرُ العَرَب الَّتِي كَانَتْ تَأَتِي هَذَا البَابَ؟
ثُمَّ بَكَى الْكثير، ثُمَّ قَالَ: كَأَنِّيْ بِهَذِهِ السِّكَّة لَا يدخلهَا (6) أَحدٌ
(1)" تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب، وما بين حاصرتين منه.
(2)
المصدر السابق.
(3)
" الأنساب ": 1 / 297.
(4)
أي: يوسعون له الطريق.
(5)
زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 3 / 863.
(6)
في الأصل: فلا يدخلها، وما أثبتناه من " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 69 ب.
مِنْكُم، فَإِنِّي لَا أَسمعُ وَقَدْ ضَعُفَ البَصَر، وَحَان الرَّحيل، وَانقضَى الأَجَلُ، فَمَا كَانَ إِلَاّ بَعْد شَهْرٍ أَوْ أَقلّ مِنْهُ حَتَّى كُفَّ بَصَره، وَانقطعت الرِّحلَة، وَانْصَرَفَ الغُرباء، فَرَجَعَ أَمره إِلَى أَنَّهُ كَانَ ينَاول قَلماً، فَيَعْلَمُ أَنَّهُم يطلُبُونَ الرِّوَايَة، فَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا الرَّبِيْع، وَكَانَ يحفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَسَبْع حكَايَاتٍ، فيرويهَا، وَصَارَ بِأَسوَأَ حَالٍ حَتَّى تُوُفِّيَ (1) .
وقَرَأْت بخطِّ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ يحثُّ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ عَلَى الرُّجُوع عَنْ أَحَادِيْثَ أَدخلوهَا عَلَيْهِ، حَدِيْثِ الصَّغَانِيّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَكِيْم، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، حَدِيْث (قَبْض العِلْم (2)) ، وَحَدِيْث أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:
بَعَثَ رَسُوْل اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً (3)
…
(1) الخبر بطوله في " الأنساب ": 1 / 296 - 297، وما بين حاصرتين منه.
(2)
حديث قبض العلم أخرجه البخاري (100) في العلم: باب كيف يقبض العلم، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه من طرق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله لا يقبض العالم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " قال الحافظ في " الفتح ": وقد اشتهر هذا الحديث من رواية هشام بن عروة، فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرها، ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو الأسود المدني، وحديثه في البخاري (7317) ومسلم (2673)(14) والزهري وحديثه في النسائي، ويحيى بن أبي كثير، وحديثه في صحيح أبي عوانة، ووافق أباه على روايته عن عبد الله بن عمرو عمر بن الحكم بن ثوبان وحديثه في مسلم (2673) .
(3)
حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه أحمد 2 / 62، والبخاري (3134) ومسلم (1749) عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا.
وأخرجه البخاري (4338) من طريق أبي النعمان، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، وأخرجه مسلم من طريقه عن الليث بن سعد، عن نافع، وأخرجه أيضا من طرق عن عبيد =