الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ قَتَل الحَاكِمُ جَمَاعَةً مِنَ الأُمَرَاء بِلَا ذَنْبٍ، وَذبَح قَاضيين لَهُ.
وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ إِليَاس العُبَيْدِي، فَإِنَّ الحَاكِم وَلَاّهُ عَهْدَه، ثُمَّ بَعَثَهَ عَلَى نِيَابَة دِمَشْق سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَأَقبلَ عَلَى المَلَاهِي وَالخُمور، وَاضطرب العَسْكَر عَلَيْهِ، وَوقَع الحَرْب بِدِمَشْقَ وَالنَّهب، وَصَادر هُوَ الرَّعيَة، فَلَمَّا مَاتَ الحَاكِمُ قَبضَ الأُمَرَاءُ عَلَى وَلِيِّ الْعَهْد، وَسجنوهُ وَاغتَالُوهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ نَحَر نَفْسَه قِي الحَبْس (1) .
وسيرَةُ الحَاكِمِ، وَعَسْفُه تَحْتَمِل كَرَارِيْس.
71 - الظَّاهِرُ لإِعزَاز دينِ الله عَلِيُّ بنُ الحَاكِمِ بن العَزِيْز *
صَاحِبُ مِصْرَ الظَّاهِر لإِعزَاز دينِ الله، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَاكِمِ مَنْصُوْر بن العَزِيْز نزَارِ بنِ المُعِزّ، العُبَيْديُّ المِصْرِيُّ.
وَلَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَقُوْلَ العَلَوِيُّ الفَاطِميُّ، لمَا وَقَرَ فِي نَفْسِي مِنْ أَنَّهُ دَعِيٌّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ.
بُوْيِعَ وَهُوَ صَبِيّ لَمَّا قُتِلَ أَبُوْهُ فِي شَوَّالٍ سنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وكَانَتْ دولتُهُ عَلَى مِصْرَ وَالشَّام وَالمَغْرِب.
وَلَكِنْ طمع فِي أَطرَاف بلَاده طوَائِفُ، فَتَقَّلبَ حَسَّانُ بنُ مفرِّج الطَّائِيّ صَاحِبُ الرَّمْلَة عَلَى كَثِيْرٍ مِنَ الشَّام، وضعُفت الإِمَارَة العُبَيْدِيَّة قَلِيْلاً (2) .
(1)" النجوم الزاهرة ": 4 / 194.
(*) المنتظم: 8 / 90 الكامل: 9 / 447، وفيات الأعيان: 3 / 407 - 408، العبر: 3 / 162 - 163، البداية والنهاية: 12 / 39، تاريخ ابن خلدون: 4 / 61 - 62، خطط المقريزي: 1 / 354 - 355، النجوم الزاهرة: 4 / 247 - 255، تاريخ ابن إياس: 1 / 58 - 59، شذرات الذهب: 3 / 231 - 232.
(2)
" وفيات الأعيان ": 3 / 407.
وَوَزَرَ لَهُ نَجِيْبُ الدَّوْلَة عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجرْجَرَائِيّ (1) وَلولده، وَكَانَ نَبِيْلاً مُحْتَشِماً مِنْ بَيْت وِزَارَةٍ، لكنَّه أَقْطَعُ اليَديْنِ مِنَ المِرْفَقَين.
قطَعَهُمَا الحَاكِمُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ لِكَوْنِهِ خَانه، فَكَانَ يُعَلِّم العَلَاّمَة (2) عَنْهُ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِيُّ (3) .
وَهِيَ الحَمْدُ للهِ شكراً لِنِعْمَتِهِ (4) .
وفِي أَوَّل وَلَايَة الظَّاهِر أَقْدَمَ مُتَوَلِّي بِتنِّيس مَا تحصَّل عِنْدَهُ، فَكَانَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَأَلفِي أَلف دِرْهَمٍ.
قَالَ المُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ الكُوْفِيُّ:
فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لمَا صَلَّيْتُ الجُمعَة وَالرَّكْبُ بَعْد بِمِنَىً، قَامَ رَجُلٌ فَضَرَبَ الْحجر الأَسودَ بدَبُّوسٍ (5) ثَلَاثاً، وَقَالَ:
إِلَى مَتَى يُعَبْد الْحجر فيمنعنِي (6) مُحَمَّدٌ مِمَّا أَفْعَلُه؟ فَإِنِّي اليَوْم أَهْدِم هَذَا البَيْت، فَاتَّقَاهُ النَّاس، وَكَادَ يفلَت، وَكَانَ أَشْقَر، أَحمر، جسيماً، تَامَّ القَامَة، وَكَانَ عَلَى بَابِ المَسْجَدِ عَشَرَةَ فُرْسَان عَلَى أَنْ يَنْصُروهُ.
فَاحْتَسَب رَجُلٌ، فَوجأَه بخِنْجَر، وَتكَاثَرُوا عَلَيْهِ، فَأُحرِقَ، وَقُتِلَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه وَثَارَت الفِتْنَة، فَقتل نَحْو العِشْرِيْنَ، وَنهب المِصْرِيّون.
وَقِيْلَ: أُخذ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَقَرُّوا بِأَنَّهُم مائَةٌ تبَايعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَضُربت أَعنَاق الأَرْبَعَة، وَتهشَّمَ وَجه الْحجر.
وَتسَاقَطَ مِنْهُ شظَايَا.
(1) نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من ارض العراق.
انظر ترجمته في " الإشارة إلى من نال الوزارة ": 35 - 37.
(2)
المراد بها التوقيع. راجع الكلام عنها في " خطط المقريزي ": 2 / 211.
(3)
هو محمد بن سلامة بن جعفر بن علي، القضاعي، الفقيه الشافعي، صاحب كتاب " الشهاب "، وله كتاب " خطط مصر "، كان مفننا في عدة علوم توفي سنة / 454 / هـ بمصر.
" وفيات الأعيان ": 4 / 212 - 213.
(4)
" وفيات الأعيان ": 3 / 407 - 408.
(5)
عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس.
(6)
في " المنتظم ": 8 / 8 " إلى متى يعبد الحجر، ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله ".