الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ لَهُ عَلَى تِسْعَةِ أَحَادِيْثَ (1) ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيْثَ، وَمُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ.
106 - حَسَّانُ بنُ ثَابِتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ *
(ع)
ابْنِ عَمْرِو بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، المُؤيَّدُ بِرُوْحِ القُدُسِ.
أَبُو الوَلِيْدِ - وَيُقَالُ: أَبُو الحُسَامِ - الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، ابْنُ الفُرَيْعَةِ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّيْنَ فِي الإِسْلَامِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ:
لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَشْهَداً، كَانَ يَجْبُنُ، وَأُمُّهُ الفُرَيْعَةُ بِنْتُ خُنَيْسٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقِيْلَ: أَبُو الوَلِيْدِ.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
(1) في الأصل بياض بين " على " و" انفرد "، وما أثبتناه عن " ذخائر المواريث " 3 / 69، 73 للنابلسي.
(*) مسند أحمد: 3 / 422 و5 / 222، التاريخ لابن معين: 107، طبقات خليفة: 88، تاريخ خليفة: 202، التاريخ الكبير: 3 / 29، المعارف: 2، 128، 143، 197، 132، تاريخ الفسوي: 1 / 235، الجرح والتعديل: 3 / 233، الاغاني: 4 / 169 134، معجم الطبراني: 4 / 44، المستدرك: 3 / 486، الاستبصار: 53 51، الاستيعاب: 1 / 341، ابن عساكر: 4 / 179 / 1، أسد الغابة: 2 / 5، تهذيب الكمال: 251، تاريخ الإسلام: 2 / 277، العبر: 1 / 59، مجمع الزوائد: 9 / 377، تهذيب التهذيب: 2 / 248 247، الإصابة: 2 / 237، خلاصة تذهيب الكمال: 75، شذرات الذهب: 1 / 41 و60.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ حَسَّانٌ وَقْتَ الهِجْرَةِ؟
قَالَ: ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَهَاجرَ رَسُوْلُ اللهِ ابْنَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِيْنَ.
الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ:(أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوْحِ القُدُسِ) ؟
فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ (1) .
وَرَوَى: عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَهَاجِهِمْ وَجِبْرِيْلُ مَعَكَ (2)) .
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، فَلَحَظَهُ.
فَقَالَ حَسَّانٌ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيْهِ، وَفِيْهِ خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: صَدَقْتَ (3) .
ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ حَسَّانٌ يَضَعُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْبَراً فِي المَسْجِدِ، يَقُوْمُ عَلَيْهِ قَائِماً، يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البخاري 6 / 221 في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، ومسلم (2485) في الفضائل، وأحمد 5 / 222، 223، والنسائي 2 / 48 في الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد، والطبراني (3588) و (3589) ، كلهم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 10 / 453 في الأدب: باب هجاء المشركين، ومسلم (2485)(152) من طريق الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة.
(2)
أخرجه البخاري 6 / 221 في بدء الخلق، و7 / 321 في المغازي، و10 / 453 في الأدب، ومسلم (2486) ، وأحمد 4 / 299 كلهم من طريق شعبة، عن عدي بن ثابت، عن البراء.
(3)
أخرجه البخاري 6 / 221، ومسلم (2485) ، وأبو داود (5013) ، والنسائي 2 / 48، وأحمد 5 / 222، 223، والطبراني (3585) و (3586) .
سير 2 / 33
وَرَسُوْلُ اللهِ يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوْحِ القُدُسِ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) .
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ (1) .
مُجَالِدٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ المُسْلِمِيْنَ؟) .
قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا.
وَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا.
قَالَ: (نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، وَسَيُعِيْنُكَ عَلَيْهِم رُوْحُ القُدُسِ (2)) .
وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَبَبْتُ ابْنَ فُرَيْعَةَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ:
يَا ابْنَ أَخِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا كَفَفْتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ (3) صلى الله عليه وسلم.
عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ:
دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَ مَا عَمِيَ، فَوَضَعَتْ لَهُ وِسَادَةً، فَدَخَلَ أَخُوْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ:
أَجْلَسْتِيْهِ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ؟ - يُرِيْدُ: مَقَالَتَهُ نَوْبَةَ الإِفْكِ -.
فَقَالَتْ: إِنَّهُ - تَعْنِي: أَنَّه كَانَ يُجِيْبُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَشْفِي صَدْرَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ - وَقَدْ عَمِيَ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلَاّ يُعَذَّبَ فِي الآخِرَةِ (4) .
وَرُوِيَ عَنْ: عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ المَدِيْنَةَ، فَهَجَتْهُ قُرَيْشٌ، وَهَجَوا مَعَهُ الأَنْصَارَ.
فَقَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيْبَنِي مَعَهُمْ بِهَجْوِ بَنِي عَمِّي) .
(1) هو في سنن أبي داود (5015) ، والترمذي (2846) كلاهما في الأدب، وأخرجه أحمد 6 / 72، وصححه الحاكم 3 / 487، ووافقه الذهبي.
(2)
" الاغاني " 16 / 232، و" تهذيب ابن عساكر " 4 / 129.
ومجالد ليس بالقوي.
(3)
أخرجه البخاري 7 / 338، ومسلم (2487) .
(4)
" تهذيب ابن عساكر " 4 / 129.
قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ، وَلِيَ مِقْوَلٌ يَفْرِي مَا لَا تَفْرِيْهِ الحَرْبَةُ.
ثُمَّ أَخْرَجَ لِسَانَهُ، فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ شُجَاعٍ بِطَرَفِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ ذَقْنَهُ (1) .
يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ حَسَّانَ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي هَذَا.
ثُمَّ أَطْلَعَ لِسَانَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ حَيَّةٍ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِي فِيْهِم نَسَباً، فَائْتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، فَيُخَلِّصُ لَكَ نَسَبِي) .
قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم وَنَسَبَكَ سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ. فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(لَقَدْ شَفَيْتَ، وَاشْتَفَيْتَ (2)) .
مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ:
أَنَّهَا طَافَتْ مَعَ عَائِشَةَ، وَمَعَهَا نِسْوَةٌ، فَوَقَعْنَ فِي حَسَّانٍ، فَقَالَتْ:
لَا تَسُبُّوْهُ، قَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ:{أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} وَقَدْ عَمِيَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ لأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ:
هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ
…
وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
…
لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ
…
فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ (3)
(1)" تهذيب ابن عساكر " 4 / 130.
والشجاع: الحية الذكر.
(2)
رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني (3582) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن أيوب بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه مسلم (2490) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة.
(3)
الخبر مع الشعر في " الاغاني " 4 / 163، من طريق عمر بن شبة، عن أبي عاصم، عن =
عُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اهْجُ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِم مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ) .
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (هَجَاهُمْ حَسَّانٌ، فَشَفَى) .
قَالَ حَسَّانٌ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً
…
، فَذَكَرَ أَبْيَاتَهُ، وَمِنْهَا:
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا
…
تُثِيْرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ (1)
يُنَازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ
…
عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ (2)
تَظَلُّ جِيَادُهَا مُتَمَطِّرَاتٍ
…
يُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ (3)
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا
…
وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
وإلَاّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ
…
يُعِزُّ اللهُ فِيْهِ مَنْ يَشَاءُ
= ابن جريج، عن محمد بن السائب، عن أمه.
وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن علي، عن
أحمد بن زهير، عن إبراهيم بن المنذر، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن السائب بن بركة؟ عن أمه.
وأبو سفيان بن الحارث: هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخونه من الرضاعة، كان يألف النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، فلما بعث عاداه، وهجاه، ثم أسلم عام الفتح، وشهد حنينا.
وقوله: " فشركما لخيركما الفداء ".
قال السهيلي: وفي ظاهر اللفظ بشاعة، لان المعروف أن لا يقال: هو شرهما إلا وفي كليهما شر.
ولكن سيبويه قال في " كتابه ": تقول: مررت برجل شر منك: إذا نقص عن أن يكون مثله، وهذا يدلع الشناعة، ونحو منه قوله صلى الله عليه وسلم:" شر صفوف الرجال آخرها " يريد: نقصان حظهم عن حظ الأول.
(1)
هذه رواية مسلم والطبراني، وفي الديوان: عدمنا خيلنا إن لم تروها
…
والنقع: الغبار.
وكداء: الثنية التي في أصلها مقبرة مكة.
(2)
رواية الديوان: يبارين الاسنة مصغيات
…
ومباراتها الاسنة: هو أن يضجع الرجل رمحه، فكأن الفرس يركض ليسبق السنان.
والمصغيات: الموائل المنحرفات للطعن، والاسل: الرماح.
(3)
متمطرات: خارجات من جمهور الخيل من سرعتها، وتلطمهن: تضرب النساء وجوههن لتردهن.
وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً
…
يَقُوْلُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْداً
…
هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ (1)
يُلَاقُوْا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ
…
سِبَاباً أَوْ قِتَالاً أَوْ هِجَاءُ (2)
فَمَنْ يَهْجُو رَسُوْلَ اللهِ مِنْكُم
…
وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيْلٌ رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا
…
وُرُوْحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ (3)
أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ حَسَّانٌ - بَعْدَ مَا عَمِيَ - فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ
…
وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
فَقَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَاكَ.
فَقُلْتُ لَهَا: تَأْذَنِيْنَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ:{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْرُ: 11]
فَقَالَتْ: وَأَيُّ
= والخمر: جمع خمار: ما تغطي به المرأة رأسها، ونقل ابن " دريد " في " الجمهرة " أن الخليل كان يروي البيت:
تظل جيادنا متمطرات * تظلمهن بالخمز النساء
وينكر " تلطمهن "، ويجعله بمعني: تنفض النساء بخمرهن ما عليهن من غبار، من الطلم: وهو ضربك خبزة الملة بيدك لتنفض ما عليها من الرماد.
(1)
أي: همتها ودابها لقاء الفرسان، من قولهم: بعير عرضة للسفر، أي: قوي عليه، وفلان عرضة للشر، أي: قوي عليه.
(2)
كذا رواية الأصل، وعند الطبراني (3582) : تلاقي، وفيه على هذا إقواء، ورواية مسلم والديوان.
لنا في كل يوم من معد * سباب أو قتال أو هجاء
وقوله: لنا، أي: معشر الانصار.
(3)
الخبر مع الشعر أخرجه مسلم (2490) ، والطبراني (3582) ، والابيات في " ديوان حسان " 1 / 17، 18، و" سيرة ابن هشام " 2 / 421، 424، والسهيلي 2 / 280، وابن سيد الناس 2 / 181، و" تهذيب ابن عساكر " 4 / 130، 131.
عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى.
وَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ (1) صلى الله عليه وسلم.
وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَسَّانٍ:(لَا يُحِبُّهُ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُهُ إِلَاّ مُنَافِقٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مِنْكَرٌ، مِنْ (مُسْنَدِ الرُّوْيَانِيِّ) ، مِنْ رِوَايَة أَبِي ثُمَامَةَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ عُمَرَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَلَهُ شُوَيْهِدٌ، رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ، سَمِعَ حَمْزَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (حَسَّانٌ حِجَازٌ بَيْنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُنَافِقِيْنَ، لَا يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ، وَلَا يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ) .
فَهَذَا اللَّفْظُ أَشْبَهُ.
وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ حُبُّهُ، سَكَتَ عَنْهُ.
حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ حَسَّانُ اللَّعِيْنُ!
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِيْنٍ، قَدْ جَاهَدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ، وَلِسَانِهِ (2) .
قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ غَزَا.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَنْشَدَ حَسَّانٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:
(1) أخرجه البخاري 7 / 338، و8 / 374، ومسلم (2488) .
(2)
أخرجه أبو الفرج في " الاغاني " 4 / 145، 146 من طريق عمر بن شبة، عن أبي داود، ومن طريق أحمد بن الجعد، عن محمد بن بكار بهذا الإسناد.
وهو في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 131.
شَهِدْتُ - بإِذْنِ اللهِ - أَنَّ مُحَمَّداً
…
رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلُ
وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلَاهُمَا
…
لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ
وَأَنَّ أَخَا الأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيْهِمُ
…
يَقُوْلُ بِذَاتِ اللهِ فِيْهِمْ وَيَعْدِلُ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (وَأَنَا (1)) .
هَذَا مُرْسَلٌ.
وَرَوَى: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْشَدَهُ حَسَّانٌ
…
، فَذَكَرهَا، وَزَادَ:
وَأَنَّ الَّذِي عَادَى اليَهُوْدُ ابْنَ مَرْيَمٍ
…
نَبِيٌّ أَتَى مِنْ عِنْدِ ذِي العَرْشِ مُرْسَلُ (2)
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَزْمٍ:
إِنَّ حَسَّانَ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
مَنَعَ النَّوْمَ بِالعِشَاءِ الهُمُوْمُ
…
وَخَيَالٌ إِذَا تَغُورُ النُّجُوْمُ
مِنْ حَبِيْبٍ أَصَابَ قَلْبَكَ مِنْهُ
…
سَقَمٌ فَهْوَ دَاخِلٌ مَكْتُوْمُ
يَا لَقَوْمٍ هَلْ يَقْتُلُ المَرْءَ مِثْلِي
…
وَاهِنُ البَطْشِ وَالعِظَامِ سَؤُوْمُ
شَأْنُهَا العِطْرُ وَالفِرَاشُ وَيَعْلُوْ
…
هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُوْمُ
لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّ
…
رِّ عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الكُلُوْمُ
(1) الاغاني 4 / 151، 152 وأبو يحيى هو زكريا عليه السلام.
وأخو الاحقاف: هو هود عليه السلام.
(2)
هذا البيت والثلاثة قبله في ديوانه: 186.
لَمْ تَفُقْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ
…
غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُوْمُ
زَادَ بَعْضُهُمْ:
رُبَّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ المَا
…
لِ، وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعَيْمُ (1)
نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةِ فَارِعٍ: يَا بَنِي قَيْلَةَ!
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالُوا: مَا لَكَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: قُلْتُ قَصِيْدَةً لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ مِثْلَهَا.
ثُمَّ أَنْشَدَهَا لَهُمْ، فَقَالُوا: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟
فَقَالَ: وَهَلْ يَصْبِرُ مَنْ بِهِ وَحَرُ الصَّدْرِ (2) .
الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلَا يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ:
انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ
…
تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ (3)
أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ
…
ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ (4)
فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ.
وَفِيْهِ:
(1) في الأصل: رب ظلم أطاعه عدم الما * ل وجهل غطى عليه النعيم وما أثبتنا هو رواية الديوان: 25 وسيرة ابن هشام 2 / 150.
(2)
ما بين الحاصرتين وهو جواب لما سقط من الأصل، واستدركته من " تهذيب ابن عساكر " 4 / 136، وأما ابن هشام في السيرة فقال: قال حسان هذه القصيدة ليلا، فدعا قومه فقال لهم: خشيت أن يدركني أجلي قبل أن أصبح فلا ترووها عني.
(3)
في الديوان: 66 انظر خليلي ببطن جلق.
(4)
كذا الأصل، ورواية الشطر في الديوان: جمال شعثاء قد هبطن.
يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ
…
يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ (1)
مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ
…
ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ
وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا
…
حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ
مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلَا
…
أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ (2)
أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ
…
ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ (3)
فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى.
قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كَانَ حَسَّانٌ لَسِناً، شُجَاعاً، فَأَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَحْدَثَتْ فِيْهِ الجُبْنَ (4) .
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ (5) : رَأَيْتُ حَسَّانَ لَهُ نَاصِيَةٌ قَدْ سَدَلَهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَآخَرُ: عَنْ أُمِّ عُرْوَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا، قَالَ:
لَمَّا خَلَّفَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءهُ يَوْمَ أُحُدٍ (6) ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ (7) ، وَفِيْهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيْهِنَّ
(1) رواية البيت في الديوان: يحملن حوا حور المدامع في الر * يط وبيض الوجوه كالبرد.
(2)
رواية الديوان: ما حلت عن خير ما عهدت ولا.
(3)
الابيات في ديوانه: 66، 67، و" تهذيب ابن عساكر " 4 / 126، 127، (4)" تهذيب ابن عساكر " 4 / 143.
(5)
تصحف في المطبوع إلى " بشار " والخبر في " تهذيب ابن عساكر " 4 / 143.
(6)
سينبه المصنف أن قوله يوم أحد وهم، وأن الصواب الخندق ; كما رواه ابن إسحاق.
(7)
فارع: حصن حسان.
حَسَّانَ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ.
فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَلَيْكَ الرَّجُلَ.
فَجَبُنَ، وَأَبَى عَلَيْهَا، فَتَنَاوَلَتِ السَّيْفَ، فَضَرَبَتْ بِهِ المُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَضُرِبَ لَهَا بِسَهْمٍ.
وَزَادَ الفَرْوِيُّ فِيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَو كَانَ ذَاكَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَتْ: فَقَطَعْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ، فَاطْرَحْهُ عَلَى اليَهُوْدِ وَهُمْ تَحْتَ الحِصْنِ.
قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ فِيَّ.
فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا -وَاللهِ- إِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكَ أَهْلَهُ خُلُوْفاً لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوْا (1) .
فَقَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) وَهْمٌ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَفِيْهِ:
فَقَالَتْ لِحَسَّانٍ: قُمْ، فَاسْلُبْهُ، فَإِنِّي امْرَأَةٌ وَهُوَ رَجُلٌ.
فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ يَا بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ مِنْ حَاجَةٍ (2) .
وَرَوَى: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ صَفِيَّةَ، مِثْلَهُ (3) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
(1) أم عروة لا تعرف، وأبوها جعفر ذكره ابن أبي حاتم: 2 / 478 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(2)
أخرجه ابن هشام 2 / 228.
وهو في " الاغاني " 4 / 164، 165، " وتهذيب ابن عساكر " 4 / 143.
(3)
أخرجه الحاكم 4 / 51 ورجاله ثقات.
لكنه مرسل، وانظر ص 271 ت 1 من هذا الكتاب، و" ابن سعد " 8 / 41.