الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
76 - حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ بنِ جَابِرٍ العَبْسِيُّ *
(ع)
مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَاحِبُ السِّرِّ (1) .
وَاسْمُ اليَمَانِ: حِسْلٌ - وَيُقَالُ: حُسَيْلٌ - ابْنُ جَابِرٍ العَبْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَلِيْفُ الأَنْصَارِ، مِنْ أَعْيَانِ المُهَاجِرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ؛ وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَرِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ، وَصِلَةُ بنُ زُفَرَ، وَثَعْلَبَةُ بنُ زَهْدَمٍ، وَأَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَمُسْلِمُ بنُ نُذَيْرٍ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلَانِيُّ، وَقَيْسُ بنُ عُبَادٍ، وَأَبُو البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَنُعَيْمُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ؛ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) : اثْنَا عَشَرَ حَدِيْثاً، وَفِي البُخَارِيِّ: ثَمَانِيَةٌ، وَفِي مُسْلِمٍ: سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً.
(*) مسند أحمد: 5 / 382، طبقات ابن سعد: 6 / 15 و7 / 317، التاريخ لابن معين: 104، طبقات خليفة: 48، 130، تاريخ خليفة: 182، التاريخ الكبير: 3 / 95، تاريخ الفسوي: 3 / 311، الجرح والتعديل: 3 / 256، معجم الطبراني الكبير: 3 / 178، المستدرك: 3 / 381 379، الاستبصار: 235 233، حلية الأولياء: 1 / 283 270، الاستيعاب: 1 / 334، ابن عساكر: 4 / 145 / 1، أسد الغابة: 1 / 468، تهذيب الكمال: 241، تاريخ الإسلام: 2 / 152، العبر: 1 / 26، 37، مجمع الزوائد: 9 / 325، طبقات القراء: 1 / 203، تهذيب التهذيب: 2 / 220 219، الإصابة: 2 / 223، خلاصة تذهيب الكمال: 74، كنز العمال: 13 / 343، شذرات الذهب: 1 / 32 و44، تهذيب ابن عساكر: 4 / 96، 106.
(1)
أي: صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعمله أحد غيره، والمراد بالسر: ما أعلمه به النبي صلى الله عليه وسلم من أحوال المنافقين.
انظر البخاري 7 / 71 و73 في المناقب: باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما، و" المسند " 6 / 449.
وَكَانَ وَالِدُهُ حِسْلٌ قَدْ أَصَابَ دَماً فِي قَوْمِهِ، فَهَرَبَ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَحَالَفَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَسَمَّاهُ قَوْمُهُ اليَمَانَ؛ لِحِلْفِهِ لِلْيَمَانِيَّةِ، وَهُمُ الأَنْصَارُ (1) .
شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ حُذَيْفَةُ أُحُداً، فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ غَلَطاً، وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ لأَنَّ الجَيْشَ يَخْتَفُوْنَ فِي لأْمَةِ الحَرْبِ، وَيَسْتُرُوْنَ وُجُوْهَهُمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَامَةٌ بَيِّنَةٌ، وَإِلَاّ رُبَّمَا قَتَلَ الأَخُ أَخَاهُ، وَلَا يَشْعُرُ.
وَلَمَّا شَدُّوْا عَلَى اليَمَانِ يَوْمَئِذٍ، بَقِيَ حُذَيْفَةُ يَصِيْحُ: أَبِي! أَبِي! يَا قَوْمُ! فَرَاحَ خَطَأً، فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ عَلَيْهِم بِدِيَتِهِ (2) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارٍ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي (3) إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ
(1)" المستدرك "" 3 / 380، والاصابة " 2 / 223، و" تاريخ الإسلام " 2 / 152 للمؤلف.
(2)
أخرجه البخاري 7 / 297، وابن سعد 2 / 45، كلاهما من طريق أبي أسامة حماد بن
أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم، فاجتلدت هي وأخراهم، فبصر حذيفة، فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله أبي أبي.
قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم.
قال عروة: فو الله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عزوجل.
وفي رواية ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 2 / 87، 88 من طريق عاصم ابن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد: فقال حذيفة: قتلثم أبي! قالوا: والله ما عرفناه وصدقوا، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
(3)
تحرفت في المطبوع إلى (ابن) .
وَأَبُوْهُ، فَلَقِيَهُمْ أَبُو جَهْلٍ، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَا: حَاجَةٌ لَنَا.
قَالَ: مَا جِئْتُمْ إِلَاّ لِتُمِدُّوا مُحَمَّداً.
فَأَخَذُوا عَلَيْهِمَا مَوْثِقاً أَلَاّ يُكَثِّرَا عَلَيْهِمْ، فَأَتَيَا رَسُوْلَ اللهِ، فَأَخْبَرَاهُ (1) .
ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَرْبٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ؛ قَالَ:
وَعَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَاذَانَ:
أَنَّ عَلِيّاً سُئِلَ عَنْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: عَلِمَ المُنَافِقِيْنَ، وَسَأَلَ عَنِ المُعْضِلَاتِ؛ فَإِنْ تَسْأَلُوْهُ، تَجِدُوْهُ بِهَا عَالِماً (2) .
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ أَبِي المِقْدَامِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ - وَأَنَا عِنْدَهُ - فَقَالَ: مَا النِّفَاقُ؟
قَالَ: أَنْ تَتَكَلَّمَ بِالإِسْلَامِ، وَلَا تَعْمَلَ بِهِ.
سَلَاّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي عَهْدِ حُذَيْفَةَ عَلَى المَدَائِنِ: اسَمَعُوا لَهُ، وَأَطِيْعُوا، وَأَعْطُوْهُ مَا سَأَلَكُمْ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ عَلَى حِمَارٍ مُوْكَفٍ، تَحْتَهُ زَادُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ، اسْتَقْبَلَهُ الدَّهَاقِيْنُ وَبِيَدِهِ رَغِيْفٌ، وَعَرْقٌ مِنْ لَحْمٍ (3) .
(1) إسناده ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن إسحاق وحذيفة.
(2)
رجاله ثقات، وفي " المستدرك " 3 / 381 من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة وإسماعيل، عن قيس قال: سئل علي رضي الله عنه عن ابن مسعود، فقال: قرأ القرآن، ثم وقف عند شبهاته، فأحل حلاله، وحرم حرامه، وسئل عن عمار، فقال: مؤمن نسي، وإذا ذكر ذكر، وسئل عن حذيفة، فقال: كان أعلم الناس بالمنافقين.
(3)
" حلية الأولياء 1 / 277 من طريق هناد، عن وكيع، عن سلام بن مسكين عن ابن سيرين، ورواه ابن سعد 7 / 317 عن طلحة بن مصرف، عن وكيع، والفضل بن دكين عن مالك ابن مغول، وهو في " أسد الغابة " 1 / 469، وذكره صاحب " كنز العمال " 13 / 343 ونسبه إلى ابن سعد وابن عساكر.
وموكف: أي قد وضع عليه الاكاف، وهو بمنزلة السرج للحصان، والدهاقين: رؤساء القرى، أو التجار.
وَلِيَ حُذَيْفَةُ إِمْرَةَ المَدَائِنِ لِعُمَرَ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى بَعْدِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً.
قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلَاّ أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي، فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكم تُرِيْدُوْنَ مُحَمَّداً!
فَقُلْنَا: مَا نُرِيْدُ إِلَاّ المَدِيْنَةَ.
فَأَخَذُوا العَهْدَ عَلَيْنَا: لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ.
فَأَخْبَرْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (نَفِيْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِيْنُ اللهَ عَلَيْهِم (1)) .
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَسَرَّ إِلَى حُذَيْفَةَ أَسْمَاءَ المُنَافِقِيْنَ، وَضَبَطَ عَنْهُ الفِتَنَ الكَائِنَةَ فِي الأُمَّةِ (2) .
وَقَدْ نَاشَدَهُ عُمَرُ: أَأَنَا مِنَ المُنَافِقِيْنَ؟
فَقَالَ: لَا، وَلَا أُزَكِّي أَحَداً بَعْدَكَ (3) .
وَحُذَيْفَةُ: هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الأَحْزَابِ لِيَجُسَّ لَهُ خَبَرَ العَدُوِّ (4) ، وَعلَى يَدِهِ فُتِحَ الدِّيْنَوَرُ (5) عَنْوَةً.
وَمَنَاقِبُهُ تَطُوْلُ رضي الله عنه.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ مُسْلِمِ بنِ نُذَيْرٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه مسلم في " صحيحه "(1778) في الجهاد: باب الوفاء بالعهد من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، عن حذيفة وهو في " المسند " 5 / 395، وانظر " المستدرك " 3 / 379، والطبراني رقم (3000) و (3001.
(2)
انظر " البخاري " 13 / 40، 41 في الفتن، ومسلم (144) والترمذي (2259) .
(3)
نسبه في " الكنز " 13 / 344 إلى رستة.
(4)
أخرجه مسلم (1788) في الجهاد: باب غزوة الاحزاب، والطبراني في " الكبير "(3002) وابن سعد 2 / 69، وأبو نعيم 1 / 354.
(5)
" أسد الغابة " 1 / 486، ودينور: مدينة من أهم مدن الجبال قرب قرميسين، بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخا.
بِعَضَلَةِ سَاقِي، فَقَالَ:(الائْتِزَارُ هَا هُنَا، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلُ، فَإِنْ أَبَيْتَ، فَلَا حَقَّ لِلإِزَارِ فِيْمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ) .
وَفِي لَفْظٍ: (فَلَا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الكَعْبَيْنِ (1)) .
عَقِيْلٌ، وَيُوْنُسُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيْسَ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ يَقُوْلُ:
وَاللهِ إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ (2)) .
قَالَ حُذَيْفَةُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي (3) .
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَامَ فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ مَقَاماً، فَحَدَّثَنَا بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَحَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ (4) .
(1) إسناده قوي، مسلم بن نذير قال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه أكثر من اثنين، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 5 / 382 و396 و400، من طرى سفيان وشعبة، عن أبي إسحاق، وأخرجه الترمذي (1783) وابن ماجه (3572) من طريق أبي الاحوص عن أبي إسحاق، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
أخرجه مسلم (2891) في الفتن، وأحمد 5 / 388 و407.
(3)
أخرجه البخاري 6 / 453، 454 في علامات النبوة، ولفظه بتمامه.
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هدبي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها: قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
(4)
أخرجه البخاري 11 / 433 في القدر: باب (وكان أمر الله قدرا مقدورا) ، ومسلم (2891)(23) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يُرَتِّلُ كَلَامَهُ، وَيُفَسِّرُهُ؛ فَلَعَلَّهُ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي جُزْءٍ؛ فَذَكَرَ أَكْبَرَ الكَوَائِنِ، وَلَوْ ذَكَرَ أَكْثَرَ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي الوُجُوْدِ لَمَا تَهَيَّأَ أَنْ يَقُوْلَهُ فِي سَنَةٍ، بَلْ وَلَا فِي أَعْوَامٍ، فَفَكِّرْ فِي هَذَا.
مَاتَ حُذَيْفَةُ: بِالمَدَائِنِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ، وَقَدْ شَاخَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ عَلَى المَدَائِنِ، فَقَرَأَ عَهْدَهُ عَلَيْهِم.
فَقَالُوا: سَلْ مَا شِئْتَ.
قَالَ: طَعَاماً آكُلُهُ، وَعَلَفَ حِمَارِي هَذَا - مَا دُمْتُ فِيْكُمْ - مِنْ تِبْنٍ.
فَأَقَام فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ؛ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: اقْدُمْ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ قُدُوْمُهُ، كَمَنَ لَهُ عَلَى الطَّرِيْقِ؛ فَلَمَّا رَآهُ عَلَى الحَالِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا، أَتَاهُ، فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي، وَأَنَا أَخُوْكَ (1) .
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: عَنْ طَلْحَةَ:
قَدِمَ حُذَيْفَةُ المَدَائِنَ عَلَى حِمَارٍ، سَادِلاً رِجْلَيْهِ، وَبِيَدِهِ عَرْقٌ وَرَغِيْفٌ (2) .
سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ: عَنْ عِكْرِمَةَ: هُوَ رَكُوْبُ الأَنْبِيَاءِ، يَسْدِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
كَانَ حُذَيْفَةُ يَجِيْءُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنَ المَدَائِنِ إِلَى الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: يُمْكِنُ هَذَا؟
قَالَ: كَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَارِهَةٌ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
(1) ذكره في " كنز العمال " 13 / 343، ونسبه إلى ابن سعد، وابن عساكر.
(2)
ابن سعد 7 / 317، و" حلية الأولياء " 1 / 277.
العَبَّاسِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الغَطَفَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ حُذَيْفَةُ لَا يَزَالُ يُحَدِّثُ الحَدِيْثَ، يَسْتَفْظِعُوْنَهُ.
فَقِيْلَ لَهُ: يُوْشِكُ أَنْ تُحَدِّثَنَا: أَنَّهُ يَكُوْنُ فِيْنَا مَسْخٌ!
قَالَ: نَعَمْ! لَيَكُوْنَنَّ فِيْكُمْ مَسْخٌ: قِرَدَةٌ وَخَنَازِيْرُ.
أَبُو وَائِلٍ: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلَامِ مِنَ النَّاسِ) .
فَكَتَبْنَا لَهُ: أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةٍ (1) .
سُفْيَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوْسَى بن عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:
كَانَ فِي خَاتَمِ حُذَيْفَةَ: كُرْكِيَّانِ، بَيْنَهُمَا: الحَمْدُ للهِ (2) .
عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوْسَى، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:
كَانَ خَاتَمُ حُذَيْفَةَ مِنْ ذَهَبٍ، فِيْهِ فَصُّ يَاقُوْتٍ أَسْمَانْجُوْنَه؛ فِيْهِ كُرْكِيَّانِ مُتَقَابِلَانِ؛ بَيْنَهُمَا: الحَمْدُ للهِ (3) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ جُنْدُبٍ:
أَنَّ
(1) أخرجه أبو بكر الشافعي في " فوائده " 8 / 91 / 2 من طريق إسحاق الحربي، حدثنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل.
وأخرجه مسلم (149) في الايمان، وأحمد 5 / 384، وابن ماجه (4029) من طرق، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال: " احصوا لي كم يلفظ الإسلام " قال: فقلنا: يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الست مئة إلى السبع مئة؟ قال: " إنكم لا تدرون، لعلكم أن تبتلوا " قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلى إلا سرا.
(2)
موسى بن عبد الله بن يزيد هو الأنصاري الخطمي ثقة من رجال مسلم، وأمه: هي بنت حذيفة مجهولة.
وفي مصنف عبد الرزاق (19470) عن معمر بن قتادة، عن أنس أو أبي موسى الأشعري: كان نقش خاتمه كركي له رأسان.
والكركي: طائر.
(3)
أم موسى لا تعرف.
والنهي عن لبس الذهب للرجال ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وعلي رضي الله عنهم، انظر البخاري 10 / 266، ومسلم (2089) والبخاري 11 / 266، ومسلم (2091) و (2078) .
حُذَيْفَةَ قَالَ: مَا كَلَامٌ أَتَكَلَّمُ بِهِ، يَرُدُّ عَنِّي عِشْرِيْنَ سَوْطاً، إِلَاّ كُنْتُ مُتَكَلِّماً بِهِ.
خَالِدٌ: عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
إِنِّي لأَشْتَرِي دِيْنِي بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ (1) .
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالِ بنِ يَحْيَى، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ يَقُوْلُ: مَا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَاّ قَدِ اشْتَرَى بَعْضَ دِيْنِهِ بِبَعْضٍ.
قَالُوا: وَأَنْتَ؟
قَالَ: وَأَنَا وَاللهِ، إِنِّي لأَدْخُلُ عَلَى أَحَدِهِمْ - وَلَيْسَ أَحَدٌ إِلَاّ فِيْهِ مَحَاسِنُ وَمَسَاوِئُ - فَأَذْكُرُ مِنْ مَحَاسِنِهِ، وَأُعْرِضُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ، وَرُبَّمَا دَعَانِي أَحَدُهُمْ إِلَى الغَدَاءِ، فَأَقُوْلُ: إِنِّي صَائِمٌ، وَلَسْتُ بِصَائِمٍ.
جَمَاعَةٌ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ حُذَيْفَةَ المَوْتُ، قَالَ: حَبِيْبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ؛ لَا أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ! أَلَيْسَ بَعْدِي مَا أَعْلَمُ! الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَبَقَ بِي الفِتْنَةَ! قَادَتَهَا وَعُلُوْجَهَا (2) .
شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَزَّالِ بنِ سَبْرَةَ، قَالَ:
قُلْتُ لأَبِي مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيِّ: مَاذَا قَالَ حُذَيْفَةُ عِنْدَ مَوْتِهِ؟
قَالَ: لَمَّا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ، قَالَ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ - ثَلَاثاً - ثُمَّ قَالَ: اشْتَرُوا لِي ثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ؛ فَإِنَّهُمَا لَنْ يُتْرَكَا عَلَيَّ إِلَاّ قَلِيْلاً حَتَّى أُبْدَلَ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا، أَوْ أُسْلَبَهُمَا سَلْباً قَبِيْحاً.
(1)" حلية الأولياء " 1 / 279.
(2)
ذكره في " الكنز " 13 / 346، ونسبه إلى ابن عساكر.
(3)
" المستدرك " 3 / 381.