الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: رَمَى العَدُوُّ النَّاسَ بِالنِّفْطِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَمَا إِذْ فَعَلُوْهَا، فَافْعَلُوْا.
فَكَانُوا يَتَرَامَوْنَ بِهَا، فَتَهَيَّأَ رُوْمِيٌّ لِرَمْيِ سَفِيْنَةَ أَبِي الغَادِيَةِ فِي طِنْجِيْرٍ (1) ، فَرَمَاهُ أَبُو الغَادِيَةِ بِسَهْمٍ، فَقَتَلَهُ، وَخَرَّ الطِّنْجِيْرُ فِي سَفِيْنَتِهِمْ، فَاحْتَرَقَتْ بِأَهْلِهَا.
كَانُوا ثَلَاثَ مائَةٍ.
فَكَانَ يُقَالُ: رَمْيَةُ سَهْمِ أَبِي الغَادِيَةِ قَتَلَتْ ثَلَاثَ مائَةِ نَفْسٍ.
لَمْ أَجِدْ لأَبِي الغَادِيَةِ وَفَاةً.
115 - صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ بنِ رَحَضَةَ بنِ المُؤَمَّلِ السُّلَمِيُّ *
أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ، المَذْكُوْرُ بِالبَرَاءةِ مِنَ الإِفْكِ.
وَفِي قِصَّةِ الإِفْكِ، قَالَ فِيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(مَا عَلِمْتُ إِلَاّ خَيْراً) .
وَكَانَ يَسِيْرُ فِي سَاقَةِ الجَيْشِ، فَمَرَّ، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ، فَقَرُبَ، فَإِذَا هُوَ بِأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، قَدْ ذَهَبَتْ لِحَاجَتِهَا، فَانْقَطَعَ لَهَا عِقْدٌ، فَرُدَّتْ تُفَتِّشُ عَلَيْهِ، وَحَمَلَ النَّاسُ، فَحَمَلُوْا هَوْدَجَهَا يَظُنُّوْنَهَا فِيْهِ، وَكَانَتْ صَغِيْرَةً، لَهَا اثْنَا عَشَرَ عَاماً، وَسَارُوْا، فَرُدَّتْ إِلَى المَنْزِلَةِ، فَلَمْ تَلْقَ أَحَداً، فَقَعَدْتْ،
(1) الطنجير: قدر نحاسي معرب، وفارسيته: باتيل.
(*) مسند أحمد: 5 / 312، طبقات خليفه: 51، 181، 381، تاريخ خليفة: 226، التاريخ الكبير: 4 / 305، تاريخ الفسوي: 1 / 309، الجرح والتعديل 4 / 420، معجم الطبراني 8 / 61، 63، المستدرك: 3 / 518، الاستيعاب: 2 / 725، ابن عساكر: 8 / 174 / 1، أسد الغابة: 3 / 30، تاريخ الإسلام: 2 / 27، العبر: 1 / 23، مجمع الزوائد: 9 / 363، الإصابة: 5 / 152، كنز العمال: 13 / 436، تهذيب ابن عساكر: 6 / 440.
سير 2 / 35
وَقَالَتْ: سَوْفَ يَفْقِدُوْنَنِي.
فَلَمَّا جَاءَ صَفْوَانُ، رَآهَا، وَكَانَ يَرَاهَا قَبْلَ الحِجَابِ، وَكَانَ الحِجَابُ قَدْ نَزَلَ مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ.
فَقَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ! لَمْ يَنْطِقْ بِغَيْرِهَا، وَأَنَاخَ بَعِيْرَهُ، وَرَكَّبَهَا، وَسَارَ يَقُوْدُ بِهَا، حَتَّى لَحِقَ النَّاسَ نَازِلِيْنَ فِي المَضْحَى، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ الإِفْكِ، وَجَهِلُوْا، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ الآيَاتِ فِي بَرَاءتِهَا (1) - وَللهِ الحَمْدُ -.
وَقَالَ صَفْوَانُ: إِنْ كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ (2) .
وَقَدْ رُوِيَ لَهُ حَدِيْثَانِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَسَلَامٌ أَبُو عِيْسَى، وَرِوَايَتُهُمْ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ، لَمْ يَلْحَقُوْهُ فِيْمَا أَرَى، إِنْ كَانَ مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ قَبْلَ المُرَيْسِيْعِ (3) ، وَكَانَ عَلَى سَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
مَاتَ بِسُمَيْسَاطَ (4) ، فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِنَاحِيَةِ سُمَيْسَاطَ مِنَ الجَزِيْرَةِ، وَقَبْرُهُ هُنَاكَ.
(1) حديث الافك تقدم تخريجه في الصفحة (159) ت (5) في ترجمة السيدة عائشة.
(2)
" إن " بمعنى " ما " والخبر في البخاري 7 / 335 و8 / 385، ومسلم (2770)(57) وانظر " الإصابة " 5 / 153.
(3)
المريسيع: ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع موضع من ناحية المدينة مسيرة يوم، كانت به غزوة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بني المصطلق سنة خمس، وتسمى غزوة بني المصطلق.
انظر " سيرة ابن هشام " 2 / 213.
(4)
هي مدينة على شاطئ الفرات في غربيه في طرف بلاد الروم.
القَوَارِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ المُعَطَّلِ السُّلَمِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَمَقْتُ صَلَاتَهُ لَيْلَةً، فَصَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةَ، ثُمَّ نَامَ، فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ، اسْتَنْبَهَ، فَتَلَا العَشْرَ مِنْ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ تَسَوَّكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَا أَدْرِي: أَقِيَامُهُ أَمْ رُكُوْعُهُ أَمْ سُجُوْدُهُ كَانَ أَطْوَلَ؛ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَتَلَا ذَلِكَ العَشْرَ، ثُمَّ تَسَوَّكَ، وَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ؛ حَتَّى صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً (1) .
وَبِإِسْنَادٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) : أَنَّ صَفْوَانَ بنَ المُعَطَّلِ حَمَلَ بِدَارَيَّا (2) عَلَى رَجُلٍ مِنَ الرُّوْمِ، عَلَيْهِ حِلْيَةُ الأَعَاجِمِ، فَطَعَنَهُ، فَصَرَعَهُ، فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ، وَأَقْبَلَتْ نَحْوَهُ.
فَقَالَ صَفْوَانُ:
وَلَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَسْطَعُ نَقْعُهَا
…
مَا بَيْنَ دَارَيَّا دِمَشْقَ إِلَى نَوَى
فَطَعَنْتُ ذَا حُلْيٍ، فَصَاحَتْ عِرْسُهُ:
…
يَا ابْنَ المُعَطَّلِ، مَا تُرِيْدُ بِمَا أَرَى؟
فَأَجَبْتُهَا: إِنِّي سَأَتْرُكُ بَعْلَهَا
…
بِالدَّيْرِ مُنْعَفِرَ المَضَاحِكِ بِالثَّرَىَ
وَإِذَا عَلَيْهِ حِلْيَةٌ، فَشَهَرْتُهَا
…
إِنِّي كَذَلِكَ مُوْلَعٌ بِذَوِي الحُلَى (3)
(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن جعفر المديني والدعلي، وهو في " المسند " 5 312، والطبراني (7343)
(2)
داريا: من قرى دمشق جنوب غربيها تبعد عنها أربعة أميال تقريبا.
(3)
" تهذيب ابن عساكر " 6 / 440، 441، و" الإصابة " 5 / 153، 154.
وَفِي (مُسْنَدِ الهَيْثَمِ بنِ كُلَيْبٍ) : مِنْ طَرِيْقِ عَامِرِ بنِ صَالِحِ بنِ رُسْتُمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: شُكِيَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ هَذَا الشِّعْرَ.
فَقَالَ: (دَعُوا صَفْوَانَ، فَإِنَّهُ خَبِيْثُ اللِّسَانِ، طَيِّبُ القَلْبِ (1)) .
وَفِيْهِ: عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
وَكُنَّا فِي مَسِيْرٍ لَنَا، وَمَعَنَا تَمْرٌ، فَجَاءنِي صَفْوَانُ بن المُعَطَّلِ، فَقَالَ: أَطْعِمْنِي مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ تَمْرٌ قَلِيْلٌ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ - أَظُنُّهُ أَرَادَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا نَزَلُوا فَأَكَلُوا، أَكَلْتَ مَعَهُمْ.
قَالَ: أَطْعِمْنِي، فَقَدْ أَصَابَنِي الجُهْدُ.
فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَخَذَ السَّيْفَ، فَعَقَرَ الرَّاحِلَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:(قُوْلُوا لِصَفْوَانَ: فَلْيَذْهَبْ) .
فَلَمَّا نَزَلُوا، لَمْ يَبِتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، يَطُوْفُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَلِيّاً، فَقَالَ: أَينَ أَذْهَبُ، أَذْهَبُ إِلَى الكُفْرِ؟
فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَدَعْنَا نَبِيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، قَالَ: أَينَ يَذْهَبُ إِلَى الكُفْرِ؟
قَالَ: (قُوْلُوا لِصَفْوَانَ: فَلْيَحْلِقْ (2)) .
رَوَى نَحْوَهُ: القَوَارِيْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمِ بنِ أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ صَاحِبِ زَادِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
عُرْوَةُ: عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الإِفْكِ حَمِدَ اللهَ، ثُمَّ قَالَ: (
(1) عامر بن صالح بن رستم سيئ الحفظ، والحسن مدلس، وقد عنعن، وذكره في " المجمع " 9 / 364، ونسبه للطبراني، وهو في " تهذيب ابن عساكر " 6 / 441، 442.
(2)
ذكره في " كنز العمال " 13 / 436، ونسبه للهيثم بن كليب الشاشي وابن عساكر.
أَمَّا بَعْدُ، أَشِيْرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايمُ اللهِ، إِنْ عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوْءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوْهُمْ بِمَنْ -وَاللهِ- إِنْ عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوْءاً قَطُّ (1)) .
ابْنُ يُوْنُسَ: أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ المُعَطَّلِ، قَالَ:
ضَرَبَ حَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فِي هِجَاءٍ هَجَاهُ بِهِ، فَأَتَى حَسَّانُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَعْدَاهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُقِدْهُ مِنْهُ، وَعَقَلَ لَهُ جُرْحَهُ، وَقَالَ:(إِنَّكَ قُلْتَ قَوْلاً سَيِّئاً) .
رَوَاهُ: مَعْمَرٌ، فَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ حَسَّانُ:
أَمْسَى الجَلَابِيْبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا
…
وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ (2)
فَغَضِبَ صَفْوَانُ، وَقَالَ: يُعَرِّضُ بِي.
وَوَقَفَ لَهُ لَيْلَةً، حَتَّى مَرَّ حَسَّانٌ، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً كَشَطَ جِلْدَةَ رَأْسِهِ، فَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَسَّانَ، وَرَفَقَ بِهِ حَتَّى عَفَا.
فَأَعْطَاهُ صلى الله عليه وسلم سِيْرِيْنَ أُخْتَ مَارِيَّةَ لِعَفْوِهِ، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ صَفْوَانَ شَكَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى تَطْلُعُ الشَّمْسُ.
فَسَأَلُه
(1) تقدم تخريجه ص 159 ت 5، وقوله: أبنوا، أي: اتهموا وعابوا.
(2)
الجلابيب: السفلة، وابن الفريعة: حسان، والفريعة أمه، وبيضة البلد، أي: وحيدا، تشبيها له ببيضه النعامة التي تتركها في الفلاة، فلا تحضنها وتبقى تريكة.