الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَسْتَسْقُوْنَ بِهِ (1) .
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
84 - عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامِ بنِ الحَارِثِ الإِسْرَائِيْلِيُّ *
(ع)
الإِمَامُ، الحَبْرُ، المَشْهُوْدُ لَهُ بِالجَنَّةِ، أَبُو الحَارِثِ الإِسْرَائِيْلِيُّ، حَلِيْفُ الأَنْصَارِ.
مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَعْقِلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ بنِ الغَسِيْلِ، وَابْنَاهُ؛ يُوْسُفُ وَمُحَمَّدٌ، وَبِشْرُ بنُ شَغَافٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المُقْرِئُ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَقَيْسُ بنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَآخَرُوْنَ.
(1) ابن سعد 3 / 485 من طريق الواقدي، وهو ضعيف كما تقدم غير مرة، والاستسقاء بأهل الصلاح، إنما يكون في حياتهم لا بعد موتهم، كما فعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فقد روى البخاري في " صحيحه " 2 / 410 في الاستسقاء: باب سؤال الناس الامام الاستسقاء، من طريق أنس ; أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا، استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا، فيسقون.
وقد بين الزبير بن بكار في " الأنساب " صفة ما دعا به العباس فيما نقله عنه الحافظ: " اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث ".
(*) مسند أحمد: 5 / 450، طبقات ابن سعد: 2 / 353 352، التاريخ لابن معين: 311، طبقات خليفة: 8، تاريخ خليفة: 56، 206، التاريخ الكبير: 5 / 19 18، تاريخ الفسوي: 1 / 264، الجرح والتعديل: 5 / 62، المستدرك: 3 / 413، الاستبصار: 193، الاستيعاب: 3 / 921، جامع الأصول: 9 / 81، أسد الغابة: 3 / 264، تاريخ الإسلام: 2 / 230، العبر: 1 / 51، مجمع الزوائد: 9 / 326، تهذيب التهذيب: 5 / 249، الإصابة: 6 / 108، خلاصة تذهيب الكمال: 200 تهذيب الكمال: 691.
وَكَانَ فِيْمَا بَلَغَنَا مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
نَقَلَهُ الوَاقِدِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: اسْمُهُ: الحُصَيْنُ، فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللهِ (1) .
وَرَوَى: قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ - وَهُوَ ضَعِيْفٌ - عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَامَيْنِ.
فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ مَرْدُوْدٌ بِمَا فِي (الصَّحِيْحِ) : مِنْ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَقْتَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقُدُوْمِهِ (2) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ وَلَدِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ عليهما السلام وَهُوَ حَلِيْفُ القَوَاقِلَةِ.
قَالَ: وَلَهُ إِسْلَامٌ قَدِيْمٌ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِيْنَةَ، وَهُوَ مِنْ أَحْبَارِ اليَهُوْدِ.
قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِيْنَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَكُنْتُ فِيْمَنِ انْجَفَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ.
فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوْا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ (3)) .
وَرَوَى: حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلَامٍ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقْدَمَهُ
(1)" المستدرك " 3 / 413.
(2)
في " القاموس ": والقوقل: اسم أبي بطن من الانصار، لأنه كان إذا أتاه إنسان يستجير به أو بيثرب، قال له: قوقل في هذا الجبل، وقد أمنت ; أي: ارتق، وهم القواقلة.
(3)
إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 451، والترمذي (2487) ، وابن ماجه (1334) و (3251) ، والدارمي 1 / 340، كلهم من طريق عوف بن أبي جميلة، عن زرارة ابن أوفى، عن عبد الله بن سلام، وصححه الحاكم 3 / 13، ووافقه الذهبي، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم 4 / 129.
وقوله: " انجفل الناس عليه " أي: ذهبوا مسرعين نحوه.
إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالَ:
إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ مَا يَأْكُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَيْنَ يُشْبِهُ الوَلَدُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ؟
فَقَالَ: (أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيْلُ آنفاً) .
قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُوْدِ مِنَ المَلَائِكَةِ.
قَالَ: (أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: فَنَارٌ تَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ، فَتَحْشُرُ النَّاسَ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ مَا يَأكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ: فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوْتٍ، وَأَمَّا الشَّبَهُ: فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَ إِلَيْهِ الوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَ إِلَيْهَا) .
قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ.
وَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّ اليَهُوْدَ قَوْمٌ بُهْتٌ؛ وَإِنَّهُم إِنْ يَعْلَمُوا بإِسْلَامِي بَهَتُوْنِي، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ، فَسَلْهُمْ عَنِّي.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ:(أَيُّ رَجُلٍ ابْنُ سَلَامٍ فِيْكُمْ؟) .
قَالُوا: حَبْرُنَا، وَابْنُ حَبْرِنَا؛ وَعَالِمُنَا، وَابْنُ عَالِمِنَا.
قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ، تُسْلِمُوْنَ؟) .
قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهَ؛ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ.
فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا؛ وَجَاهِلُنَا وَابْنُ جَاهِلِنَا.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنَّهُم قَوْمٌ بُهْتٌ (1) .
عَبْدُ الوَارِثِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
أَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَقَالُوا: جَاءَ نَبِيُّ اللهِ.
فَاسْتَشْرَفُوا يَنْظُرُوْنَ، وَسَمِعَ ابْنُ سَلَامٍ - وَهُوَ فِي نَخْلٍ يَخْتَرِفُ - فَعَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيْهَا، فَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ.
فَلَمَّا خَلَا نَبِيُّ اللهِ، جَاءَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ
(1) أخرجه البخاري 62 / 61 في أول الأنبياء، و7 / 212 في مناقب الانصار، و8 / 125، 126 في التفسير، من طرق عن حميد، عن أنس.
وقوله: " بهت " بضم الباء والهاء ويجوز إسكانها ك جمع بهيت، كقضيب وقضب، وقليب وقلب: وهو الذي يبهت السامع بما يفتريه عليه من الكذب.
أَنَّكَ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ اليَهُوْدُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَسَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَجَاؤُوْا، فَقَالَ:(يَا مَعْشَرَ اليَهُوْدِ، وَيْلَكُم! اتَّقُوا اللهَ، فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُوْنَ أَنِّي رَسُوْلُ اللهِ حَقّاً، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ، فَأَسْلِمُوا) .
قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ.
قَالَ: (فَأَيُّ رَجُلٍ فِيْكُمُ ابْنُ سَلَامٍ؟) .
قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا.
قَالَ: (أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟) .
قَالُوا: حَاشَى للهِ، مَا كَانَ لِيُسْلِمَ!
فَقَالَ: (اخْرُجْ عَلَيْهِمْ) .
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: وَيْلَكُمْ! اتَّقُوا اللهَ، فَوَاللهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ حَقّاً.
قَالُوا: كَذَبْتَ.
فَأَخْرَجَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ابْنِ سَلَامٍ، وَثَعْلَبَةَ بنِ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ بنِ عُبَيْدٍ: {لَيْسُوا سَوَاءً، مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ
…
} (2) الآيَتَيْنِ، [آلُ عِمْرَانَ: 113، 114] .
(1) أخرجه البخاري 7 / 195، 198 في الهجرة، من طريق محمد بن سلام، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بهذا الإسناد.
وقوله: " يخترف " أي يجتني من الثمار ويصرم.
(2)
أخرجه الطبري في " تفسيره "(7644) و (7645) من طريقين عن ابن إسحاق بهذا الإسناد، ومحمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت لم يوثقه غير ابن حابن، وقال المؤلف: لا يعرف، وهذا السبب هو المشهور عند كثير من المفسرين، وقال ابن أبي نجيح كما في الطبري (7648) : زعم الحسن بن أبي يزيد العجلي، عن ابن مسعود في قوله تعالى:(ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة) قال: لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول السدي.
قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 1 / 397: يؤيد هذا القول الحديث الذي رواه الامام أحمد في " مسنده ": حدثنا أبو النضر، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس =
مَالِكٌ: عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ لأَحَدٍ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلَاّ لِعَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، وَفِيْهِ نَزَلَتْ:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأَحْقَافُ (1) : 10] .
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ بَهْدلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ) .
فَجَاءَ ابْنُ سَلَامٍ (2) .
وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا، فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ:
= ينتظرون الصلاة، فقال:" أما إنه ليس من أهل هذه الاديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم " قال: فنزلت هذه الآيات (ليسوا سواء من أهل الكتاب) إلى قوله: (والله عليم بالمتقين) .
وسنده حسن.
(1)
أخرجه مالك في الموطأ، ورواه البخاري 7 / 97 في المناقب: باب مناقب عبد الله بن سلام، ومسلم (2483) في الفضائل، من حديث مالك به، وقد استظهر الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " أن قوله:" وفيه نزلت.." مدرج، وقد وقع في رواية ابن وهب عند الدراقطني التصريح بأنه من قول مالك.
وقال ابن كثير 4 / 165: وهذا الشاهد اسم جنس، يعم عبد الله بن سلام رضي الله عنه وغيره، فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وهذا كقوله تبارك وتعالى:(وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين)، وقال:(إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) .
قال مسروق والشعبي: ما نزلت في عبد الله بن سلام، ما نزلت إلا بمكة، وما أسلم عبد الله إلا بالمدينة، رواه عنهما ابن جرير 26 / 9، واختاره.
(2)
إسناده حسن من أجل عاصم بن بهدلة، وهو في " المسند " 1 / 169 و183، ولفظه بتمامه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة من ثريد، فأكل، ففضل منه فضلة، فقال:" يدخل من هذا الفج رجل من أهل الجنة، يأكل هذه الفضلة " قال سعد: وقد كنت تركت أخي عمير بن أبي وقاص يتهيأ لان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فطمعت أن يكون هو، فجاء عبد الله بن سلام، فأكلها.
وصححه الحاكم 3 / 416، ووافقه الذهبي.
سير 2 / 27
(تَمُوْتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى (1)) .
إِسْنَادُهَا قَوِيٌّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ رُفَيْعٍ، عَنْ مَعَبْدٍ الجُهَنِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ:
أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ معَاذٌ، قَعَدَ يَزِيْدُ عِنْدَ رَأْسِهِ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: أَبْكِي لِمَا فَاتَنِي مِنَ العِلْمِ.
قَالَ: إِنَّ العِلْمَ كَمَا هُوَ لَمْ يَذْهَبْ، فَاطْلُبْهُ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ، فَسَمَّاهُمْ، وَفِيْهِمْ: عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ، الَّذِي قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيْهِ:(هُوَ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ (2)) .
البُخَارِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَمِيْرَةَ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ:
لَمَّا حَضَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ المَوْتُ، قِيْلَ لَهُ: أَوْصِنَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ: الْتَمِسُوْا العِلْمَ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن سَلَامٍ الَّذِي أَسْلَمَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ:(إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الجَنَّةِ (3)) .
{وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} ، قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ (4) .
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى: حَدَّثَنَا معَاذُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قَرَأْتُ
(1) أخرجه البخاري 12 / 353 في التعبير: باب التعليق بالعروة والحلقة، من طريقين، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، حدثنا قيس بن عباد، عن عبد الله بن سلام، وسيذكر المؤلف
نصه بتمامه قريبا.
(2)
ابن سعد 2 / 352، 353.
(3)
" التاريخ الصغير " 1 / 73، وأخرجه الترمذي (3804) في المناقب، من طريق قتيبة، عن الليث، عن معاوية بن صالح بهذا الإسناد، وهذا سند قوي، وصححه الحاكم 3 / 416، ووافقه الذهبي، وذكره الحافظ في " الإصابة " 6 / 109 عن " التاريخ الصغير "، وجود إسناده.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(4)
تفسير مجاهد 1 / 331.
القُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ.
فَقَالَ: (اقْرَأْ بِهَذَا لَيْلَةً، وَبِهَذَا لَيْلَةً) .
إِسْنَادُهُ ضَعِيْفٌ (1) .
فَإِنَّ صَحَّ، فَفِيْهِ رُخْصَةٌ فِي التَّكْرَارِ عَلَى التَّوْرَاةِ الَّتِي لَمْ تُبَدَّلْ، فَأَمَّا اليَوْمَ، فَلَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ التَّبْدِيْلِ عَلَى جَمِيْعِ نُسَخِ التَّوْرَاةِ المَوْجُوْدَةِ، وَنَحْنُ نُعَظِّمُ التَّوْرَاةَ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى مُوْسَى عليه السلام وَنُؤمِنُ بِهَا.
فَأَمَّا هَذِهِ الصُّحُفُ الَّتِي بِأَيْدِي هَؤُلَاءِ الضُّلَاّلِ، فَمَا نَدْرِي مَا هِيَ أَصْلاً، وَنَقِفُ فَلَا نُعَامِلُهَا بِتَعَظِيْمٍ وَلَا بِإِهَانَةٍ، بَلْ نَقُوْلُ: آمَنَّا بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسِلِهِ، وَيَكْفِيْنَا فِي ذَلِكَ الإِيْمَانُ المُجْمَلُ - وَللهِ الحَمْدُ -.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ، قَالَ:
زَعَمَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَنْظَلَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلَامٍ مَرَّ فِي السُّوْقِ، عَلَيْهِ حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبٍ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ أَغْنَاكَ اللهُ؟
قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْمَعَ الكِبْرَ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ:(لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ)(2) .
(1) لان إبراهيم بن أبي يحيى وهو الاسلمي المدني متروك الحديث، وبعضهم اتهمه، فالحديث ضعيف جدا، بل يكاد يكون موضوعا، فإنه مخالف لحديث جابر بن عبد الله أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال:
" أمتهوكون (أي متحيرون) كما تهوكت اليهود والنصاري، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي " وهو حديث حسن، أخرجه أحمد 3 / 338 و378، وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد عند أحمد 3 / 470، 471، وآخر من حديث عمر عند أبي يعلى.
انظر " مجمع الزوائد " 1 / 173، 174.
(2)
أخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 416، من طريق سالم بن إبراهيم صاحب المصاحف، عن عكرمة بن عمار به، وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: سالم واه.
قلت: الحديث المرفوع دون القصة صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه عنه مسلم (91) ، وأبو داود (4091)، والترمذي (1999) بلفظ:" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة؟ " قال: " إن =
اتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ ابْنَ سَلَامٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَدْ سَاقَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَتَهُ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً.
الوَاقِدِيُّ: عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، وَآخَرَ:
أَنَّ ابْنَ سَلَامٍ كَانَ اسْمُهُ الحُصَيْنُ، فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللهِ (1) .
يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلَامٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ
…
، الحَدِيْثَ.
وَفِيْهِ، قَالُوا: شَرُّنَا، وَابْنُ شَرِّنَا
…
، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ: يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ (2) .
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ ابْنُ سَلَامٍ، فَقَالَ:
سَائِلُكَ عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَاّ نَبِيٌّ، فَإِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَا، آمَنْتُ بِكَ
…
، الحَدِيْثَ (3) .
هَوْذَةُ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ:
عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ اليَهُوْدَ يَجِدُوْنَكَ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى فُلَانٍ، وَفُلَانٍ - نَفَرٍ سَمَّاهُمْ - فَقَالَ:(مَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ فِيْكُمْ؟ وَمَا أَبُوْهُ؟) .
قَالُوا: سَيِّدُنَا، وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَعَالِمُنَا، وَابْنُ عَالِمِنَا.
قَالَ: (أَرَأَيْتُم إِنْ أَسْلَمَ، أَتُسْلِمُوْنَ؟) .
قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُسْلِمُ!
فَدَعَاهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، وَتَشَهَّدَ، فَقَالُوا: يَا عَبْدَ اللهِ! مَا كُنَّا نَخْشَاكَ عَلَى هَذَا!
وَخَرَجُوا، وَأَنْزَلَ اللهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ
الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس ".
(1)
هو في " المستدرك " 4 / 414 وقد مر أول الترجمة.
(2)
إسناده صحيح، وقد تقدم.
(3)
إسناده صحيح، وقد تقدم.
مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأَحْقَافُ (1) : 10] .
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ، قَالَ:
كُنْتُ فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوْعٍ، فَقَالَ القَوْمُ: هَذَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَوْجَزَ فِيْهِمَا، فَلَمَّا خَرَجَ، اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثْتُهُ؛ فَلَمَّا اسْتَأَنَسَ، قُلْتُ:
إِنَّهُم قَالُوا لَمَّا دَخَلْتَ المَسْجِدَ: كَذَا، وَكَذَا.
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا يَنْبِغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُوْلَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:
إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، وَسَطُهَا عَمُوْدٌ حَدِيْدٌ، أَسْفَلُهُ فِي الأَرْضِ، وَأَعْلَاهُ فِي السِّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ، فَقِيْلَ لِي: اصْعَدْ عَلَيْهِ.
فَصَعِدْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقِيْلَ: اسْتمْسِكْ بِالعُرْوَةِ.
فَاسْتَيْقَظْتُ، وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (أَمَّا الرَّوْضَةُ، فَرَوْضَةُ الإِسْلَامِ، وَأَمَّا العَمُوْدُ، فَعَمُوْدُ الإِسْلَامِ، وَأَمَّا العُرْوَةُ؛ فَهِيَ العُرْوَةُ الوُثْقَى؛ أَنْتَ عَلَى الإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوْتَ) .
قَالَ: وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ (2) .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ خَرَشَةَ بنِ الحُرِّ، قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى شِيَخَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصاً لَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
فَقَامَ خَلْفَ سَارِيَةٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: زَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّكَ مِنْ
(1) رجاله ثقات، إلا أن الحسن وهو البصري لم يسمع من عبد الله بن سلام، وهو في " جامع البيان " 26 / 11 من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن عوف، عن الحسن.
(2)
وأخرجه البخاري 7 / 98 في المناقب، ومسلم (2484) ، وأحمد 5 / 452، من طرق عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن قيس بن عباد.
أَهْلِ الجَنَّةِ!
فَقَالَ: الجَنَّةُ للهِ، يُدْخِلُهَا مَنْ يَشَاءُ، إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ رُؤْيَا:
رَأَيْتُ كَأَنَّ رَجُلاً أَتَانِي، فَقَالَ: انْطَلِقْ، فَسَلَكَ بِي فِي مَنْهَجٍ عَظِيْمٍ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، إِذْ عَرَضَ لِي طَرِيْقٌ عَنْ شِمَالِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا، ثُمَّ عَرَضَتْ لِي طَرِيْقٌ عَنْ يَمِيْنِي، فَسَلَكْتُهَا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى جَبَلٍ زَلَقٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَرَحَلَ بِي، فَإِذَا أَنَا عَلَى ذُرْوَتِهِ؛ فَلَمْ أَتَقَارَّ، وَلَمْ أَتَمَاسَكْ، وَإِذَا عَمُوْدٌ مِنْ حَدِيْدٍ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَرَحَلَ بِي، حَتَّى أَخَذْتُ بِالعُرْوَةِ، فَقَالَ لِي: اسْتَمْسِكْ بِالعُرْوَةِ.
فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (رَأَيْتَ خَيْراً، أَمَّا المَنْهَجُ العَظِيْمُ؛ فَالمَحْشَرُ، وَأَمَّا الطَّرِيْقُ الَّتِي عَرَضَتْ عَنْ شِمَالِكَ؛ فَطَرِيْقُ أَهْلِ النَّارِ، وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَمَّا الَّتِي عَنْ يَمِيْنِكَ؛ فَطَرِيْقُ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَأَمَّا الجَبَلُ الزَّلِقُ؛ فَمَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ، وَأَمَّا العُرْوَةُ؛ فَعُرْوَةُ الإِسْلَامِ، فَاسْتَمْسِكْ بِهَا حَتَّى تَمُوْتَ) .
وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ (1) .
جَرِيْرٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً فِي حَلَقَةٍ، فِيْهِمُ ابْنُ سَلَامٍ يُحَدِّثُهُمْ؛ فَلَمَّا قَامَ، قَالُوا: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.
فَتَبِعْتُهُ، فَسَأَلْتُهُ
…
، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ بِطُوْلِهِ (2) .
وَهُوَ صَحِيْحٌ.
وَرَوَى: بِشْرُ بنُ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ: أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ نَهَاوَنْدَ.
(1) إسناده حسن من أجل عاصم، وأخرجه أحمد 5 / 452، 453، وابن ماجه (3920) من طريق حماد بن سلمة بهذا الإسناد، وشيخة جمع شيخ، وأتقار: أستقر.
(2)
أخرجه مسلم (2484) من طريق قتيبة وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير بهذا الإسناد، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3 / 414 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد بإسناد مسلم.
قَالَ أَيُّوْبُ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَلَامٍ قَالَ: إِنْ أَدْرَكَنِي، وَليْسَ لِي رَكُوْبٌ (1) ، فَاحْمِلُوْنِي، حَتَّى تَضَعُوْنِي بَيْنَ الصَّفَيْنِ -يَعْنِي: قُبَالَ الأَعْمَاقِ-.
مُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ إِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ، سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لَنَا أَبوَابَ رَحْمَتِكَ.
وَإِذَا خَرَجَ، سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعَوَّذَ مِنَ الشَّيْطَانِ (2) .
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بن أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ جَالِسٌ فِي حَلَقَةٍ مُتَخَشِّعاً، عَلَيْهِ سِيْمَاءُ الخَيْرِ، فَقَالَ:
يَا أَخِي، جِئْتَ وَنَحْنُ نُرِيْدُ القِيَامَ، فَأَذِنْتُ لَهُ، أَوْ قُلْتُ: إِذَا شِئْتَ.
فَقَامَ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أَنَا ابْنُ أَخِيْكَ؛ أَنَا أَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى.
فَرَحَّبَ بِي، وَسَأَلَنِي، وَسَقَانِي سَوِيْقاً، ثُمَّ قَالَ:
إِنَّكُمْ بِأَرْضِ الرِّيْفِ، وَإِنَّكُمْ تُسَالِفُوْنَ الدَّهَاقِيْنَ، فَيُهْدُوْنَ لَكُم حُمْلَانَ القَتِّ
(1) الركوب: كل دابة تركب.
(2)
محمد بن مصعب: هو ابن صدقة القرقساني سيء الحفظ، ثم هو مرسل، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ما أخرجه أبو داود (465) ، وابن ماجه (772) من حديث أبي حميد، أو أبي أسيد:" إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك ".
وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم (713) عنهما بلفظ:" إذا دخل أحدكم المسجد " فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليقل: اللهم إني أسألك من فلك " وأخرج ابن ماجه (773) وابن السني (85) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخل أحدكم المسجد، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج، فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم " وإسناده صحيح.
كما قال صاحب " الزوائد " ورقة 52، وصححه ابن خزيمة (452) وابن حبان (321) والحاكم 1 / 207، ووافقه الذهبي.
وَالدَّوَاخِلِ؛ فَلَا تَقْرَبُوْهَا، فَإِنَّهَا نَارٌ (1) .
قَدْ مَرَّ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، قَالَ:
قَعَدْنَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرْنَا، فَقُلْنَا: لَو نَعْلَمُ أَيَّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؛ لَعَمِلْنَا.
فَأَنْزَلَ اللهُ: {سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمِ، يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا لِمَ تَقُوْلُوْنَ مَا لَا تَفْعَلُوْنَ
…
} [الصَّفُّ: 1-2] حَتَّى خَتَمَهَا (2) .
قَالَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى خَتَمَهَا.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ.
قَالَ يَحْيَى: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا يَحْيَى،
(1) رجال إسناده ثقات، وأشعث: هو ابن عبد اله بن جابر الحداني، وقد نسب الحافظ ابن حجر هذا الخبر في " الإصابة " 6 / 110 إلى ابن عساكر.
وأخرجه البخاري في " صحيحه " 7 / 98 في المناقب من طريق سليمان بن حرب، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: أتيت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام، فقال: " ألا تجئ، فأطعمك سويقا وتمرا، وتدخل في بيت (أي: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فيه) ثم قال: إنك بأرض الربا فيها فاش إذا كان لك على رجل حق، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو حمل قت (علف الدواب) فلا تأخذه، فإنه ربا.
قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون ذلك رأي عبد الله بن سلام، وإلا فالفقهاء على أنه إنما يكون ربا إذا شرطه، نعم الورع تركه، تسالفون: من السلف وهو القرض، والحملان: ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة والدواخل: جمع دوخلة: زبيل من خوص يجعل فيه التمر والرطب.
(2)
محمد بن كثير وهو ابن أبي عطاء الثقفي كثير الغلط، لكنه قد توبع كما سيأت ي، وباقي رجاله ثقات، وهو في " مسند الدرامي " 2 / 200، وكذلك أخرجه الترمذي (3309) من طريق محمد بن كثير، عن الاوزاعي.
وأخرجه أحمد في " المسند " 5 / 452 من طريق يعمر، عن عبد الله بن المبارك، أخبرنا الاوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني هلال بن أبي ميمونة، =
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الأَوْزَاعِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا مُحَمَّدٌ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الدَّارِمِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عِيْسَى، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا الدَّاوُوْدِيُّ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا أَبُو الوَقْتِ، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ.
قُلْتُ: فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا شُيُوْخُنَا (1) .
صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو الحِمْصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيْسَةَ اليَهُوْدِ، فَقَالَ:(أَرُوْنِي يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً يَشْهَدُوْنَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ؛ يَحُطُّ اللهُ عَنْكُمُ الغَضَبَ) .
فَأُسْكِتُوا، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ.
قَالَ: (فَوَاللهِ لأَنَا الحَاشِرُ، وَأَنَا العَاقِبُ (2) ، وَأَنَا المُصْطَفَى، آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُم) .
فَلَمَّا كَادَ يَخْرُجُ، قَالَ رَجُلٌ: كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، أَيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُوْنَنِي فِيْكُمْ؟
قَالُوا: مَا فِيْنَا أَعْلَمُ مِنْكَ.
قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ بِاللهِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ
أن عطاء بن يسار، حدثه: أن عبد الله بن سلام حدثه، أو قال: حدثني أبو سلمة عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام.
وهذا سند صحيح، صرح فيه يحيى بن أبي كثير بالتحديث.
وأخرجه الحاكم 2 / 486، 487 من طريق الوليد بن مزيد، وأبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام.
وصححه، ووافقه الذهبي.
(1)
قال الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه السيوطي في " الدر المنثور " 6 / 212: هو من أصح مسلسل يروى في الدنيا، قل أن وقع في المسلسلات مثله في مزيد علوه.
قلت: والحديث المسلسل: ما توارد فيه الرواة على وصف لهم قولا أو فعلا أو وصفا.
انظر " فتح المغيث " 3 / 53، 58.
(2)
الحاشر: الذي يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره، والعاقب: آخر الأنبياء.