الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الاحْتِيَالِ لِلْخَلاصِ عَنِ الرِّبَا
.
2064 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا» ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كُلٌّ عَنْ مَالِكٍ.
الْجَنِيبُ: نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ، وَهُوَ أَجْوَدُ تُمُورِهِمْ.
وَالْجَمْعُ: الدَّقَلُ، وَيُقَالُ: هُوَ أَخْلاطٌ رَدِيئَةٌ مِنَ التَّمْرِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: الْجَمْعُ كُلُّ لَوْنٍ مِنَ النَّخْلِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، يُقَالُ: كَثُرَ الْجَمْعُ فِي أَرْضِ بَنِي فُلانٍ.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُبَدِّلَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ، وَيَأْخُذَ فَضْلا، فَلا يَجُوزُ حَتَّى يَبِيعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَيَقْبِضُ مَا اشْتَرَاهُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: فَلا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ، وَيَشْتَرِيَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ إِلَى أَجَلٍ.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ، أَوْ بِأَطْوَلَ مِنْ أَجَلِهِ لَا يَجُوزُ، وَكَرِهَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَيُسَمَّى هَذَا عِينَةُ مِنَ الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ: الْمَالُ الْحَاضِرُ، فَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِي السِّلْعَةَ لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ حَاضِرٍ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْرِهِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ بِأَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عَائِشَةَ، فَسَأَلَتْهَا عَنْ عَبْدٍ بَاعَتْهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بَثَمَانِ مِائَةٍ نَسِيئَةً إِلَى الْعَطَاءِ، ثُمَّ اشْتَرَتْهُ مِنْهُ بِسِتِّ مِائَةٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ، وَبِئْسَ مَا ابْتَعْتِ، أَخْبِرِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلا أَنْ يَتُوبَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا، فَقَدْ تَكُونُ عَائِشَةُ عَابَتِ الْبَيْعَ إِلَى الْعَطَاءِ، لأَنَّهُ أَجَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، ثُمَّ قَالَ: وَزَيْدٌ صَحَابِيٌّ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا، فَمَذْهَبُنَا الْقِيَاسُ، وَهُوَ مَعَ زَيْدٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى أَبْعَدِ مِنْ ذَلِكَ الأَجَلِ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَقَالَ: لأَنَّ سِلْعَتَهُ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بِعَيْنِهَا، وَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِائَةً بِأَكْثَرَ إِلَى أَجَلٍ.
قَالَ الإِمَامُ: وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ جَائِزٌ.