الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الإِعْتَاقِ
2113 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيةً تُعْتِقُهَا، فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُهَا عَلَى أَنَّ وَلاءَهَا لَنَا.
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ، إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
هَذَا حديثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
2114 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي بَرِيرَةَ فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، عَدَدْتُهَا لَهُمْ، وَيَكُونُ لِي وَلاؤُكِ.
قَالَتْ: فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَأبَوْا عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِم ذَلِكَ فَأَبَوْا إِلا أَنْ يَكُونَ الْوَلاءُ لَهُمْ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«خُذِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّه أَوْثَقُ، وإنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ،
عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كريبٍ.
كِلاهُمَا عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
وَقَوْلُهَا: إِنَّ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ، إِنَّمَا ذُكِرَتْ بِلَفْظِ الْعَدِّ، لأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا، وَقْتَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ أَرْشَدَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْوَزْنِ، وَجَعَلَ الْعِيَارَ وَزْنَ أَهْلِ مَكَّةَ.
قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا: جَوَازُ بَيْعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتِبِ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ رَقَبَتِهِ، لأَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ بِالْكِتَابَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَمَالِيكِ فِي الشَّهَادَاتِ وَالْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ إِذَا حَضَرَ الْقِتَالَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا بِيعَ لَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْكِتَابَةِ، حَتَّى لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ إِلَى الْمُشْتَرِي، عَتَقَ، وَوَلاؤُهُ لِلْبَائِعِ الَّذِي كَاتَبَهُ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: يُكْرَهُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الْعَجْزِ لِلْخِدْمَةِ، وَلا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ لِلْعِتْقِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ بَرِيرَةَ عَلَى أَنَّهَا بِيعَتْ بِرِضَاهَا فَكَانَ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُمْ بَاعُوا نُجُومَ كِتَابَتِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ، فَأَجَازَهُ قَوْمٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ عَائِشَةَ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ
أَعُدَّهَا لَهُمْ.
وَفِي رِوَايَةٍ: إِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ.
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ بَيْعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ، فَيُسْقِطُهَا عَنْ نَفْسِهِ، فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُسلم فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ.
وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهَا: أَعُدُّهَا لَهُمْ أَوْ أَقْضِي عَنْكِ: هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي تُعْطِيهِمْ عَلَى الْبَيْعِ عِوَضًا عَنِ الرَّقَبَةِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا» .
وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرَّقَبَةِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَمَوْضِعُ هَذَا الدَّلِيلِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ فِي صَرِيحِ لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ لَا يَشْتَرِطُونَ الْوَلاءَ إِلا وَقَدْ تَقَدَّمَهُ شَرْطُ الْعِتْقِ.
وَفِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى: «اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا» ، وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «ابْتَاعِي وَأَعْتِقِي» بَيَانُ هَذَا الْمَعْنَى.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الْجَدِيدُ: إِلَى أَنَّ الشِّرَاءَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ لازِمٌ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كُلُّ شَرْطٍ فِي الْبَيْعِ يَهْدِمُهُ الْبَيْعُ إِلا شَرْطَ الْعِتَاقِ، وَكُلُّ شَرْطٍ فِي النِّكَاحِ يَهْدِمُهُ النِّكَاحُ إِلا الطَّلاقَ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُهُمْ فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ حَكَمُوا
بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ، وَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ إِذَا هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ، إِلا فِيمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، قَالَ: إِذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ تَجِبُ الْقِيمَةُ، وَهُوَ الأَقْيَسُ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ.
فَأَمَّا إِذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَشَرَطَ الْوَلاءَ لِنَفْسِهِ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ، أَنَّ أَهْلَهَا بَاعُوهَا وَشَرَطُوا لأَنْفُسِهِمِ الْوَلاءَ، ثُمَّ أَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيْعَ، وَحَكَمَ بِبُطْلانِ الشَّرْطِ، وَقَاسُوا عَلَيْهِ سَائِرَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَمْنُعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ شَرْطَ الْوَلاءِ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ، لَكِنَّ الْقَوْمَ رَغِبُوا فِي بَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، وَطَمُعُوا فِي وَلائِهَا لِجَهْلِهِمْ بِالْحُكْمِ فِي أَنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ إِلا لِلْمُعْتِقِ، فَلَمَّا عُقِدَ الْبَيْعُ، وَزَالَ مِلْكُهُمْ عَنْهَا، وَأَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ، بَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُكْمَ الشَّرْعِ، أَنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: «خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» قُلْنَا: هَذِهِ اللَّفْظَةُ تَفَرَّدَ بِهَا هِشَامٌ، لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ، رَوَى عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهَا:«ابْتَاعِي وَأَعْتِقي، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، وَقَالَتْ عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ:«ابْتَاعِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَالَ الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ: «اشْتَرِيهَا وأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ
أَعْتَقَ» وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَوْلَى بِهِ، لأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي مَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى النَّاسِ شَرْطًا بَاطِلا، وَيَأْمُرُ أَهْلَهُ بِإِجَابَتِهِمْ إِلَى بَاطِلٍ، وَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ فِي اللَّهِ أَشَدُّ، وَعَلَيْهِمْ أَغْلَظُ.
وَقِيلَ: لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، كَانَتْ مُتَأَوَّلَةً عَلَى مَعْنَى: لَا تُبَالِي وَلا تَعْبَئِي بِمَا يَقُولُونَ، فَإِنَّ الْوَلاءَ لَا يَكُونُ إِلا لِمُعْتِقٍ، لَا أَنَّهُ أَطْلَقَ لَهَا الإِذْنَ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلاءِ.
بِدَلِيلِ مَا رَوَى عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«اشْتَرِيهَا وأَعْتِقِيهَا وَدَعِيهِم يَشْتَرِطُوا مَا شَاءُوا» فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكَلامَ لَغْوٌ مِنْ جِهَتِهِمْ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ إِلَى أَن يُبَيِّنَ لَهُمُ الْحُكْمَ بَعْدَهُ.
وَتَأَوَّلَ الْمُزَنِيُّ قَوْلَهُ: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» فَقَالَ: مَعْنَاهُ اشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلاءَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرَّعْد: 25] أَيْ: عَلَيْهِمُ اللَّعْنَةُ، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الْإِسْرَاء: 7] أَيْ: عَلَيْهَا.
وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: «اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ» عَلَى مَعْنَى الْوَعِيدِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الأَمْرُ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ، كَقَوْلِهِ عز وجل:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40].
وَقَوْلُهُ: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتابِ اللَّهِ» يُرِيدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى حُكْمِ كِتَابِ اللَّهِ، وَعَلَى مُوجَبِ قَضَايَاهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَيْسَ