الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2148 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، نَا حَمْدُونُ السِّمْسَارُ، نَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، عَنْ كَثِيرٍ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَاحِبُ الدَّيْنِ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ، يَشْكُو إِلَى رَبِّهِ الْوَحْدَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
قَالَ مَعْمَرٌ: قِيلَ لابْنِ طَاوُسٍ فِي دَيْنِ أَبِيهِ: لَوِ اسْتَنْظَرْتَ الْغُرَمَاءَ، قَالَ: أَسْتَنْظِرُهُمْ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْزِلِهِ مَحْبُوسٌ؟ قَالَ: فَبَاعَ مَالَ ثَمَنِ أَلْفٍ بِخُمْسُ مِائَةٍ.
بَابُ صَاحِبِ الْحَقِّ إِذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ حَقَّهُ
2149 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ هِنْدًا أُمَّ مُعَاوِيَةَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا حَدِيثٌ يَشْتَمِلُ عَلَى فَوَائِدَ وَأَنْوَاعٍ مِنَ الْفِقْهِ، مِنْهَا: جَوَازُ ذِكْرِ الرَّجُلِ بِبَعْضِ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْكِرْ قَوْلَهَا: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ.
وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الأَوْلادِ عَلَى الآبَاءِ، وَفِيهِ اتِّفَاقٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَالِغًا زَمَنًا وَهُوَ مُعسِرٌ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْوَالِدِ الْمُوسِرِ، فَإِنْ بَلَغَ مَحَلا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ نَفَقَتِهِ بِالاكْتِسَابِ، سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنِ الأَبِ، وَإِذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الأَوْلادِ
فَنَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ عِنْدَ الزَّمَانَةِ وَالإِعْسَارِ عَلَى الْوَالِدِ الْمُوسِرِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ، لأَنَّهُ قَالَ:«خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِ نَفْسِهِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُكَلِّفْهَا الْبَيِّنَةَ فِيمَا ادَّعَتْهُ، إِذْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَالِمًا بِكَوْنِهَا فِي نِكَاحِ أَبِي سُفْيَانَ، وَفِيهِ اخْتِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، ذَكَرْتُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَجُوزُ إِذَا تَبَيَّنَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ اسْتَخْفَى فِرَارًا مِنَ الْحَقِّ، ومُعَانَدَةً مِنَ الْخَصْمِ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، إِذَا كَانَ لَهُ اتِّصَالٌ بِالْحَاضِرِ بِأَنِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ، وَادَّعَتْ لَهُ وَدِيعَةً فِي يَدِ حَاضِرٍ، أَوِ ادَّعَتِ الشُّفْعَةَ عَلَى حَاضِرٍ فِي شِقْصٍ اشْتَرَاهُ وَبائِعُهُ غَائِبٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ يَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، فَظَفِرَ مِنْ مَالِهِ بِشَيْءٍ، جَازَ لَهُ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ حَقَّهُ، سَوَاءً كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ إِيَّاهُ، ثُمَّ يَبِيعُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، فَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ مَنْزِلَ الرَّجُلِ الشَّحِيحِ لَا يَجْمَعُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، وَسَائِرُ الْمَرَافِقِ الَّتِي تَلْزَمْهُ لَهُمْ، ثُمَّ أَطْلَقَ لَهَا الإِذْنُ فِي أَخْذِ كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ أَوْلادِهَا، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا بِصَرْفِ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهَا فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهَا، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ جِنْسَ حَقِّهِ لَوْ أَوْدَعَهُ دَرَاهِمَ، وَلَهُ عَلَى الْمُودِعِ مِثْلُهَا، فَلَهُ أَخْذُهَا عَنْ حَقِّهِ، فَإِنْ جَحَدَ الْمُودِعُ مَالَهُ، لَهُ أَنْ يَجْحَدَ وَدِيعَتَهُ، فيُمْسِكُهَا عَنْ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْوَدِيعَةُ دَنَانِيرَ،
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْحَدَهَا وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَأْخُذُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ عَنِ الآخَرِ، وَلا يَجُوزُ الأَخْذِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جُحُودُ وَدِيعَتِهِ، سَوَاءً كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنْ يَخُونَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِزِيَادَةٍ جَزَاءً لِخِيَانَتِهِ، فَأَمَّا اسْتِيفَاءُ قَدْرِ حَقِّهِ فَمَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فِي حَدِيثِ هِنْدٍ، فَلا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ عَنِ الْخِيَانَةِ.
2150 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا أَبُو الْيَمَانِ، نَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَومَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ،