المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ميراث الإخوة - شرح السنة للبغوي - جـ ٨

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌13 - كتاب البيوع

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ التِّجَارةِ

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلالِ

- ‌بَابُ الاتِّقَاءِ عَنِ الشُّبُهَاتِ

- ‌بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالدَّمِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ

- ‌بَاب السُّهُولَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌بَاب كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَاب خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ

- ‌بَاب خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَاب وَعِيدِ آكِلِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيَانِ مَالِ الرِّبَا وَحُكْمِهِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ جُزَافًا

- ‌بَاب الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ

- ‌بَاب الاحْتِيَالِ لِلْخَلاصِ عَنِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانَيْنِ

- ‌بَاب بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌بَاب بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَرَايَا

- ‌بَاب قَدْرُ الْعَرِيَّةِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا

- ‌بَاب وَضْعِ الْجَائِحَةِ

- ‌بَاب بَيْعِ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ

- ‌بَاب مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌بَاب بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَثَمَنِ عَسْبِ الفَحْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ

- ‌بَابُ شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الإِعْتَاقِ

- ‌بَابُ مَنْ بَاعَ دَابَّةً وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ ظَهْرَهَا

- ‌بَابُ الإِقَالَةِ

- ‌بَابُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌بَابُ تَحرِيمِ الْغِشِّ فِي البَيْعِ

- ‌بَابُ اخْتِلافِ المُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌بَابُ التَّسْعِيرِ

- ‌بَابُ الاحْتِكَارِ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ الانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَفْلَسَ بالثَّمَنِ لِلْبَائعِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ مَالِ المُفْلِسِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ

- ‌بَابُ حُسْنِ قَضَاءِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا

- ‌بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الْحَقِّ إِذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ حَقَّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ

- ‌بَابُ مَطْلِ الْغَنِيِّ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌بَابُ التَّوْكِيلِ

- ‌بَابُ العَارِيَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْعَارِيَةِ

- ‌بَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا

- ‌بَابُ مَنْ غَرَسَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَبَ مَاشِيَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ الْمَاشِيَةِ إذَا أَتْلَفَتْ مَالَ الغَيْرِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ عَرْضِ الدَّارِ عَلَى الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ وَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ

- ‌بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌بَاب الْإِجَارَة وَجَوَاز إِجَارَة الْأَرَاضِي

- ‌بَاب استِئْجَارِ الأَحْرَارِ

- ‌بَاب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أُجْرَةَ الأَجِيرِ

- ‌بَاب أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ والرُّقْيَةِ بِهِ

- ‌بَاب إِحْيَاءِ المَوَاتِ

- ‌بَاب الحِمَى

- ‌بَاب الإقْطاع

- ‌بَاب تَرْتيِبِ سَقْيِ الأَرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ

- ‌14 - كِتَاب العَطَايا وَالهَدَايا

- ‌بَاب الوَقْفِ

- ‌بَاب العُمْرى وَالرُّقْبَى

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي الهِبَةِ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي هَبَةِ الوَلَدِ والتَّسْوَيَةِ بَيْنَ الأَوْلادِ فِي النَّحلِ

- ‌بَاب قَبْضِ المَوْهُوبِ

- ‌بَابُ مَا لِوَلِيِّ اليَتيِمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ اليَتيِمِ

- ‌بَاب اللُّقَطَةِ

- ‌بَاب اللَّقِيطِ

- ‌15 - كِتَابُ الفَرَائضِ

- ‌بَاب مَيَراثِ الأَوْلادِ

- ‌بَاب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ

- ‌بَاب فِي مِيرَاثِ الأَبِ والْجَدِّ

- ‌بَاب فِي مِيرَاث الْأُم وَالْجدّة

- ‌بَاب الوَلاء

- ‌بَاب جَرِّ الوَلاء

- ‌بَاب الوَلاء لَا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ

- ‌بَاب مِيرَاثُ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌بَاب الرَّجُلِ يَمُوت وَلَا وَارِثَ لَهُ

- ‌بَاب الأَسْباب الَّتي تَمْنَعُ الميراثَ

- ‌بَاب تَوْرِيثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌بَابتَوْرِيتِالْمَبْتُوتةِ

الفصل: ‌باب ميراث الإخوة

‌بَاب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ

قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: 176] الْآيَة.

2219 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْوَلِيدِ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ:" جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ، وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسَولَ اللَّهِ: لِمَنِ الْمِيرَاثُ، إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلالَةٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ.

ص: 336

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ، أَنا شُعْبَةُ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَقَالَ: " إِنَّمَا لِي أَخَوَاتٌ، فَنَزَلَتْ آيةُ الْفَرَائِضِ.

قَالَ الإِمَامُ: الْحَدِيث يَدلُّ على طَهَارَة المَاء الْمُسْتَعْمل، وَأَن الْكَلَالَة اسمٌ للْوَرَثَة.

قَالَ الإِمَامُ: الإخوةُ للْأُم، للْوَاحِد مِنْهُم السُّدسُ، وللاثنين فَصَاعِدا الثلثُ، ذكرهُم وأنثاهم فِيهِ سَوَاء، لقَوْله سبحانه وتعالى:{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النِّسَاء: 12] الْآيَة.

وَكَانَ سَعْد يقْرَأ هَذَا الْآيَة: «وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ لأُمٍّ» .

وميراثُ الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم، أَو للْأَب بِمَنْزِلَة مِيرَاث الْأَوْلَاد عِنْد عدم ولد الْأَب وَالأُم إِلا فِي مَسْأَلَة المشرَّكة، وَهِي: زوج، وَأم، وإخوة لأم، وإخوة لأَب وَأم، فَللزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ السُّدس، وللإخوة للْأُم الثُّلُث ويُشاركهم الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم بالإخوة للْأُم، فيُقسم الثلثُ بَينهم على عدد رُءُوسهم، ذكرهم وأنثاهم فِيهِ سَوَاء، وَإِن كانَ مَكَان الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم إخوةٌ للْأَب، فَلَا شَيْء لَهُم، وَهُوَ قَول عُمَر، وَعُثْمَان، وَابْن مَسْعُود،

ص: 337

وَزَيْد، وَبِهِ قَالَ شُرَيْح، وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالزُّهْرِيّ، وَالنَّخَعِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب مَالِك وَالشَّافِعِيّ، قَالَ عُمَر: لم يزدهمُ الْأَب إِلا قربًا، وَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا شَيْء للإخوة للْأَب وَالأُم، لأَنهم عصبَة لم يبْق لَهُم شَيْء كالإخوة للْأَب، وَهُوَ قَول عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي بْن كَعْب، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيّ، وَالثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، ويُروى عَنِ ابْن مَسْعُود، وَزَيْد هَذَا، وَالْأَشْهر مِنْهُمَا التشريكُ، وَاتَّفَقُوا على أَن ولد الْأَب وَالأُم، أَو ولدَ الْأَب، إِذا كَانُوا إِنَاثًا يُعطي إلَيْهِنَّ فرضهن وتُعالُ الْمَسْأَلَة.

قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: وَقد روينَا عَنْ جَابِر، أَنَّهُ قَالَ:«إنَّمَا يَرِثُنِي كَلالَةٌ» ، وَاخْتلفُوا فِي «الكِلالَةِ» فَذَهَبَ أَكثر الصَّحَابَة إِلَى أَنَّ الكَلالَة من لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد، رُوي عَنِ الشَّعْبِيّ، أَنَّهُ قَالَ: سُئل أَبُو بَكْر عَنِ الْكَلَالَة، فَقَالَ: إِنِّي سأقولُ فِيهَا برأيي، فَإِن كَانَ صَوَابا، فَمن اللَّه، وَإِن كَانَ خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان: أراهُ مَا خلا الْوَالِد وَالْولد، فَلَمَّا اسْتخْلف عمرُ قَالَ: إنِّي لأَسْتَحيي اللَّه أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ.

ص: 338

وَهِي اسمٌ للْمَيت وَالْوَرَثَة جَمِيعًا، سُمِّيَ بهَا الْمَيِّت، لِأَنَّهُ مَاتَ عَنْ ذهَاب طَرفَيْهِ، فَكل عمودُ نسبه، وسمِّي بهَا الورثةُ، لأَنهم يتكللون الميتَ من جوانبه، وَلَيْسَ فِي عَمُود نسبه أحد كالإكليل يُحيط الرَّأْس من جوانبه، ووسط الرَّأْس عَنْهُ خَال، فَهِيَ فِي حَدِيث جَابِر اسْم للْوَرَثَة، وَفِي قَوْله:{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النِّسَاء: 176] اسمٌ للْمَيت، وَأَرَادَ جَابِر بقوله:«إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة» ، أَي: يَرِثنِي وَرَثَة لَيْسُوا بِولد وَلَا وَالِد، وَكَانَت لَهُ أَخَوَات.

وَاخْتلف القولُ فِيهَا عَنْ عُمَر، وَابْن عَبَّاس، فرُويَ عَنْهُمَا مثل قَول سَائِر الصَّحَابَة، ورُوي عَنْهُمَا أنَّ الْكَلَالَة من لَا ولد لهُ، وَهُوَ آخرُ الْقَوْلَيْنِ من عُمَر، رضي الله عنه، ورُوي عَنْ عُمَر، أنهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكَلَالَة، فَقَالَ:«تَكْفِيكَ آيةُ الصَّيْفِ» ، وَأَرَادَ بذلك: أنَّ اللَّه سبحانه وتعالى أنزل فِي الْكَلَالَة: آيَتَيْنِ إِحْدَاهمَا فِي الشتَاء، وَهِي الَّتِي فِي أوَّل {[النِّساء، وَالْأُخْرَى فِي الصَّيف وَهِي الَّتِي فِي آخرهَا، وفيهَا من الْبَيَان مَا لَيْسَ فِي: الشتَاء، فَلذَلِك أحالهُ عَلَيْهَا.

وَمن ذهب إِلَى أَن الْكَلَالَة اسمٌ لمن لَا ولد لَهُ.

تمسَّك بِظَاهِر قَوْله:] إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 176] وبيانهُ عِنْد الْعَامَّة مَأْخُوذ من حَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وَذَلِكَ

ص: 339

أَنَّ الْآيَة نزلت فِيهِ، وَلم يكن لهُ يَوْم نُزُولهَا أبٌ وَلَا ابْن، لِأَن أَبَاهُ عَبْد اللَّهِ بْن حرَام قُتِلَ يَوْم أُحُد، وآيةُ الْكَلَالَة نزلت فِي آخر عهد النَّبِيّ عليه السلام، رُوي عَنِ الْبَراء بْن عَازِب، أَنَّهُ قَالَ: آخر آيَة نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النِّسَاء: 176] فَصَارَ شَأْن جَابِر بَيَانا لمراد الْآيَة، لَا لنزولها فِيهِ.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: وَفِيه وجهٌ آخر وَهُوَ أشبهُ بِمَعْنى الْحَدِيث، وَذَلِكَ أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ للسَّائِل عَنِ الْكَلَالَة:«تُجزيك آيَة الصَّيف» فَوَقَعت الإحالة مِنْهُ على الْآيَة فِي بَيَان معنى «الْكَلَالَة» فَوَجَبَ أَن يكون ذَلِكَ مُستنبطًا من نفس الْآيَة دون غَيرهَا، وَوجه ذَلِكَ وتحريرهُ أنَّ الْوَالِد وَالْولد اسمان مشُتقَّان من الْولادَة، فكلُّ من انتظمه اسْم الْولادَة من أَعلَى وأسفل يُحتمل أَن يُدعي ولدا، فالوالد يسمَّى ولدا، لِأَنَّهُ قد ولد، والمولود يُسمى ولدا، لِأَنَّهُ قد وَلِدَ، كالذُّريَّة اسمٌ مُشتق من ذَرأ اللَّه الْخلق، والولدُ ذُرِّيَّة، لأَنهم ذُرِئوا، أَي: خلقُوا، وَالْأَب ذُرِّيَّة، لِأَن الْوَلَد ذُرئ مِنْهُ، يدلُّ على صِحَة ذَلِكَ قولهُ سبحانه وتعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] يريدُ، وَالله أعلم، نوحًا وَمن معهُ، فَجعل الْآبَاء ذريَّة كالأولاد، لصدور الاسمين مَعًا عَنِ الذرء، فعلى هَذَا قد يَصِحُّ أَن المرادَ بقوله عز وجل:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 176] أَي: ولادَة فِي الطَّرفَيْنِ من أَعلَى وأسفل، وَالله أعلم.

ص: 340