المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النهي عن المزابنة والمحاقلة - شرح السنة للبغوي - جـ ٨

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌13 - كتاب البيوع

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ التِّجَارةِ

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلالِ

- ‌بَابُ الاتِّقَاءِ عَنِ الشُّبُهَاتِ

- ‌بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالدَّمِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ

- ‌بَاب السُّهُولَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌بَاب كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَاب خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ

- ‌بَاب خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَاب وَعِيدِ آكِلِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيَانِ مَالِ الرِّبَا وَحُكْمِهِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ جُزَافًا

- ‌بَاب الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ

- ‌بَاب الاحْتِيَالِ لِلْخَلاصِ عَنِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانَيْنِ

- ‌بَاب بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌بَاب بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَرَايَا

- ‌بَاب قَدْرُ الْعَرِيَّةِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا

- ‌بَاب وَضْعِ الْجَائِحَةِ

- ‌بَاب بَيْعِ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ

- ‌بَاب مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌بَاب بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَثَمَنِ عَسْبِ الفَحْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ

- ‌بَابُ شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الإِعْتَاقِ

- ‌بَابُ مَنْ بَاعَ دَابَّةً وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ ظَهْرَهَا

- ‌بَابُ الإِقَالَةِ

- ‌بَابُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌بَابُ تَحرِيمِ الْغِشِّ فِي البَيْعِ

- ‌بَابُ اخْتِلافِ المُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌بَابُ التَّسْعِيرِ

- ‌بَابُ الاحْتِكَارِ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ الانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَفْلَسَ بالثَّمَنِ لِلْبَائعِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ مَالِ المُفْلِسِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ

- ‌بَابُ حُسْنِ قَضَاءِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا

- ‌بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الْحَقِّ إِذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ حَقَّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ

- ‌بَابُ مَطْلِ الْغَنِيِّ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌بَابُ التَّوْكِيلِ

- ‌بَابُ العَارِيَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْعَارِيَةِ

- ‌بَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا

- ‌بَابُ مَنْ غَرَسَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَبَ مَاشِيَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ الْمَاشِيَةِ إذَا أَتْلَفَتْ مَالَ الغَيْرِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ عَرْضِ الدَّارِ عَلَى الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ وَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ

- ‌بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌بَاب الْإِجَارَة وَجَوَاز إِجَارَة الْأَرَاضِي

- ‌بَاب استِئْجَارِ الأَحْرَارِ

- ‌بَاب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أُجْرَةَ الأَجِيرِ

- ‌بَاب أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ والرُّقْيَةِ بِهِ

- ‌بَاب إِحْيَاءِ المَوَاتِ

- ‌بَاب الحِمَى

- ‌بَاب الإقْطاع

- ‌بَاب تَرْتيِبِ سَقْيِ الأَرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ

- ‌14 - كِتَاب العَطَايا وَالهَدَايا

- ‌بَاب الوَقْفِ

- ‌بَاب العُمْرى وَالرُّقْبَى

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي الهِبَةِ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي هَبَةِ الوَلَدِ والتَّسْوَيَةِ بَيْنَ الأَوْلادِ فِي النَّحلِ

- ‌بَاب قَبْضِ المَوْهُوبِ

- ‌بَابُ مَا لِوَلِيِّ اليَتيِمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ اليَتيِمِ

- ‌بَاب اللُّقَطَةِ

- ‌بَاب اللَّقِيطِ

- ‌15 - كِتَابُ الفَرَائضِ

- ‌بَاب مَيَراثِ الأَوْلادِ

- ‌بَاب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ

- ‌بَاب فِي مِيرَاثِ الأَبِ والْجَدِّ

- ‌بَاب فِي مِيرَاث الْأُم وَالْجدّة

- ‌بَاب الوَلاء

- ‌بَاب جَرِّ الوَلاء

- ‌بَاب الوَلاء لَا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ

- ‌بَاب مِيرَاثُ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌بَاب الرَّجُلِ يَمُوت وَلَا وَارِثَ لَهُ

- ‌بَاب الأَسْباب الَّتي تَمْنَعُ الميراثَ

- ‌بَاب تَوْرِيثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌بَابتَوْرِيتِالْمَبْتُوتةِ

الفصل: ‌باب النهي عن المزابنة والمحاقلة

‌بَاب النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

2069 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ» .

وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلا.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.

كُلٌّ عَنْ مَالِكٍ.

2070 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلا بِتَمْرٍ كَيْلا، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلا، أَوْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

ص: 81

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ أَيْضًا.

2071 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، ح.

وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» .

وَالْمُحَاقَلَةُ: أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الزَّرْعَ بِمِائَةِ فَرَقٍ حِنْطَةً.

وَالْمُزَابَنَةُ: أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِمِائَةِ فَرَقٍ.

وَالْمُخَابَرَةُ: كِرَاءُ الأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ.

وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَة، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.

قَالَ الإِمَامُ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْمُزَابَنَةَ وَالْمُحَاقَلَةَ بَاطِلَةٌ.

وَيُرْوَى فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَعْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ.

فَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بِجِنْسِهِ

ص: 82

مَوْضُوعًا عَلَى الأَرْضِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ بِجِنْسِهِ نَقِيًّا.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا الْمُحَاقَلَةُ؟ قَالَ الْمُحَاقَلَةُ فِي الْحَرْثِ كَهَيْأَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي النَّخْلِ سَوَاءً، وَهُوَ بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ.

فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَفَسَّرَ لَكُمْ جَابِرٌ الْمُحَاقَلَةَ كَمَا أَخْبَرْتَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَأَصْلُ الْمُزَابَنَةُ مِنَ الزَّبْنُ، وَهُوَ الدَّفْعُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا وَقَفَ عَلَى غَبْنٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَرَادَ فَسْخَ الْعَقْدِ، وَأَرَادَ الْغَابِنُ إِمْضَاءَهُ، فَتَزَابَنَا، أَيْ: تَدَافَعْنَا، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَنْ حَقِّهِ، وَخَصَّ بَيْعَ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِجِنْسِهِ بِهَذَا الاسْمِ، لأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ، وَمَا عَلَى الشَّجَرِ لَا يُحْصَرُ بِكَيْلٍ وَلا وَزْنٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَقْدِيرُهُ بِالْخَرْصِ، وَهُوَ حَدَسٌ وَظَنٌّ، لَا يُؤْمَنُ فِيهِ مِنَ التَّفَاوُتِ.

فَأَمَّا إِذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ عَلَى الشَّجَرِ بِجِنْسٍ آخَرَ مِنَ الثِّمَارِ، عَلَى الأَرْضِ أَوْ عَلَى الشَّجَرِ، يَجُوزُ، لأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ، وَالتَّقَابُضُ شَرْطٌ فِي الْمَجْلِسِ، فَقَبْضُ مَا عَلَى الأَرْضِ بِالنَّقْلِ، وَقَبْضُ مَا عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّخْلِيَةِ.

وَأَمَّا الْمُحَاقَلَةُ، فَأَصْلُهَا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ الْقُرَاحُ وَالْمَزْرَعَةُ، وَيُقَالُ لِلأَقْرِحَةِ: مَحَاقِلُ وَمَزَارِعُ، وَفِي الْمَثَلِ «لَا يُنْبِتُ البَقْلَةَ إِلا الْحَقْلَةُ» .

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ» أَيْ: بِمَزَارِعِكُمْ، فَهَذَا بَيْعُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَحَاقِلِ، فَسُمِّيَ بِاسْمِهَا.

وَالْحَقْلُ: هُوَ الزَّرْعُ الأَخْضَرُ أَيْضًا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ» قَالَ: وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاؤُهُ الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، وَالْمُحَاقَلَةُ: كِرَاءُ الأَرْضِ بِالطَّعَامِ.

وَلَمْ يُجَوِّزْ مَالِكٌ اكْتِرَاءَ الأَرْضِ بِالطَّعَامِ، وَجَوَّزَ الآخَرُونَ

ص: 83

بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنَ الطَّعَامِ، كَمَا يَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إِنَّمَا لَا يَجُوزُ بِمَا يَنْبُتُ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ بَعْدَ الاكْتِرَاءِ.

وَالْمُخَابَرَةُ: اكْتِرَاءُ الأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَالْخُبْرُ: النَّصِيبُ، وَسُمِّيَ الأَكَّارُ خَبِيرًا، لأَنَّهُ يُخَابِرُ الأَرْضَ.

وَكَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ يَقُولُ: أَصْلُ الْمُخَابَرَةِ مِنْ خَيْبَرَ، لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَقَرَّهَا فِي أَيْدِي أَهْلِهَا عَلَى النِّصْفِ، فَقِيلَ: خَابَرَهُمْ، أَيْ: عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ، فَتَنَازَعُوا، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ جَازَتْ بَعْدُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُزَابَنَةُ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجُزَافِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلا وَزْنُهُ وَلا عَدَدُهُ، أَنْ يُبَاعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ، كَالطَّعَامِ الْمُصبَّرِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ، أَوِ الْكُرْسُفِ، أَوِ الْكَتَّانِ، أَوِ الْغَزْلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ، لَا يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلا وَزْنُهُ وَلا عَدَدُهُ، يَقُولُ لِرَبِّهَا: كِلْ سِلْعَتَكَ، أَوْ زِنْ، أَوِ اعْدُدْ مَا كَانَ يُعَدُّ، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا صَاعًا، أَوْ رَطْلا، أَوْ عَدَدًا، فَعَلَيَّ غُرْمُهُ حَتَّى أُوَفِّيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ، وَمَا زَادَ فَلِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ، وَلَكِنَّهُ الْغَرَرُ وَالْمُخَاطَرَةُ وَالْقُمَارِ.

2072 -

أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ التَّاجِرُ، نَا السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، نَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، أَنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ» قَالَ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الآخَرُ:«وَبيْعُ السِّنِينَ، هِيَ الْمُعَاوَمَةُ» «وَعَنِ الثُّنَيَّا، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيِّ،

ص: 84

عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.

قَالَ الإِمَامُ: الْمُعَاوَمَةُ هِيَ بَيْعُ السِّنِينَ، اخْتَلَفَ فِيهَا لَفْظُ الرَّاوِيَيْنِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ» .

وَصُورَةُ بَيْعِ السِّنِينَ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ نَخِيلِهِ سِنِينَ ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ فَاسِدٌ، لأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، هَذَا فِي بُيُوعِ الأَعْيَانِ، أَمَّا فِي بُيُوعِ الصِّفَاتِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.

وَذَلِكَ الشَّيْءُ مُنْقَطِعٌ فِي الْحَالِ، وَسَيُوجَدُ عِنْدَ الْمَحِلِّ غَالِبًا.

وَأَمَّا الثُّنَيَّا: فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ جُزْأً غَيْرَ مَعْلُومٍ، فَلا يَصِحُّ، لأَنَّ الْمَبِيعَ يَصِيرُ مَجْهُولا بِاسْتِثْنَاءِ غَيْرِ الْمَعْلُومِ مِنْهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ ثَمَرَ هَذَا الْحَائِطِ إِلا صَاعًا، لَا يَصِحُّ، فَإِنِ اسْتَثْنَى جُزْأً شَائِعًا مَعْلُومًا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ ثَمَرَ هَذَا الْحَائِطِ إِلا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَه ُ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَثْنَى ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلاتٍ بِعَيْنِهَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ إِلا ثُلُثَهَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ إِلا صَاعًا، فَإِنْ كَانَتِ الصِّيعَانُ مَجْهُولَةً لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، مَثَلا كَانَتْ عَشَرَةَ أَصْوُعٍ، جَازَ، وَجَعَلَ كَأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا الْعُشْرَ.

وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ، وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ تَمْرًا.

وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْقُطُرَ، قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَزِنَ جُلَّةً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ عِدْلا مِنَ الْمَتَاعِ، وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَلا يَزِنُهُ.

وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الْمُقَاطَرَةُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ إِلَى آخَرَ فَيَقُولُ لَهُ: بِعْنِي مَا لَكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنَ التَّمْرِ جُزَافًا، بِلا كَيْلٍ وَلا وَزْنٍ، فَيَبِيعُهُ.

ص: 85