الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ، فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ، أَوْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ تَرَكْتُ ابْتِيَاعَ السِّلْعَةِ أَوِ الْكِرَاءَ، فَهُوَ لَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
فَهَذَا تَفْسِيرُ الْعُرْبَانِ.
وَفِيهِ لُغَتَانِ عُرْبَانٌ وَأُرْبَانٌ، وَيُقَالُ: عَرْبُونٌ وَأَرْبُونٌ.
وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَيْضًا.
وَمَالَ أَحْمَدُ إِلَى الْقَوْلِ بِإِجَازَتِهِ، وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ فِيهِ، لأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فَقَالَ: رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ بَلاغٍ.
بَابُ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَثَمَنِ عَسْبِ الفَحْلِ
2107 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ،
عَنْ مَالِكٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ اللَّيْثِ.
كِلاهُمَا عَنْ نَافِعٍ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ بَيْعَ نِتَاجِ النَّتَاجِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّهُ مَعْدُومٌ مَجْهُولٌ، وَكَانَ مِنْ بُيُوعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ.
وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِلَى نَتَاجِ الدَّابَّةِ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا لِلأَجَلِ الْمَجْهُولِ.
وَرَوَى مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا نُهِيَ مِنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ الْمَضَامِينِ، وَالْمَلاقِيحِ، وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ.
وَالْمَضَامِينُ: بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إنَاثِ الإِبِلِ.
والْمَلاقِيحُ: بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ.
وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ: بَيْعٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَهُ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمَلاقِيحُ: الْمَحْمُولاتُ فِي الْبَطْنِ، وَهِيَ الأَجِنَّةُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا مَلْقُوحَةٌ، وَالْمَضَامِينُ: مَا فِي أَصْلابِ الْفُحُولِ.
2108 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْميربند كُشَائِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِرَاجٍ، نَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمَجْرِ» .
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْمَجْرُ: أَنْ يُبَاعَ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ بِمَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ.
2109 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا عَبْدُ الْوَارِثِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحلِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الجَمَلِ» .
قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: الْعَسْبُ هُوَ ضِرَابُ الْفَحْلِ، وَيُرْوَى:«نَهَى عَنْ شَبْرِ الْجَمَلِ» ، وَهُوَ الضِّرَابُ أَيْضًا.
وَالْمُرَادُ مِنَ النَّهْيِ هُوَ الْكِرَاءُ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى ضِرَابِهِ، كَمَا صَرَّحَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ» ، فَعَبَّرَ بِالْعسْبِ عَنِ الْكِرَاءِ، لأَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ، إِذْ نَفْسُ الضِّرَابِ وَالإِنْزَاءِ غَيْرُ حَرَامٍ، لأَنَّ بَقَاءَ النَّسْلِ فِيهِ.
وَقِيلَ: الْعَسْبُ هُوَ الْكِرَاءُ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى الضِّرَابِ، يُقَالُ: عَسَبْتُ الرَّجُلَ أَعْسِبُهُ عَسْبًا، إِذَا أَعْطَيْتُهُ الْكِرَاءَ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوِ اسْتَأْجَرَ فَحْلا لِلإِنْزَاءِ لَا يَجُوزُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ، لأَنَّ الْفَحْلَ قَدْ يَضْرِبُ وَقَدْ لَا يَضْرِبُ، وَقَدْ تُلَقَّحُ الأُنْثَى وَقَدْ لَا تُلَقَّحُ.
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِهِ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ.
وَرَخَّصَ فِيهِ
الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: لأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ مُنِعَ مِنْهُ لانْقَطَعَ النَّسْلُ، وَهُوَ كَالاسْتِئْجَارِ للإِرْضَاعِ، وَتَأْبِيرِ النَّخْلِ.
وَمَا نَهَتِ السُّنَّةُ عَنْهُ، فَلا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ.
أَمَّا إِعَارَةُ الْفَحْلِ لِلإِنْزَاءِ وَإِطْرَاقُهُ، فَلا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ لَوْ أَكْرَمَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِشَيْءٍ يَجُوزُ لَهُ قَبُولَ كَرَامَتِهِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ، مَا حَقُّ الإِبِلِ؟ قَالَ:«حَلْبُهَا عَلَى الْمَاءِ، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَإِعَارَةُ فَحْلِهَا» .
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُطْرِقُ الْفَحْلَ، فَنُكْرَمُ «فَرَخَّصَ لَهُ فِي الْكَرَامَةِ» .
قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّهُ كُرِهَ عَسْبُ الْفَحْلِ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا لِمَنْ أَعْطَاهُ.