الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ
.
2047 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلا بَيْعَ الْخِيَارِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَكَانِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِالأَبْدَانِ.
يُرْوَى فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شُرَيْحٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَطَاوُسٌ،
وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَكَانِ، وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ التَّوَاجُبِ.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَحَمَلُوا التَّفَرُّقَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيث عَلَى التَّفَرُّقِ فِي الرَّأْيِ وَالْكَلامِ.
وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لأَنَّ الْعِلْمَ قَدِ اسْتَقَرَّ بَيْنَ الْعَامَّةِ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ لَا يَزُولُ إِلا بِقَبُولٍ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، فَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْعَامَّةِ إِخْلاءُ الْحَدِيثِ عَنِ الْفَائِدَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ هُوَ التَّفَرُّقُ بِالأَبْدَانِ: مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا ابْتَاعَ الشَّيْءَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَجِبَ لَهُ، فَارَقَ صَاحِبَهُ فَمَشَى قَلِيلا ثُمَّ رَجَعَ، فَحَمَلَ التَّفَرُّقَ عَلَى التَّفَرُّقِ بِالأَبْدَانِ، وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا لَهُ مِنْ رَجُلٍ، وَبَاتَا لَيْلَةً، فَلَمَّا أَرَدْنَا الرَّحِيلَ خَاصَمَهُ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: لَا أَرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ، وَلا
يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ»، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التَّفَرُّقِ تَفَرُّقُ الأَبْدَانَ.
وَقَوْلُهُ: «خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» أَرَادَ: خَشْيَةَ أَنْ يُفْسَخَ الْعَقْدُ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الاسْتِقَالَةِ، لأَنَّ الإِقَالَةَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ، بَلْ يَجُوزُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَمَا يَجُوزُ قَبْلَهُ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيث: «إِلا بَيْعَ الْخِيَارِ» مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ.
فَيَقُولُ: اخْتَرْتُ.
فَيَكُونُ هَذَا إِلْزَامًا لِلْبَيْعِ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ قَائِمًا، وَيَسْقُطُ خِيَارُهُمَا.
وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَالَ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ يَرْجِعُ إِلَى مَفْهُومِ مُدَّةِ الْخِيَارِ، مَعْنَاهُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِذَا تَفَرَّقَا لَزِمَ الْبَيْعُ، إِلا أَنْ يَتَبَايَعَا بِشَرْطِ خِيَارِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَيَبْقَى خِيَارُ الشَّرْطِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ.
وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، لأَنَّ الاسْتِثْنَاءِ يَرْجِعُ إِلَى مَا ظَهَرَ مِنَ الْكَلامِ، وَظَاهِرُ الْكَلامِ إِثْبَاتُ الْخِيَارِ، وَالاسْتِثْنَاءُ مِنَ الإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا
2048 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو النُّعْمَانِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ» .
وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادٍ:«أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ» .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ: «أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَإِذَا كَانَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» .
فَثَبَتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخِيَارِ اخْتِيَارُ لُزُومِ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ.
وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إِذَا بَاعَ، وَشَرَطَ فِيهِ نَفْيَ خِيَارِ الْمَكَانِ، يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَكَانِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ، فَلا يَصِحُّ فِي قَوْلٍ، وَيَصِحُّ فِي الآخَرِ، وَلا خِيَارَ.
2049 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ، نَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ قُتَيْبَةَ
.
2050 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إِلا بَيْعَ الْخِيَارِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، فَأَصَحُّ أَقَاوِيلِهِ: أَنَّ الْخِيَارَ إِذَا كَانَ لَهُمَا مِثْلُ خِيَارِ الْمَكَانِ، أَوْ خِيَارُ الشَّرْطِ إِذَا شَرَطَ لَهُمَا، أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا حَصَلَ مِنَ الزَّوَائِدِ فِي زَمَانِ الْخِيَارِ فَلَهُ، وَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لِلْبَائِعِ، وَلَهُ الزَّوَائِدُ، وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ غَيْرُ نَافِذٍ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَتَصَرُّفُ الْبَائِعِ نَافِذٌ، وَهُوَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لأَحَدِهِمَا، فَالْمِلْكُ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَلا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الآخَرِ فِيهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْخِيَارِ، أَمَّا مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إِذَا تَصَرَّفَ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ، وَهُوَ فَسْخٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ،
وَهُوَ إِجَازَةٌ، وَإِلْزَامٌ لِلْبَيْعِ.
قَدِ اشْتَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَكْرًا مِنْ عُمَرَ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ:«هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ» فَكَانَ هَذَا هِبَةً قَبْلَ التَّفَرُّقِ.
قَالَ طَاوُسٌ فِيمَنْ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ بَاعَهَا: وَجَبَتْ لَهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ.
2051 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، رَفَعَهُ إِلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «البَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» أَوْ قَالَ: «حَتَّى يَتَفَرَّقَا» «فَإِنْ صَدَّقَا وَبَيَّنَا، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَّبَا، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ.
قَالَ الإِمَامُ: فِي الْحَدِيثِ بَيَان أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ إِذَا عَلِمَ بِمَا بَاعَ عَيْبًا أَنْ لَا يَكْتُمَهُ.
قَالَ الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدٍ: كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ، لَا دَاءَ وَلا خَبِثَةَ وَلا غَائِلَةَ» .
قَالَ قَتَادَةُ: الْغَائِلَةُ: الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْغَائِلَةِ: الْحِيلَةُ، أَيْ: لَا حِيلَةَ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْبَيْعِ، يُغْتَالُ بِهَا مَالُكَ، يُقَالُ: اغْتَالَنِي فُلانٌ: إِذَا احْتَالَ بِحِيلَةٍ يُتْلِفُ بِهَا مَالَكَ.
وَأَرَادَ بِالدَّاءِ: الْجُنُونَ، وَالْجُذَامَ، وَالْبَرَصَ، وَنَحْوَهَا مِمَّا يُرَدُّ بِهِ.
وَالْخِبْثَةُ: مَا كَانَ خَبِيثَ الأَصْلِ، بِأَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ مِنْ قَوْمٍ لَا يَحِلُّ سَبْيُهُمْ لِعَهْدٍ لَهُمْ، وَكُلُّ حَرَامٍ خَبِيثٌ.
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لَا يَحِلُّ لامْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً إِلا أَخْبَرَ بِهِ.
وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ يَقُولُ: جَاءَ أَمْسَ مِنْ خُرَاسَانَ، جَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ، فَكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً.