الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ: ذَهَبَتِ الرِّهَانُ بِمَا فِيهَا.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَحْدُثُ مِنَ الرَّهْنِ مِنْ وَلَدٍ وَثَمَرٍ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ كَالأَصْلِ، غَيْرَ أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الضَّمَانِ، فَالأَصْلُ مَضْمُونٌ، وَالْحَادِثُ مِنْهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: الْوَلَدُ الَّذِي يُحَدِّثُ مَرْهُونٌ، وَالثَّمَرَةُ خَارِجَةٌ عَنِ الرَّهْنِ.
قَالَ الإِمَامُ: وَإِذَا دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْقَبْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الرَّهْنِ، لأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَرْكَبُهَا إِلا وَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ، فَيَخْرُجُ مِنْهُ جَوَازُ رَهْنِ الْمَشَاعِ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ عَلَى وَجْهٍ يَنْتَقِصُ بِهِ قِيمَتَهُ، عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلِ الْمَنْفَعَةَ لَهُ، وَيَسْتَعْمِلُ الدَّابَّةَ الْمَرْهُونَةَ بِالنَّهَارِ، وَيَرُدُّهَا إِلَى الْمُرْتَهِنِ بِاللَّيْلِ، وَلا يُسَافِرُ عَلَيْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَفْلَسَ بالثَّمَنِ لِلْبَائعِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ
2133 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ، فَأَدْرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَاهُ جَمِيعًا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَوَجَدَ الْبَائِعُ عَيْنَ مَالِهِ، فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ، وَيَأْخُذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ الثَّمَنِ، وَأَفْلَسَ بِالْبَاقِي، أَخَذَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَضَى بِهِ عُثْمَانُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ذَلِكَ، وَلا نَعْلَمُ لَهُمَا مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ، وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَوْ مَاتَ مُفْلِسًا، فَهُو كَمَا لَوْ أَفْلَسَ فِي حَيَاتِهِ عَلَى هَذَا الاخْتِلافِ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا مَاتَ مُفْلِسًا، أَوْ أَفْلَسَ فِي حَيَاتِهِ، وَقَدْ
أَخَذَ الْبَائِعُ شَيْئًا مِنَ الثَّمَنِ، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ، بَلْ يُضَارِبُ الْغُرَمَاءُ، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مُرْسَلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَيُّمَا رَجُلٌ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وإِنْ مَاتَ المُشْتَرِي، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ» وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ وَلَئِنْ ثَبَتَ، فَمُتَأَوَّلٌ عَلَى مَا لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي مَلِيئًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا
2134 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْر الْحِيرِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمُعْتَمِرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ، وَكَانَ قَاضِي الْمَدِينَةِ، قَالَ: