الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالدَّمِ
.
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [الْمَائِدَة: 3]
2037 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
الْحُلْوَانُ: مِنْ حَلَوْتُ الرَّجُلَ أَحْلُوهُ حُلْوَانًا: إِذَا أَعْطَيْتُهُ شَيْئًا، وَيُقَالُ، الْحُلْوَانُ: الرِّشْوَةُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ مِنَ الْحَلاوَةِ، شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْوِ، يُقَالُ: حَلَوْتُ فُلانًا، إِذَا أَطْعَمْتُهُ الْحُلْوَ، كَمَا يُقالُ: عَسَلْتُهُ، إِذَا أَطْعَمْتَهُ الْعَسَلَ.
2038 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَفَّالُ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُرُونَجِرْدِيُّ، نَا أَبُو أَحْمَدَ بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَمْدَانُ الصَّيْرَفِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ التَّمَّامُ، نَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الزَّمَّارَةِ» .
قَالَ الإِمَامُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، فَمَهْرُ الْبَغِيِّ: أَنْ يُعْطِيَ امْرَأَةً شَيْئًا عَلَى أَنْ يَفْجُرَ بِهَا.
وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ: مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَكَهِّنُ عَلَى كَهَانَتِهِ، وَفِعْلُ الْكَهَانَةِ بَاطِلٌ، لَا يَجُوزُ أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَيْهَا.
وَالزَّمَّارَةُ: هِيَ الزَّانِيَةُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: هِيَ الْبَغِيُّ الْحَسْنَاءُ.
قَالَ الإِمَامُ: النَّهْيُ عَنْ كَسْبِ الزَّمَّارَةِ، مَعْنَاهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث الآخَرِ، وَهُوَ مَهْرُ الْبَغِيِّ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهَى عَنْ كَسْبِ الْمَرْأَةِ الْمُغَنِّيَةِ، يُقَالُ: غِنَاءٌ زَمِيرٌ، أَيْ: حَسَنٌ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ مِنَ الرَّمْزِ، وَهُوَ الإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ.
وَالزَّوَانِي يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، وَالأَصَحُّ تَقْدِيمُ الزَّايِ.
وَأَمَّا ثَمَنُ الْكَلْبِ، فَحَرَامٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِثْلُ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَمَهْرِ الْبَغْيِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مِنَ السُّحْتِ.
وَيُرْوَى فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي
هُرَيْرَةَ.
وَذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِهِ الْحَسَنُ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْكَلْبِ جَائِزٌ، وَيَضْمَنُ مُتْلِفَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: مَا أُبِيحَ اقْتِنَاؤُهُ مِنَ الْكِلابِ، جَازَ بَيْعُهُ، وَمَا يُحَرَّمُ اقْتِنَاؤُهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ، يُحْكَى ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ.
وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهُ لَا يُوجِبُ الْقِيمَةَ عَلَى مُتْلِفِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَعَلَى مُتْلِفِهِ الْقِيمَةُ، كَأُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى قَاتِلِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سُفيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ.
وَهَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ، فَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ظَاهِرِهِ وَكَرِهَ بَيْعَ السِّنَّوْرِ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٌ، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ.
وَجَوَّزَ الأَكْثَرُونَ بَيْعَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ عَلَى بَيْعِ الْوَحْشِيِّ مِنْهُ، الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ.
2039 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ،
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: إنِّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَكَسْبِ الْبَغِيِّ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَالْمُصَوِّرَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، نَا شُعْبَةُ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:«وَكَسْبِ الأَمَةِ» .
قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: بَيْعُ الدَّمِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّهُ نَجِسٌ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ نَهْيَهُ عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ عَلَى أُجْرَةِ الْحَجَّامِ، وَجَعَلَهُ نَهْيَ تَنْزِيهٍ.
وَالنَّهْيُ عَنْ كَسْبِ الأَمَةِ عَلَى وَجْهِ التَّنْزِيهِ، لأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكْتَسِبَ بِفَرْجِهَا خُصُوصًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا تُؤَدِّيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ.
وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، لأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُغْتَبِطًا بِالرِّبْحِ، وَالآخَرُ مُهْتَضَمًا بِالنَّقْصِ.
وَأَرَادَ بِالْمُصَوِّرِ الَّذِي يُصَوِّرُ صُوَرَ الْحَيَوَانِ، دُونَ مَنْ يُصَوِّرُ صُوَرَ الأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ، لأَنَّ الأَصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ كَانَتْ عَلَى صُوَرِ الْحَيَوَانَاتِ.