الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الإِمَامُ: إِنْ ثَبَتَ قَوْلُهُ: «بِغَيْرِ إذْنِهِ» فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: «لَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ» عَلَى سَبِيلِ الْعُقُوبَةِ وَالْحِرْمَانِ لِظُلْمِهِ وَغَصْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ، فَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبِذْرُ مِنَ الزَّارِعِ، فَمَا حَصَلَ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْبِذْرُ مِنْ مَالِكِ الأَرْضِ، فَمَا حَصَلَ فَلِمَالِكِ الأَرْضِ، وَلِلْزَارِعِ أَجْرُ عَمَلِهِ.
وَلَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ، فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ، وَالْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلا فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ الْعَيْنَ وَلَوْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَلا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ، فَإِنْ خَاصَمَهُ الْمَالِكُ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ، رَجَعَ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ الْغَاصِبِ.
رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَتَّبعُ البيِّعُ مَنْ بَاعَ» .
بَابُ مَنْ حَلَبَ مَاشِيَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ
2168 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ
تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ فإنَّما تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِهِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
وَالْمَشْرُبَةِ كَالْغُرْفَةِ يُوضَعُ فِيهَا الْمَتَاعُ، وَرُوِيَ «فَينتثل طَعَامُهُ» بِالثَّاء، أَيْ: يُسْتَخْرَجُ، وَيُقَالُ لِلتُّرَابِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْبِئْرِ: نَثِيلٌ، وَفِي الْحَدِيثِ:«نَثَلَ مَا فِي كِنَانَتِهِ» أَيْ: صَبَّهَا وَنَثَرَهَا.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِبَ مَاشِيَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ، وَمَالِكُهَا غَيْرُ حَاضِرٍ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِبَهَا وَيَشْرَبَ وَيَضْمَنَ لِلْمَالِكِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَطْعِمَةِ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَنَّ الشَّرْعَ أَبَاحَهُ لَهُ، كَمَا لَوْ أَكَلَ مَالَ نَفْسِهِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى إِبَاحَتِهِ لِغَيْرِ الْمُضْطَرِّ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالِكُ حَاضِرًا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ حَلَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبَنًا مِنْ غَنَمِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَرْعَاهَا عَبْدٌ لَهُ، وَصَاحِبُهَا غَائِبٌ فِي مَخْرَجِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ،
وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُها فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ، فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا، فَلْيُصوِّتْ ثَلاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ أَحَدٌ، فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلا يَحْمِلْ» .
وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَقَالُوا: إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةِ سَمُرَةَ.
وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لابْنِ السَّبِيلِ فِي أَكْلِ ثِمَارِ الْغَيْرِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ دَخَلَ حَائِطًا، فَلْيَأْكُلْ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً» وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: «مَنْ