الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الاحْتِكَارِ
2126 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، نَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ، أَنَّ مَعْمَرًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» .
فَقِيلَ لِسَعِيدٍ: فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ، قَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ مَعْمَرًا الَّذِي كانَ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيث كانَ يَحْتكِرُ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَمَعْمَرٌ: هُوَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَضْلَةَ، وَأَبُوهُ أَبُو مَعْمَرٍ أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الاحْتِكَارِ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا، لَا يَعْمَدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٌ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ فِي الشَّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحُكْرَةِ.
وَكَرِهَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ الاحْتِكَارَ فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ: يُمْنَعُ مِنَ احْتِكَارِ الْكَتَّانِ، وَالصُّوفِ، وَالزَّيْتِ، وَكُلِّ شَيْءٍ أَضَرَّ بِالسُّوقِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الاحْتِكَارَ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً، لأَنَّهُ قُوتُ النَّاسِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَلا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا يَكُونُ الاحْتِكَارُ فِي مِثْلِ مَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، وَالثُّغُورِ، دُونَ الْبَصْرَةِ، وَبَغْدَادَ، لأَنَّ السُّفُنَ تَخْتَرِقُهَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالأَوْزَاعِيُّ: مَنْ جَلَبَ طَعَامًا مِنْ بَلَدٍ، فَحَبَسَهُ يَنْتَظِرُ زِيَادَةَ السِّعْرِ، فَلَيْسَ بِمُحْتَكِرٍ، إِنَّمَا الْمُحْتَكِرُ مَنِ اعْتَرَضَ سُوقَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا دَخَل الطَّعَامُ مِنْ ضَيْعَتِهِ، فَحَبَسَهُ، فَلَيْسَ بِمُحْتَكِرٍ.
قَالَ الإِمَامُ: الْحَدِيثُ وَإِنْ جَاءَ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ، فَاحْتِكَارُ الرَّاوِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِبَعْضِ الأَشْيَاءِ، أَوْ بَعْضِ الأَحْوَالِ، إِذْ لَا يُظَنُّ بِالصَّحَابِيِّ، أَنَّهُ يَرْوِي الْحَدِيثَ ثُمَّ يُخَالِفُهُ، وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَا يُظَنُّ بِهِ فِي فَضْلِهِ وَعِلْمِهِ أَنَّهُ يَرْوِي الْحَدِيثَ ثُمَّ يُخَالِفُهُ، إِلا أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى بَعْضِ الأَشْيَاءِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَكِرُ الزَّيْتَ.
2127 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدٌ، نَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ لِي مَعْمَرٌ: قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ: هَلْ سَمِعْتَ فِي الرَّجُلِ يَجْمَعُ لأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ، أَوْ بَعْضِ السَّنَةِ؟ قَالَ مَعْمَرٌ: فَلَمْ يَحْضُرْنِي،
ثُمَّ ذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبِيعُ نَخَلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لأهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: مَنْ كَانَتْ تِجَارَتُهُ فِي الطَّعَامِ، لَيْسَ لَهُ تِجَارَةٌ غَيْرُهَا، كَانَ طَاغِيًا أَوْ خَاطِئًا أَوْ بَاغِيًا ".
ورُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ الرَّجُلُ فُلانٌ لَوْلا بَيْعُهُ، وَكَانَ يَبِيعُ الطَّعَامَ.