الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ
.
2034 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَزِيُّ، أنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ:«اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ، أَوْ أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ» .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ مُحَيِّصَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَحْرِيمِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَجَّامَ إِنْ كَانَ حُرًّا، فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَإِنَّهُ يَعْلِفُهُ دَوَابَّهُ وَيُنْفِقُهُ عَلَى عَبِيدِهِ، قَوْلا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ حَلالٌ، وَالنَّهْيُ عَلَى جِهَةِ التَّنْزِيهِ عَنِ الْكَسْبِ الدَّنِيءِ، وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا هُوَ أَطْيَبُ وَأَحْسَنُ مِنَ الْمَكَاسِبِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بَعْدَ الْمُعَاوَدَةِ بِأَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ، وَلَوْلا أَنَّهُ حَلالٌ مَمْلُوكٌ لَهُ لَكَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ رَقِيقَهُ، لأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ إِلا مِنْ مَالٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ مِلْكُهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ بِنَفْسِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا
2035 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«حَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ عَنْ حُمَيْدٍ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ لِلْحَاجِمِ: «اشْكُمُوهُ» .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الشَّكْمُ: الْجَزَاءُ.
2036 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، ح.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، فَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ، وَأَمَرَ مَوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَقَالَ:«إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ، وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ لِصِبْيَانِكُمْ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَلا تُعَذِّبُوهُمْ بِالْغَمْزِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ.
كِلاهُمَا عَنْ حُمَيْدٍ.
قَالَ الإِمَام: وَقد رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ، وَهَذَا فِيمَنْ يُخَارِجَ أَمَتَهُ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهَا ضَرِيبَةً مَعْلُومَةً تُؤَدِّيهَا إِلَى السَّيِّدِ، فَنَهَى عَنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّنْزِيهِ، لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ، لأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهَا الْفُجُورُ، وَالْكَسْبُ بِالسِّفَاحِ خُصُوصًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ، وَقَدْ وَرَدَتِ الرُّخْصَةُ فِي كَسْبِهَا إِذَا عَمِلَتْ بِيَدَيْهَا.
وَرُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الأَمَةِ إِلا مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْبِ الأَمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ.
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُكلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهُ الْكَسْبَ سَرَقَ، وَلا تُكَلِّفُوا الأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ الْكَسْبَ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا الْكَسْبَ كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا، وَعُفُّوا إذْ أَعَفَّكُمُ اللَّهُ، وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْمَطَاعِمِ بِمَا طَابَ مِنْهَا.