الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ بيانُ أَن الْوَلَاء لَا يُورث، وَإِنَّمَا يَرث بِهِ من كَانَ وَارِثا للْمُعْتق من عصباته لَو قدر موت الْمُعْتق يَوْم موت الْعَتِيق، فَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَانَ الْمِيرَاث بِالْوَلَاءِ للْأَخ للْأَب، لِأَن الْمُعْتق لَو مَاتَ الْيَوْم كَانَ مِيرَاثه للْأَخ للْأَب دون ابْن الْأَخ للْأَب وَالأُم، حَتَّى لَو أعتق رجلٌ عبدا، وَمَات عَنْ ثَلَاثَة بَنِينَ، ثُمَّ مَاتَ البنون عَنْ عشرَة بَنِينَ لوَاحِد اثْنَان، وَللْآخر ثَلَاثَة وللثالث خَمْسَة، ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيق، كَانَ مِيرَاثه بَينهم أعشارًا، لِأَن الْمُعْتق لَو مَاتَ الْيَوْم كَانُوا فِي مِيرَاثه سَوَاء.
وَلَو ظهر للْمُعْتق مالٌ قديمٌ، كَانَ بَينهم أَثلَاثًا، لِأَنَّهُ ميراثٌ لِآبَائِهِمْ من الْجد، لكلِّ وَاحِد ثَلَاثَة، ثُمَّ نصيبُ كل وَاحِد مِنْهُم يرثهُ أولادهُ، وحُكي عَنْ شُرَيْح، أَنَّهُ كَانَ يَقُول: يُورث الْوَلَاء كَمَا يُورث المالُ، حَتَّى قَالَ فِي هَذِه الصُّورَة: يُجعل مَال الْمولى بَينهم أَثلَاثًا، وَقَالَ: لَو أعتق عبدا، وَمَات عَنِ ابْنَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أحد الِابْنَيْنِ عَنِ ابْن، ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيق، فَنصف مِيرَاثه لِابْنِ الْمُعْتق، وَنصفه لِابْنِ الابْن، وَعند الْعَامَّة جَمِيع مِيرَاثه لِابْنِ الْمُعْتق
بَاب مِيرَاثُ ذَوِي الأَرْحَامِ
2228 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» .
وَهَذَا حديثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.
كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
2229 -
أَخْبَرَنَا الإمامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابِجِرْدِيُّ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيْعَةً فَإِلَيْنَا، وَمَنْ تَرَكَ مَالا فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، أَرِثُ مَالَهُ، وَأَفُكُّ عَانَهُ، والْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَرِثُ مَالَهُ، وَيَفُكُّ عَانَهُ» .
قولهُ: «يفك عانه» يُرِيد عانيه، فَحذف الْيَاء، والعاني: الْأَسير وَأَرَادَ مَا يَلزمُه بِسَبَب الْجِنَايَات الَّتِي سَبِيلهَا أَن تتحمَّلها الْعَاقِلَة، كَمَا صرح بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث من رِوَايَة شُعْبَة، عَنْ بديل بْن ميسرَة، قَالَ:«يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُ مَالَهُ» .
وهَذَا حجَّة لمن ذهبَ إِلَى تَوْرِيث الْأَرْحَام وهم أَوْلَاد الْبَنَات، وَالْجد أَب الْأُم، وأولادُ الْأُخْت، وَبَنَات الْأَخ، وَبَنَات الْعم، وَالْعم للْأُم، والعمة، وَالْخَال، وَالْخَالَة، فَاخْتلف النَّاسُ فِي توريثهم، فَذهب جمَاعَة مِنْهُم إِلَى أنهُ لَا مِيرَاث لَهُم، بل يصرف مالُ الْمَيِّت الَّذِي لم يخلف وَارِثا إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين إِرْثا لَهُم بأخوة الْإِسْلَام.
وَهُوَ قولُ أَبِي بَكْر، وَزَيْد بْن ثَابِت، وَابْن عُمَر، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وتأوَّلوا حَدِيث الْمِقْدَام على أَنَّهُ طعمة أطِعمها الخالُ عِنْد عدم الْوَارِث، وسماهُ وَارِثا مجَازًا على معنى أنهُ صَار المَال مصروفًا إِلَيْهِ، يدلُّ عَلَيْهِ أنَّ الْخَال لَا يعقل ابْن أُخْته، كَذَلِك لَا يَرِثُهُ.
وَذهب كثيرٌ من أهل الْعلم إِلَى توريثهم عِنْد عدم الْوَرَثَة، وَهُوَ قولُ عُمَر، وَعلي، وَعَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّعْبِيّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ، وَأَحْمَد، وأصحابُ الرَّأْي، ثُمَّ عِنْد عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود يُقدم ذَوُو الْأَرْحَام على مَوْلَى الْعتاق، وَعند عَليّ يُقدم مَوْلَى الْعتاق عَلَيْهِم، وَهَذَا قولُ هَؤُلَاءِ الفُقهاء، ويقدمون الردَّ على أَصْحَاب الْفَرَائِض، سوى الزَّوْجَيْنِ مثل الْبِنْت، وَالأُم، وَالْأُخْت، على تورث من لَيْسَ بِذِي فرض من ذَوي الْأَرْحَام، ثُمَّ عِنْد عَليّ مَا فضل من فرائضهم يُردُّ عَلَيْهِم، ويُقسم على سِهَام فرائضهم، وَهُوَ قَول أَبِي حنيفَة، وَعند ابْن مَسْعُود لَا يردُّ على بنت الابْن مَعَ بنت
الصُّلب، بل يكون للْبِنْت النصفُ، ولبنت الابْن السُّدسُ، وَالْبَاقِي للْبِنْت، وَكَذَلِكَ لَا يرد على أَخ لأم مَعَ أم، بل يكون الْبَاقِي بعد فرضهما للْأُم، وَلَا على جدة إِذا كَانَ مَعهَا غَيرهَا ممَّن لَهُ فَرِيضَة.
ثمَّ الْمَشْهُور من مَذهبهم فِي تَرْتِيب ترويثهم، تَقْدِيم من ينتمي إِلَى الميِّت، وهم أَوْلَاد الْبَنَات، ثُمَّ من ينتمي إِلَيْهِ الميِّت، وهم الأجدادُ والجدَّاتُ، ثُمَّ تُعتبر جهةُ أخوة الْمَيِّت، ثُمَّ جِهَة أخوة الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب من آبَائِهِ وأمَّهاته، كَمَا فِي تَوْرِيث الْعَصَبَات، فَمَا دَامَ للْمَيت أحدٌ من أَوْلَاد الْبَنَات وَإِن سفلَ، فَلَا شَيْء لأَب الْأُم، وَلَا شَيْء لأحد من بَنَات الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات مَعَ وجود أحد من الأجداد والجدات وَإِن علا، وَلَا شَيْء لأحد من العمات والأخوال والخالات مَعَ وجود أحد من بَنَات الْإِخْوَة، أَو الْأَخَوَات وَإِن سَفل.
ثمَّ فِي تَوْرِيث أَوْلَاد الْبَنَات يُقدمُ الْأَقْرَب إِلَى الْمَيِّت ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، فَإِن اسْتَووا فِي الدَّرجة، يُقدم الأقربُ إِلَى الْوَارِث، فَإِن اسْتَووا فِيهِ، فهم شُرَكَاء فِي الْمِيرَاث، وَإِن اخْتلفت أبدانهُم يُقسمُ بَينهم للذّكر مثلُ حظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَفِي تَوْرِيث الأجداد والجدَّات يُقدمُ الأقربُ إِلَى الْمَيِّت، فَإِن اسْتَووا فِي الدرجَة، فَلَا يُراعى القربُ إِلَى الْوَارِث، بل يُجعل الثُّلُثَانِ فِي جَانب الْمَيِّت ذكرا كَانَ فِي جَانِبه أَو أُنْثَى، وَالثلث فِي جَانب أمه ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، ثُمَّ إِن كَانَ فِي أحد الْجَانِبَيْنِ جمَاعَة يُجعل ذَلِكَ الثُّلُثَانِ أَو الثُّلُث بَينهم، فَإِن اخْتلفت أبدانهُم، يُقسم بَينهم للذّكر مثل حظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.
وَفِي تَوْرِيث بَنَات الْإِخْوَة وَأَوْلَاد الْأَخَوَات يُقدَّمُ الأقربُ إِلَى الْمَيِّت سَوَاء كَانَ من قبل الْأَب وَالأُم، أَو من قبل الْأَب، أَو من قبل الْأُم، فَإِن اسْتَووا فِي الدَّرجة، يقدم الأقربُ إِلَى الْوَارِث من أَي جِهَة كَانَ، فَإِن اسْتَووا فِيهِ، فَحِينَئِذٍ يقدمُ من كَانَ من قبل الْأَب وَالأُم، ثُمَّ من كَانَ من قبل الْأَب، ثُمَّ من كَانَ من قبل الْأُم، وَكَذَلِكَ فِي تَوْرِيث