الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِئْنَا أَبا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَفْلَسَ، فَقَالَ هَذَا الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ» .
قَوْلُهُ: هَذَا الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِعَيْنِهِ، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِهِ مِنَ الإِفْلاسِ، وَابْنُ خَلْدَةَ: هُوَ عُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ.
بَابُ قِسْمَةِ مَالِ المُفْلِسِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ
2135 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجِرَاحِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، نَا قُتَيْبَةُ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَشَجِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ» ، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِه:«خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، أَلا وَإِنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ، فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَإيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ، فَإِنَّ أوَّلَهُ هَمٌّ، وَآخِرَهُ حَرْبٌ.
قَوْلُهُ: فَادَّانَ مُعْرِضًا، أَيِ: اسْتَدَانَ مُعْرِضًا عَنِ الأَدَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ رِينَ، أَيْ: أَحَاطَ بِمَالِهِ الدَّيْنُ، يُقَالُ: رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا، إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ يُقْسَمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ، فَإِنْ نَفَذَ مَالُهُ وَفَضَلَ الدِّينُ يُنْظَرُ إِلَى الْمَيْسَرَةِ، وَتَصَرُّفُ الْمُفْلِسِ فِي مَالِهِ غَيْرُ نَافِذٍ، قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَلا بَيْعُهُ وَلا شِرَاؤُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَلَهُ عَبْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصَرُّفُ الْمَدْيُونِ نَافِذٌ مَا لَمْ يَحْجِرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي، ثُمَّ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَنْفَذُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ.