الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما الرقبى: هِيَ أَن يَجْعَلهَا الرجُل على أَن أيَّهما مَاتَ أَولا كَانَ للْآخر مِنْهُمَا، فكلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يرقُبُ موتَ صَاحبه، فَاخْتلف أهل الْعلم فِي جَوَازهَا، فَذهب جمَاعَة من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنَّهَا جَائِزَة كالعمرى، وَإِذا مَاتَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ يُورث عَنْهُ، وَشرط الرُّجُوع بَاطِل، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَذهب قومٌ إِلَى أَن الرقبى غير جَائِزَة، وَقيل: إِنَّهَا عَارِية لَا تورث، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَالْأول مُوَافق لظَاهِر الْحَدِيث.
وَفِيه دَلِيل على أَن من وهب شَيْئا، وَشرط فِيهِ شرطا فَاسِدا مثل أَن شَرط أَن لَا يَبِيعهُ، أَو لَا يهب، أَو إِن كَانَت جَارِيَة أَن لَا يَطَأهَا، وَمَا أشبه ذَلِكَ، أَن الْهِبَة صَحِيحَة وَالشّرط بَاطِل.
وَلَو قَالَ: جعُلتها لَك حَياتِي، فَلَا يُورث من الْمَدْفُوع إِلَيْهِ، وَهِي عَارِية، وَقيل: بَاطِلَة.
وَفِي حَدِيث العُمرى، دَلِيل على أنَّ أَلْفَاظ العُقود على عادات النَّاس.
وَلَو قَالَ: أخدمتك هَذِه الْجَارِيَة، قيل: هُوَ هبة، وَقَالَ بَعضهم: عَارِية، وَإِن قَالَ: كسوتُك هَذَا الثَّوْب، فهبة، وَلَو قَالَ: حَملتك على هَذَا الْفرس، فَجعله بعضُهم كالعمرى، وبعضُهم عَارِية يُرجع بهَا.
بَاب الرُّجُوعِ فِي الهِبَةِ
2200 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ،
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.
كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
2201 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَائِدُ فِي هبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ: الْهِبَة لَا يحصل بهَا الملكُ إِلا بعد التَّسْلِيم، وَإِذا سَلَّمَ، فَلَا يحل لهُ الرُّجُوع إِلا فِيمَا يهب لوَلَده لتخصيص السّنة.