الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب فِي مِيرَاثِ الأَبِ والْجَدِّ
قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 11].
2220 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلا، لاتَّخَذْتُهُ» ، أَنْزَلَهُ أَبًا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ.
هَذَا حِديثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ: الأبُ يَأْخُذ جَمِيع التَّرِكَة إِذا انْفَرد، ويأخذُ الْفضل عَنْ أَصْحَاب الْفَرَائِض، إِن كَانَ مَعهَا صاحبُ فرض، وَلم يكن للْمَيت ولد،
فَإِن كَانَ للْمَيت ابْن فللأب السُّدس، وَالْبَاقِي للْوَلَد، وَإِن كَانَ الْوَلَد أُنْثَى فللأب السُّدس، وللولد فَرضهَا، وَالْبَاقِي للْأَب بالعُصوبة.
والجدُّ: أَب الْأَب، وَإِن علا بِمَنْزِلَة الْأَب عِنْد عدم الْأَب، إِلا فِي أَربع مسَائِل، إِحْدَاهَا: فِي زوج وأَبوين، وَالثَّانيَِة: فِي زَوْجَة وأبوين، فَإِن للْأُم فيهمَا ثلث مَا يبْقى بعد نصيب الزَّوْج وَالزَّوْجَة، وَالْبَاقِي للْأَب، فَيكون فِي الْحَقِيقَة للْأُم فِي زوج وأبوين، السُّدس، وَفِي زَوْجَة وأبوين الرّبع، وَإِن كانَ مَكَان الْأَب جد، فللأم فيهمَا ثلثُ جَمِيع المَال.
هَذَا قَول أَكثر أهل الْعلم من الصَّحَابَة، فَمن بعدهمْ.
قَالَ ابْن مَسْعُود: مَا كَانَ ليراني أَن أفضِّلَ أمَّا على أَب.
وَذهب ابْن عَبَّاس فِي زوج وأبوين، وَزَوْجَة وأبوين، إِلَى أَن للْأُم فيهمَا ثلث جَمِيع المَال، وَهُوَ قولُ شُرَيْح، وَقَالَ ابْن سِيرِينَ فِي زَوْجَة وأبوين كَذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يكون فِيهِ تَفْضِيل الْأُم على الْأَب، وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَنْ عُمَر، وَابْن مَسْعُود، فِي زوج وجد وَأم، أَو زَوْجَة وجد وَأم، رُوي عَنْهُمَا أنَّ للْأُم فيهمَا ثلث مَا يبْقى بعد نصيب الزَّوْج وَالزَّوْجَة، وَالْبَاقِي للْجدّ كَمَا فِي الْأَب، وَرُوِيَ أَن للْأُم فيهمَا السُّدس.
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: أَن أم الْأَب تسْقط بِالْأَبِ، وَلَا تسْقط بالجد، وَهَذَا قَول الْأَكْثَرين، ورُوي عَنْ عُمَر، وَابْن مَسْعُود، أنَّ أمَّ الْأَب تَرث مَعَ الْأَب.
وَالْمَسْأَلَة الرَّابِعَة: أَن الْأَب يحجب الْإِخْوَة.
وَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْجد مَعَ الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم، أَو للْأَب، فَذهب جمَاعَة إِلَى أنَّ الْجد يُسقطهم كَالْأَبِ، وَهُوَ قَول أَبِي بَكْر الصّديق، وَابْن عَبَّاس، وَابْن الزبير، ومعاذ، وَأَبِي الدَّرْدَاء، وَعَائِشَة.
قَالَ ابْن عَبَّاس: يَرِثنِي ابْن ابْني دون إخوتي، وَلَا أَرثُ أَنا ابْن ابْني، وَبِهِ
قَالَ الْحَسَن، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَقَتَادَة، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو حنيفَة، وَإِسْحَاق.
وَذهب جمَاعَة إِلَى أنَّ الجدّ لَا يسقطهم، وَهُوَ قولُ عُمر، وعُثمان، وَعلي، وَزَيْد بْن ثَابِت، وَعَبْد اللَّهِ بْن مَسعود، وَبِهِ قَالَ مَالِك، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد.
ثمَّ تَفْصِيل مِيرَاث الْجد مَعَ الْإِخْوَة على مَذْهَب زَيْد بْن ثَابِت، أَنَّهُ إِن لم يكن مَعَهم صَاحب فرض، فللجد خيرُ الْأَمريْنِ، إمَّا الْمُقَاسَمَة مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات، للذّكر مثلُ حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، أَو ثلث جَمِيع المَال، أَو الْمُقَاسَمَة مَعَهم، وَإِن كَانَ مَعَهم صاحبُ فرض، فللجد خيرُ الْأُمُور الثَّلَاثَة: إِمَّا سدسُ جَمِيع المَال، أَو الْمُقَاسَمَة مَعَهم، أَو ثلث مَا يبْقى بعد نصيب صَاحب الْفَرْض، وَقَالَ عَليّ: يُقاسم الْجد الْإِخْوَة مَا دَامَت الْمُقَاسَمَة خيرا لهُ من السُّدس، فَإِن كَانَ السُّدسُ خيرا لَهُ من الْمُقَاسَمَة، فلهُ السُّدس، وَعند عَليّ، وَابْن مَسْعُود، للْأُخْت مَعَ الْجد فَرضهَا، وعَلى مَذْهَب زَيْد لَا يفْرض للْأُخْت مَعَ الْجد إِلا فِي مَسْأَلَة الأكدرية، وَهِي: زوج، وَأم، وجد وَأُخْت، فَللزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ الثُّلُث، وللجد السُّدس، وَللْأُخْت النّصْف وتعول الْمَسْأَلَة من سِتَّة بِنِصْفِهَا إِلَى تِسْعَة، يَنْضَم نصيب الْأُخْت إِلَى نصيب الْجد فَيقسم بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَلَا يستقيمُ أَرْبَعَة على ثَلَاثَة، فَيضْرب ثَلَاثَة فِي تِسْعَة، فَيصير سبعا وَعشْرين، للزَّوْج تِسْعَة، وَللْأُمّ سِتَّة، يبْقى اثْنَا عشر، للجدِّ مِنْهَا ثَمَانِيَة، وَللْأُخْت أَرْبَعَة، فَإِن كَانَ مَكَان الْأُخْت أَخ، فَلَا شَيْء لَهُ، وَإِن كَانَ فِيهَا أختَان، فَللزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ السُّدس، وللجد السُّدسُ وَالْبَاقِي للأختين، هَذَا قولُ زَيْد بْن ثَابِت، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ.
وَقَالَ عَليّ فِي الأكدرية: يُترك نصيبُ الْأُخْت فِي يَدهَا، وَقَالَ ابْن مَسْعُود فِي زوج وَأم وجد وَأَخ: إِن للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ ثلث مَا يبْقى، وللجد سهم، وللأخ سهم، وَإِذا اجْتمع مَعَ الْجد أَوْلَاد الْأَب وَالأُم، وَأَوْلَاد الْأَب، فهم سَوَاء فِي حق الْجد، كَأَنَّهُمْ من جِهَة وَاحِدَة، ثُمَّ بعد نصيب الْجد إِن كَانَ ولد الْأَب وَالأُم ذكرا، أَخذ الْبَاقِي، وَإِن كَانَت أُنْثَى فَإِن كَانَ الْبَاقِي قدر فَرضهَا أَو أقل، فلهَا وَلَا شَيْء لولد الْأَب، وَإِن كَانَ أَكثر فالفضل عَنْ قدر فَرضهَا لولد الْأَب، مثل أَن مَاتَ عَنْ جد، وَأَخ لأَب، وَأم، وَأَخ لأَب، فللجد الثُّلُث، وَالْبَاقِي للْأُخْت للْأَب وَالأُم، وَإِن كَانَ أُخْت لأَب وَأم، وَأُخْت لأَب، فَالْمَال بَين الْجد وَالْأُخْت، للْأَب وَالأُم نِصْفَانِ.
وَلَو كَانَ مَعَ الْجد أُخْت لأَب وَأم، وَأَخ لأَب، فللجد أَرْبَعَة من عشرَة، وَللْأُخْت للْأَب وَالأُم خَمْسَة، وللأخ للْأَب سهم، وَقَالَ عَليّ فِي جد، وَأُخْت لأَب وَأم، وَأَخ لأَب: فللأخت النّصْف، وَالْبَاقِي بَين الْجد وَالْأَخ نِصْفَانِ.
وَبَين الصَّحَابَة اختلافات شَاذَّة فِي آحَاد مسَائِل الْجد مَعَ الْإِخْوَة، وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَكثر الْفُقَهَاء أحدُ المذهبين: إِمَّا حجب الْإِخْوَة بالجدِّ، أَو توريثهما على مَذْهَب زَيْد بْن ثَابِت على التَّفْصِيل الَّذِي سبق، وَالله أعلم.
ورُوي عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، أَنَّ عُمَرَ كَانَ كَتَبَ مِيرَاثَ الجَدِّ حَتَّى إِذا طُعِنَ دَعَا بِهِ فَمَحَاهُ، ثُمَّ قَالَ: سَتَرَوْنَ رَأْيَكُم فِيهِ.
وسُئل عَليّ عَنْ فَرِيضَة، فَقَالَ: إنُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدّ فَهَاتِهَا، وَقَالَ عَلي: مَنْ