الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بني الْإِخْوَة، ثُمَّ عَم الْأَب، ثُمَّ عَم الْجد على هَذَا التَّرْتِيب، فَإِن لم يكن أحد من عصبات النّسَب، وعَلى الْمَيِّت وَلَاء، فالميراث للْمُعْتق، فَإِن لم يكن حَيا، فلعصبات المعتِق.
رُوي عَنِ ابْن سِيرِينَ، قَالَ:«توفيت فُكيهة بنت سَمْعَان، فَتركت ابْن أَخِيهَا لأَبِيهَا، وَبني بني أَخِيهَا لأَبِيهَا وَأمّهَا، فورث عُمَر بني أَخِيهَا لأَبِيهَا» .
بَاب مَيَراثِ الأَوْلادِ
قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: 11].
2217 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ: كَانَت الوصيةُ للأقارب وَاجِبَة فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام، إِلَى أَن نُسخت بِآيَة الْمِيرَاث، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي خطبَته عامَ حجَّة الْوَدَاع:«إِنَّ اللَّه قَدْ أَعْطَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصَيَّة لِوَارِثٍ» .
2218 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا شُعْبَةُ، نَا أَبُو قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ، يَقُولُ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ، وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَللأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتَابِعُنِي، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِلبِنْتِ النِّصْفُ، ولابْنَةِ الابْنِ السُّدُسُ تَكمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، ومَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ» ، فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى، فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرَ فِيكُمْ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ: الابنُ إِذْ انْفَرد أخذَ كل الْمِيرَاث، والبنون يشتركون فِيهِ، وللبنت الْوَاحِدَة النّصْف، وللبنتين فَصَاعِدا الثُّلُثَانِ.
وَإِذا خلف بَنِينَ وَبَنَات، فالمالُ بَينهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَوْلَاد الابْن بِمَنْزِلَة أَوْلَاد الصُّلب عِنْد عدم أَوْلَاد الصلب، وَإِذا اجْتمع ولدُ الصُّلب مَعَ ولد الابْن، فَإِن كَانَ ولد الصُّلب ذكرا، فَلَا شَيْء لولد الابْن، وَإِن كَانَ ولد الصُّلب أُنْثَى، فَإِن كَانَت وَاحِدَة، فلهَا النّصْف، ثُمَّ إِن كَانَ ولدُ الابْن ذكرا، فالباقي لَهُ، وَإِن كَانَ أُنْثَى وَاحِدَة أَو أَكثر، فلهنَّ السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ، وَإِن كَانُوا ذُكُورا وإناثًا فالباقي بَينهم، للذّكر مثلُ حظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِن كَانَ ولد الصُّلب أَكثر من وَاحِدَة كلُّهُنَّ إناث، فَلَهُنَّ الثلثانِ، ثُمَّ لَا شَيْء لبنات الابْن، إِلا أَن يكون مَعَهُنَّ أَو أسفلَ مِنْهُنَّ ذكرٌ، فيُعصبهن، فَكَانَ الْبَاقِي بَينهم، للذّكر مثلُ حظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَكَذَلِكَ حُكم مِيرَاث الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم مَعَ الْإِخْوَة للْأَب، فَإِن كَانَ ولدُ الْأَب وَالأُم ذكرا فَلَا شَيْء لولد الْأَب، وَإِن كَانَت أُنْثَى، نظر إِن كَانَت وَاحِدَة، فلهَا النّصْف، ثُمَّ إِن كَانَ ولد الْأَب ذكرا، فالباقي لَهُ، وَإِن كَانَ أُنْثَى وَاحِدَة فَأكْثر، فَلَهُنَّ السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ، وَإِن كَانُوا ذُكُورا وإناثًا، فالباقي بَينهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِن كَانَ ولدُ الْأَب وَالأُم أَكثر من وَاحِدَة، كُلهنَّ إناث، فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، ثُمَّ لَا شَيْء لولد الْأَب إِلا أَن يكون فيهم ذكر، فَيكون
الْبَاقِي لَهُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ.
هَذَا قَول عَامَّة الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء، إِلا ابْن مَسْعُود فإنهُ يَقُول: إِذا مَاتَ عَنْ بنت، وَبَنَات ابْن، وَبني ابْن، فللبنت النّصْف، ولبنات الابْن أضرُّ الْأَمريْنِ من الْمُقَاسَمَة، أَو السُّدس.
وَلَو مَاتَ عَنْ بنتين، وَأَوْلَاد ابْن بَنِينَ وَبَنَات، فللبنتين الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لبني الابْن، وَلَا شَيْء لبنَاته، وَلَا يَزِيد حَظّ الْبَنَات على الثُّلثَيْنِ.
وَكَذَلِكَ يَقُول: إِذا مَاتَ عَنْ أُخْت لأَب وَأم، وإخوة وأخوات لأَب، فللأخت للْأَب وَالأُم النّصْف، وللأخوات للْأَب أضرّ الْأَمريْنِ من السُّدس، أَو الْمُقَاسَمَة مَعَ الْإِخْوَة.
وَلَو مَاتَ عَنْ أُخْتَيْنِ لأَب وَأم، وإخوة وأخوات لأَب، فلأختين لأَب وَأم الثلثانِ، وَالْبَاقِي للإخوة للْأَب، وَلَا شَيْء للأخوات.
وَتفرد ابْن مَسعود بِخمْس مسَائِل فِي الْفَرَائِض هَذِه أَرْبَعَة، وَالْخَامِسَة، قَالَ: من لَا يَرث كالابن الْكَافِر، وَالرَّقِيق، وَالْقَاتِل، يحجب أَصْحَاب الْفَرَائِض حجب النُّقْصَان، فيردُّ الزَّوْج إِلَى الرّبع، وَالزَّوْجَة إِلَى الثّمن، وَالأُم إِلَى السُّدس، وَعَامة الصَّحَابَة على أَنَّهُ لَا يحجب، كَمَا لَا يحجب حجب الحرمان.
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي حَدِيث هزيلٌ دَلِيل على أَن الْأُخْت للْأَب، وَالأُم أَو الْأَب مَعَ الْبِنْت عصبَة، وَهُوَ قَول عَامَّة العُلماء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ، إِلا ابْن عَبَّاس، فَإِنَّهُ قَالَ: تسْقط الْأُخْت بالبنت، لأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى قَالَ:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النِّسَاء: 176] فَإِنَّمَا جعل للْأُخْت النّصْف إِذا لم يكن للْمَيت ولد.
قَالَ الإِمَامُ: وَقَول الْعَامَّة مُوَافق لظَاهِر الْآيَة من حَيْثُ أَن اللَّه سبحانه وتعالى بيَّن فرض الْأَخَوَات فِي هَذِه الْآيَة، وَلَا فرض للأخوات مَعَ الْوَلَد بِحَال.