الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي لَيْلَى.
وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الشَّجَرَةِ، وَمَفْهُومُهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الطَّلْعُ فِيهِ.
وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا، فَيَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِهَا كُلُّ مَا هُوَ مُثْبَتٌ فِيهَا لِلتَّأْبِيدِ كَالْبِنَاءِ وَالأَشْجَارِ، إِلا أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا لِنَفْسِهِ، فَيَبْقَى لَهُ مَا اسْتَثْنَاهُ، وَلا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالدَّفَائِنِ وَالْمَنْقُولاتِ.
وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ، لأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّأْبِيدِ، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا يَجُزُّ مَا ظَهَرَ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْبُتُ مِثْلَ الْقَتِّ وَالْكُرَّاثِ وَنَحْوِهَا، فَالْجَزَّةُ الظَّاهِرَةُ مِنْهَا تَبْقَى لِلْبَائِعِ، وَأَصْلُهَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الأَرْضِ.
بَاب مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ
.
2085 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، ح.
وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» .
2086 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ،
عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ بَاعَ نَخْلا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» .
هَذَانِ الحَدِيثَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِمَا.
أَخْرَجَهُمَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
كِلاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ بِحَالٍ، وَأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ مَلَّكَهُ لَا يمْلِكُ، لأَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا، كَالْبَهَائِمِ.
وَقَوْلُهُ: «وَلَهُ مَالٌ» هَذِهِ إِضَافَةُ مَجَازٍ لَا إِضَافَةَ مِلْكٍ، كَمَا يُضَافُ السَّرْجُ إِلَى الْفَرَسِ، وَالإِكَافُ إِلَى الْحِمَارِ، وَالْغَنَمُ إِلَى الرَّاعِي، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ:«فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ» أَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِ وَإِلَى الْبَائِعِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ كُلُّهُ مِلْكًا لاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَثَبَتَ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى الْعَبْدِ مَجَازٌ وَإِلَى الْمَوْلَى حَقِيقَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمَوْلَى إِذَا مَلَّكَ عَبْدَهُ مَالا، فَقَبِلَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ، وَيُحْكَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.
وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا، لَوْ بَاعَهُ الْمَوْلَى، وَبِاسْمِهِ مَالٌ، لَا يَدْخُلُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ إِلا أَنْ يَبِيعَهُ مَعَهُ.
ثُمَّ إِذَا بَاعَ الْمَالَ مَعَهُ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي بِاسْمِهِ عَيْنًا مَعْلُومَةً.
وَعِنْدَ مَالِكٍ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَالِ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولا، أَوْ دَيْنًا عَلَى الْغَيْرِ، لأَنَّهُ تَبَعٌ لِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ حَمْلِ الشَّاةِ وَلَبَنِهَا، وَلَوْ كَانَ كَالْحَمْلِ وَاللَّبَنِ، لَدَخَلَ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الأَصْلِ، فَلَمَّا لَمْ يَدْخُلْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبَعٍ بَلْ هُوَ مَقْصُودٌ، فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ: مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً قَدْ زُيِّنَتْ، فَمَا عَلَيْهَا لِلْمُشْتَرِي، إِلا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ الْبَائِعُ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَالْمَالُ يَكُونُ لِلْمَوْلَى.
وَذَهَبَ النَّخَعِيُّ إِلَى أَنَّ الْمَالَ لِلْعَبْدِ إِذَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ، إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ» .
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَالَ لِلْمَوْلَى، كَمَا فِي الْبَيْعِ لَا يَتْبَعُهُ الْمَالُ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ فِي الْعِتْقِ عَلَى النَّدْبِ وَالاسْتِحْبَابِ، فَكَمَا أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ إِنْعَامًا مِنْهُ عَلَيْهِ وَمَعْرُوفًا اصْطَنَعَهُ إِلَيْهِ، نَدَبَه إِلَى مُسَامَحَتِهِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ إِتْمَامًا لِلصَّنِيعَةِ.
وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ مِنَ السَّادَةِ بِالإِحْسَانِ إِلَى مَمَالِيكِهِمْ إِذَا أَرَادُوا إِعْتَاقَهُمْ، وَالتَّجَافِي لَهُمْ عَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ أَقْرَبُ إِلَى الْبِرِّ.
وَلا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ التَّسَرِّي عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: لَا مِلْكَ لَهُ.
وَعَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، يَجُوزُ لهُ التَّسَرِّي إِذَا مَلَّكَهُ الْمَوْلَى جَارِيَةً.
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَسَرِّي الْعَبْدِ، وَيُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ.