المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب النهي عن الملامسة والمنابذة - شرح السنة للبغوي - جـ ٨

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌13 - كتاب البيوع

- ‌بَابُ إِبَاحَةِ التِّجَارةِ

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلالِ

- ‌بَابُ الاتِّقَاءِ عَنِ الشُّبُهَاتِ

- ‌بَابُ كَسْبِ الْحَجَّامِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالدَّمِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ

- ‌بَاب السُّهُولَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌بَاب كَرَاهِيَةِ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَاب خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ

- ‌بَاب خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَاب وَعِيدِ آكِلِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيَانِ مَالِ الرِّبَا وَحُكْمِهِ

- ‌بَاب تَحْرِيمِ بَيْعِ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ جُزَافًا

- ‌بَاب الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ

- ‌بَاب الاحْتِيَالِ لِلْخَلاصِ عَنِ الرِّبَا

- ‌بَاب بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانَيْنِ

- ‌بَاب بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ

- ‌بَاب بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَرَايَا

- ‌بَاب قَدْرُ الْعَرِيَّةِ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا

- ‌بَاب وَضْعِ الْجَائِحَةِ

- ‌بَاب بَيْعِ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ

- ‌بَاب مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌بَاب بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ

- ‌بَابُ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَثَمَنِ عَسْبِ الفَحْلِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ

- ‌بَابُ شِرَاءِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الإِعْتَاقِ

- ‌بَابُ مَنْ بَاعَ دَابَّةً وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ ظَهْرَهَا

- ‌بَابُ الإِقَالَةِ

- ‌بَابُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌بَابُ تَحرِيمِ الْغِشِّ فِي البَيْعِ

- ‌بَابُ اخْتِلافِ المُتَبَايِعَيْنِ

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌بَابُ التَّسْعِيرِ

- ‌بَابُ الاحْتِكَارِ

- ‌بَابُ الرَّهْنِ

- ‌بَابُ الانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ

- ‌بَابُ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ أَفْلَسَ بالثَّمَنِ لِلْبَائعِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ مَالِ المُفْلِسِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ

- ‌بَابُ حُسْنِ قَضَاءِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا

- ‌بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الْحَقِّ إِذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ حَقَّهُ

- ‌بَابُ الصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ

- ‌بَابُ مَطْلِ الْغَنِيِّ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الدَّيْنِ

- ‌بَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌بَابُ التَّوْكِيلِ

- ‌بَابُ العَارِيَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْعَارِيَةِ

- ‌بَابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا

- ‌بَابُ مَنْ غَرَسَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَبَ مَاشِيَةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ

- ‌بَابُ الْمَاشِيَةِ إذَا أَتْلَفَتْ مَالَ الغَيْرِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ عَرْضِ الدَّارِ عَلَى الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ وَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ

- ‌بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌بَاب الْإِجَارَة وَجَوَاز إِجَارَة الْأَرَاضِي

- ‌بَاب استِئْجَارِ الأَحْرَارِ

- ‌بَاب إِثْمِ مَنْ مَنَعَ أُجْرَةَ الأَجِيرِ

- ‌بَاب أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ والرُّقْيَةِ بِهِ

- ‌بَاب إِحْيَاءِ المَوَاتِ

- ‌بَاب الحِمَى

- ‌بَاب الإقْطاع

- ‌بَاب تَرْتيِبِ سَقْيِ الأَرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ

- ‌14 - كِتَاب العَطَايا وَالهَدَايا

- ‌بَاب الوَقْفِ

- ‌بَاب العُمْرى وَالرُّقْبَى

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي الهِبَةِ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ فِي هَبَةِ الوَلَدِ والتَّسْوَيَةِ بَيْنَ الأَوْلادِ فِي النَّحلِ

- ‌بَاب قَبْضِ المَوْهُوبِ

- ‌بَابُ مَا لِوَلِيِّ اليَتيِمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ اليَتيِمِ

- ‌بَاب اللُّقَطَةِ

- ‌بَاب اللَّقِيطِ

- ‌15 - كِتَابُ الفَرَائضِ

- ‌بَاب مَيَراثِ الأَوْلادِ

- ‌بَاب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ

- ‌بَاب فِي مِيرَاثِ الأَبِ والْجَدِّ

- ‌بَاب فِي مِيرَاث الْأُم وَالْجدّة

- ‌بَاب الوَلاء

- ‌بَاب جَرِّ الوَلاء

- ‌بَاب الوَلاء لَا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ

- ‌بَاب مِيرَاثُ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌بَاب الرَّجُلِ يَمُوت وَلَا وَارِثَ لَهُ

- ‌بَاب الأَسْباب الَّتي تَمْنَعُ الميراثَ

- ‌بَاب تَوْرِيثِ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌بَابتَوْرِيتِالْمَبْتُوتةِ

الفصل: ‌باب النهي عن الملامسة والمنابذة

‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ

2101 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ المُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ» .

قَالَ: وَالْمُلامَسَةُ: أَنْ يَلمَسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ، وَلا يَنْشُرَهُ وَلا يَتَبَيَّنَ مَا فِيهِ، أَوْ أَنْ يَبْتَاعَهُ لَيْلا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ.

وَالْمُنَابَذةُ: أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ، وَيَنْبِذَ إِلَيْهِ الآخَرُ ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا، يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: هَذَا بِهَذَا.

فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.

ص: 129

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَغَيْرِهِ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى.

كُلٌّ عَنْ مَالِكٍ.

قَالَ الإِمَامُ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يَجْعَلا لَمْسَ الشَّيْءِ أَوِ النَّبْذَ إِلَيْهِ بَيْعًا بَيْنَهُمَا، مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَتَأَمُّلٍ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ بِيُوعِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُعَاطَاةِ، فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ بَيْعًا، إِجْرَاءً لِلأَمْرِ عَلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ بَيْنَهُمْ.

وَاكْتَرَى الْحَسَنُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسَ، حِمَارًا، فَقَالَ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: بِدَانِقَيْنِ.

فَرَكِبَهُ، ثُمَّ جَاءَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: الْحِمَارَ.

فَرَكِبَهُ وَلَمْ يُشَارِطْهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ.

وَفِي النَّهْيِ عَنِ الْمُلامَسَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شِرَاءَ الأَعْمَى وَبَيْعَهُ بَاطِلٌ، لأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إِلَى رُؤْيَتِهِ، فَأَمَّا الْبَصِيرُ إِذًا اشْتَرَى عَيْنًا غَائِبَةً لَمْ يَرَهَا، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِهِ.

ص: 130

2102 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ» .

قَالَ الإِمَامُ: هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلا، وَقَدْ صَحَّ مَوْصُولا.

2103 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَمَعْنَى بَيْعِ الْحَصَاةِ: أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: إِذَا نَبَذْتُ إِلَيْكَ الْحَصَاةُ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِيمَا نَبِيعُهُ.

وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُنَابَذَةِ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: انْبِذِ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَقَعَ الْحَجَرُ، فَهَذَا لَكَ بَيْعًا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَصَاةِ.

وَقِيلَ: الْحَصَاةُ أَنْ يَرْمِيَ بِحَصَاةٍ

ص: 131

فِي قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَيَقُولُ: أَيُّ شَاةٍ أَصَابَتْهَا الْحَصَاةُ كَانَتْ مَبِيعَةً مِنْكَ.

وَأَمَّا الْغَرَرُ، فَهُوَ مَا خَفِيَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: طَوَيْتُ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّهِ أَيْ: عَلَى كَسْرِهِ الأَوَّلُ.

وَقِيلَ: سُمِّيَ غَرَرًا مِنَ الْغُرُورِ، لأَنَّ ظَاهِرَهُ بَيْعٌ يَسُرُّ وَبَاطِنَهُ مَجْهُولٌ يَغُرُّ.

وَسُمِّيَ الشَّيْطَانُ غَرُورًا لِهَذَا، لأَنَّهُ يَحْمِلُ الإِنْسَانَ عَلَى مَا تُحِبُّهُ نَفْسُهُ وَوَرَاءَهُ مَا يَسُوءُهُ.

فَكُلُّ بَيْعٍ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهِ مَجْهُولا أَوْ مَعْجُوزًا عَنْهُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَهُوَ غَرَرٌ.

مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ، وَالسَّمَكَ فِي الْمَاءِ، أَوِ الْعَبْدَ الآبِقَ، أَوِ الْجَمَلَ الشَّارِدَ، أَوِ الْحَمَلَ فِي الْبَطْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ، وَالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ.

وَمِنْ جُمْلَةِ الْغَرَرِ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدَنِ، وَتُرَابُ الصَّاغَةِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ مِنَ النَّقْدِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ: عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، لِلْجَهْلِ بِمَا فِيهَا مِنَ النُّقْرَةِ.

2104 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزَّغْرِتَانِيُّ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، نَا هُشَيْمٌ، نَا أَبُو عَامِرٍ، نَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «نَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ المُضْطَرِّينَ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ، وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ» .

ص: 132

قَالَ الإِمَامُ: وَإِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ، وَأَبُو عَامِرٍ هُوَ صَالِحُ بْنُ عَارِمٍ.

وَبَيْعُ الْمُضْطَرِّ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يُكْرَهَ الرَّجُلُ بِالْبَاطِلِ عَلَى بَيْعِ مَا لَهُ فَفَعَلَ، فَلا يَصِحُّ بَيْعُهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَرْكَبَهُ الدُّيُونُ، فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِبَيْعِ مَا لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمِثلِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَيَكُونُ جَائِزًا.

وَإِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى بَيْعِ مَا لَهُ بِالْوَكْسِ لِمَؤُنةٍ رَهِقَتْهُ، فَسَبِيلُ هَذَا فِي حَقِّ الدِّينِ وَالْمُرُوءَةُ أَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَيْهِ بِمَالِهِ، وَلَكِنْ يُعَانُ بِالاقْتِرَاضِ، وَالإِمْهَالِ، إِلَى أَنْ يُوسِرَ، أَوْ يَجِدَ السَّبِيلَ إِلَى بَيْعِ مَا لَهُ مِنْ غَيْرِ بَخْسٍ يَلْحَقُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بَاعَ مَا لَهُ مَعَ الضَّرُورَةِ، فَبَيْعُهُ جَائِزٌ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا لَمْ يَرَهُ، فَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ الْمُشْتَرِي، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَإِجَازَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ: السَّاجُ وَالْمُدْرَجُ فِي جِرَابِهِ، وَالثَّوْبُ

ص: 133

الْمُدْرَجُ فِي طَيِّهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يُنْشَرَا، وَيُنْظَرُ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا.

وَجَوَّزَ بَيْعَ الأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشَرَ، وَإِذَا نَشَرَهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَقَالَ: لأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمُ الَّتِي لَا يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا.

وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، وَاللَّبَنَ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ، إِلا بِكَيْلٍ.

قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: بَيْعُ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ لَا يَجُوزُ، كَبَيْعِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ، وَلا بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضِّرْعِ، لأَنَّهُ مَجْهُولٌ.

وَقَوْلُهُ: إِلا بِكَيْلٍ، مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يُسَلّمَ فِي لَبَنِ الْغَنَمِ كَيْلا، فَجَائِزٌ.

2105 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: نَهَى عَنِ الْمُلامَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ فِي البَيْعِ.

وَالْمُلامَسَةُ: لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ وَلا يَقْلِبُهُ إِلا بِذَلِكَ، وَالمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ، وَينْبِذَ الآخَرُ ثَوْبَهُ، وَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا عَنْ غَيْرِ

ص: 134

نَظَرٍ وَلا تَرَاضٍ.

وَاللّبْسَتَانِ: اشْتِمَالُ الصَّمَاءِ، وَالصَّمَاءُ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ، وَأَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، واللّبْسَةُ الأُخْرَى: احْتِبَاؤُهُ بِثَوْبِهِ وَهُوَ جَالِسٌ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ منْهُ شَيْءٌ ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ.

2106 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ العُرْبَانِ» .

قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ، أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ تَكَارَى مِنْهُ: أَنَا أُعْطِيكَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، عَلَى أَنِّي أَخَذْتُ السِّلْعَةَ،

ص: 135