الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ
.
2087 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كُلٌّ عَنْ مَالِكٍ.
2087 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» .
2088 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:«كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِنَقْلِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَا فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي ضَمْرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ.
2089 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، ح.
وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُسْتَوْفَى» .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرَأْيِهِ: وَلا أَحْسَبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلا مِثْلَهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ.
كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ الإِمَامُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبلَ الْقَبْضِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُ.
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالسِّلَعِ وَالْعَقَارِ، فِي أَنَّ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ،
وَأَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَنْقُولِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَا عَدَا الْمَطْعُومَ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
قَالَ الإِمَامُ: وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إِجَارَتُهُ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ الْبَائِعِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي مَنْعِ الْجَوَازِ.
وَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ فَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ يُنْفِذُ عِتْقَهُ، وَكَانَ قَبْضًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، لأَنَّ الْعِتْقَ إِتْلافٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ لِمَا
2090 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ نَا سُفْيَانُ، نَا عَمْرٌو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ.
فَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: بِعْنِيهِ.
فَبَاعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ الْقَبْضُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأَشْيَاءِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ مِثْلُ أَنِ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا أَوْ شَجَرَةً ثَابِتَةً، فَقَبَضَهَا أَنْ يُخَلِّيَ الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فَارِغَةً بِلا حَائِلٍ، وَإِنْ كَانَ مَنْقُولا، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا أَخَذَهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا سَاقَهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ جُزَافًا، نَقَلَهُ مِنْ مَكَانِ الشِّرَاءِ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَبْتَاعُونَ جُزَافًا، يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُئْوُهُ إِلَى رِحَالِهِمْ.
قَالَ الإِمَامُ: إِنِ اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً، فَقَبْضُهُ أَنْ يَنْقِلَهُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، فَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا، فَقَبْضُهُ فَاسِدٌ، وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَلا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ حَتَّى يَكِيلَ أَوْ يَزِنَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ.
وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَاهُ كَيْلا، فَقَبَضَ بِالْوَزْنِ، أَوِ اشْتَرَى وَزْنًا، فَقَبَضَ بِالْكَيْلِ، فَقَبْضُهُ فَاسِدٌ.
وَلَوِ ابْتَاعَ طَعَامًا كَيْلا، وَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَيْلا، لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهُ بِالْكَيْلِ الأَوَّلِ، حَتَّى يَكِيلَهُ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا، لِمَا رُوِيَ عَنْ
عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا بِعْتَ فَكِلْ، وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ» .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَجَوَّزَ عَطَاءٌ بَيْعَهُ بِالْكَيْلِ الأَوَّلِ، وَسَوَاءً بَاعَهُ نَسِيئَةً أَوْ نَقْدًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ بَاعَهُ نَقْدًا يَجُوزُ بِالْكَيْلِ الأَوَّلِ، وَإِنْ بَاعَهُ نَسِيئَةً فَلا يَجُوزُ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَسْلَمَ إِلَى إِنْسَانٍ فِي طَعَامٍ، وَقَبِلَ السَّلَمَ عَنْ غَيْرِهِ فِي مِثْلِهِ، فَأَمَرَ مَنْ قَبِلَ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ إِلَيْهِ لِنَفْسِهِ، لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَكِيلُ عَلَى مَنْ قَبِلَ مِنْهُ ثَانيًا.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَى مَوْزُونًا وَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَ وَزْنًا، جَازَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْوَزْنِ الأَوَّلِ، لأَنَّ الْوَزْنَ لَا يَتَفَاوَتُ، وَالْكَيْلُ اجْتِهَادٌ، وَقَدْ يَقَعُ التَّفَاوُتُ
بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، فَإِذَا اشْتَرَى مُكَايَلَةً وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً، يَحْتَاجُ أَنْ يَكِيلَ ثَانِيًا، فَإِنْ فَضَلَ يَكُونُ الْفَضْلُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي، وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ مَرْفُوعًا إِلا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدٍ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ لَا يُجَوِّزُ بَيْعَ مَا اشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ، قَالُوا: إِذَا بَاعَ شَيْئًا بِدَرَاهِمَ، أَوْ بِدَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ، يَجُوزُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَنْهَا غَيْرَهَا، كَمَا يَجُوزُ الاسْتِبْدَالُ عَنِ الْقَرْضِ وَبَدَلُ الإِتْلافِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ مَا يُسْتَبْدَلُ فِي الْمَجْلِسِ، سَوَاءٌ اسْتَبْدَلُ عَنْهُ مَا يُوَافِقُهُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا أَوْ شَيْئًا آخَرَ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَبَدَلِ الإِتْلافِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَمْ تَفْتَرِقَا، وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» .
وَقِيلَ: إِذَا اسْتَبْدَلَ شَيْئًا لَا يُوَافِقُهُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَلا شَيْءَ
بَيْنَهُمَا فِي اقْتِضَاءِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنِ الآخَرِ، لأَنَّهُ يَسْتَبْدِلُ مِنْهُ مَا يُوَافِقُهُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا، وَالتَّقَابُضُ فِي بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآخَرِ شَرْطٌ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاسْتِبْدَالُ عَنِ الثَّمَنِ بِحَالٍ، كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ اقْتِضَاءُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنِ الآخَرِ، فَأَمَّا إِذَا اقْتَضَى عَنْهُمَا شَيْئًا آخَرَ، فَلا يَجُوزُ، لأَنَّ مُقْتَضَى الدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ لَا يُقْصَدُ بِهِ الرِّبْحُ، إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الاقْتِضَاءُ وَالتَّقَاصُّ بِالطَّرِيقِ الأَسْهَلِ، وَإِذَا اسْتَبْدَلَ مِنْهُمَا شَيْئًا آخَرَ، يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ الرِّبْحِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَجُوزُ اقْتِضَاءُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنِ الآخَرِ إِلا بِسِعْرِ الْيَوْمِ، وَهُوَ الأَصْوَبُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَجَوَّزَهُ غَيْرُهُ، سَوَاءً كَانَ بِأَغْلَى مِنْ سِعْرِ الْيَوْمِ أَوْ بِأَرْخَصَ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنِ شِهَابٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: هَذَا إِذَا اشْتَرَى مِمَّنْ بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ، فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَحَالَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ الْحَنْطَةَ، جَازَ، فَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ بِطَرِيقِ الْعَقْدِ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ هَلْ يَجُوزُ الاسْتِبْدَالُ عَنْهُ؟ نُظِرَ إِنْ ثَبَتَ سَلَمًا فَلا يَجُوزُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَلا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ» .
وَجَوَّزَ مَالِكٌ بَيْعَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مِنَ الْمُسَلَّمِ
إِلَيْهِ، وَمِنْ غَيْرِهِ إِلا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا، فَلَمْ يُجَوِّزِ الاسْتِبْدَالَ عَنْهُ.
وَإِنْ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى جَوَازِ الاسْتِبْدَالِ عَنْهُ، كَأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إِذَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ بَعْضُهُمْ، كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَحُكْمِ الصَّدَاقِ، وَبَدَلِ الْخُلْعِ، فِي الذِّمَّةِ كَالأَثْمَانِ عَلَى الأَصَحِّ.
وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَنْ يُجَوِّزُ بَيْعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ سِوَى الطَّعَامِ، لأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُثَمَّنِ إِلا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ، وَهُوَ الطَّعَامُ.
وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهِمْ، فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِبَائِعِهَا أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَ عَيْنِهَا.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ حَتَّى يَجُوزَ لِبَائِعِهَا أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَهَا مَكَانَهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْغَصْبِ وَالْوَدِيعَةِ، وَمَا يَتَعَيَّنُ فِي الْغَصْبِ وَالْوَدِيعَةِ يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ بِالتَّعْيِينِ، قِيَاسًا عَلَى السِّلَعِ.
وَلَوِ اسْتَبْدَلَ عَنِ الدَّيْنِ شَيْئًا مُؤَجَّلا لَا يَجُوزُ لِمَا
2091 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرَبَنْدَ كُشَائِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ محمَّدِ بْنِ سِرَاجٍ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَكِّيُّ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعكلِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» .
وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ الرَّبَذِيُّ أَبُو عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ وَتَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ قَبْلِ حِفْظِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ: هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ، بِأَنْ يُسَلِّمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ إِلَى سَنَةٍ فِي كُرِّ الطَّعَامِ، فَإِذَا انْقَضَتِ السَّنَةُ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِلدَّافِعِ: لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ، وَلَكِنْ بِعْنِي هَذَا الْكُرَّ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ إِلَى شَهْرٍ.
فهَذَا وَكُلُّ مَا أَشْبَهَ هَذَا، نَسِيئَةٌ انْتَقَلَ إِلَى نَسِيئَةٍ.
وَلَوْ قُبِضَ الطَّعَامُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِنَسِيئَةٍ، لَمْ يَكُنْ كَالِئًا بِكَالِئٍ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ حَقٌّ مُؤَجَّلٌ، فَعَجَّلَ بَعْضَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ الْبَاقِيَ، يَجُوزُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مَالِكٌ.
كَمَا لَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ، أَنَّ يَزِيدَ فِي الْحَقِّ وَالأَجَلِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنِ الْحَقِّ وَالأَجَلِ، فَيَكُونُ نُقْصَانُ الأَجَلِ بِمُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْحَقِّ.