الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ، أَمَّا بَيْعُ السِّلاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلا يَجُوزُ، وَيُكْرَهُ مِنَ الْبُغَاةِ، وَكَرِهَ عِمْرَانُ بْن حُصَيْنٍ، بَيْعَ السِّلاحِ فِي الْفِتْنَةِ.
بَابُ الانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ
2130 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ، أَنا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ ويَشْربُ النَّفَقَةُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الرَّهْنِ لَا تُعَطَّلْ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ، فَذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، إِلَى أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنَ الرَّهْنِ بِالْحَلْبِ، وَالرُّكُوبِ، دُونَ غَيْرِهِمَا بِقَدْرِ النَّفَقَةِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِنْ كَانَ الرَّاهِنُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَتَرَكَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، فَلُه رُكُوبُهُ وَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَرْكَبُ الضَّالَةَ بِقَدْرِ عَلْفِهَا وَتُحْلَبُ، وَالرَّهْنُ مِثْلُهُ.
وَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ، إِلَى أَنَّ مَنْفَعَةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، لأَنَّ الْفُرُوعَ تَابِعٌ للأُصُولِ، وَالأَصْلُ مِلكٌ لِلرَّاهِنِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا، فَمَاتَ، كَانَ كَفَنُهُ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا
2122 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، نَا الشَّافِعِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ، رضي الله عنه: غُنْمُهُ: زِيَادَتُهُ، وَغُرْمُهُ: هَلاكُهُ وَنَقْصُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ، لَا يُخَالِفُهُ.
قَوْلُهُ: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» ، مَعْنَاهُ: لَا يَسْتَغْلِقُ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ إِلَى الرَّاهِنِ، بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ لِلْمَرْهُونِ بِهِ، افْتَكَّ وَعَادَ إِلَى الرَّاهِنِ.
وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى كَذَا وَكَذَا، وَإِلا فَالرَّهْنُ لَكَ بِحَقِّكَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، يَعْنِي: لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَنْ يَدَعَ الرَّاهِنُ أَدَاءَ حَقِّهِ، وَيُرْوَى مِثْلُ هَذَا التَّفْسِيرِ، عَنْ طَاوُسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ: أَنَّ الرَّهِنَ يَرْجِعُ إِلَى الرَّاهِنِ، فَيَكُونُ غُنْمُهُ لَهُ، وَيَرْجِعُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ، فَيَكُونُ غُرْمُهُ عَلَيْهِ، وَشَرْطُهُمَا بَاطِلٌ.
وَقَوْلُهُ: «الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ» قِيلَ: أَرادَ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ، وَقَوْلُهُ:«لَهُ غُنْمُهُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّوَائِدَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ تَكُونُ لِلْرَاهِنِ، وَقَوْلُهُ:«وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ، وَلا يَسْقُطُ بِهَلاكِهِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إِنْ كَانَ قَدْرُ الْحَقِّ يَسْقُطُ بِهَلاكِهِ الْحَقُّ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الْحَقِّ، فَبِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنَ الْحَقِّ يَسْقُطُ، وَالْبَاقِي وَاجِبٌ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ، يَسْقُطُ الْحَقُّ، وَلا يَجِبُ ضَمَانُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَإِلَيْهِ