الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الإِمَامُ: الإِقَالَةُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ جَائِزَةٌ، قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَهِيَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ الأَوَّلِ حَتَّى لَوْ تَبَايَعَا وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلا، فَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَادَ إِلَيْهِ بِالإِقَالَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَلَوْ تَقَايَلا فِي السَّلَمِ، فَيَجُوزُ لِلْمُسَلَّمِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَرَدَّ، وَلَوْ كَانَ رَأَسُ الْمَالِ هَالِكًا فِي يَدِ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ، فَعَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ، فَلَوِ اسْتَبْدَلَ الْمُسَلَّمُ عَنْهُ شَيْئًا آخَرَ وَقَبَضَهُ، يَجُوزُ، لأَنَّ السَّلَمَ قَدِ ارْتَفَعَ بِالإِقَالَةِ، وَلَوْ أَقَالَ بَعْضَ السَّلَمِ، وَاسْتَرَدَّ بِقَدْرِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَبَضَ بَعْضًا، فَجَائِزٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ، وَأَجَازَهُ عَطَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ النَّخَعِيُّ، وَلَمْ يُجَوِّزْ مَالِكٌ الاسْتِبْدَالَ عَنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلا الإِقَالَةِ فِي بَعْضِ السَّلَمِ وَقَبْضِ الْبَعْضِ.
بَابُ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا
2118 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» .
2119 -
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَالْمُرَادُ بِالْخَرَاجِ: الدَّخْلُ وَالْمَنْفَعَةُ، وَمَعْنَى الْحَدِيثُ: أَنَّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا، فَاسْتَغَلَّهُ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَخَذَ كَسْبَهُ، أَوْ دَارًا فَسَكَنَهَا، أَوْ
أَجَّرَهَا فَأَخَذَ غَلَّتَهَا، أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا، أَوْ أَكْرَاهَا، فَأَخَذَ الْكِرَاءَ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى بَائِعَهَا، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي، لأَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، فَقَولُهُ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» أَيْ: مِلْكُ الْخَرَاجِ بِضَمَانِ الأَصْلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا يَحْدُثُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ نِتَاجِ الدَّابَّةِ، وَوَلَدِ الأَمَةِ، وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ وَصُوفِهَا، وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ: إِنَّ الْكُلَّ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي، وَلَهُ رَدُّ الأَصْلِ بِالْعَيْبِ.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، إِلَى أَنَّ حُدُوثَ الْوَلَدِ، وَالثَّمَرَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ رَدَّ الأَصْلِ بِالْعَيْبِ، بَلْ يَرْجِعُ بِالأَرْشِ، فَإِنْ هَلَكَ الْحَادِثُ، فَلَهُ رَدُّ الأَصْلِ بِالْعَيْبِ، فَأَمَّا الْغَلَّةُ، فَقَالُوا: لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ رَدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ يَرُدَّ مَعَهُ الْغَلَّةَ، وَإِنْ رَدَّ بَعْدَهُ، فَيَبْقَى لَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَرُدُّ الْوَلَدَ مَعَ الأَصْلِ، وَلا يَرُدُّ الصُّوفَ، وَلَوِ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِالشُّبْهَةِ، أَوْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، رَدَّهَا وَالْمَهْرُ لِلْمُشْتَرِي، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ هُوَ الْواطِئُ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَافْتُضَّتْ، فَلا رَدَّ لَهُ، لأَنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ نَقْصٌ حَدَثَ فِي يَدِهِ، بَلْ يَسْتَرِدُّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ قِيمَتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: وَطْءُ الثَّيِّبِ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ، أَنَّهُ قَالَ: ابْتَعْتُ غُلامًا فَاسْتَغْلَلْتُهُ، ثُمَّ ظَهَرْتُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ، فَخَاصَمْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَضَى لِي بِرَدِّهِ، وَقَضَى عَلَيَّ بِرَدِّ غَلَّتِهِ، فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَرُوحُ إِلَيْهِ الْعَشِيَّةَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي مِثْلِ