الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - كِتابُ اللِّبَاسِ
20 -
كِتابُ اللِّبَاسِ
(كتاب اللباس)
مِنَ الصِّحَاحِ:
3318 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: كانَ أحبُّ الثِّيابِ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَلْبَسَها الحِبَرة.
"من الصحاح":
" عن أنسٍ قال: كان أحبُّ الثيابِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يَلْبَسَها": بدل من الثياب.
"الحِبَرة"، وهي على وزن العِنَبة: البُرْد اليمنيُّ المخطَّطُ، وقد تُفتَح الحاء.
* * *
3319 -
وقالت عائشةُ رضي الله عنها: خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ غَداةٍ وعليهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِن شعرٍ أَسودَ.
"وقالت عائشةُ: خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ غداةٍ وعليه مِرْطٌ"، بكسر الميم ثم السكون: كساءٌ من صوف أو خزٍّ يؤتَزرُ به، وربَّما تُلْقيه المرأةُ على رأسها.
"مرَحَّلٌ من شعر أسود"، وهو بالحاء المهملة على أكثر الرواية، قال بعضٌ: هو الذي نقشَ فيه صُوَرَ الرجالِ، ذهبُوا في هذه التسمية إلى اختلاف الألوانِ والخطوطِ التي فيه، وبالجيم ما فيه صُوَر الرجال، وقيل ممشَّط الأَهْدَاب، والأَولى أن تُحملَ على ما في "صحاح الجوهري": مِرْطٌ مُرَحَّلٌ: إزارُ خَزٍّ فيه عَلَمٌ، فإنه أَولى مِن أن يقدَّرَ في ملبوسه صلى الله عليه وسلم صورةُ رجل، أو رجلٌ الذي هو مِن ملابس المَسَاخِر الذين يُضْحَك بهم.
* * *
3320 -
عن المغيرةِ بن شُعبةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لبسَ جُبَّةً روميةً ضَيقةَ الكُمَّينِ.
"عن المغيرةِ بن شُعبة - رضي الله تعالى عنه -: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لبسَ جُبَّةً روميَّةً ضَيقةَ الكمين": بيانٌ لقوله: (رومِيَّة).
* * *
3321 -
عن أبي بُرْدةَ قال: أخرجَتْ إلينا عائِشَةُ كِساءً مُلَبَّدًا وإزارًا غليظًا فقالت: قُبضَ روحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في هذيْنِ.
"عن أبي بُرْدة قال: أخرجتْ إلينا عائشةُ كِساءً ملبَّدًا"؛ أي: مرَّقعًا، واللِّبْدَة: الرقعة.
"وإزارًا غليظًا، فقالت: قُبضَ روحُ رسولِ الله في هذين".
* * *
3322 -
وعن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كانَ فِراشُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي ينامُ عليهِ أَدَمًا، حَشْوُهُ ليفٌ.
"وعن عائشة رضي الله عنها رضي الله تعالى عنها -: كان فراشُ رسولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي يَنامُ عليه أَدَمًا" بفتحتين: فراشٌ من الجلد.
"حشوه ليف".
* * *
3323 -
وقالت: كانَ وِسادَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي يَتَّكِئُ عليهِ أَدَمًا، حَشْوُه ليفٌ.
"وقالت عائشةُ: كان وِسادةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي يتَّكِئ عليه أَدَمًا حَشْوُه لِيفٌ".
* * *
3324 -
وقالت عائشةُ: بينا نحنُ جُلوسٌ في بيتِنا في حَرِّ الظَّهيرةِ قالَ: قائلٌ لأبي بكرٍ: هذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُقْبلًا مُتَقَنِّعًا.
"وقالت عائشة رضي الله عنها: بينا نحن جلوسٌ في بيتنا في حَرِّ الظهيرةِ قال قائل لأبي بكر: هذا رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم مُقْبلًا"؛ أي: جائيًا قاصدًا إلى مكان.
"متقنِّعًا"؛ أي: مغطِّيًا رأسه بطرَفِ ردائهِ، وإنما فعلَ صلى الله عليه وسلم ذلك لحَرِّ الظهيرةِ، وهو من عادةِ العرب عند الظهيرة.
* * *
3325 -
وعن جابرٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: فِراشٌ للرَّجلِ، وفِراشٌ
لامرأتهِ، والثالثُ للضَّيفِ، والرابعُ لِلشَّيطانِ.
"عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: فِراشٌ للرجل، وفراشٌ لامرأته"، استدلَّ بعضٌ بهذا على أن الرجلَ لا ينامُ بامرأته، وهو ضعيف؛ لأن النومَ معها بغير إزارٍ أفضلُ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فعلَه، بل تعدادهُ فِراشًا لامرأته من جهة أنه يحتاجُ كلُّ واحدٍ منهما إلى فراشٍ عند المرض.
"والثالثُ للضَّيف، والرابع للشيطان"، معناه: أنه زائدٌ على الحاجة، وما زادَ عليها فإنَّما يُتَّخذُ للمباهاة غالبًا وهي مذمومة، وكل مذموم يضاف إلى الشيطان.
* * *
3326 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظرُ الله يومَ القيامةِ إلى مَن جرَّ إزارَه بَطَرًا".
"عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: أن رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لا ينظرُ الله يومَ القيامة"؛ أي: نظرَ الرَّحْمةِ، فيكونُ محمولًا على المستحلِّ، أو على الزَّجْر، ويجوزُ أن يرادَ به نَظَرُ اللُّطْفِ والعناية.
"إلى مَن جَرَّ إزارَه بَطَرًا"؛ أي: للِكبْر، يُفْهَمُ منه أنَّ جَرَّه إن لم يكن للكِبْر لا يكون حرامًا، لكنه مكروهٌ كراهةَ تَنْزيه.
* * *
3327 -
وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن جَرَّ ثوبَه خُيَلاءَ، لم يَنظُر الله إليهِ يومَ القيامةِ".
"عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: مَن جَرَّ ثوبَه خُيلاءَ"، بضم الخاء المعجمة؛ أي: كِبْرًا.
"لم يَنْظُر الله إليه يومَ القيامة".
* * *
3328 -
وقال: "بينَما رَجُلٌ يجرُّ إزارَه مِن الخُيَلاءِ، خُسِفَ بهِ فهو يَتجَلْجَلُ في الأرضِ إلى يومِ القيامةِ".
"وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: بينما رجلٌ يجرُّ إزارَه من الخيلاءِ خُسِفَ به"؛ أي: دخلَ في الأرض.
"فهو يتجَلْجَلُ في الأرض"؛ أي: يتحرَّكُ وينخسِفُ بالتدريج.
"إلى يوم القيامة"، يحتمل أن يكونَ ذلك من هذه الأمة، أخبرَ بصيغة الماضي لتحقُّقِ وقوعهِ، وأن يكونَ من الأمم الماضية، وهذا هو الصحيح.
* * *
3329 -
وقال: "ما أسفلَ مِن الكعبينِ مِن الإزارِ في النَّارِ".
"عن أبي هريرةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ما أسفلَ": (ما) مبتدأ موصولة، أو موصوفة، وصلتها، أو صفتها (كان) محذوفةً و (أسفلَ) ظرفٌ لهما.
"مِن الكعبين مِن الإزارِ في النارِ"، خبر المبتدأ.
قال الخَطَّابي: تأويلُه على وجهين:
أحدهما: أن ما دون الكَعبين مِن قدمِ صاحبهِ في النار عقوبةً له على فِعله.
وثانيهما: أن فِعلَه ذلك في النار؛ أي: معدودٌ من أفعال أهلِها.
* * *
3330 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يأكلَ الرَّجلُ بشِمالهِ، أو يمشيَ في نعلٍ واحدةٍ، وأنْ يشتملَ الصَّمَّاءَ، أو يحتبيَ في ثوبٍ واحدٍ كاشِفًا عن فَرْجهِ.
"عن جابرٍ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال: نهى رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأكلَ الرجلُ بشِماله"، تقدم بيانُه في (كتاب الأطعمة).
"أو يمشي في نَعْلٍ واحدةٍ"، يأتي بيانَه في (باب النعال).
"وأن يَشْتَمِلَ الصَّمَّاء"، وهو عند العرب تجليلُ الجَسدِ كلِّه بثوبٍ بلا رفعِ جانبٍ تخرجُ منه اليدُ، وذكر أبو عُبيد: أن الفقهاءَ يقولون: هو الاشتمالُ بثوبٍ واحدٍ، وليس عليه غيرُه، ثم يرفعُ مِن أحدِ جانبيه، ويوضَع على المَنْكِب فيبدو منه الفرج.
"أو يحتبيَ في ثوبٍ واحدٍ"، وهو جمعُ الظَّهر والساقين بثوبٍ أو غيره.
"كاشفًا عن فَرْجِه"، هذا إذا لم يكن الثوبُ واسِعًا قد أسبلَ شيئًا منه على فرجه، فإن كان واسعًا لا تظهرُ عورتُه فلا بأسَ بالاحتباء فيه، رويَ أنه صلى الله عليه وسلم احتبى بشَمْلَةِ وقعَ هدبُها على قدميه.
* * *
3331 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لبسَ الحريرَ في الدُّنيا لم يَلْبَسْهُ في الآخرةِ".
"وعن عبدِ الله بن الزُّبَير - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من لَبسَ الحريرَ في الدنيا لم يلبَسْه في الآخرة".
* * *
3332 -
وقال: "إنَّما يلبسُ الحريرَ في الدُّنيا مَن لا خَلاقَ لهُ في الآخرةِ".
"وقال: إنما يلبَسُ الحريرَ في الدنيا مَن لا خَلَاقَ"؛ أي: لا نصيبَ "له"، مِن لبسِ الحرير.
"في الآخرة"، فيكونُ عدمُ نصيبهِ منه كنايةً عن عدم دخولِ الجَنة؛ لقوله تعالى:{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] فيُؤَوَّل بالمستحل.
* * *
3333 -
عن حُذَيْفَةَ قال: نَهانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نشربَ في آنيةِ الذَّهَبِ والفضَّةِ، وأنْ نأكلَ فيها، وعن لُبْسِ الحريرِ والدِّيباجِ، وأنْ نجلسَ عليهِ.
"عن حُذَيفة قال: نهانا رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن نشربَ في آنيةِ الفضةِ والذهبِ وأن نأكلَ فيها وعن لبسِ الحريرِ والدِّيباج، وأن نجلسَ عليه".
* * *
3334 -
وقال عليُّ رضي الله عنه: أُهْدِيَتْ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم حُلَّةُ سيَراءَ فبعثَ بها إليَّ فلَبستُها، فعرفْتُ الغضبَ في وجههِ، فقالَ:"إنِّي لم أبعثْ بها إليكَ لِتَلبَسَها، إنما بعثتُ بها إليكَ لتُشَقِّقَها خُمُرًا بينَ النساءِ".
"وقال عليٌّ: أُهْدِيَتْ لرسولِ الله حُلَّةُ سيَرَاء" بكسر السين وفتح الياء: بُرْدٌ فيه خطوطٌ صغيرة، وقيل: نوعٌ من البرود مخالطةُ حريرٍ.
"فبعثَ بها إليَّ فلبستُها، فعرفتُ الغضبَ في وجهه، فقال: إني لم أبعث بها إليكَ لتلبسَها إنما بَعثتُ بها إليكَ لتشقِّقَها خُمُرًا"، حال أو تمييز، جمع
الخِمَار وهو المقنعة؛ أي: لتقطِّعَها قطعةً قطعةً، كلُّ قطعةِ قَدْر خِمار، وتقسِمَها "بين النساء".
* * *
3335 -
عن عمرَ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهَى عن لُبْسِ الحريرِ إلا هكذا، ورفعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إصْبَعَيْهِ، الوسطَى والسَّبَّابَةَ وضَمَّهُما.
"وعن عمرَ - رضي الله تعالى عنه -: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لبسِ الحريرِ إلا هكذا"، أي: بقدر إصبعين مضمومتين عَرْضًا.
"فرفع رسولُ الله إصبعَيه الوُسْطَى والسَّبَابة وضَمَّهما"، وهذا يدلُّ على أنه يجوزَ أن يجعل قَدْر إصبعين من الإبريسم علمًا.
* * *
3336 -
ورُوِيَ عن عمرَ: أنَّه خطبَ بالجابيَةِ فقال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن لُبْسِ الحريرِ إلا في موضعِ إصْبَعَينِ، أو ثلاثٍ، أو أربعٍ.
"ورويَ عن عمرَ: أنه خطبَ بالجابية"، وهي مدينة بالشام؛ أي: وعظَ الناسَ فيها.
"فقال: نهى رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن لُبْسِ الحريرِ إلا موضعَ إصبعين"؛ أي: قَدْر إصبعين.
"أو ثلاثٍ أو أربعٍ"، (أو) هذه للإباحة.
* * *
3337 -
وعن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ: أنها أخرجَتْ جُبَّةَ طَيالِسَةٍ كِسْرَوانِيَّةٍ لها لِبنةُ ديباجٍ، وفرجَيْها مكفوفَيْنِ بالدِّيباجِ، وقالت: هذه جُبَّةُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم،
كانَتْ عندَ عائشةَ رضي الله عنها، فلمَّا قُبضَتْ، قَبَضْتُها، وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يلبَسُها، فنحنُ نغسِلُها للمَرْضَى نستَشْفي بها".
"عن أسماءَ بنتِ أبي بكر: أنها أخرجتْ جُبَّةً طَيَالِسَةٍ"، كنَّى بالإضافة إلى الطيالسة عن الخَلق: لأن صاحبَ الخَلَق لم يكن ليلبسَه إلا بطيلسَانٍ ليوارِيَ به ما يحرقُ منه، أو تكون الجُبَّة منسوبةً إلى الباعَة الذين يبيعُون الخُلْقَان فيكون بناء الطَّيَالَسةِ من الطلس، مثل بناء الصَّيَارفةِ من الصَّرْف، والهاء فيه للنسبة، يقال: ثوبٌ أَطْلَس؛ أي: أَخْلَق، وكذا الطِّلْس - بالكسر -، وجمعه: أَطْلَاس، ويقال أيضًا للأَسْوَد الوَسِخ مِن طُول ما لُبسَ أطلس.
"كِسْرَوانِيَّة"، بكسر الكاف؛ أي: منسوبة إلى كسرى بزيادة الألف والنون.
"لها لِبنة ديباج"، واللِّبنة - بالكسر -: رقعةٌ تُعمَلُ موضعَ جيبِ القَميص والجُبَّة.
"وفَرْجَيها"، نصب بإضمار فعل، أو عطفٌ على الجُبَّة؛ أي: أخرجتها، وأخرجتْ فرجيها؛ يعني: شِقَّيها شقٌّ من قُدَّام وشِقٌ مِن خَلْف كما هو عادة الأعراب.
"مَكْفُوفين بالدِّيباج"؛ يعني: خيطُه على طَرَف كلِّ شِقِّ قطعةِ حريرٍ من الأعلى إلى الأسفل، وهذا يدلُّ على جواز لُبْسِ الرجالِ الثوبَ المطرَّز بالدِّيباج ونحوه.
"وقالت"؛ أي: أسماءُ: "هذه جُبَّةُ رسولِ الله كانت عندَ عائشة رضي الله عنها"، وهبَها صلى الله عليه وسلم لها.
"فلما قُبضَتْ"؛ أي: تُوفِّيتْ عائشةُ
"قَبَضْتُها"؛ أي: الجُبَّة بالوارثة منها.
"وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبَسُها، فنحن نغسِلُها للمرضى نستشفي بها".
* * *
3338 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: رَخَّصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزُّبيرِ وعبدِ الرحمنِ ابن عوفٍ في لُبْسِ الحريرِ لحِكَّةٍ بهما.
ورُوِيَ: أنهما شَكَوَا القَمْلَ فرخَّصَ لهما في قُمُصِ الحريرِ.
"عن أنسٍ - رضي الله تعالى عنه - قال: رخَّصَ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم للزُّبير وعبدِ الرحمن بن عوف في لُبْسِ الحريرِ لحكَّةٍ بهما"، وهذا يدلُّ على جوازِ لُبْسِ الحرير للحَرْب.
"وروي: أنهما شَكَوَا القملَ، فرخَّصَ لهما في قُمُصِ الحرير"، وهذا يدل على جواز لبسه للقمل.
* * *
3339 -
عن عبدِ الله بن عمرِو بن العاصِ رضي الله عنه: أنَّه قال: رَأَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علىَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فقال: "إنَّ هذه مِن ثيابِ الكُفَّارِ فلا تلبسهما".
وفي روايةٍ: "قلتُ: أَغسِلُهما؟ قال: "أَحرِقْهما".
"عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص قال: رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثوبين مُعَصْفَرَين"؛ أي: مَصْبُوغَين بالعُصْفُر.
"قال: إن هذه"، إشارة إلى جِنْسِ الثياب.
"من ثيابِ الكُفَّار"؛ أي: الذين لا يُمَيزُون بين الرجال والنساء في اللِّباس.
"فلا تَلْبَسْها"، وإنما نهى الرجالَ عن ذلك لمَا فيه من التشبُّه بالنساء،
قيل: المنهي عنه: المصبوغُ بعد النسج زينة دونَ ما صُبغَ غزلُه ثم نُسِجَ ولم يكن له رائحةٌ، فإنه مرخَّصٌ عندَ البعض.
"وفي رواية: قلت: أغسِلُهما؟ قال: أحرقهما"، أرادَ به الإفناءَ ببيع أو هبة، فإنه قد يُستَعمل فيه، وفيه مبالغةٌ في النَّكِير، وإنما لم يأْذَنْ في الغسل؛ لأن المُعَصْفَرَ وإنْ كُرِهَ للرجال لم يُكْرَهْ للنساء، فغسلُه تضييعٌ للمال.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3340 -
عن أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها: أنَّها قالت: كانَ أحبُّ الثِّيابِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم القميصَ.
"من الحسان":
" عن أمِّ سَلَمةَ قالت: كان أحبُّ الثيابِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم القميص"، وهو اسمٌ لما يلبَسُه الرجلُ من المَخِيط الذي له كُمَّانِ وجَيْب.
* * *
3341 -
عن أسماءَ بنتِ يزيدَ رضي الله عنها قالت: كانَ كُمُّ قميصِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّسْغِ. غريب.
"عن أسماءَ بنتِ يزيدَ قالت: كان كُمُّ قميصِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى الرُّسْغ"، وهو - بضم الراء وسكون السين المهملتين -: مفصل ما بينَ الكَفِّ والساعدِ ويُسمَّى الكُوع.
* * *
3342 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا لبسَ قميصاً بدأَ بميامِنِهِ.
"عن أبي هريرةَ قال: كانَ رسولُ الله إذا لَبسَ قميصًا بدأ بميامنه"؛ أي: أخرجَ يدَه اليمنى من الكُمِّ قبلَ اليُسْرى.
* * *
3343 -
وعن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إزْرَةُ المؤمنِ إلى أنصافِ ساقَيْهِ، لا جُناحَ عليهِ فيما بينَهُ وبينَ الكعبينِ، ما أسفلَ مِن ذلكَ ففي النارِ"، قال ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ، "ولا ينظرُ الله يوم القيامةِ إلى مَن جَرَّ إزارَهُ بَطَراً".
"عن أبي سَعِيد الخُدْري قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: إِزْرةُ المؤمن"؛ أي: الحالة التي تُرْضَى منه في الائتزار.
"إلى أنصافِ ساقيه لا جُنَاحَ"؛ أي: لا إثمَ "عليه فيما بينَه"؛ أي: بين نصف ساقيه.
"وبينَ الكعبين، ما أسفلَ من ذلك ففي النار، قال ذلك ثلاث مرات، ولا ينظرُ الله يومَ القيامة إلى مَن جَرَّ إزارَه بَطَرًا".
* * *
3344 -
عن سالمٍ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"الإِسبالُ في الإِزارِ والقميصِ والعمامةِ، مَن جرَّ مِنها شيئًا خيلاءً لم ينظر الله إليه يومَ القيامةِ".
"عن سالمٍ عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الإسبالُ في الإزار"؛ أي: الإسبالُ يكونُ فيه: يقال: أسبلَ إزارَه: إذا أَرْخَاه.
"والقميصِ والعِمَامَة"، فينبغي أن لا يجرَّها كِبْراً.
"من جَرَّ منها شيئًا خُيَلَاء لم ينظُرِ الله إليه يومَ القيامة".
* * *
3345 -
عن أبي كبشةَ رضي الله عنه قال: "كانَ كِمامُ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بُطْحًا".
"عن أبي كَبْشَة قال: كانت كِمامُ أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم"، بكسر الكاف: جمع كُمَّة بالضم، وهي القَلَنْسُوة المستديرة سُمِّيتْ بها؛ لأنها تغطِّي الرأس.
"بُطحًا" بضم الباء: جمع الأبطح؛ أي: لازقة بالرأس غير ذاهبةٍ في الهَواء يعني منبطحِة غير منبسِطَة.
* * *
3346 -
عن أمِّ سلمَةَ قالت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم حينَ ذَكَرَ الإِزارَ: فالمرأةُ يا رسولَ الله؟ قال: "تُرْخي شِبْرًا"، فقالت: إذًا ينكشفُ عنها - ويُروَى: تنكشفُ أقدامُهنَّ - قال: "فذراعًا، لا تَزيدُ عليهِ".
"عن أم سَلَمةَ - رضي الله تعالى عنها - قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكرَ الإزارَ: فالمرأةُ"؛ أي: ما تفعل المرأة "يا رسول الله؟ قال: تُرْخِي شبرًا"؛ أي: تُسْبل ذيلها أو إزارَها زائدًا على نصف ساقيها قَدْر شِبر.
"فقالت: إذًا ينكشِفُ عنها، ويُروى: تنكشِفُ أقدامُهنَّ، قال: فذراعًا"؛ أي: تُرْخِي قَدْرَ ذراع بحيثَ يصِلُ ذلك إلى الأرضِ ويسترُ: أقدامَهنَّ.
"لا تزيدُ عليه"، فيجوزُ للنساء إطالةُ أذيالهِنَّ بذلك القَدْر؛ لتكونَ أقدامُهن مستورةً.
* * *
3347 -
عن معاويةَ بن قُرَّةَ، عن أبيه قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في رَهْطٍ مِن مُزَيْنَةَ، فبايعوهُ وإنه لَمُطْلَقُ الإِزارِ، فأدخلتُ يدَيَّ في جيبِ قميصِهِ، فمَسَسْتُ الخاتمَ.
"عن معاويَة بن قُرَّة"، بضم القاف وتشديد الراء.
"عن أبيه قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في رَهْطٍ من مُزينة فبايَعُوه وإنه لمُطْلَقُ الأزرار"؛ أي: كان جيبُ قميصهِ مفتوحًا واسعًا، ولم يكنْ مشدودًا بالأزرار جمع زِر القميص بالكسر، وعادةُ العربِ توسيعُ الجيوب، فربَّما يشدُّونها، وربما يتركُونها مفتوحةً.
"فأدخلتُ يَدِي في جَيْبِ قميصِه فمسَسْتُ الخاتم"؛ أي: خاتم النبوة.
* * *
3348 -
عن سَمُرةَ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "اِلبَسُوا الثيابَ البيضَ، فإنها أَطْهرُ وأطيبُ، وكفِّنوا فيها مَوْتاكم".
"عن سَمُرةَ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: البَسُوا الثيابَ البيضَ فإنها أَطْهرُ"؛ لأنه لم تَصِلْ إليه يدُ الصباغ ولا الصبغ، فإنه قد يكونُ نَجِسًا بملاقاته شيئًا نجسًا.
"وأطيبُ"؛ أي: أحسنُ لبقائه على اللون الذي خُلِقَ عليه.
"وكفِّنُوا فيها موتاكم".
* * *
3349 -
عن ابن عمرَ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اعْتَمَّ سَدَلَ عمامَتَهُ بينَ كتفيْهِ. غريب
"عن ابن عمَر - رضي الله تعالى عنهما - قال: كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا اعتمَّ"، بتشديد الميم؛ أي: لفَّ العِمامة.
"سدلَ عمامته"؛ أي: أرسلَ طَرَفَها "بينَ كتفيه".
"غريب".
* * *
3350 -
وعن عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ رضي الله عنه: أنه قال: عمَّمَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فسدَلَها بينَ يديَّ ومِن خلفي".
"وعن عبدِ الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنه - قال: عَمَّمَني رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسدَلَها"؛ أي: أَسْبَلَ (1) لعمامتي طَرَفَيْنِ، أحدُهما "بين يديَّ" على صدري، "و" الآخر "من خلفي".
* * *
3351 -
وعن رُكانةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"فَرْقُ ما بَيننَا وبينَ المُشركينَ، العَمائمُ على القَلانِسِ"، صحيح.
"عن رُكانَة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فَرْقُ ما بيننَا وبينَ المشركين العمائمُ على القَلاِنس"، جمع القَلَنْسُوة وكانوا يتعمَّمُون بلا قَلَنْسُوَة، ونحن نعمِّم عليها.
"غريب".
* * *
3352 -
عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أُحِلَّ الذَّهبُ والحريرُ للإناثِ مِن أمَّتي، وحُرِّمَ عن ذكورِها"، صحيح.
"عن أبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُحِلَّ الذهبُ والحريرُ للإناث من أمتي"؛ أي: للحُلِيِّ.
"وحُرِّمَ على ذكورها"، وأما الأواني من الذهب والفِضَّة فحرامٌ على الذكور والإناث.
"صحيح".
* * *
(1) في "ت": "أرسَلَ".
3353 -
عن أبي سعيد الخُدريِّ رضي الله عنه قال: "كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا استجَدَّ ثوباً سمَّاهُ باسمهِ، عمامةً، أو قميصاً، أو رداءً"، ثم يقولُ:"اللهمَّ لكَ الحمدُ كما كَسَوْتَنِيهِ، أسألُكَ خيرَه وخيرَ ما صُنِعَ لهُ، وأعوذُ بكَ مِن شرِّه وشر ما صُنِعَ له".
"عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا استجدَّ ثوباً"؛ أي: لبسَ ثوباً جديداً.
"سَّماه باسمِه عِمامةً، أو قميصاً، أو رداءً"، بأن يقول: رَزَقَني الله هذه العِمامَة، أو القميصَ، أو الرداء.
"ثم يقولُ: اللهمَّ لك الحمدُ كما كَسَوْتَنيه": متعلِّق بما بعدَه وهو "أسألُك خيرَه"؛ أي: خيرَ هذا الثوب.
"وخيرَ ما صُنِعَ له، وأعوذُ بك من شره، وشرِّ ما صُنِعَ له".
* * *
3354 -
عن سهلِ بن مُعاذِ بن أنسٍ رضي الله عنه، عن أبيه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أكلَ طعاماً ثم قال: الحمدُ للهِ الذي أطعَمني هذا الطَّعامَ ورزقنيهِ، بغيرِ حولٍ مني ولا قوةٍ، غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبهِ وما تأخَّرَ"، وقال:"مَن لبسَ ثوباً فقال: الحمدُ للهِ الذي كَساني هذا ورزقنيهِ، مِن غيرِ حولٍ مني ولا قوةٍ، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبهِ وما تأخرَ".
"عن سهل بن معاذ، عن أنس، عن أبيه: أنَّ رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: مَن أكلَ طعاماً، ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعَمَني هذا الطعامَ ورَزَقَنيه مِن غيرِ حولٍ مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر"؛ أي: من الصغائر.
"ومَن لَبسَ ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزَقَنِيه من غير حولٍ
مني ولا قوة، غُفِرَ له ما تَّقدم من ذنبه وما تأخَّر".
* * *
3355 -
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشةُ! إنْ أردتِ اللُّحوقَ بي فليكفِكِ مِن الدُّنيا كزادِ الرَّاكبِ، وإيَّاكِ ومجالسةَ الأغنياء، ولا تستخلقي ثوباً حتى ترقعيهِ"، غريب.
"عن عائشةَ - رضي الله تعالى عنها - قالت: قال لي رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا عائشةُ! إن أردتِ اللَّحوقَ بي فليكفِك من الدنيا كزادِ الراكب"؛ أي: مثل زاده في محل الرفع بأنه فاعل (فليكفِك)؛ أي: لتقنعي بشيءٍ يسيرٍ من الدنيا.
"إياك ومجالسَة الأغنياء"؛ أي: احذَرْ من المجالسة معهم.
"ولا تستَخْلَقِي ثوباً"؛ أي: لا تعدِّيه خَلَقًا.
"حتى تَرْقَعِيه"؛ أي: تَخِيْطِي عليه رقعةً، ثم تلبَسيه مرة أخرى، أرادَ صلى الله عليه وسلم بهذا تحريض عائشةَ على تركِ الدنيا واختيارِ القَناعة.
"غريب".
* * *
3356 -
وقال: "إن البَذاذَةَ مِن الإيمانِ".
"وقال أبو أمامةَ الحارثي: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إنَّ البَذَاذَةَ"، بفتح الباء -؛ أي: رثاثة الهيئة؛ يعني: بترك الزِّينة واختيارِ الفَقْر بلُبْسِ الخَلَق من الثياب.
"من الإيمان"؛ أي: من خُلُق أهلِ الإيمان.
* * *
3357 -
وقال: "مَن لبسَ ثوبَ شُهْرةٍ في الدنيا، ألبسَهُ الله ثوبَ مَذَلَّةٍ يومَ القيامةِ".
"عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنَ لَبسَ ثوبَ شهرةٍ في الدنيا"، وهو ما يُقصَدُ بلبسه التفاخرُ والتكبّر على الفقراء وكَسْر قلوبهم، أو ما يتخذِهُ المُساخِر ليجعلَ به نفسَه ضُحْكَةً بين الناس، أو ما يتخذُه الزهَّاد ليُشْهِرَ نفسَه بالزهد ويقصِد به الرياء.
"ألبسَه الله ثوبَ مذلةٍ يوم القيامة"، وهذا كناية عن شُمول الذُّلّ به شُمولَ الثوب البدَن؛ أي: يصغّرُه في العيون ويحقّره في القلوب.
* * *
3358 -
عن ابن عمرَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَشبَّهَ بقومٍ فهو منهم".
"وقال: مَن تشَبَّهَ بقومٍ"؛ يعني من شبَّه نفسَه بالكفارِ مثلاً في اللِّباس وغيرِه، أو بالفُسَّاق، أو بالنّساء، أو بأهلِ التصوف والصلَحاء.
"فهو منهم" في الإثم والخير.
* * *
3359 -
وقال: "مَن تركَ لُبْسَ ثوبِ جَمالٍ وهو يقدرُ عليهِ - ويُروَى: تَواضعاً - كساهُ الله حُلةَ الكرامةِ".
وقال: "مَن زَوَّجَ للهِ توجَّهُ الله تاجَ الملكِ".
"وقال: مَن تركَ لُبْسَ ثوبِ جَمالٍ"؛ أي: زينة.
"وهو يقدِرُ عليه"؛ أي: على لُبْسِه.
"ويروى: تواضُعاً كساه الله حُلَّة الكرامة"؛ يعني أكرَمه الله وألبسَه من ثياب الجنة.
"ويروى: مَن زَوَّجَ لله"؛ أي: ابنته، أو نفسَه، أو أختَه، أو عبدَه، وقيل: أي: أَعطى مِن كلِّ شيء زوجين، وفي بعض النسخ:(من تزوَّجَ)، وفسر التزوُّج لله بالنزولِ عن درجته في الكفاءة.
"تَوَّجَهُ الله"؛ أي: ألبسَه "تاجَ المُلْك".
* * *
3360 -
عن عمرِو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله يُحِبُّ أن يَرَى أثرَ نِعمَتِهِ على عبدِه".
"عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله تعالى عنهم - قال: قال رسولُ الله صلَّى الله تعالى عليه وسلم: إنَّ الله تعالى يُحبُّ أن يَرى أثرَ نعمتهِ على عبدهِ"؛ يعني: إذا أعطى الله عبداً نعمةً يحبُّ أن يُظهِرَ أثرَها في حالة من تحسينِ الثيابِ بالتنظيفِ والتجديدِ عند الإمكان بلا مبالغةٍ قاصداً إظهارَ نعمةِ الله عليه؛ ليقصدَه المحتاجون لطلبِ الزكاةِ والصدقاتِ، ولا يجوزُ أن يكتُمَ نِعَمَ الله بحيث لا يعرفونه، وكذلك العلماءُ؛ ليظهروا علمَهم لمعرفَهم الناسُ ويسفِيدُوا مِن عِلْمِهم.
* * *
3361 -
عن جابرٍ رضي الله عنه قال: أتانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زائِراً، فرأَى رجلاً شَعِثاً قد تفرقَ شَعرُهُ فقال:"أَما كانَ يجدُ هذا ما يُسَكِّنُ بهِ رأسَهُ"، ورأَى رَجُلاً عليهِ ثيابٌ وَسِخةٌ فقال:"أَما كانَ يجدُ هذا ما يغسلُ بهِ ثوبَهُ".
"عن جابرٍ - رضي الله تعالى عنه -: أتانا رسولُ الله صلَّى الله تعالى عليه
وسلم زائراً فرأى رجلاً شَعِثًا قد تفرَّقَ شعرُه فقال: ما كان يجدُ هذا"، بحذف همزة الاستفهام.
"ما يسكِّن به رأسَه"؛ أي: يلمّ شعثَه ويجمَع متفرّقَه.
"ورأى رجلاً عليه ثيابٌ وَسِخةٌ فقال: ما كان يجدُ هذا ما يغسِلُ به ثوبَه".
* * *
3362 -
عن أبي الأَحْوَصِ الجُشَميِّ رضي الله عنه، عن أبيهِ قال: رآني النبيّ صلى الله عليه وسلم وعليَّ أَطمارٌ فقال: "هل لكَ مِنْ مالي؟ " قلتُ: نعم، قال:"مِن أيِّ المالِ؟ " قلتُ: مِن كلٍّ قد آتاني الله، مِن الشَّاءَ والإبلِ، قال:"إذا آتاكَ الله مالاً فلتُرَ أثرُ نعمةِ الله وكرامتِهِ عليكَ".
"عن أبي الأحوص الجُشَمي": بضم الجيم وفتح الشين المعجمة.
"عن أبيه قال: رآني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليَّ": الواو للحال.
"أطمارٌ" بفتح الهمزة: جمع طِمْر بكسر الطاء وسكون الميم، وهو الثوبُ الخَلَق.
"فقال: هل لك مِن مال؟ قلت: نعم، قال: من أيِّ المال؟ قلت: من كل قد آتاني الله من الشاء والإبل، قال: إذا آتاك الله مالاً فلتُرِ نعمةَ الله وكرامتَه عليك"؛ يعني البَسْ ثوباً ليعرِفَ الناسُ أنك غنيٌّ، وأن الله تعالى أنعمَ عليك بأنواعِ النّعَم.
فإن قلت: أليسَ أنه صلى الله عليه وسلم حثَّ على البَذَاذة؟.
قلت: إنما حثَّ عليها حتى لا يؤنَفَ عنها، فأمَّا مَن اتخذَ ذلك دَيدَنًا من قدرةٍ على الجديد فلا؛ لأنه دَناءةٌ وخِسَّةٌ.
* * *
3363 -
وعن عبدِ الله بن عَمرٍ رضي الله عنه قال: مَرَّ رجلٌ وعليهِ ثَوْبانِ أحمرانِ، فسلَّم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلَمْ يَرُدَّ عليهِ.
"عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنه - قال: مرَّ رجلٌ عليه ثوبان أحمران، فسلَّم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يَرُدَّ عليها، وهذا يدلَّ على أنَّ مَنْ كان مشغولاً بمنهيٍّ في وقتِ تسليمهِ لا يُستحبُّ الجوابُ، لكن مستحَبٌّ أن ينبَّهَ بأنْ يقال له: إنما لم أُجِبْك لكذا؛ لُيْقِلعَ عما هو فيه، وكراهيته صلى الله عليه وسلم للحُمْرة محمولةٌ على الصِّبغْ بعد النَّسْج، وفي معناه ما روى الحسن عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "الحُمْرةُ زينةُ الشيطان".
* * *
3364 -
عن عِمرانَ بن حُصَينٍ رضي الله عنه: أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا أركبُ الأُرْجُوانَ، ولا أَلبَسُ المُعَصْفَر، ولا أَلبسُ القميصَ المكفَّفَ بالحريرِ".
وقال: "ألا وَطِيبُ الرِّجالِ ريحٌ لا لونَ لهُ، وطيبُ النِّساء لونٌ لا ريحَ له".
"عن عمرانَ بن حُصَين: أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أركبُ الأُرجوانَ"، بضم الهمزة والجيم وسكون الراء: صِبغٌ شديدُ الحُمْرة معرَّب أُرْغُوان، أراد به المِيثَرةَ الحمراءَ يُتَّخَذُ من حريرٍ أحمرَ، وهي وسادةٌ صغيرةٌ توضَعُ على السَّرْج، ويمكن التَّعميمُ فيما يُجلَسُ عليه أيضًا من الثيابِ الحمرة، والمعنى: لا أجلِسُ على ثوبٍ أحمَر ولا أركَبُ دابةً على سَرْجِها وسادةٌ صغيرة حمراءُ.
"ولا ألبَسُ المعصفَرَ"؛ أي: الثوبَ المصبوغَ بالعُصْفُر.
"ولا ألبَسُ القَمِيصَ المكفَّفَ"؛ أي: المرقَّع جيبُه وأطرافُ كُمَّيه وذيلُه "بالحرير"، والتوفيقُ بين هذا وحديثِ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ: أنَّ قَدْرَ ما كُفِّفَ
بالحرير هنا أكثرُ من القَدْر المرخَّصِ ثَمَّةَ، وهو أربعُ أصابعَ، أو يُؤَوَّلُ هذا على الوَرَع وذاك على الرُّخْصَة، أو هذا يتأخَّر عن لُبْس الجُبَّةَ.
"وعن أبي هريرةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ألا وطيبُ الرجال ريحٌ لا لونَ له"، نحو المِسْك والكافورِ والعُوْد.
"وطيبُ النساءِ لونٌ لا ريحَ له"، نحو الزَّعْفرانِ والخَلُوق والحِنَاءِ، ولا يجوزُ لهنَّ التطيُّب بما له رائحة طيبة عند الخروج من بيوتهن، ويجوزُ إذا لم يَخْرُجْن.
* * *
3365 -
وعن أبي ريحانةَ رضي الله عنه قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن عشرٍ: عن الوَشْرِ، والوَشْم، والنتفِ، وعن مُكامَعةِ الرَّجُلِ الرَّجلَ بغيرِ شِعارٍ، ومُكامعةِ المَرأةِ المَرأةَ بغيرِ شِعارٍ، وأنْ يَجعَلَ الرَّجلُ في أسفلِ ثيابهِ حريراً مثلَ الأعاجِم، أو يَجعلَ على مَنْكِبَيْهِ حريراً مثلَ الأعاجم، وعن النُّهْبَى، ورُكوبِ النُّمورِ، ولُبوسِ الخاتم إلا لِذِي سُلطانٍ.
"عن أبي ريحانة قال: نهى رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن عَشْرٍ: عن الوَشْرِ" بفتح الواو وسكون الشين المعجمة: تحديدُ الأسنانِ بحديدةٍ وترقيقُ أطرافِها، تفعلُه المسِنَّةُ تشبها بالأحداث.
"والوَشْم" بفتح الواو ثم السكون: غَرْزُ إبرة أو نحوِها في ظَهْرِ الكَفِّ، أو في غيرِه ويُحشَى بشيءٍ من سوادٍ ليبقَى نَقْشُه.
"والنَّتْف"، أراد به نتفَ النساءِ الشّعورَ من وجوهِهنَّ، أو نتفَ الشَّعْرِ الأبيضِ من اللِّحْية، أو نتفَ الشَّعْرِ من اللِّحْية والرأسِ عند المُصِيبة.
"وعن مكامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ"، وهي المضاجَعة.
"بغير شِعارٍ"؛ أي: بغيرِ اللِّباس.
"ومكامَعَةِ المرأةِ المرأةَ بغير شِعَارٍ، وأن يَجعلَ الرجلُ في أسفلِ ثيابهِ حريراً مثلَ الأعاجم"، فإنَّ عادةَ الجُهَّالِ من الرجال أن يَلْبَسُوا تحت الثياب ثوباً قصيراً من الحريرِ لتليينِ الأعضاء.
"أو يجعلَ على مَنْكِبَيه حريراً"؛ أي: عَلَمَ حَريرٍ زائداً على قَدْر ما رُخِّصَ فيه.
"مثلَ الأعاجم"، فأما العَلَم بقدْرِ الرُّخْصَة، أو سوى الثوب من الحريرِ فلا بأسَ به، وكان ابن عمر يكرَهُ أعلام الحرير في الثياب.
"وعن النُّهبَى" بضم النون، اسمُ ما نُهِبَ به؛ يعني: من إغارة أموال المسلمين.
"وركوبِ النُّمور"، جمع نَمِر؛ أي: ركوب جلودهِا لمَا فيه من الزينة والخُيَلَاء، أو لأنها زِيُّ العَجَم، أو لمَا عليها من الشُّعور فإنها لا تطهُرُ بالدِّبَاغ.
"ولُبْسِ الخاتم" من الفضة؛ لأنه زينةٌ مَحْضَة.
"إلا لذي سلطانٍ"، فإنه محتاجٌ إليه لختْمِ الكتاب، وفي معناه كلُّ محتاجٍ إلى ذلك، قيل: المرادُ بالنهيِ التنزيُه، أو القَدْرُ المشتركُ بينه وبينَ التحريم، وقيل: منسوخٌ بدليل الصحابةِ في عصرِه صلى الله عليه وسلم وعصرِ خلفائهِ بلا نَكِير.
* * *
3366 -
عن عليٍّ رضي الله عنه قال: "نهاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن خاتمِ الذَّهَبِ، وعن لُبْسِ القَسِّيِّ والمياثِر".
وفي روايةٍ: عن مَياثِر الأُرْجُوان.
"عن عليٍّ قال: نهاني رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن خاتَم الذَّهَب، وعن لُبْسِ القَسِّيِّ"، بفتح القاف وكسر السين المشددة: نسبة إلى القَسِّ من بلاد مصر تُنسَب إليها الثيابُ، والمنهيُّ عنه هو إذا كان من حرير.
"والمياثِر" بفتح الميم: جمع مِيثَرة بالكسر.
"وفي رواية: نهى عن مياثرِ الأُرْجُوان".
* * *
3367 -
وعن معاويةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَركبُوا الخَزَّ ولا النِّمارَ".
"وعن معاويةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تركَبُوا الخَزَّ": وهو الثوبُ المنسوجُ من إِبْرِيسيم وصوف.
"ولا النِّمَار": جمع نَمِر؛ أي: على جلودها، كان العجمُ مياثِرُهم من الحرير والديباجِ وجلودِ النُّمور فنهاهم عنها، وقيل: جمع نَمِرَة: كساءٌ مخطَّط، فالكراهيُة للتنزيه.
* * *
3368 -
عن البَراء رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهَى عن المَيْثَرةِ الحمراء.
"وعن البراء بن عازب: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الميثَرة الحمراء".
* * *
3369 -
عن أبي رِمْثَةَ التَّيمِيِّ رضي الله عنه قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعليهِ ثَوْبانِ أخضرانِ، ولهُ شعرٌ قد علاهُ الشَّيبُ وشَيبُهُ أحمرُ.
وفي روايةٍ: وهو ذو وَفْرَةٍ، وبها رَدْعٌ من حِنَّاءٍ.
"عن أبي رْمِثةَ"، بكسر الراء.
"التيميِّ قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبان أخضران، وله شعرٌ قد علاه الشَّيبُ"؛ أي: صار شيبٌ.
"وشيبُه أحمرُ"؛ أي: بالحِنَّاء.
"وفي رواية: وهو ذو وَفْرَة"، والوَفْرَة: شعرُ الرأس الواصِلُ إلى شَحْمةِ الأذن.
"وبها"؛ أي: بالوَفْرَة.
"رَدْغٌ من حِنَّاء"؛ أي: لَطْخٌ منه وَأَثرٌ.
* * *
3370 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ شاكِياً، فخرج يتَوكَّأُ على أسامةَ، وعليهِ ثوب قِطْري قد تَوَشَّحَ به، فصَلَّى بهم.
"وعن أنسٍ - رضي الله تعالى عنه -: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان شاكِياً"؛ أي: مريضًا.
"فخرَج يتوكَّأُ على أسامةَ وعليه ثوبُ قِطْرٍ" بكسر القاف وسكون الطاء: نوعٌ من برودِ اليمنِ فيه حُمْرة، وقيل: حلة جيد لحمَلُ من قِبَلِ البحرين.
"قد توشَّحَ به"؛ أي: ألقى ذلك الثوبَ على عاتِقَيه؛ لأنه كان شبهَ رداءٍ، وقيل: معناه أدخله تحَت يدهِ اليمنى وألقاه على مَنْكِبه الأيسرِ كما يفعلُ المُحْرِمُ، وقيل: تغشَّى به.
"فصلى بهم"؛ أي: بأصحابه.
* * *
3371 -
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كانَ على النبي صلى الله عليه وسلم ثوبانِ
قِطْرِيَّانِ غَليظانِ، فكانَ إذا قعدَ فعرِقَ ثَقُلا عليهِ، فقدِمَ بَزٌّ مِن الشَّامِ لفلانٍ اليهودي، فقلتُ: لو بعثتَ إليه فاشتريتَ منهُ ثَوْبينِ إلى المَيْسَرَةِ، فأَرسلَ إليه فقالَ: قد علمتُ ما يريدُ، إنما يريدُ أنْ يذهبَ بمالي، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كذبَ؟ قد علمَ أنِّي من أتقاهُم وآداهُمْ للأَمانةِ".
"عن عائشَة قالت: كان على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثوبان قِطْرِيان غَلِيظَان، فكانَ إذا قعدَ فعَرِقَ ثَقُلا عليه": من الثّقَل.
"فَقِدمَ بَزٌّ" بفتح الباء وتشديد الزاي المعجمة: أمتعة البزاز من ثياب ونحوها.
"من الشام لفلانٍ اليهوديِّ، فقلت: لو بعثتَ إليه"؛ أي: لو أرسلْتَ إلى ذلك اليهوديِّ "فاشتريتَ منه ثوبين" بثمنٍ مؤجَّل. "إلى المَيْسَرة"؛ أي: إلى الغِنَى، وجواب (لو) محذوف؛ أي: لكان حسناً حتى لا تتأذَّى بهذين الثوبين القِطْرِيَّين وكانا من الصوف، وهذا البَزُّ كان من القُطْن، وقيل:(لو) للتمني.
"فأرسلَ إليه"؛ أي: أرسلَ رسولاً إلى اليهوديِّ يتسلَّفُ بَزًّا إلى المَيْسَرة.
"فقال"؛ أي: اليهودي.
"قد علمتُ ما تُرِيد"، (ما) استفهامية عَلَّقت العِلْم عن العمل، ويجوزُ أن تكونَ مصدريةً، والعِلْمُ بمعنى العرفان.
"إنما تريدُ أن تذهبَ بمالي"؛ أي: لا تؤدِّي إلي ثمنَه.
"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبَ"؛ أي: اليهوديُّ.
"قدَ عِلَم" في التوراة "أني أتقاهم"؛ أي: أتقى الناس.
"وآداهم"؛ أي: أقضاهم اللأمانة"، ولكن إنما يقولَ ذلك القول من الحسد.
* * *
3372 -
عن عبدِ الله بن عمِرو بن العاص رضي الله عنه قال: رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليَّ ثوب مَصْبوغ بعُصْفُرٍ مُوَرَّداً فقال: "ما هذا؟ " فعَرَفْتُ ما كرِهَ، فانطلقتُ فأحرقته، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ما صنعتَ بثوبكَ؟ " فقلتُ: أحرقتُه، قال:"أفلا كسَوْتَهُ بعضَ أهلِكَ، فإنه لا بأسَ بهِ للنِّساء".
"عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص قال: رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعليَّ ثوبٌ مصبوغٌ بعُصْفُرٍ مورَّداً"، نصبه على أنه صفةُ مصْدَرٍ محذوفٍ؛ أي: صِبْغاً مورَّداً؛ أي: على لونِ المَوْرِد، أو على الاختصاص.
"فقال: ما هذا؟ فعرفْتُ ما كَرِه"، (ما) هذه مصدرية.
"فانطلقتُ فأحرقتُه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما صنعتَ بثوبكِ؟ فقلتُ: أحرقتُه، قال: أفلا كسوتَه بعضَ أهِلك، فإنه لا بأسَ به للنِّساء".
* * *
3373 -
عن هلالِ بن عامرٍ رضي الله عنه، عن أبيه قال: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بمِنَى يخطُبُ على بغلةٍ وعليهِ بُرْد أحمرُ وعليّ يُعَبرُ عنه.
"عن هلالِ بن عامرٍ، عن أبيه قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بمنًى يخطُبُ على بغلةٍ وعليه بُرْد أحمرُ"، وتأويله أنه لم يكن كلُّه أحمرَ، بل كان عليه خطوط حُمْرٌ.
"وعليٌّ يُعبِّرُ عنه"؛ أي: يُبلِّغُ كلامَه صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته إلى ورائه؛ لأنه من كثرةِ الخَلْق لا يصلُ صوتُ النبي صلى الله عليه وسلم إلى جميعهم.
* * *
3374 -
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: صُنِعَتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بُرْدَةٌ سوداءُ فلَبسَها، فلمَّا عَرِقَ فيها وجدَ ريحَ الصُّوفِ فقَذَفَها.
"عن عائشةَ قالت: صنعتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بُرْدَةَّ سَوداءَ فَلبسَها، فلما عَرِقَ فيها وجدَ ريحَ الصُّوتِ فقذفَها"؛ أي: ألقاها.
* * *
3375 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو مُحْتَبٍ بشَمْلَةٍ قد وقع هُدْبُهَا على قدمَيْهِ.
"عن جابرٍ قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو محتبٍ بشَمْلَةٍ"، قيل: معناه كان جالساً على هيئة الاحتباء، وألقَى شَمْلَةً خلفَ ركبتيه.
"قد وقع هُدْبُها"؛ أي: حاشيتُها.
"على قدميه"، وأخذَ بكلِّ يدٍ طرفًا من تلك الشَّمْلَة؛ ليكون كالمتَّكِئ على شيء، وهكذا عادةُ العرب إذا لم يَتَّكِئوا على شيء.
* * *
3376 -
عن دِحْيةَ بن خليفةَ رضي الله عنه قال: أُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بقَباطيَّ فأعطاني منها قُبطِيَّةً فقَال: "اصدَعْها صَدْعَينِ، فاقطعْ أحدَهما قميصاً وأعطِ الآخرَ امرأتَكَ تختمرُ بهِ"، فلما أدبرَ قال:"وأْمُرِ امرأتَكَ أنْ تجعلَ تَحْتَهُ ثوباً لا يصِفُها".
"عن دِحْيةَ بن خَلِيفة الكَلْبي قال: أُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَباطيَّ"، بفتح القاف: جمع قِبْطِيَّة، وهي ثيابٌ بيضٌ رِقَاقٌ تتَّخذُ من كِتَّانٍ بمصرَ، وقد تضم القاف؛ لأنهم يغيرون في النّسبة.
"فأعطاني منها قِبْطِيَّةً فقال: اصدَعْها صِدْعَين"؛ أي: شُقَّها شِقَّين وكلُّ شِقٍّ فهو صِدْع بكسر الصاد.
"فاقَطْع أحدَهما قميصاً، وأعطِ الآخَر امرأتَك تختمرُ"؛ أي: تتقنع "به، فلمَّا أدبرَ قال: وأْمُرِ امرأتَك أن تجعلَ تحتَه ثوبًا لا يصِفُها"؛ أي: كي لا يصفَها