المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب السلام - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٥

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتابُ اللِّبَاسِ

- ‌2 - باب الخاتَمِ

- ‌3 - باب النعَال

- ‌4 - باب التَّرجيل

- ‌5 - باب التَّصاويرِ

- ‌21 - كِتَابُ الطِّبُ وَالرُّقَى

- ‌1 - باب"باب الطّبِّ والرُّقَى

- ‌2 - باب الفَأْلِ والطِّيرَةِ

- ‌3 - باب الكهانَةِ

- ‌22 - كِتَابُ الرُّؤْيَا

- ‌23 - كِتَابُ الأَدَبِ

- ‌1 - باب السَّلامِ

- ‌2 - باب الاسْتِئْذَانِ

- ‌3 - باب المُصافَحَةِ والمُعانَقَةِ

- ‌4 - باب القِيَام

- ‌5 - باب الجُلوُسِ والنَّومِ والمَشْيِ

- ‌6 - باب العُطَاسِ والتَّثَاؤُبِ

- ‌7 - باب الضَّحِكِ

- ‌8 - باب الأَسَامِي

- ‌9 - باب البَيانِ والشِّعرِ

- ‌10 - بابحِفْظِ اللِّسانِ والغِيْبةِ والشَّتمِ

- ‌11 - باب الوعد

- ‌12 - باب المُزَاحِ

- ‌13 - باب المُفاخَرَةِ والعَصَبيَّةِ

- ‌14 - باب البر والصِّلَةِ

- ‌15 - باب الشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ على الخَلْقِ

- ‌16 - باب الحُبِّ في الله والبُغْضِ في الله

- ‌17 - باب ما يُنهَى من التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ واتباعِ العَوْراتِ

- ‌18 - باب الحذَرِ والتَّأَنِّي في الأُمورِ

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌21 - باب الظُّلمِ

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌24 - كِتابُ الرِّقَاقِ

- ‌2 - باب فضلِ الفُقَراءِ وما كانَ من عَيْشِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب الأَمَلِ والحِرْصِ

- ‌4 - باب استِحبابِ المالِ والعُمُرِ للطَّاعةِ

- ‌5 - باب التَّوَكلِ والصَّبرِ

- ‌6 - باب الرِّياءِ والسُّمْعَةِ

- ‌7 - باب البكاء والخوف

- ‌8 - باب تغيُّر الناس

- ‌9 - باب

- ‌25 - كِتابُ الفِتَنِ

- ‌2 - باب المَلاحِمِ

- ‌3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ

- ‌4 - باب العلاماتِ بين يَدَي السَّاعةِ، وذِكْرُ الدَّجَّالِ

- ‌5 - باب قِصَّةِ ابن الصَّيَّادِ

الفصل: ‌1 - باب السلام

23 -

كِتَابُ الأَدَبِ

(كتاب الأدب)

‌1 - باب السَّلامِ

(باب السلام)

مِنَ الصِّحَاحِ:

3578 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "خَلَقَ الله آدمَ على صُورتهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعاً، فلمَّا خلقَه قالَ: اذهبْ فَسَلِّمْ على أولئكَ النَّفَرِ، وهم نفرٌ مِن الملائكةِ جُلوسٌ، فاستمعْ ما يُحيُّونَكَ فإنَّها تحيَّتُكَ وتحيَّةُ ذُرَّيتِكَ، فذهبَ فقالَ: السَّلامُ عليكم، فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمةُ الله صلى الله عليه وسلم، قَال: فزادُوهُ: "وَرَحْمَةُ الله صلى الله عليه وسلم، قَال:"فَكُلُّ مَنْ يَدخُلُ الجَنَّةَ على صُوْرَةِ آدمَ، وطولُهُ سِتُّونَ ذراعاً، فَلَمْ يَزَلْ الخَلْقُ ينقُصُ بعَدَهُ حتَّى الآن".

"من الصحاح":

" عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: خَلَقَ الله آدمَ على صورته"، قيل الضميرُ فيه لآدمَ: لأنَّ ذريتَه خُلِقُوا على سبعةِ أَطْوَار؛ لأنهم كانوا في مبدأ الفطرة نُطْفَةً، ثم عَلَقة، ثم مُضْغَة، ثم صارُوا صُوَراً

ص: 153

أَجِنَّةً إلى تمام مُدَّةِ الحَمْل، فيُوْلَدُون أطفالاً، وينشؤون صغارًا إلى أن يكبروا، فيتمُّ طولِ أجسامهم، وهذا بخلافِ آدمَ، فإنَّ خَلْقَه لم يكن على هذه، بل أَولَ ما تناولته الخِلْقَة وُجِدَ خَلْقاً تاماً.

"طولُه سِتُّون ذراعاً"، وقيل: الضميرُ عائدٌ إلى الله تعالى لمَا في رواية أخرى: (خُلِقَ آدمُ على سورة الرَّحمن)، والأَوْلَى أن يحالَ المرادُ منه إلى عِلْمِ الله تعالى كما هو مذهبُ السَّلَف، أو يقال: إن الإضافةَ فيها إلى الله تعالى إضافةُ تكريمٍ وتشريفٍ كخلقه تعالى إياه على سورة لا يشاكِلُها صورةٌ أخرى كَمَالاً وجَمَالاً، ويحتمل أن يكونَ المرادُ من الصورةِ الصفةُ.

"فلمَّا خَلقَه قال: اذهبْ فسلِّمْ على أولئك النَّفَر"؛ أي: الجماعة.

"وهم نفرّ من الملائكة جلوسٌ"، جمع جالس.

"فاستمعْ ما يُحيُّونك"؛ أي: احفَظْ تحيتَهم بك.

"فإنَّها تحيتُك وتحيةُ ذُرَّيتِكَ فذهبَ فقال: السلامُ عليكم، فقالوا: السلامُ عليكَ ورحمةُ الله، قال"؛ أي: الراوي: "فزادُوه ورحمةُ الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلُّ على جوازِ الزيادة.

قال بعضٌ: يقولُ في الجوابِ أيضًا: السلامُ عليكَ لردِّ الملائكةِ على آدمَ كذلك، والأكثرُ على أنه يقول: وعليكَ السلامُ بتقديم الخطاب، وأمَّا قولهُم. ذلك، فليس جواباً لسلامه بل هو تحيّة له منهم على طريقةِ التعليمِ له.

"قال: فكلُّ مَن يَدْخُل الجنةَ على صورةِ آدَم وطولُه ستون ذراعاً، فلم يزلِ الخُلْقُ ينقُصُ بعدَه"؛ أي: طولهُم بعدَ آدم.

"حتَّى الآنَ"، بالنصب: ظرفٌ؛ يعني: حتَّى وصلَ النقصانُ إلى الوقتِ الذي ذَكرُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه الحديثَ، قيلَ: هذا مقدَّمٌ في التَّرتيب على قوله: (وكلُّ مَن يدخلُ الجَنة).

* * *

ص: 154

3579 -

عن عبدِ الله بن عمرٍو رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسْلامِ خيرٌ؟ قَال: "تُطعِمُ الطَّعامَ، وتَقْرأُ السَّلامَ على مَنْ عَرَفْتَ ومَن لَمْ تعرِفْ".

"عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلامِ"؛ أي: خِصالُه المتصِلَةُ بحقوقِ الآدَمِيين "خير؟ قال: تُطْعِمُ الطَّعام، وتقرَأُ السَّلَام على مَن عرفْتَ ومَن لم تَعْرِف"، ولعلَّ تخصيصَه صلى الله عليه وسلم بالخَصْلَتين لِعِلْمهِ بمناسبتهما بحالِ السائلِ، ولذلك أسنَدَهما إليه بلفْظِ الخِطَاب.

* * *

3580 -

وقَال: "لِلْمُؤْمنِ على المُؤْمنِ ستُّ خِصَالٍ: يَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ، ويَشهدُهُ إِذَا مَاتَ، ويُجيبُهُ إِذَا دَعَاهُ، ويُسَلِّمُ عليه إِذَا لَقِيَه، وَيُشمِّتُه إذَا عَطَسَ، وينصَحُ لَهُ إِذَا غابَ أو شَهِدَ".

"وعن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: للمؤمِنِ على المؤمنِ سِتُّ خِصالٍ: يعودُه إذا مَرِضَ، ويشهدُه إذا مات، ويجيبُه إذا دَعاه، ويسلِّمُ عليه إذا لَقِيَه، ويشمِّتُه إذا عَطَس"، تشميتُ العاطِسِ - بالشين المعجمة - دعاءٌ له بالخير، وكلُّ داعٍ بالخير فهو مُشَمِّت.

قيل: معناه: أبعدَكَ الله عن الشَّماتة، وجنَّبكَ عما يُشْمَتُ به عليك، وبالسين المهملة أيضًا، قيل: وهي الأصلُ؛ لأنَّه من السَّمْتِ بمعنى القَصْد والهُدَى، وقيل: بمعنى الهيئة الحَسَنة؛ أي: جعلكَ الله على سَمْتٍ حَسَن.

"ويَنْصَحُ له إذا غابَ أو شَهِدَ"؛ أي: يراعِي حقَّه بالقَوْل المعروفِ وكَفِّ الأَذَى، وقيل: يريدُ له الخيرَ ويرشِدُه إليه.

* * *

3581 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخُلونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤمِنوا،

ص: 155

ولا تُؤمِنونَ حتَّى تحابُّوا، أَوَلا أدُلُّكُم على شَيءٍ إذا فَعْلتُمُوهُ تحابَبْتُم؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَينَكم".

"وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا تدخلونَ الجنةَ حتَّى تؤمنوا"، فإنَّ الإيمانَ شرطٌ لدخولهِا.

"ولا تؤمنون"؛ أي: لا يكمُلُ إيمانكُم ولا يصلُحُ حالُكم في الإيمان.

"حتَّى تحابُّوا"؛ أي: يُحِبُّ كلٌّ مِنْكم صاحبَه، ثم عرضَ لهم بما يَدُلُّ على شيءٍ يُوْجِبُ فعله التحابَّ رأفةً على أمته فقال:"أَولا أدُّلكم على شيءٍ إذا فَعَلْتَموه تحاببتم: أَفْشُوا السلامَ"؛ أي: أظهِرُوه وانشُروه "بينكم"؛ فإنَّ السلامَ أولُ أسبابِ التآلفِ، ومفتاحُ استجلابِ المودَّة، وفي إفشائه تمكُّنُ أُلفةِ المسلمين بعضهم لبعضٍ، وإظهارُ شعارِهم المميزِ لهم عن غيرهم من أهل الملل.

* * *

3582 -

وقال: "يُسلِّم الرَّاكِبُ على المَاشِيْ، والمَاشِي على القَاِعدِ، والقَليلُ على الكَثيرِ".

"وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على الماشي، والماشي على القاعد": إزالةً للخَوْف، أو لأنَ ذلك أَقْرَبُ إلى التواضع.

"والقليلُ على الكَثِير"؛ رعايةً للأدب؛ لأنَّ التعظيمَ من القليل إلى الكثير.

* * *

3583 -

وقال: "يُسلِّمُ الصَّغِيرُ على الكَبيرِ، والمَارُّ على القَاعِدِ، والقَلِيلُ على الكَثِيرِ".

ص: 156

"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسلِّمُ الصغيرُ على الكَبير"؛ للتواضع والتعظيم.

"والمارُّ على القاعد، والقليلُ على الكثير".

* * *

3584 -

وقال أَنسٌ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على غِلْمَانٍ فَسَلَّم عَلَيْهِم.

"وقال أنسٌ: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على غِلمانٍ فسلَّم عليهم" للتواضع.

* * *

3585 -

وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَبدؤوا اليَهُودَ والنَّصَارَى بالسَّلامِ، فإذا لَقِيتُمْ أحدَهُم في طَرِيقٍ فاضطرُّوهُ إلى أَضْيقِهِ".

"وعن ابن عمَر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا تبدَؤُوا اليهودَ والنَّصَارَى بالسلام"؛ لأنَّ الابتداءَ بالسلام إعزازٌ للمسلَّم عليه، وهؤلاءِ المَخْذُولون لا يجوزُ إعزازُهم.

"فإذا لقيتُم أحدَهم في طريقٍ فاضطرُّوه إلى أَضْيَقهِ"؛ أي: مُروه ليعدِلَ عن وسطِ الطريق إلى أحدِ طَرَفَيه.

* * *

3586 -

وقال: "إذا سلَّم عليْكُم اليَهُودُ فإِنَّما يقولُ أَحَدُهُم: السَّامُ عَلَيْكَ، فقُلْ: عَلَيْكَ".

"وعنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا سلَّم عليكم اليهودُ فإنَّما يقول أحدُهم: السَّامُ عليكَ"، والسَّامُ الموتُ.

"فقل: عليك".

* * *

ص: 157

3587 -

وقال: "إذا سَلَّمَ عَلْيُكم أَهْلُ الكِتابِ فقوْلُوا: وعليكُم".

"وعن أنس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا سَلَّم عليكم أهلُ الكتابِ فقولُوا: وعليكُم"، قال الخَطَّابي: هكذا يرويه عامةُ المحدِّثين، وكان ابن عُييَنة يَروي بحذف الواو، وهو الصواب؛ ليصيرَ قولهُم بعينهِ مردودًا عليهم، وبالواو يقع التَّشْرِيك معهم في قولهم، حتَّى قال بعضٌ: لو سَلَّم مُسْلِم على مثلهِ أُجيبَ بالواو المشترِكة.

* * *

3588 -

وعن عَائِشةَ رضي الله عنها قالَتْ: اسْتَأذَنَ رَهْطٌ مِنَ اليَهوُدِ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: السَّامُ عَلَيْكُم، فقلتُ: بَلْ عَلَيْكُم السَّامُ واللَّعْنَةُ، فقال:"يا عَائِشَةُ! إنّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحبُّ الرّفقَ في الأَمرِ كُلِّه"، قُلْتُ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟ قال: "قَد قُلتُ: وعليكم".

وفي رواية قال: "مَهْلاً، يا عَائِشَةُ! عَلَيْكِ بالرِّفقِ، وإياكِ والعُنفَ والفُحْشَ، فإنَّ الله لا يُحبُّ الفُحْشَ والنتَّفحُّشَ".

وفي رِوَايَةٍ: "لا تكوني فاحِشَةً"، قالت: أَوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟ قالَ: "رَدَدتُ عَلَيْهِم فيُستَجَابُ لِي فِيْهِم، ولا يُستَجابُ لَهُمْ فِيَّ".

"وعن عائشةَ رضي الله عنها أنها قالت: استأذنَ رَهْط من اليهودِ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا السَّام عليكَ، فقلت: بل عليكم السَّامُ واللَّعْنَةُ، فقال: يا عائشةُ! إنَّ الله رفيق"؛ أي: رحيمٌ، وهو من الرِّفق ضد العُنْف.

"يحبُّ الرِّفْقَ في الأمرِ كلِّه، قلت: أولم تسمَع ما قالوا؟ قال: قد قلتُ: وعليكُم، وفي رواية: قال: مَهْلاً"، منصوب على المصدر؟ إذًا: ارفُقِي رِفْقاً.

"يا عائشة! عليكَ بالرِّفْقِ، وإياكِ والعنف والفحشَ"، وهو في الأصلِ كلُّ

ص: 158

ما يشتدُّ قبحُه من الذنوب، والمرادُ به هنا التعدِّي بزيادةِ القُبْحِ في القولِ والجواب.

"فإنَّ الله لا يُحِبُّ الفُحْشَ والتَّفَحُّشَ"، وهو التكلُّفُ في التلفُّظِ بالفُحْشِ، قال صلى الله عليه وسلم لعائشة ذلك لمكان قولهِا واللَّعْنَة.

"وفي رواية: لا تَكُوني فاحشةً"؛ أي: متكلُمَة بكلامٍ قبيحِ.

"قالت: أولم تسمَع ما قالوا؟ قال: رددتُ عليهم فيستجابُ لي فيهم، ولا يُستجابُ لهم فيَّ".

* * *

3589 -

عن أُسَامةَ بن زيدٍ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بمجلِسٍ فِيْهِ أَخْلَاطٌ مِن المُسلِمِينَ والمُشرِكينَ عَبَدَةِ الأوْثَانِ واليَهودِ، فَسَلَّم عليهم.

"عن أسامَة بن زيدٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بمجلسٍ فيه أَخْلَاطٌ"، بفتح الهمزة: جمعُ خِلْط؛ وهو ما يُخْلَط.

"من المُسْلِمين والمشركين عَبَدَةِ الأوثان"، عطف بيان مِن (المشركين) أو بدل.

"واليهودِ، فسلَّم عليهم"، وهذا يدلُّ على جواز السلامِ على الكُفَّار إذا كان بينهم مُسْلِمٌ بنيَّة السلامِ على المُسْلِم.

* * *

3590 -

عن أبي سَعِيْدٍ الخُدرِيِّ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكُم والجُلُوسَ في الطُّرقَاتِ"، فَقَالُوا: يا رسولَ الله! ما لَنا مِنْ مَجَالِسِنا بُدٌ، نتَحدَّثُ فيها، قالَ:"فإذا أبَيْتُم إِلَاّ المَجْلِسَ فأَعطُوا الطَريْقَ حقَّهُ"، قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيْقِ يا رسولَ الله؟

ص: 159

قالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأَذَىَ، ورَدُّ السَّلَامِ، والأَمرُ بالمَعْرُوْفِ، والنَّهيُ عن المُنكرِ".

ورَوَى أبو هُريْرَةَ رضي الله عنه في هذه القِصَّة: "وإِرْشَادُ السَّبيلِ".

ورَوَاهُ عُمَرُ رضي الله عنه، وفيه:"وتُغيثْوُا المَلهُوفَ، وتَهدُوا الضَّالَ".

"عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والجلوسَ بالطُّرَقاتِ": الباء بمعنى (في)؛ يعني: احذروا عن الجلوسِ في الطرقات.

"فقالوا: يا رسولَ الله! ما لنا من مجالسنا بُدٌّ"؛ أي: لا بُدٌّ لنا من الجلوس في الطرقات "نتحدَّثُ فيها، قال: فإذا أبيتُم إلَّا المَجْلِسَ"؛ أي: فإنَّ لم تتركوا المَجْلِسَ في الطرقات وجَلَسْتُم فيها.

"فأعْطُوا الطريقَ حقَّه؟ قالوا: وما حقُّ الطريقِ يا رسول الله؟ قال: غَضُّ البَصَر" عن النظر إلى المُحَّرَمات.

"وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المُنْكَر".

"وروى أبو هريرةَ في هذه القصة: وإرشادُ السَّبيل، ورواه عمر، وفيه"؛ أي: في مَرْوِيِّ عُمَرَ: "وتُغِيثُوا المَلْهُوفَ"؛ أي: تُعِينُوا المتحيرَ المَظْلُوم في أمره.

"وتُهْدُوا الضَّالَّ".

* * *

مِنَ الحِسَان:

3591 -

عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "للمُسْلِم على المُسْلِم سِتٌ بالمَعْرُوفِ: يُسلِّمُ عَلَيْهِ إذا لَقِيَهُ، ويُجيْبُهُ إذا دَعَاهُ، ويُشمِّتُهُ إذا عَطَسَ، وَيعُوْدُهُ إذا مَرِضَ، ويتْبَعُ جِنَازَتَهُ إذا مَاتَ، ويُحِبُّ لهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

ص: 160

"من الحسان":

" عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: للمسلم على المسلم سِتُّ" خصالٍ "بالمعروف"، متعلِّقٌ بالجار الذي قبله.

"يُسَلِّمُ عليه إذا لقيَه، ويجيبُه إذا دعاه ويشمِّتُه إذا عطسَ، ويعودُه إذا مَرِضَ، ويَتْبَعُ جِنَازَتَه إذا مات، ويُحِبُّ له ما يُحِبُّ لنَفْسِه".

* * *

3592 -

وعن عِمْرَانَ بن حُصيْنٍ رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُم، فردَّ عليه ثُمَّ جَلَسَ، فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"عشْرٌ"، ثمَّ جاءَ آخَرُ فقال: السَّلامُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ الله، فردَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، فقال:"عِشْرُون"، ثُمَّ جاء آخرُ فقال: السَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ الله وبَرَكاتُه، فردَّ عَلَيْه فَجَلَسَ، فَقَال:"ثلاثون".

"عن عمرانَ بن حُصَين: أن رَجُلاً جاءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: السلامُ عليكُم، فردَّ عليه، ثم جلسَ فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ"؛ أي: وجبَ له عشرُ حَسَنات.

"ثم جاءَ آخرُ فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله، فردَّ عليه فجلَسَ فقال: عشرون"؛ أي: عشرون حسنات، "ثم جاء آخرُ فقال: السلام عليكم رحمةُ الله وبركاته، فردَّ عليه، فجلس، فقال: ثلاثون"؛ أي: ثلاثون حسنات، بكلِّ لفظ عَشْر.

* * *

3593 -

ورُوِيَ عن مُعاذِ بن أَنسٍ رضي الله عنهما، عن أبيْهِ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناهُ وزَادَ: ثم أتى آخرُ فَقَال: السَّلَامُ عَليْكُم ورَحْمَةُ الله وبَرَكَاتُه ومَغْفِرتُه، فقال:

ص: 161

"أَربعونُ، هكذا تكونُ الفَضائلُ".

"ورويَ عن سهلِ بن مُعاذِ بن أنسٍ، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناه"؛ أي: رُوِيَ الحديثُ المذكورُ بمعناه لا بلفظِه المذكورِ.

"وزاد: ثم أتَى آخرُ فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه ومغفرتُه، فقال: أربعون"؛ أي: أربعون حَسَنَاتٍ.

"هكذا تكونُ الفضائلُ"؛ يعني: تزيدُ الفضائِلُ والمَثُوباتُ بكلِّ لفظ يريدُه المسلم.

* * *

3594 -

عَنْ أَبي أُمَامَة رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بالله مَنْ بَدَأَ بالسَّلامِ".

"عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بالله"؛ أي: أقرَبهُم إليه "مَنْ بدأ بالسَّلَام".

* * *

3595 -

عَنْ أَبيْ جُرَيٍّ الهُجَيْمِيِّ رضي الله عنه قَال: أتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يا رسولَ الله! فقال: "لا تقُلْ عليكَ السَّلامُ؛ فإنَّ عليكَ السَّلامُ، تحيَّةُ الموتى".

"عن أبي جُرَيٍّ"، بضمّ الجيم وفتح الدال المهملة وتشديد الياء.

"الهُجَيْمي"، بضم الهاء وفتح الجيم ثم السكون وكسر الميم والياء المشددة.

"أنه قال: أَتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: عليك السلامُ يا رسول الله فقال:

ص: 162

لا تَقُلْ، عليك السلامُ، عليك السلامُ تحيةُ الموتى"، لم يرِدْ به أنَّ هذا تحيتُهم لا غير، بل يريدُ به أن هذا مخصوصٌ بهم لمَا رُوِيَ: أنه صلى الله عليه وسلم يسلِّم عليهم: "السلامُ عليكم ديارَ قومٍ مؤمنين"، وقيل: أراد بالموتى أهلَ الجاهلية.

* * *

3596 -

وعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على نِسْوةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِن.

"عن جريرٍ: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مرَّ على نسوةٍ فسلَّم عليهنّ"، هذا مختصٌّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأمنهِ عن الوقوعِ في الفِتْنَة، وأمَّا غيرُه فيَكْرَه أن يسلِّمَ الرجلُ على المرأةِ الأجنبيةِ، أو العكسِ إلَّا أن تكونَ عجوزةَ بعيدةَ عن مَظِنَّة الفِتْنة.

قيل: وكثيرٌ من العلماء لم يَكْرَهُوا تسليمَ كلِّ من الرجلِ والمرأةِ الأجنبيةِ على الآخر.

* * *

3597 -

وعَنْ عَليِّ بن أبي طَالِبٍ رضي الله عنه، رَفَعَه:"يُجزِئُ عن الجَمَاعةِ إذا مرُّوا أنْ يُسلِّم أحَدُهُم، ويُجزئُ عن الجُلوْسِ أنْ يَرُدَّ أَحَدُهم".

"عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه رفعَه قال: يُجْزِئُ"؛ أي: يَكْفِي "عن الجماعة إذا مَرُّوا أن يُسَلِّمَ أحدُهم، ويُجْزِئُ عن الجُلُوس" - جمع جالس - "أنَّ يُردَّ أحدُهم".

* * *

3598 -

عَنْ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ، عن أَبيْهِ عن جَدِّهِ: أنَّ رَسُوَلَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَن تَشبَّه بِغَيْرِنَا، لا تَشبَّهوا باليَهُودِ ولا بالنَّصَارَى، فإنَّ تسليمَ اليَهُودِ الإشارةُ بالأَصَابعِ، وتَسْلِيْمَ النَّصَارَى الإِشارَةُ بالأكُفِّ"، ضعيف.

ص: 163

"عن عمرو بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بغيرِنا، لا تَشَبَّهوا"، بحذف إحدى التائين.

"باليهودِ ولا بالنَّصارَى في الإشارة بالكفِّ أو الأُصْبُع عند التسليم، فإنَّ تسليمَ اليهودِ الإشارةُ بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالكَفِّ"، ضعيف.

* * *

3599 -

عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي الله عنه، عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا لَقِيَ أَحَدُكُم أَخَاهُ فلْيُسلِّمْ عليه، فِإنْ حَالَتْ بَيْنَهُما شَجَرَةٌ أو جِدَارٌ أو حَجَر ثُمَّ لَقِيَه فلْيُسلِّمْ عَلَيْهِ".

"وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا لَقِيَ أحدكم أخاه فلْيُسَلِّمْ عليه، فإنَّ حالتْ بينهما" بعد أن يُسلِّمَ عليه.

"شجرةٌ أو جِدارٌ أو صَخْرَةٌ، ثم لَقِيهَ" ثانياً "فلْيُسَلِّم عليه ثانيًا".

* * *

3600 -

عَنْ قتادَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخلْتُم بَيْتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِه، وإذَا خَرَجْتُم فأَوْدِعُوا أَهْلَهُ بالسَّلَامِ"، مُرسل.

"عن قَتادةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخلْتُم بيتاً فسلِّمُوا على أهلهِ"، فإنَّ لم يكنْ في البيتِ أحد يُستحبُّ أن يقول: السلامُ علينا وعلي عباد الله الصالحين.

"وإن خرجْتُم فأَوْدِعُوا أهلَه بالسلام"، وجوبُ سلامِ الوَدَاع مستحَبٌّ.

"مرسل".

* * *

3601 -

عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "يابنيَّ! إذا دَخَلْتَ على

ص: 164

أَهْلِكَ فَسَلِّمْ، يكونُ بَرَكَةً عَلَيْكَ وعلى أَهْلِ بَيْتِكَ".

"عن أنسٍ عن أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بنيَّ"؛ بصيغة التصغير.

"إذا دخلتَ على أهلِكَ فسَلِّم، يكونُ بركةً عليك وعلي أهلِ بَيْتِك".

* * *

3602 -

ويُرْوَى عَنْ جَابرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قَال:"السَّلامُ قَبْلَ الكَلامِ"، وهذا مُنكر.

"ويُروَى عن جابرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: السلامُ قبلَ الكَلَام"؛ يعني إذا أتى رجلٌ إلى رجلِ فلْيُسَلِّمْ عليه قبلَ أن يتكلَّم معه بكلام.

"وهذا مُنْكَر"، مدارُه على عَنْبسَةَ بن عبد الرحمن، وهو ضعيفٌ جداً، ثم إنه يَروي عن محمدِ بن زادان وهو منكَرُ الحديث، وهذا مِن جُمَلةِ ما زعمَ المؤلِّفُ أنه أعرضَ عنه ولم يُعْرِضْ عنه، قيل: يحتملُ أن يكونَ الإلحاقُ في "المصابيح" من غيرِ المؤلِّف.

* * *

3603 -

عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ أنَّه قَالَ: كُنَّا في الجَاهِلِيَّةِ نقولُ: أَنْعَمَ الله بِكَ عَيْناً، وأَنْعِمْ صَبَاحًا، فلمَّا كانَ الإسْلَامُ نُهيْنَا عَنْ ذَلِكَ.

"عن عمران بن حُصَين أنه قال: كُنَّا في الجاهليةِ نقولُ: أنعمَ الله بك عيناً"، والباء في (بك) زائدةٌ للاكتفاء بالهمزة في التعدية؛ بمعنى: أقرَّ الله عينَك بما تحبُّه من النعمة، ويجوزُ أن يكونَ مِن: أنعمَ الرجلُ: إذا دخلَ في النعيم، فالباء حينئذ للتعدية، و (عيناً) نصب على التمييز، قيل: عن (الكاف) في (بك)، والصوابُ عن التشبُّه.

"وأنعم بك صباحاً"، من النعومة، نَعِمَ نعومةَ إذا صار ناعِماً ليناً؛ أي:

ص: 165

طابَ عيشُك في الصباح.

"فلمَّا كان الإسلامُ نُهِينا عن ذلك".

* * *

3604 -

ورُويَ: أنَّ رَجُلاً قال لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبي يُقرِئُكَ السَّلامَ، فَقَالَ:، عَلَيْكَ وعَلَى أَبيْكَ السَّلامُ".

"وروي أن رجلًا قال لرسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: إنَّ أبي يُقْرِئُك السلامَ، فقال: وعليكَ وعلي أبيك السَّلَامُ"، يُفْهَم من هذا أنَّ مَن جاء بالتحيةِ مِنْ شخصٍ ينبغي للمُجِيبِ أن يَرُدَّ التحيةَ على الجائي بها ومَرسِلِها.

* * *

3605 -

عَن ابن العَلَاءِ الحَضْرَميِّ: أنَّ العَلَاءَ الحَضْرَمِيَّ كَانَ عَامِلَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان إذا كتَبَ إلَيْهِ بَدَأَ بنفْسِهِ.

"عن ابن العلاء الحضرمي: أنَّ العلاءَ الحضرميَّ كان عاملَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كتبَ إليه"؛ أي: إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

"بدأ بنفسِه" بأنَّ كتبَ هذا من العلاءِ الحَضْرَميّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

* * *

3606 -

ورُوِيَ عَنْ جَابرٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كتَبَ أَحَدُكُم كِتاباً فَلْيُتَرِّبْهُ، فإنَّه أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ"، هذا مُنكَر.

"ورويَ عن جابر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كتبَ أحدكم كتاباً فْليُتَرِّبْه"، والتَّتْرِيبُ: ذَرُّ الترابِ على المكتوب، وقيل: المرادُ المبالغةُ في التواضُعِ في الخطاب.

ص: 166

"فإنَّه أَنْجَحُ"؛ أي: أَيْسُرُ "للحاجة، هذا مُنْكَر".

* * *

3607 -

عَنْ زيدِ بن ثَابتٍ رضي الله عنه قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وبَيْنَ يَدَيْهِ كَاتِبٌ، فسَمِعْتُه يَقُولُ:"ضَع القَلَمَ على أُذُنِكَ، فإنَّه أَذْكَرُ لِلْمُمْلِي"، ضعيف.

"عن زيد بن ثابتٍ أنه قال: دخلتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين يديه كاتبٌ، فسمعتُه يقول: ضعِ القلمَ على أُذنيكَ فإنَّه أَذْكَرُ للحال"؛ أي: العاقبةُ، يعني أنه أسرَعُ تَذَكُّراً فيما يُراد من إنشاءِ العبارة في المعنى المُقْصُود.

وفي نسخة: "فإنَّه أَذْكَرُ للمُمْلِي"، وذلك لاجتماع خاطِرهِ، وأَمْنهِ من أنْ يكتُبَ شيئًا بغيرِ إملائهِ، وأمَّا لو كان القلمُ على وجهِ الكاغِد فإنَّه يُشَوِّشُ ذِهْنَه، ولا يَأْمَنُ مِن أن يكتبَ شيئًا ليس من إملائه.

* * *

3608 -

عن زيدِ بن ثَابتٍ رضي الله عنه أنّه قَال: أَمَرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أتعلَّمَ السُّرْيانِيَّةَ - ويَرْوَى: - أنَّه أَمَرني أنْ أتعَلَّمَ كِتَابَ يَهُودَ وقال: "إنِّي ما آمَنُ يَهُودَ على كِتَابٍ"، قال: فَمَا مرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حتَّى تعلَّمْتُ، فَكَان إذا كتَبَ إلى يَهُوَدَ كتَبْتُ، وإذا كتبوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُم".

"عن زيدِ بن ثابتٍ أنه قال: أمرَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلَّمَ السُّريَانِيَّةَ، ويُرْوَى أنه أَمَرني أن أتعلَّمَ كتابَ اليهودِ، وقال: إنِّي ما آمنُ يهودَ على كتابٍ"؛ يعني: لا آمن إن أمرتُ يهودياً بأنَّ يكتبَ عني إلى قومٍ من بني إسرائيل، أو يقرأَ كتاباً يأتِيني منهم أن يزيدَ، أو ينقصَ.

"قال"؛ أي: زيدُ بن ثابت.

ص: 167

"فما مرَّ بي نِصْفُ شهرٍ حتَّى تعلَّمْتُ، وكان إذا كتبَ"؛ أي: أرادَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يكتبَ "إلى يهودَ كتبتُ"؟ أي: أنا أكتبُ.

"وإذا اكتبوا إليه قرأتُ له كتابهَم".

* * *

3609 -

عَنْ أَبيْ هُرَيْرةَ رضي الله عنه، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا انتهَى أَحَدُكم إلَى مَجْلِسٍ فَليُسلِّمْ، فإنْ بَدا لَهُ أنْ يَجْلِسَ فَلْيجلِسْ، ثُمَّ إذا قَامَ فليُسَلِّمْ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بأَحَقَّ مِنَ الآخِرَةِ".

"عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتهى أحدُكم إلى مجلِسٍ فليُسَلِّمْ، فإنَّ بدا له أن يَجْلِسَ فلْيَجْلِسْ، ثم إذا قامَ فلْيُسَلِّمْ، فليست الأُولى"؛ أي: التسليمةُ الأولى "بأحقّ من الآخرة"؛ أي: من التسليمة الآخرة، بل كِلْتاهما حقٌّ وسُنَّة.

* * *

3610 -

وقال: "لَا خيرَ في جُلُوس في الطُّرُقَاتِ إلَّا لِمَن هَدَى السَّبيْلَ، وَرَدَّ التَّحيةَ، وغَضَّ البَصَرَ، وأَعَانَ على الحَمُولَةِ".

"وقال: لا خيرَ في جلوسٍ في الطرقات إلَّا لمن هَدَى السبيلَ، وردَّ التحيةَ، وغَضَّ البَصَر، وأعانَ على الحُمُولة"؛ بفتح الحاء المهملة: الدابة، وبضمها: ما يُحمَلُ عليها، جمع حِمْل بالكسر، أرادَ إعانةَ مَن يرفعَ حمِلَه على ظهرِ دابَّة، أو ظهرِه، أو رأسِه، ونحو ذلك.

* * *

ص: 168