المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٥

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتابُ اللِّبَاسِ

- ‌2 - باب الخاتَمِ

- ‌3 - باب النعَال

- ‌4 - باب التَّرجيل

- ‌5 - باب التَّصاويرِ

- ‌21 - كِتَابُ الطِّبُ وَالرُّقَى

- ‌1 - باب"باب الطّبِّ والرُّقَى

- ‌2 - باب الفَأْلِ والطِّيرَةِ

- ‌3 - باب الكهانَةِ

- ‌22 - كِتَابُ الرُّؤْيَا

- ‌23 - كِتَابُ الأَدَبِ

- ‌1 - باب السَّلامِ

- ‌2 - باب الاسْتِئْذَانِ

- ‌3 - باب المُصافَحَةِ والمُعانَقَةِ

- ‌4 - باب القِيَام

- ‌5 - باب الجُلوُسِ والنَّومِ والمَشْيِ

- ‌6 - باب العُطَاسِ والتَّثَاؤُبِ

- ‌7 - باب الضَّحِكِ

- ‌8 - باب الأَسَامِي

- ‌9 - باب البَيانِ والشِّعرِ

- ‌10 - بابحِفْظِ اللِّسانِ والغِيْبةِ والشَّتمِ

- ‌11 - باب الوعد

- ‌12 - باب المُزَاحِ

- ‌13 - باب المُفاخَرَةِ والعَصَبيَّةِ

- ‌14 - باب البر والصِّلَةِ

- ‌15 - باب الشَّفَقَةِ والرَّحمَةِ على الخَلْقِ

- ‌16 - باب الحُبِّ في الله والبُغْضِ في الله

- ‌17 - باب ما يُنهَى من التَّهاجُرِ والتَّقاطُعِ واتباعِ العَوْراتِ

- ‌18 - باب الحذَرِ والتَّأَنِّي في الأُمورِ

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌21 - باب الظُّلمِ

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌24 - كِتابُ الرِّقَاقِ

- ‌2 - باب فضلِ الفُقَراءِ وما كانَ من عَيْشِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب الأَمَلِ والحِرْصِ

- ‌4 - باب استِحبابِ المالِ والعُمُرِ للطَّاعةِ

- ‌5 - باب التَّوَكلِ والصَّبرِ

- ‌6 - باب الرِّياءِ والسُّمْعَةِ

- ‌7 - باب البكاء والخوف

- ‌8 - باب تغيُّر الناس

- ‌9 - باب

- ‌25 - كِتابُ الفِتَنِ

- ‌2 - باب المَلاحِمِ

- ‌3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ

- ‌4 - باب العلاماتِ بين يَدَي السَّاعةِ، وذِكْرُ الدَّجَّالِ

- ‌5 - باب قِصَّةِ ابن الصَّيَّادِ

الفصل: ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

" باب الرِّفق": وهو المداراة ولين الجانب وأخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها، والعنف: ضده، "والحياء وحسن الخُلق".

مِنَ الصِّحَاحِ:

3941 -

عن عائِشةَ رضي الله عنها: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعطي على العُنْفِ، وما لا يُعطِي على ما سِواهُ".

"من الصحاح":

" عن عائشة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله رفيق"، معناه: أنه يريد بعباده اليُسر ولا يريد بهم العُسر، فلا يكلِّفهم فوقَ طاقتهم، بل يسامحهم وَيلطُف بهم.

"يحب الرِّفق"؛ أي: أن يرفقَ العبادُ بعضُهم بعضًا، ويتلاطفوا فيما بينهم.

"ويعطي على الرِّفق"؛ أي: يعطي من الثواب في مقابلة الرفق أو من المطالب والأغراض "ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه"؛ أي: على ما سوى الرفق من الخِصَال الحسنة، وهذا يدل على أن الرفقَ أقوى الأسباب الحسنة كلِّها وأوثقُها.

* * *

3942 -

وقال صلى الله عليه وسلم لعائِشَةَ رضي الله عنها: "عليكِ بالرِّفْقِ، وإيَّاكِ والعُنْفَ والفُحْشَ، إنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلا زانَهُ، ولا يُنزَعُ مِن شيءٍ إلا شانَهُ".

"وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة: عليك بالرِّفق، وإياكِ والعنفَ والفحشَ؛ إن الرِّفقَ

ص: 339

لا يكون في شيء إلا زانَه"؛ أي: زيَّنَه.

"ولا يُنْزَع من شيءٍ إلا شانَه"؛ أي: عابَه.

* * *

3943 -

وعن جريرٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَن يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الخَيْرَ".

"وعن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَن يُحرَمِ الرفقَ يُحَرمِ الخيرَ"؛ أي: يصير محرومًا منه.

* * *

3944 -

وقال: "إنَّ الحياءَ مِن الإيمانِ".

"وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحياءَ من الإيمان"؛ أي: مِن شُعَبه.

* * *

3945 -

وقال: "الحياءُ لا يأتي إلا بخيرٍ".

ويُروَى: "الحياءُ خيرٌ كلُّه".

"عن عِمران بن حُصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياءُ لا يأتي إلا بخير".

"ويُروى: الحياءُ خيرٌ كلُّه": وهذا عامٌّ أُريد به الخاصُّ؛ أي: الحياء عن فعل ما لا يرضاه الله تعالى خيرٌ كلُّه.

* * *

3946 -

وقال: "إنَّ مِمَّا أدركَ النَّاسُ مِن كلامِ النُّبوَّةِ الأولى: إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شئتَ".

ص: 340

"عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما أَدركَ الناسُ من كلام النبوة الأولى"؛ أي: مما بقي بين الناس، فأدركوه من كلام الأنبياء، وفي إضافة الكلام إلى النبوة إشعارٌ بأن هذا الكلامَ من نتائج الوحي، وفي التقييد بـ (الأولى) إشارةٌ بأن الحياءَ كان مندوبًا إليه في الأولِين، لم يجرِ عليه النسخُ من شرائعهم.

"إذا لم تستحي فاصنعْ ما شئتَ"، قيل: هذا أمرُ تهديدٍ؛ أي: افعلْ ما شئتَ فستُجازَى به، كقوله تعالى:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وفيه إشعارٌ بأن الكافَّ للإنسان عن مواقعة السوء هو الحياءُ، فإذا رفضَه فهو كالمأمور بارتكابِ كلِّ ضلالةٍ وتعاطي كلِّ سيئةٍ، وقيل: لفظُه أمرٌ ومعناه خبرٌ؛ يعني: صنعتَ ما شئتَ، وفيه توبيخٌ له، وقيل: معناه: إذا كنتَ في فعلِك آمنا أن تستحيَ منه لجريك فيه على سَنَنِ الصواب فاصنعْ ما شئتَ.

* * *

3947 -

عن النَّواسِ بن سَمْعانَ قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن البرِّ والإِثمِ، فقال:"البرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثمُ ما حاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهتَ أنْ يطَّلِعَ عليهِ الناسُ".

"عن النَّوَّاس" - بفتح النون وتشديد الواو - "ابن سِمْعَان": بكسر السين المهملة وسكون الميم: "أنه قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن البرِّ والإثم؟ فقال: البرُّ حسنُ الخُلق"، ومن ذلك: العفو عن الذنوب، ومدارة الناس، وتحمُّل أذاهم.

"والإثم ما حاك في صدرك"؛ أي: أثَّر قبحُه في قلبك، أو تردَّد فيه ولم تُرِدْ إظهارَه.

"وكرهتَ أن يطَّلعَ عليه الناس"؛ لقبحه.

* * *

ص: 341

3948 -

وقال: "إنَّ مِن أحبكم إليَّ أَحْسنَكم أَخْلاقًا".

"وقال: إن مِن أحبكم إليَّ أحسنَكم أخلاقًا".

* * *

3949 -

وقال: "إنَّ مِن خِيارِكم أَحْسَنَكم أَخْلَاقًا".

"وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا"، الخيار: المختار من كل شيء.

* * *

مِنَ الحِسَان:

3950 -

عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أُعطِيَ حَظَّهُ مِن الرِّفقِ أُعطيَ حَظَّهُ من خيرِ الدُّنيا والآخرةِ، ومَن حُرِمَ حَظَّهُ مِن الرِّفْقِ حُرِمَ حظَّهُ مِن خيرِ الدُّنيا والآخِرَةِ".

"من الحسان":

" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَن أُعطِيَ حظَّه من الرفق أُعطِيَ حظَّه من خير الدنيا والآخرة، ومَن حُرِمَ حظَّه من الرفق حُرِمَ حظَّه من خير الدنيا والآخرة".

* * *

3951 -

عن أبي هُريرَةَ قال: قالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ مِن الإِيمانِ، والإيمانُ في الجَنَّةِ، والبَذَاءُ مِن الجَفاءِ، والجَفاءُ في النَّارِ".

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحياءُ من الإيمان، والإيمانُ"؛ أي: أهلُ الإيمان "في الجنة، والبَذَاء" بفتح الباء: ضد الحياء.

ص: 342

"من الجَفَاء": وهو خلاف البر.

"والجفاءُ"؛ أي: أهلُ الجفاء "في النار".

* * *

3952 -

وعن أُسامَةَ بن شَريكٍ قال: قالوا: يا رسولَ الله! ما خيرُ ما أُعْطِيَ الإنسانُ؟ قال: "الخُلُقُ الحَسَنُ".

"عن أسامة بن شَرِيك": قيل: هو المدفون بتلٍّ من تلال سَهَنْد جبل على ستة فراسخ من تِبريز.

"قال: قالوا: يا رسولَ الله! ما خيرُ ما أُعطِيَ الناسُ؟ قال: الخُلقُ الحَسنُ".

* * *

3953 -

عن حارِثَةَ بن وَهْبٍ، قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ الجَوَّاظُ ولا الجَعْظَرِيُّ"، قال: الجَوَّاظُ: الذي جَمَعَ ومَنَعَ، والجَعْظَرِيُّ: الغَليظُ الفَظُّ.

"عن حارثة بن وهب قال: قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخلُ الجنةَ الجَوَّاظُ" بفتح الجيم والواو المشددة: الجَمُوع المَنُوع، وقيل: الكثير اللحم، المختال في مشيه.

"ولا الجَعْظَرِي" بفتح الجيم وسكون العين وكسر الراء المهملتين وفتح الظاء المعجمة: المتكثِّر بما ليس عنده، وقيل: سييء الخُلق، وقيل: الدفَّاع المنَّاع.

"قيل: الجَوَّاظ: الغليظُ الفَظُّ"؛ أي: المتكبر.

* * *

ص: 343

3954 -

عن أبي الدَّرْداءَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ أثقلَ شَيءٍ يُوضَعُ في ميزانِ المُؤْمنِ يومَ القِيامةِ خُلُق حَسَنٌ، وإنَّ الله يُبغِضُ الفاحِشَ البَذيءَ"، صحيح.

"وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أثقلَ شيءٍ يُوضَعُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة خُلقٌ حسن، وإن الله يُبغض الفاحشَ البذيءَ.

صحيح".

* * *

3955 -

وعن عائِشَةَ، عن رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ المُؤْمِنَ لَيُدرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجَةَ قائمِ اللَّيلِ وصائِم النَّهارِ".

"عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمنَ لَيدركُ بحسن خُلقه درجةَ قائم الليل وصائم النهار".

* * *

3956 -

وعن أبي ذرٍّ قال: قال لي رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقِ الله حَيْثُما كنتَ، وأَتبعِ السَّيئةَ الحَسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ".

"عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ الله حيث ما كنتَ وأَتبعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها"، فعُلِمَ منه أن العبدَ لا يستغني في حالٍ من الأحوال عن محوِ آثار السيئات عن قلبه، بمباشرة حسناتٍ تضادُّ آثارُها آثارَ تلك السيئات؛ فسماعُ الملاهي يكفَّر بسماع القرآن ومجالس الذِّكر، وشربُ الخَمر يكفَّر بالتصدُّق بكل شراب حلال، فقِسْ على هذا؛ لأن المرضَ يُعالَج بضدِّه.

"وخالِقِ الناسَ بخُلقٍ حسنٍ"؛ أي: استَعمِلِ الخُلقَ الحسنَ معهم.

* * *

ص: 344

3957 -

عن عبدِ الله بن مَسْعودٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "ألا أُخْبرُكم بِمَن يَحرُمُ على النَّارِ وبمَن تَحْرُمُ النَّارُ عليهِ؟ على كلِّ هَينٍ لَينٍ قريبٍ سَهْلٍ"، غريب.

"عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أُخبركم بمن يَحرُم على النار"؛ أي: لا يُطرَح فيها ولا يَدخلها.

"وبمن تَحرُم النارُ عليه؟ "؛ أي: لا تَصِلُ إليه.

"على كل هين" من: الهون، وهو السهولة.

"لين"؛ أي: حليم، ضد الخشونة، قيل: هما يُطلَقان على الإنسان بالتثقيل والتخفيف، وعلى غيره بالتشديد على الأصل.

وعن ابن الأعرابي: بالتخفيف للمدح، وبالتشديد للذم.

"قريب" من الناس بمجالستهم وملاطفتهم.

"سهل"؛ أي: في قضاء حوائجهم وتمشية أمورهم وإعانتهم.

"غريب".

* * *

3958 -

عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"المُؤْمِنُ غِرٌّ كريمٌ، والفاجِرُ خِبٌّ لئيمٌ".

"عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمنُ غِرٌّ" بكسر الغين المعجمة: الذي لم يجرِّب الأمور.

"كريم، والفاجر خَبٌّ" بفتح الخاء المعجمة: ضد (الغِرِّ)، وهو الخدَّاع، وقد يُكسَر.

"لئيم"، والمعنى: أن المؤمنَ المحمودَ: مَن في طبعه غرارةٌ وقلةُ شرٍّ

ص: 345

وتركُ بحثٍ عنه، وليس ذلك منه جهلًا، بل كرمًا وحسنَ خلقٍ، والفاجرُ: مَن كانت عادتُه الدهاءَ والبحثَ عن الشرِّ؛ لا على أنه عقلٌ منه، بل خبثٌ ولؤمٌ.

* * *

3959 -

وقال: "المُؤمنونَ هَينونَ لَينونَ، كالجَمَلِ الأَنِفِ، إنْ قِيدَ انقادَ، وإنْ أُنيخَ على صَخْرةٍ استناخَ"، مُرسَلٌ.

"وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمنون هينون لينون": هما جمعا (هين) و (لين).

"كالجمل الأَنِف" بفتح الهمزة وكسر النون، وبالقصر في الصحيح: هو البعير الذي أثرت البُرَةُ في أنفه، فصار أنفُه مجروحًا، ويكون إذ ذاك أشدَّ انقيادًا.

يقال: أنِفَ البعيرُ يَأنَف - بالكسر - أنِفًا، فهو آنف: إذا اشتكى أنفُه من الخشاش المدخول في عظم أنفه، وهو من خشب، والبُرَة من صُفْرٍ، والكاف مرفوعة محلًا خبرًا ثانيًا؛ أي: كلُّ واحدٍ منهم كالجمل الأَنِف، أو منصوبة المحل صفة مصدر محذوف؛ أي: لينًا مثلَ لِين الجمل الأَنِف.

"إنْ قِيدَ انقادَ، وإن أُنِيخَ إلى صخرة استَناخَ"، والمعنى: أن المؤمنَ شديدُ الانقياد للشارع في أوامره ونواهيه، وذكر الصخرةَ في جانب الإناخة؛ لأنها عليها شاقةٌ؛ أي: هو كثيرُ تحمّل المشاقِّ.

"مرسل".

* * *

3960 -

وعن ابن عمرَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"المُسْلِمُ الذي يُخالِطُ النَّاسَ ويَصبرُ على أذاهُمْ، أَفْضَلُ مِن الذي لا يُخالِطُهم ولا يَصْبرُ على أذاهُمْ".

ص: 346

"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: المسلم الذي يخالط الناسَ ويصبر على أذاهم أفضلُ من الذي لا يخالطهم، ولا يصبرهم على أذاهم".

* * *

3961 -

وعن سهلِ بن مُعاذٍ، عن أبيه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن كَظَمَ غَيْظًا وهو يقدِرُ على أنْ يُنْفِذَهُ دعاهُ الله على رُؤوسِ الخَلائقِ يومَ القِيامةِ، حتى يُخَيرَهُ في أيِّ الحُورِ شاءَ"، غريب.

وفي رِوايةٍ: "مَلأَ الله قلبَه أَمْنًا وإيمانًا".

وزادَ بعضُهم: "مَن تركَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمالٍ وهو يقدِرُ عليهِ - أَحْسِبُه قال: - تواضُعًا كساهُ الله حُلَّةَ الكَرامةِ، ومَن تَزَوَّجَ للهِ توَّجَهُ الله تاجَ المُلكِ".

"عن سهل بن معاذ، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن كظمَ غيظًا"؛ أي: اجتَرعَ غضبًا كامنًا.

"وهو يَقدِر على أن يُنفِذَه"؛ أي: يُمضيَه، من: الإنفاذ، الإمضاء.

"دعاه الله على رؤوس الخلائق يومَ القيامة حتى يخيرَه في أيِّ الحُورِ شاء.

غريب".

"وفي رواية: ملأ قلبَه أمنًا وإيمانًا، وزاد بعضهم"؛ أي: بعضُ الرواة على الحديث المذكور روايةً عنه صلى الله عليه وسلم: "مَن تركَ لبسَ ثوبِ جمالٍ، وهو يَقدِر عليه، أَحسِبه"؛ أي: قال الراوي: أظنُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم "قال: تواضعًا" - مفعول له لقوله: (ترك) - "كَسَاه الله حُلَّةَ الكرامة"؛ أي: زينتها.

"ومَن تزوَّج لله توَّجه الله"؛ أي: أَلبسَه "تاج الملك".

* * *

ص: 347