الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - كِتابُ الرِّقَاقِ
24 -
كِتابُ الرِّقَاقِ
" كتاب الرقاق" بكسر الراء: جمع رقيق، ضد غليظ، والمراد بها: الكلمات التي تَرِقُّ بها القلوبُ إذا سمعت، وترغب عن الدنيا بسببها وتزهد فيها، وقيل: هو الفقر، فِعَال من: رِقَّة الحال.
مِنَ الصِّحَاحِ:
3997 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ "نِعْمَتانِ مَغْبون فيهما كثيرٌ مِن النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَرَاغُ".
"من الصحاح":
" عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ"، الغَبن: خروج الشيء من اليد بغير عِوَض؛ يعني: لا يَعرف قَدْر هاتين النعمتين كثيرٌ من الناس ما داموا فيهما، فإذا تبدَّل الصحةُ بالمرض والفراغُ بالاشتغال فحينئذ يندمون على ما فاتهم من أوقات الصحة والفراغ، ولا ينفعهم الندمُ.
3998 -
وقال: "والله، ما الدُّنيا في الآخِرَةِ إلا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أحدُكم إِصبَعَهُ في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بمَ يَرْجِعُ؟ ".
"وعن المُستورِد بن شدَّاد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما الدنيا في الآخرة"؛ أي: ما نعيمُ الدنيا، أو ما زمانُها في مقابلة نعيم الآخرة أو زمانها.
"إلا مِثلُ ما يجعل أحدُكم إصبعَه في اليَمِّ"؛ أي: البحر؛ يعني: نسبة تلك إليها كنسبة الماء الملتصق بالإصبع إذا غمسَها في البحر.
"فَلْينظرْ بِمَ ترجع"؛ أي: بأيِّ شيءٍ ترجع إصبعُ أحدِكم من ذلك الماء.
3999 -
وعن جابرٍ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بجَدْيٍ أَسَكَّ مَيتٍ، فقال:"أيُّكم يُحِبُّ أَنَّ هذا لهُ بدرهمٍ؟ " فقالوا: ما نُحِبُّ أنَّهُ لنا بشَيْءٍ، فقال:"فَوالله، للدُّنيا أَهْوَنُ على الله مِن هذا عَلَيْكُم".
"وعن جابر رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بجَدْيٍ": وهو ولد المَعز.
"أَسَكَّ"؛ أي: مقطوع الأذنين أو صغيرهما، وقد يقال للذي لا أذنَ له أيضًا.
"ميتٍ، قال: أيُّكم يحبُّ"؛ أي: يريد "أن يكون هذا له بدرهم"؛ أي يشتريه به.
"فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيءٍ، قال: فوالله لَلدنيا أهونُ"؛ أي: أحقرُ وأسهلُ.
"على الله من هذا عليكم"؛ أي: مِن هَوَان الجدي عليكم.
4000 -
وقال: "الدُّنيا سِجْنُ المُؤْمنِ وجَنَّةُ الكافرِ".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا سجنُ المؤمن"؛
أي: كالسجن في جنب ما أُعدَّ له في الآخرة من النعيم المقيم الدائم.
"وجنةُ الكافر"؛ أي: كالجنة في جنب ما أُعدَّ له في الآخرة من عذاب الجحيم.
4001 -
وقال: "إنَّ الله لا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يعطَى بها في الدُّنْيا، ويجزَى بِها في الآخِرَةِ، وأمَّا الكافرُ فيُطعَمُ بحَسَناتِ ما عَمِلَ بها لِلهِ في الدُّنْيا، حتى إذا أفضَى إلى الآخِرَةِ لم يَكُنْ له حَسَنَةٌ يُجْزَى بها".
"وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يَظلِم مؤمنًا"؛ أي: لا يَنقص "حسنةً": مفعول ثانٍ لقوله: (لا يظلم).
"يُعطَى بها في الدنيا"؛ يعني: أنه إذا اكتسب حسنةً يكافئه الله في الدنيا بتوسيع رزقه وتحسين خُلقه ودفع البلاء عنه.
"ويُجزَى بها في الآخرة"؛ أي: يُثِيبُه فيها بالجنة واللقاء.
"وأما الكافرُ فيُطعَم بحسناتِ ما عملَ بها لله"، من فكِّ أسيرٍ وإنقاذِ غريقٍ.
"في الدنيا"؛ يعني: يكافئه في الدنيا.
"حتى إذا أَفْضَى إلى الآخرة": أوصلَه إليها.
"لم يكن له حسنةٌ يُجزى بها".
4002 -
وقال: "حُجبَتْ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وحُجبَتْ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حُجبَتِ النارُ بالشهوات"؛ أي: حُفَّت وأُديرت حوالَيها اللذاتُ وما تشتهيه الأَنفس؛ يعني: أن مُتبعَ الشهواتِ
في معصية الله وقعَ في النار بفعله، وهو لا يراها؛ بل يرى مشتهاه.
"وحُجبَتِ الجنةُ بالمَكَاره"؛ يعني: متحمِّل المشاقِّ الدينية دخل الجنَّةَ؛ أي: عملَ ما يدخله فيها، وهو لا ينظر إليها؛ بل إلى المكاره الحالية، ويروى:"حُفَّت".
4003 -
وقال: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينارِ، وعَبْدُ الدِّرْهَم، وعَبْدُ الخَميصَة، إنْ أُعطيَ رَضيَ، وإنْ لم يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وانتكَسَ، وإذا شِيْكَ فلا انتَقَشَ، طُوبى لعبدٍ آخذٍ بعِنانِ فرسه في سبيلِ الله أشعثَ رأسُه، مُغْبَرَّةٍ قَدَماهُ، إنْ كانَ في الحِراسَةِ كانَ في الحراسةِ، وإنْ كانَ في السَّاقَةِ كانَ في السَّاقةِ، إنْ استأذَنَ لم يُؤذَنْ لهُ، وإنْ شَفَعَ لم يُشَفَّعْ".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تَعَسَ" بفتح العين؛ أي: سقطَ على وجهه؛ يعني: هَلكَ.
"عبدُ الدينار وعبدُ الدرهم": وهذا دعاء على مَن يستعبده حبُّ الدنيا، وفيه: إشارة إلى أن المذمومَ مَن يكون أسيرًا لجمع الأموال بحيث لا يؤدِّي حقَّ الله منها.
"وعبد الخَمِيصة": وهي كِساء أسود معلَّم، أراد به: مُحِبُّ الثياب النفيسة والحريصَ على التجمُّل فوق الطاقة.
"إن أُعطِيَ رَضيَ": هذا بيان لشدة حرصه.
"وإن لم يُعطَ سخطَ، تعسَ وانتكسَ"؛ أي: صار ذليلًا، والانتكاس: هو الانقلاب على الرأس، إنما أعاد (تعس)؛ ليترقَّى في الدعاء عليه من الأهون إلى الأغلظ، ثم ترقَّى منه إلى قوله:
"وإذا شِيكَ"؛ أي: دخلتْ شوكةٌ في عضوه.
"فلا انتُقِشَ" على بناء المجهول؛ أي: فلا أُخرِجَ منه، خصَّ انتقاش الشوكة؛ لأنه أسهلُ ما يُتصوَّر من المعاونة لمن أصابه مكروه، فإذا نُفِيَ ذلك الأهونُ يكون ما فوقَه منفيًا بالطريق الأولى.
"طُوبَى لعبدٍ آخِذٍ بعنانِ فرسِه في سبيل الله": هذا يدل على اهتمامه بالمجاهدة.
"أشعثَ رأسُه": مرفوع بالفاعلية لـ (أشعث)، وهو خبر مبتدأ محذوف، والأشعث: مُغْبَرُّ الرأس.
"مُغبرَّةٍ قدماه"؛ أي: صار ذا غبارٍ من كثرة المشي على التراب.
"إن كان في الحراسة"؛ أي: حراسة الجيش على أن يهجمَ عليهم العدوُّ، وهي تكون في مقدمة الجيش "كان في الحراسة"؛ أي: يبذل جهدَه فيها ولا يغفل عنها، تقرَّر في علم المعاني: أن الشرطَ والجزاءَ إذا اتحدا دلَّ على مخافة الجزاء.
"وإن كان في الساقة": وهي مؤخر الجيش.
"كان في الساقة"، خصَّهما بالذكر؛ لأنهما أشدُّ مشقةً وأكثرُ آفةً، إذ الأولى عند دخولهم دارَ الحرب، والأخرى عند خروجهم منها.
"وإن استَأذن لم يُؤذَن له"؛ لكونه غيرَ مُلتفَتٍ إليه في الدنيا.
"وإن شَفعَ لم يُشفَّع"؛ أي: لم تُقبَل شفاعتُه؛ لكونه وضيعَ القَدْر عند الناس.
4004 -
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ مِمَّا أخافُ
عليكُم مِن بعدي ما يُفتَحُ عليكُم مِن زَهْرَةِ الدُّنيا وزينَتِها"، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! أَوَ يأتي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ فسكتَ حتى ظنَنَّا أنهُ يُنزَلُ عليهِ، قال: فَمَسَحَ عنه الرُّحَضَاءَ وقال: "أينَ السَّائِلُ؟ "، وكأنَّهُ حَمِدَهُ، فقال: "إنَّه لا يأتي الخَيْرُ بالشَّرِّ، وإنَّ مِمَّا يُنبتُ الرَّبيعُ يَقتُلُ حَبَطًا أو يُلِمُّ، إلَّا آكلَةَ الخضراءِ، أكَلَتْ حتى إذا امتَدَّتْ خاصِرَتَاهَا استقبَلَتْ عينَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وبَالَتْ، ثم عادَتْ فأَكَلَتْ، وإنَّ هذا المالَ خَضرَةٌ حُلْوَةٌ، فمَن أخذَهُ بحَقِّه ووَضَعَهُ في حَقِّه فنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، ومَن أخذَهُ بغيرِ حقِّهِ كانَ كالذي يأكُلُ ولا يَشْبَعُ، ويكونُ شهيدًا عليهِ يومَ القيامةِ".
"عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مما أخاف عليكم مِن بعدي ما يُفتَح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها"، والزَّهرة - بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء وتحريكها -: حُسنها وبهجتها وكثرة خيرها مِن كل ما يُستلَذُّ به ويُستمتَع منها؛ أي: إني أخافُ إنْ كَثُرت أموالُكم أن تكونَ شاغلةٌ لكم عن الأعمال الصالحة، وموجبةً لتكبُّركم على الناس.
"فقال رجل: يا رسولَ الله! أوَ يأتي الخير، - بفتح الواو - "بالشر؟ " الباء فيه للتعدية؛ يعني: حصول الغنيمة لنا خيرٌ، وهل يكون ذلك الخير سببًا للشرِّ وتركِ الطاعة؟
"فسكت صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه يُنزَل عليه"؛ أي: الوحي.
"قال"؛ أي: الراوي: "فمسحَ عنه"؛ أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن نفسِه "الرُّحَضاء": وهو العَرَق الذي يَظهَر للنبي عليه الصلاة والسلام عند نزول الوحي، يَغسل الجِلدَ لكثرته.
"فلمَّا سُرِّيَ عنه مسحَها": وهذا كناية عن تلقِّي الوحي، وكثيرًا ما يُستعمل في الحُمَّى والمرض.
"وقال: أين السائلُ؟ وكأنه حمدَه"؛ أي: النبيُّ صلى الله عليه وسلم حَمِدَ السائلَ.
"فقال: إنه لا يأتي الخيرُ بالشرِّ، وإن مما يُنبت الربيعُ ما يَقتُل حَبَطًا" بفتحتين، نُصب على التمييز؛ أي: هلاكًا، يقال: حَبَطتِ الدابةُ حَبَطًا إذا أصابت مرعَى طيبًا، فأفرطت في الأكل حتى تنتفخَ، فتموت؛ وذلك لأن الربيعَ يُنبت خيارَ العُشب والبُقول ما يُؤكَل غيرَ مطبوخ، فتَستكثر منه الماشيةُ؛ لاستطابتها إياه حتى تنتفخَ بطونُها عند مجاوزتها حدَّ الاحتمال، فتنشقُّ أمعاؤها من ذلك "أو يُلِمُّ"؛ أي: تُقارب من الهلاك، كذلك المُفرِطُ في جمع المال من غير حلِّها؛ يُفرِط في التنعُّم حتى يقسوَ قلبُه من كثرة الأكل والشرب، فيتكبَّر ويحتقر الناسَ ويؤذيهم، ويمنع ذا الحقِّ حقَّه منها، فإنه قد تعرَّض لهلاكه في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا بأذى الناس؛ فهذا المالُ شرٌّ له ووبالٌ عليه.
"إلا آكلةَ الخُضَر": استثناء مفرغ من المثبت، و (الخُضَر) بضم الخاء وفتح الضاد المعجمتين، وقيل بفتح الخاء وكسر الضاد، وهو أكثر الروايات: هو الطَّرِيَّ الغَضُّ من النبات.
"أكَلتْ حتى إذا امتدَّتْ خاصرتاها"؛ أي: شَبعتْ "استَقبلتْ عينَ الشمس"؛ أي: ذاتَها وقرصَها؛ يعني: بَرَكَتْ مستقبلةً إليها، تَستمرِئ بذلك ما أَكلتْ.
"فثَلَطَتْ"؛ أي: رَاثَتْ وأَلقَتْ رجيعَها سهلاً رقيقًا.
"وبالَتْ"، فيزول عنها الحَبَط.
"ثم عادتْ فأكَلتْ"، كذلك مَن أَخرجَ ما في المال من الحقوق، وفيه: حثٌّ على ترك الإمساك للادخار، وهذا المالُ خيرٌ له ومعونةٌ في تحصيل الخير؛ يعني: الجنة.
"وإن هذا المالَ خَضرةٌ حلوةٌ"، إنما أنَّث على معنى تأنيث المشبَّه به؛
أي: إن هذا المالَ شيءٌ كالخُضرة، وقيل: يريد أن المالَ الذي هو صيرورة الدنيا ومتاعها خضرةٌ حلوةٌ؛ أي: حسنةُ المنظر تُعجب الناظرَ.
"فمَن أخذَه بحقِّه"؛ أي: بقَدْر احتياجه ومِن حِلِّه، "ووضعَه في حقِّه": بأن أدَّى زكاتَه، "فنِعمَ المعونةُ هو، ومَن أخذَه بغير حقِّه كان كالذي يَأْكل ولا يَشبَع ويكون"؛ أي: المالُ "شهيدًا عليه"، أي: وبالًا وحُجَّةً عليه "يومَ القيامة".
4005 -
وقال: "والله لا الفَقْرَ أَخْشَى عليكُم، ولكِنْ أخشَى عليكُم أنْ تُبْسَطَ عليكُم الدُّنيَا كما بُسِطَتْ على مَن قَبْلَكم، فتنَافسُوها كما تَنَافَسُوها، وتُهلِكَكُم كما أهلَكَتْهُم".
"وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ووالله ما الفقرَ أَخشَى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسَطَ عليكم الدنيا كما بُسطت على مَن كان قبلَكم، فتَنَافَسوها" - بحذف إحدى التاءين - "كما تنافسوها"؛ أي: فتتنافسوا كما تنافس أولئك فيها، والتنافس والمنافسة: الرغبة في الشيء والانفراد به، من: الشيء النفيس، الجيد في نوعه.
"وتُهلكَكم"، أي: الدنيا؛ لظهور العداوة بينكم بسببها، فيقتل بعضكم لأجلها، "كما أهلكتهم".
4006 -
وقال: "اللهمَّ! اجعلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا"، ويُروَى:"كفَافًا".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعلْ رزقَ آل محمدٍ قُوتًا"؛ أي: بقَدْر ما يُمسك الرَّمَق.
"ويروى: كَفَافًا"؛ أي: ما كان بقَدْر الحاجة ولا يَفضُل منه شيء، ويكفُّ عن السؤال وإراقة ماء الوجه.
4007 -
وقال: "قد أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، ورُزِقَ كَفَافًا، وقنَّعَهُ الله بما آتاهُ".
"عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أَفلحَ مَن أَسلمَ ورُزقَ كَفَافًا وقنَّعَه الله"؛ أي: جعلَه قانعًا "بما آتاه"؛ أي: أعطاه من الدنيا، ولم يَطلبِ الزيادةَ ولم يَلتفتْ قلبُه لما خَلَتْ عنه يدُه.
4008 -
وقال: "يقولُ العبدُ: مالي، مالي، إنَّما لهُ مِن مَالِهِ ثلاثٌ: ما أكلَ فأَفْنَى، أو لَبسَ فأَبْلَى، أو أَعْطَى فاقتَنَى، وما سِوَى ذلك فهوَ ذَاهِبٌ وتَارِكُه للنَّاسِ".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول العبد: مالي مالي، إنما له من ماله ثلاثٌ: ما أكَلَ فأَفْنَى، أو لَبسَ فأبْلَى، أو أَعْطَى"؛ أي: مالَه لوجه الله وابتغاء مرضاته "فاقتنى"؛ أي ادَّخر للآخرة.
"وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتاركُه للناس".
4009 -
وقال: "يَتْبَعُ المَيتَ ثلاثةٌ، فيَرجعُ اثنانِ ويبقَى معَهُ واحدٌ، يتبعُهُ أهلُه ومالُه وعَمَلُه، فَيَرْجِعُ أهلُه ومالُه، ويبقَى عَمَله".
"عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَتبعُ الميتَ ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد؛ يتبعه أهلُه ومالُه" كالعبيد والإماء.
"وعمله، فيرجع أهلُه ومالُه، ويبقى عملُه".
4010 -
عن عبدِ الله قال: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أيُّكم مالُ وارثِهِ أَحَبَّ إليهِ مِن مالِهِ؟ " قالوا: يا رَسولَ الله! ما مِنَّا أَحَدٌ إلا مالُه أَحَبُّ إليهِ، قال:"فإنَّ مالَهُ ما قدَّمَ، ومالُ وارِثهِ ما أخَّرَ".
"عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله؟ قالوا: يا رسولَ الله! ما منا أحدٌ إلا مالُه أحبُّ إليه، قال: فإن مالَه" الذي ينفعه "ما قدَّم"؛ أي: تصدَّقه.
"ومالُ وارِثَه ما أخَّر"، فينتفع به وارثُه، ويُحاسَب عليه مُورِّثُه.
4011 -
عن مُطَرِّفٍ، عن أبيهِ قال: أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يَقْرأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: "يقولُ ابن آدمَ: مالي، مالي"، قال:"وهل لكَ يا ابن آدَم! إلا ما أكلْتَ فأفنَيْتَ، أو لَبسْتَ فأبليْتَ، أو تصدَّقْتَ فأَمضَيْتَ؟ ".
"عن مُطرِّف، عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: أتَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، قال: وهل لك من مالك يا ابن آدم إلا ما أكَلتَ فأفنيتَ، أو لَبستَ فأبليتَ، أو تصدَّقتَ فأمضيتَ؟ "؛ أي: أَبقيتَ للآخرة.
4012 -
وقال: "ليس الغِنى عن كَثْرَةِ العَرَضِ، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الغنى عن كثرة العَرَض"، وهو - بالتحريك -: متاع الدنيا وحطامها، نقدًا كان أو غيرَه، وجمعه: أمراض، وبالسكون: لا يتناول النقدين، وجمعه: عُروض، قيل: عَرَض الدنيا، كأنه من العَرَض يقابل الجوهر، شبَّه متاعَها به في سرعة زواله وعدم ثباته زمانين.
"ولكن الغِنَى غِنَى النفس"؛ أي: الغِنَى الحقيقيُّ هو قناعةُ النفس والتجنُّبُ عن الحرص في طلب الدنيا، فمَن كان قلبُه على جمع المال فهو فقير، وإن كان له مال كثير؛ لأنه محتاجٌ إلى طلب الزيادة، ومَن كان له قلبٌ بعيدٌ عن الحرص راضٍ بالقُوت فهو غني، وإن لم يكن له مال؛ لأنه لا يطلب الزيادةَ عن القُوت ولا يُتعب نفسَه في طلبها.
مِنَ الحِسَان:
4013 -
عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن يَأْخُذْ عَنِّي هؤلاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَل بِهِنَّ، أو يُعَلِّمُ مَن يَعْمَلُ بهنَّ؟ " قلتُ: أنا يا رسولَ الله! فأَخَذَ بيدَيَّ، فعدَّ خَمْسًا فقال:"اتَّقِ المَحَارِمَ تكنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وارضَ بما قَسَمَ الله لكَ تكنْ أغنَى النَّاسِ، وأَحسِنْ إلى جارِكَ تكنْ مُؤْمِنًا، وأَحِبَّ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنَفْسِكَ تكنْ مُسْلِمًا، ولا تُكْثِرِ الضَّحِكَ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُميتُ القَلْبَ"، غريب.
"من الحسان":
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن يأخذْ عني هؤلاء الكلماتِ، فيعملْ بهنَّ أو يعلِّمْ مَن يَعملُ بهن؟ قلت: أنا يا رسولَ الله، فأخذ
بيدي، فعدَّ خمسًا، فقال: اتَّقِ المحارمَ تكنْ أعبدَ الناس، وارضَ بما قَسَمَ الله لك تكن أغنى الناس، وأَحسِنْ إلى جارِك تكن مؤمنًا، وأحبَّ للناس ما تحبُّ لنفسك تكن مسلمًا، ولا تُكثر الضحكَ؛ فإن كثرةَ الضحك تُميت القلبَ": وهذا تهديد عظيم؛ لأن موتَ القلب إما كفرٌ في الدنيا، وإما فزعٌ في القيامة، وما أُضيف إلى القلب فهو أعظمُ، كقوله تعالى:{فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283].
"غريب".
4014 -
عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله يقولُ: ابن آدَم! تَفَرَّغْ لعبادتي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى، وأَسُدَّ فقرَكَ، فإنْ لم تفعلْ مَلأْتُ يدَكَ شُغْلًا، ولم أَسُدَّ فقرَكَ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول: ابن آدم! تفرَّغْ" بصيغة الأمر "لعبادتي أَملأ" بالجزم: جواب الأمر.
"صدرَك غنًى، وأسدَّ فقرَك"؛ أي: أُزيل عنك فقرَك.
"وإنْ لا تفعلْ"؛ أي: وإن لم تفعلْ ما أمرتك من الإعراض عن الدنيا والتفرُّغ لعبادتي "ملأتُ يدَك شغلًا"؛ أي: كثَّرت شغلَك بالدنيا.
"ولم أسدَّ فقرَك"، فتُتعب نفسَك بكثرة الترف وفي طلب المال، ولا تنال من الرزق إلا ما قدَّرتُ لك.
4015 -
"عن جابرٍ قال: ذُكِرَ رَجُلٌ عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعبادة واجتِهادٍ، وذُكِرَ آخرُ بِرِعَةٍ، فقالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَعدِلْ بالرِّعَةِ شَيْئًا"، يعني: الوَرعَ.
"وعن جابر رضي الله عنه قال: ذُكر رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادةٍ واجتهادٍ، وذُكر
آخرُ بِرِعَةٍ"؛ أي: بورعٍ، يقال: وَرعَ يَرِعُ - بالكسر فيهما - وَرَعًا ورِعَةً.
"فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تَعدِلْ بالرِّعَةِ شيئًا"؛ أي: لا تقابلْ شيئاً بالورع؛ فإنه أفضلُ من كل خصلة.
4016 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وهو يَعِظُه: "اغتنمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَك قبلَ مَوْتكَ"، مرسل.
"عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعظُه: اغتَنِمْ خمسًا"؛ أي: اتخذها غنيمةً.
"قبلَ خمسٍ: شبابَك"؛ أي: اغتنمْ حالَ شبابك الأعمالَ الصالحةَ.
"قبلَ هَرَمِك، وصحتَك قبلَ سقمك، وغناك قبلَ فقرك، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك"، "مرسل".
4018 -
عن أبي هُريرةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: كما يَنتظِرُ أَحَدُكم إلا غِنًى مُطْغِيًا، أو فَقْرًا مُنْسِيًا، أو مَرَضًا مُفْسِدًا، أو هَرَمًا مُفْنِدًا، أو مَوْتًا مُجْهِزًا، أو الدَّجَّالَ، فالدَّجَّالُ شَرُّ غائبٍ يُنتَظَرُ، أو السَّاعةَ، {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ينتظرُ أحدُكم إلا غنًى مُطْغِيًا": خرج هذا الكلامُ مخرجَ التوبيخ على تقصير المكلَّفين في أمر دينهم؛ أي: متى تعبدون ربَّكم؟ فإنكم إن لم تعبدوه مع قلة الشواغل وقوة البدن، فكيف تعبدونه مع كثرة الشواغل وتخاذُل القوى؟ لعل أحدَكم ما ينتظر إلا غنًى مُطغِيًا أطغاه المالُ، جعلَه طاغيًا؛ أي: مجاوزًا للحدِّ من البَطَر والغرور به.
"أو فقرًا مُنسِيًا": وهو الذي يجعل صاحبَه مدهوشًا، فينسيه الطاعةَ من الجوع والعُري والتردُّد في طلب القُوت.
"أو مرضًا مُفسِدًا": وهو ما يُفسد البدنَ لشدته، أو الدِّين للكسل الحاصل به.
"أو هرمًا مُفنِدًا": وهو الذي يبلِّغ صاحبَه إلى الفَنَد، وهو ضَعفُ الرأي، يقال: أَفنَدَه الكِبَر: إذا جعلَ رأيَه ضعيفًا.
"أو موتًا مُجهِزًا" بالتخفيف؛ أي: قاتلاً بغتةً بحيث لا يَقدِر على التوبة.
"أو الدجالَ؛ فالدجالُ شرُّ غائبٍ يُنتظَر، أو الساعةَ؛ {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى} "؛ أي: أشدُّ الدواهي وأفظعُها.
{وَأَمَرُّ} ؛ أي: أشدُّ مرارةً من القتل ومن جميع الشدائد.
4017 -
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ألا إنَّ الدُّنيا مَلْعونةٌ، مَلْعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ الله وما وَالَاهُ، وعالِمًا أو مُتَعلِّمًا".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إن الدنيا ملعونةٌ"؛ أي: مباعدةٌ عن الله تعالى.
"ملعونٌ ما فيها"؛ أي: مُبعَدٌ عن الله تعالى.
"إلا ذِكرَ الله تعالى وما والاه"؛ أي: والَى ذِكرَ الله؛ أي: قارَبه من ذِكرِ خيرٍ، وقيل: من: الموالاة، المتابعة، وما والَى ذِكرَه تعالى: طاعتُه واتباعُ أمرِه ونهيه؛ لأن ذِكرَه يقتضي ذلك، أو من: الموالاة، التي هي جريان المحبة بين اثنين، وقد يأتي بمعنى: فَعَلَ، ولا يكون إلا من واحد؛ أي: وما أحبَّه الله مما يجري فيها.
"وعالمًا أو متعلِّمًا": منصوبان في أكثر النسخ عطفًا على (ذكر)؛ فإنه منصوب مستثنى من الموجب.
4019 -
وعن سَهْلِ بن سَعْدٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لو كانَت الدُّنيا تَعْدِلُ عندَ الله جناحَ بعوضَةٍ ما سقَى كافِرًا منها شَرْبَةَ ماءٍ".
"وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كانتِ الدنيا تَعدِل"؛ أي: تَزِنُ وتُقابل.
"عند الله جناحَ بعوضة ما سَقَى كافرًا منها شربةَ ماءٍ"؛ لأن الكافرَ عدوُّ الله، والعدوُّ لا يُعطَى شيئاً مما له قَدْرٌ عند المُعطِي.
4020 -
عن ابن مَسْعودٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتَّخِذوا الضَّيْعَةَ فترْغَبُوا في الدُّنيا".
"عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا الضَّيعةَ"؛ أي: البستانَ والمزرعةَ.
"فترغبوا في الدنيا"؛ يعني: لو اتخذتموها لَحرصتُم على طلب الزيادة، فلا يحصل الشِّبَعُ حينَئذٍ من الدنيا.
4021 -
وقال: "مَن أَحَبَّ دُنْياهُ أَضَرَّ بآخِرَتهِ، ومَن أَحَبَّ آخرَتَهُ أَضَرَّ بدنياهُ، فآثِروا ما يَبْقَى على ما يَفْنَى".
"وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أحبَّ دنياه أضرَّ
بآخرته"؛ يعني: نقصَ درجتَه في الآخرة؛ لأنه يَشغَل ظاهرَه وباطنَه بالدنيا، فلا يكون له فراغٌ لطاعة الله.
"ومَن أحبَّ آخرتَه أضرَّ بدنياه؛ فآثِرُوا"؛ أي: اختاروا "ما يبقى على ما يفنى".
4022 -
عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لُعِنَ عبدُ الدِّينارِ، ولُعِنَ عبدُ الدِّرْهَمِ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لُعِنَ عبدُ الدينار، ولُعِنَ عبدُ الدرهم".
4023 -
عن ابن كَعْبِ بن مالكٍ، عن أبيه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما ذِئبانِ جائعانِ أُرْسِلا في غَنَمٍ بأَفْسَدَ لها مِن حِرْصِ المَرْءِ على المالِ والشَّرَفِ لديِنهِ".
"عن كعب بن مالك، عن أبيه رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذئبانِ جائعانِ أُرسِلا في غنمٍ بأفسدَ لها"؛ أي: ليسا بأكثرَ إفسادًا للغنم، أنَّث الضمير؛ لأن الغنمَ جمعٌ في المعنى.
"مِن حرصِ المرءِ"؛ أي: إفسادِ حرصِ المرءِ "على المال والشرف": عطف على (المال)؛ أي: وعلى الجاه والمَنصِب.
"لدِينه": متعلق بـ (أفسد)؛ يعني: حرصُ المرء عليهما أكثرُ إفسادًا لدِينه من إفساد الذئبين للغنم.
4024 -
عن خَبَّابٍ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما أَنْفَقَ المُؤْمِنُ مِن نَفَقَةٍ إلا أُجِرَ فيها، إلَاّ نَفَقَتَهُ في هذا التُّرابِ".
"عن خَبَّاب بن الأَرَتِّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما أَنفقَ المؤمنُ من نفقة إلا أُجِرَ فيها؛ إلا نفقتَه في هذا التراب"؛ أي: البناء؛ يعني: لا أجرَ لمن يَصرِف مالَه في بناء البيوت والقصور زيادةَ على قَدْر الحاجة.
4025 -
وعن أنسٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "النَّفَقَةُ كلُّها في سبيلِ الله إلا البناءَ فلا خَيْرَ فيهِ"، غريب.
"وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: النفقةُ كلُّها في سبيل الله إلا البناءَ فلا خيرَ فيه"، "غريب".
4026 -
وقال: "إنَّ كلَّ بناءً وَبَالٌ على صَاحِبه إلَّا مَا لا، إلَّا مَا لا"، يعني: إلَّا مَا لا بُدَّ منه.
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كلَّ بناءٍ وبالٌ على صاحبه"، والوبال: الثقل والمكروه، أو يريد به هنا: العذاب في الآخرة.
"إلا ما لا إلا ما لا؛ يعني: إلا ما لا بدَّ منه".
4027 -
عن أبي هاشمٍ بن عُبيدٍ قال: عَهِدَ إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّما يَكْفيكَ مِن جَمْعِ المالِ خادِمٌ ومَركَبٌ في سبيلِ الله".
"عن أبي هاشم بن عتبة رضي الله عنه أنه قال: عَهِدَ إليَّ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ أي أوصاني.
"قال: إنما يكفيك من جمع المال خادمٌ ومركبٌ في سبيل الله".
4028 -
عن عُثْمانَ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "ليسَ لابن آدَمَ حقٌّ في سِوَى هذه الخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُه، وثَوْبٌ يُوَارِي بهِ عَوْرتَهُ، وجِلْفُ الخُبْزِ والماءِ".
"عن عثمان رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس لابن آدمَ حقٌّ"، أراد به: ما يستحقُّه لافتقاره إليه وتوقُّف تعيُّشه عليه، وقيل: ما لم يحاسب عليه إذا اكتسب من الحل.
"فيما سوى هذه الخصال: بيتٌ يَسكنُه، وثوبٌ يُواري"؛ أي: يَستُر "به عورتَه، وجِلْفُ الخبز والماء" بكسر الجيم وسكون اللام، قيل: الظَّرف الذي يُجعل في الخبز والماء، وقيل: الخبز بلا إدام، وقيل: الخبز الغليظ اليابس، ويروى بفتح اللام، جمع جِلْفة، وهي الكِسرة من الخبز.
4029 -
عن سَهْلِ بن سَعْدٍ قال: جاءَ رَجُلٌ فقال: يا رسولَ الله! دُلَّني على عَمَلٍ إذا أنا عَمِلْتُهُ أَحَبنى الله وأَحَبني النَّاسُ، قال:"ازهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ الله، وازهَدْ فيما عندَ الناسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ ".
"عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: جاء رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله! دُلَّني على عملٍ إذا أنا عملتُه أحبني الله وأحبني الناسُ، قال: ازهدْ في الدنيا"؛ أي: كنْ تاركًا للدنيا ومُعرِضًا عنها "يحبَّك الله، وازهدْ فيما في أيدي الناس يحبَّك الناسُ".
4030 -
عن ابن مَسْعودٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نامَ على حَصيرٍ، فقامَ وقد أَثَّرَ في جَسَدِهِ، فقال ابن مَسْعودٍ: يا رسولَ الله! لو أَمَرْتَنا أن نَبْسُطَ لكَ ونَعْمَلَ، فقالَ:"ما لِي وللدُّنيا، وما أنا والدُّنيا إلا كَراكِبٍ استَظَلَّ تحتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ راحَ وتركها".
"عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نامَ على حصيرٍ، فقام وقد أثَّر في جسده، فقال ابن مسعود: يا رسولَ الله! لو أمرتَنا"؛ أي: أَذِنتَ لنا "أن نبَسطَ لك"؛ أي: فِراشًا لينًا.
"ونَعملَ"؛ أي: نعملَ لك ثوبًا حسنًا وبيتًا حسنًا يكون لك أحسنَ وأطيبَ من اضطجاعك على هذا الحصير الخشن.
"فقال: ما لي وللدنيا"، (ما): للنفي؛ أي: ليس لي ألفةٌ ومحبةٌ مع الدنيا، ولا للدنيا ألفةٌ ومحبةٌ معي حتى أرغبَ فيها وأجمعَ ما فيها، ويجوز أن يكون للاستفهام، فمعناه: أيُّ ألفةٍ ومحبةٍ لي مع الدنيا؟ أو أيُّ شيءٍ حالي مع الميل إلى الدنيا؟ "وما أنا والدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ تحتَ شجرةٍ، ثم راحَ وتركها".
4031 -
وعن أبي أُمامَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"أَغْبَطُ أوليائي عِنْدي لَمُؤْمِنٌ خَفيفُ الحَاذِ، ذو حَظٍّ مِن الصَّلاةِ، أَحْسَنَ عِبادَةَ ربِهِ وأطاعَهُ في السِّرِّ، وكانَ غامِضًا في النّاسِ لا يُشَارُ إليه بالأَصابعِ، وكانَ رزقُهُ كَفَافًا، فصَبَر على ذلكَ"، ثم نقَرَ بِيدِهِ فقال:"عُجِّلَتْ مَنِيَّتُه، وقَلَّتْ بواكِيهِ، وقَلَّ تُرَاثُه".
"وعن أبي أُمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أَغْبَطُ أوليائي": أفعل تفضيل بني للمفعول؛ لأنه للمغبوط به، الذي يُتمنَّى حالُه؛ أي: أحسنُهم حالاً.
"عندي لَمؤمنٌ"، واللام: زائدة، أو للابتداء حُذف مبتدؤه؛ أي: لَهو مؤمنٌ.
"خفيفُ الحاذِ"؛ أي: خفيف الظَّهر من العيال، متمكِّن من السير في طريق الله، لقلة العلائق بطريق الكفاية؛ لأن خفيفَ الحاذِ أمكنُ في مشيه، وقيل: أي: خفيفُ الحال، قليل المال والعيال.
"ذو حظٍّ من الصلاة والصيام"؛ أي: هو ممن نشأ في عبادة الله.
"أحسنَ عبادةَ ربه وأطاعَه في السِّرِّ": وهذا كالتفسير لـ (ذي حظٍّ منها).
"وكان غامضًا في الناس"؛ أي: خاملاً، من: الغموض، الخمول.
"لا يُشار إليه بالإصبع": تفسير له.
"وكان رزقُه كفَافًا"؛ أي: لا يَفضُل عما لابد منه.
"فصبر على ذلك": إشارة إلى الرزق الكفاف، أو إلى جميع المذكورات.
"ثم نقًدَ" بالدال المهملة؛ أي: ضربَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام "بيده"، من: نَقدتُ رأسَه بأصبعي؛ أي: ضربتُه، وقيل: من "نقدَ الطائرُ الحَبَّ): إذا التقطَه واحدًا بعدَ واحدٍ، وأُريد به هنا: ضرب الأُنملة على الأُنملة، أو على الأرض وكالمتقلِّل بالشيء.
ويروى: "نقر" بالراء المهملة، بمعنى: صوَّت؛ يعني: ضربَ إبهامَه بوسطاه حتى سُمع منه صوت، وهذا فعلُ مَن تعجَّب من شيء أو رأى شيئًا حسنًا، أو أظهرَ عن نفسه قلةَ المبالاة بشيءٍ، أو أَظهرَ طربًا؛ يعني: مَن كانت هذه صفته فهو بمنزلة أن يتعجب من حسن حاله وقلة مبالاته بالدنيا وكثرة طربه بالآخرة.
"فقال: عُجِّلَتْ مَنيَّتُه" على بناء المجهول؛ يعني: كان قبضُ روحِه سهلًا؛
لعدم التفاته إلى ما ترك في الدنيا، قيل: هذا مدح له، ومعناه: أن هذا الشخصَ لا يحرص على البقاء في الدنيا وعلى طول عمره حرصَ غيره، فهو كالميت لا يشتهي شيئاً من أنواع أعراض الدنيا، فأراد صلى الله عليه وسلم بهذا ما أراد بقوله في صفة الصدِّيق رضي الله عنه:"مَن أراد أن ينظرَ إلى ميتٍ يمشي على وجه الأرض فَلْينظرْ إلى هذا"، وأشار إليه.
أقول: في الصرف عن الحقيقة وإرادة المجاز لابد من قرينةٍ، كهي في صفة الصدِّيق مِن قوله:"يمشي على وجه الأرض"، وأما هنا فالسياقُ شيءٌ ينافي إرادةَ شيءٍ مما ذُكر؛ لأن البكاءَ والميراثَ يقوِّي إرادةَ الحقيقة، فيُحمل ذلك على إرادةِ الله تعالى تعجيلَ موته شوقًا إلى لقائه.
"وقلَّت بواكيه" جمع: باكية، وهي المرأة التي تَبكِي على الميت.
"وقلَّ تُراثُه"؛ أي: ميراثُه.
4032 -
وقال: "عَرَضَ عليَّ رَبي لِيَجْعَلَ لي بَطْحاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا، فقلتُ: لا يا رَبِّ! ولكنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وأَجُوعُ يومًا، فإذا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إليكَ وذكرتُكَ، وإذا شَبعْتُ حَمِدْتُكَ وشَكَرْتُك".
"وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَرضَ عليَّ ربي ليجعلَ لي بَطحاءَ مكةَ"، البَطحاء والأَبطح: مَسيل الماء، أراد به: مكة وصحاريها.
"ذهبًا، فقلت: لا يا ربِّ، ولكن أَشبَع يومًا وأجوع يومًا، فإذا جعتُ تضرَّعتُ إليك وذكرتُك، وإذا شبعتُ حمدتُك وشكرتُك".
4033 -
عن عبيد الله بن مِحْصَنٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أَصْبَحَ منكم آمِنًا في سِرْبه، مُعَافًى في جَسَدِهِ، عِنْدَه قُوتُ يومِهِ، فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا بحَذافيرِها"، غريب.
"عن عبيد الله بن مِحْصَن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أصبح منكم آمنًا في سِرْبه" بالكسر، أي: في نفسه وقيل: أي: في أهله وعياله، ويروى بالفتح؛ أي: طريقه ومسلكه.
"معافًى في جسده"؛ أي: صحيحًا في بدنه، سالمًا من العيوب والآفات.
"عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ"؛ أي جُمعتْ "له الدنيا! ".
"غريب".
4034 -
وعن المِقْدَامِ بن مَعْدِ يْكَرِبَ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ما ملأَ آدمي وِعَاءً شَرًّا مِن بَطْنٍ، بحَسْبِ ابن آدَم أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كانَ لا مَحالةَ، فثُلُثٌ طَعامٌ، وثُلُثٌ شَرابٌ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ".
"وعن المِقْدَام بن معدي كرب رضي الله عنه
أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا": صفة (وعاء).
"من بطنٍ، بحسب ابن آدم"، الباء: زائدة؛ أي: كَفَاه.
"أُكُلات" بضمتين: جمع أُكْلة - بالضم ثم السكون -، وهي اللُّقمة.
"يُقِمْنَ"؛ أي: تلك الأكلاتُ "صُلبَه": من (أقام الشيءَ): إذا حفظَه عن السقوط.
"فإن كان لا محالةَ"؛ أي: فإن كان لابد من أن يملأَ بطنَه، ولا يقنع بأدنى قُوت.
"فثلثٌ طعامٌ وثلثٌ شرابٌ"؛ أي: فليجعل ثلثَ بطنه للطعام، وثلثَه للشراب.
"وثلثٌ لنَفَسِه"؛ أي: ليتركْ ثلثَه خاليًا لخروج النَّفَس.
4035 -
وعن ابن عُمَرَ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمعَ رَجُلًا يَتَجَشَّأُ فقال: "أَقْصِرْ مِن جُشَائكَ، فإنَّ أطولَ النَّاسِ جُوْعًا يومَ القِيامةِ أطولُهم شِبَعًا في الدُّنْيا".
"وعن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يتجشَّأ"؛ أي: يَخرجُ الجُشاء من صدره، وهو ريح يخرج عنه من امتلاء المَعِدَة من الطعام، وذلك الرجل كان وهبَ بن عبد الله أبا جُحيفة، من صغار الصحابة، لم يبلغ الحُلمَ في زمنه عليه الصلاة والسلام.
رُوي عنه أنه قال: أكلتُ ثَرِيدَ بُرٍّ مع لحمٍ، فأتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أتجشَّأ "فقال: أَقصِرْ من جُشائك" بفتح الهمزة؛ أي: اكففْ عنه، والنهي وإن ورد الجُشاء لفظًا لكنه على إكثار الطعام معنىً؛ لأنه المقتضي له، ولأن الجُشاءَ إذا استولى كان أمرًا طبيعيًا لم يُقدَر على دفعه، وسببه - وهو الشبع - أمر مقدور، فيَرِدُ النهي عليه.
"فإن أطولَ الناس جوعًا يومَ القيامة أطولُهم شِبَعًا في الدنيا"، روي: أن ذلك الرجل لم يأكل ملءَ بطنه بعد ذلك حتى فارقَ الدنيا، كان إذا تعشَّى لا يتغذَّى، وإذا تغدَّى لا يتعشَّى.
4036 -
وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لكلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وفِتْنَةُ أُمَّتي المالُ".
"وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن لكل أمةٍ فتنةً": وهي ما يوقع أحدًا في الضلالة أو المعصية.
"وفتنةُ أمتي المالُ".
4037 -
عن أنسٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"يُجَاءُ بابن آدَمَ يومَ القِيامَةِ كأنَّه بَذَجٌ، فيُوقَفُ بينَ يدي الله، فيقولُ له: أَعْطَيتُكَ وخَوَّلتُكَ وأنعمتُ عليكَ، فما صَنَعْتَ؟ فيقولُ: رَبِّ! جَمَّعتُهُ وثَمَّرتُهُ فتركْتُه أكثَر ما كانَ، فارجِعْنى آتكَ بهِ كلِّه، فيقولُ لهُ: أَرِني ما قَدَّمْتَ، فيقولُ: ربِّ! جَمَّعتُه وثَمَّرتُه فتركتُه أكثَر ما كانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بهِ كلِّه، فإذا عَبْدٌ لم يُقَدِّمْ خَيْرًا فيُمضَى بهِ إلى النَّارِ"، ضعيف.
"وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: يُجاء"؛ أي: يُؤتَى.
"بابن آدم" يريد به: شخصًا واحدًا.
"يومَ القيامة كأنه بَذَجٌ"؛ أي: ولدُ الضأن في الحقارة والعجز، وهو معرَّب، وأصله بالفارسية: برة، وهو أصغر ما يكون من الحُملان، شبَّهه به صَغَارًا؛ أي: يكون حقيرًا ذليلًا.
"فيُوقَف بين يدَي الله تعالى، فيقول له: أعَطيتُك وخوَّلتُك"؛ أي: جعلتُك ذا خَوَلٍ وخدمٍ.
"وأنعمتُ عليك، فما صنعتَ فيها؟ فيقول: ربِّ! جَمَّعتُه وثَمَّرتُه"، والتثمير: تكثير المال.
"فتركتُه أكثرَ ما كان، فأرجِعْني آتِك به كلِّه، فيقول له: أرِنى ما قدَّمتَ"؛ أي: للآخرة من الخير.
فإذا عبدٌ لم يقدّم خيرًا، فيُمضَى به إلى النار"، "ضعيفًا.
4038 -
عن أبي هُريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَوَّلَ ما يُسأَلُ العَبْدُ يومَ القِيامَةِ مِن النعيم أنْ يُقالَ لهُ: ألَم نُصِحَّ جِسْمَكَ ونُرْوِكَ مِن الماءِ الباردِ؟ ".
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولَ ما يُسأل العبدُ يومَ القيامة من النعيم أن يقال: ألم نُصِحَّ جسمَك"، يقال: أَصحَّ القومُ فهم مُصحُّون: إذا أصابت أموالَهم عامةٌ ثم ارتفعت.
"ونُروِك من الماء البارد؟ ".
4039 -
عن ابن مَسْعودٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا تَزولُ قَدَما ابن آدَم يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن خَمْسٍ: عن عُمْرِهِ فيما أَفْنَاهُ، وعن شبابهِ فيما أَبْلاهُ، وعن مالِه مِن أينَ اكتسَبَهُ وفيما أنفقَهُ، وماذا عَمِلَ فيما عَلِمَ".
"وعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تزول قدما ابن آدمَ يومَ القيامة حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه"، وإنما ذَكر شبابَه بعد ذِكر عمرِه؛ لأنه الزمانُ الذي يتمكن فيه على أقوى العبادات.
"وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟ ": وإنما غيَّر السؤالَ فيه حيث لم يقل: عن علمه؛ لأن العملَ أهمُّ، والعلمَ مقدمتُه، وهو لا يُعتَّد لولا العملُ.
"غريب".