الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رِوايةٍ: "شَيَّبَتْني هُودٌ، والواقِعةُ، والمُرْسَلاتُ، و (عم يتساءلون)، و (إذا الشمس كورت) ".
"عن أبي جُحيفة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسولَ الله! قد شِبْتَ"؛ أي: صرتَ أشيبَ.
"قال: شيَّبتْني هودٌ"؛ أي: جعلتْني أشيبَ (سورةُ هود)، وذلك لأن فيها:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112]؛ فإن الاستقامةَ على الطريق المستقيم من غير ميلٍ إلى الإفراط والتفريط في الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة عسيرٌ جدًا.
"وأخواتُها"؛ أي: وأشباهُها من السُّوَر التي ذُكر فيها أحوالُ القيامة وعذابُها؛ لِمَا عَرَاني من الهم والخوف على أمتي.
"وفي رواية: شيَّبتْني (هود) و (الواقعة) و (المرسلات) و (عم يتساءلون) وإذا الشمس كورت) ".
* * *
8 - باب تغيُّر الناس
(باب تغيُّر الناس)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4125 -
قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النَّاسُ كالإبلِ المئةِ، لا تَكادُ تجدُ فيها راحِلةً".
"من الصحاح":
" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله عليه وسلم: إنما الناسُ كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلة": وهي البعير الذي يرتحله الرجلُ، جَمَلًا كان أو ناقةً،
فاعلة بمعنى: مفعولة، والهاء للمبالغة، يريد: أن المَرْضيَّ المُنتخَبَ من الناس في عزّة وجوده كالنجيبة الصالحة للركوب، التي لا توجد في الإبل الكثيرة القوية على الأحمال والأسفار، وقيل: معناه: الناس في أحكام الدين سواء، لا فضلَ فيها لشريفٍ على مشروف، ولا لرفيعٍ على وضيعٍ، كالإبل المئة لا يكون فيها راحلة.
* * *
4126 -
وقالَ: "لَتَتَبَّعُن سَنَنَ مَنْ قَبلَكُمْ، شِبْرًا بشِبرٍ، وذِراعًا بذِراعٍ، حتَّى لوْ دَخَلوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبعتُموهم"، قيلَ: يا رسولَ الله! اليهودَ والنَّصارَى؟ قالَ: "فمَنْ؟ ".
"عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: لَتتبعُنَّ سَنَنَ مَن قبلكم" والمراد به: طريق أهل الأهواء والبدَع التي ابتدعوها مِن قِبَل أنفسهم بعد أنبيائهم من الأفعال القبيحة.
"شِبرًا بشِبرٍ، وذراعًا بذراع"؛ أي: ستفعلون مثلَ فعلهم سواءً بسواءٍ.
"حتى لو دخلوا جُحرَ ضَبٍّ"؛ أي: ثقبَه.
"تبعتُمُوهم، قيل: يا رسولَ الله! اليهود"؛ أي: المتبوعون هم اليهود "والنصارى" أم قوم آخرون؟ "قال: فمَن؟ "؛ أي: فمَن يكون غيرهم؛ يعني: المُتبَعُون هم لا غير، استفهام على سبيل التقرير.
* * *
4127 -
وقالَ: "يَذهبُ الصَّالِحونَ الأَوَّلُ فالأَوَّلُ، وتبقَى حُفالَةٌ كحُفالَةِ
الشَّعيرِ أو التَّمرِ، لا يُباليهِمُ الله بالةً".
"وعن مِرداس الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يذهب الصالحون"؛ أي: يموتون.
"الأول فالأول" بالرفع: على الفاعلية؛ أي: يذهب الأولُ فالأولُ، وبالنصب: على الحال؛ أي: واحدًا فواحدًا.
"ويبقى حُفالة" بضم الحاء؛ أي: الرديء من كل شيء.
"كحُفالة الشعير أو التمر": وهو ما يسقط من رديئهما.
"لا يباليهم الله بالةً"؛ أي: لا يرفع لهم قَدْرًا ولا يقيم لهم وزنًا، يقال: ما بَاليتُ الشيءَ وبالشيءِ ومن الشيءِ مبالاة وباليةً وبالةً؛ أي: لم أهتمَّ ولم أَكترِثْ به، وقيل:(بالةً)؛ أي: مبالاةً، فيكون محذوف الميم والألف، ويجوز أن يكون معناه: أي: لا يبالي الله حالةً من أحوالهم بسوئها.
* * *
مِنَ الحِسَان:
4128 -
عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مشَتْ أمَّتي المُطَيْطِيَاءَ، وخدَمَتْهُم أبناءُ المُلوكِ، أبناءُ فارِسَ والرُّومِ، سَلِّطَ الله شِرارَها على خِيارِها"، غريب.
"من الحسان":
" عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا مَشَتْ أمتي المُطَيطِياءَ": - ممدودة ومقصورة - بمعنى: التمطِّي والتبختُر ومدِّ اليدَين، ويروى بغير الياء الأخيرة، ونصبه على أنه مفعول مطلق، وقيل: منصوب على الحال؛ أي: إذا صارت أمتي متكبرين.
"وخدمتْهم أبناءُ الملوك أبناءُ فارسَ والروم": وهذا الحديث من أدلة نبوته صلى الله عليه وسلم؛ لمطابقة أخباره للواقع بعده، فإن الصحابةَ لمَّا فتحوا بعدَه صلى الله عليه وسلم بلادَ فارس والروم، وغنموا أموالهم، وسَبَوا أولادهم، فاستخدموهم وتجبَّروا وتكبَّروا.
"سلَّط الله شرارَها على خيارِها": قيل: كتسليط قتَلَة عثمانَ عليه، ثم تسليط بني أمية على بني هاشم، ففعلوا ما فعلوا.
"غريب".
* * *
4129 -
عن حُذَيْفةَ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تَقْتُلوا إمامَكُمْ، وتَجْتَلِدُوا بأَسْيافِكُمْ، وَيرِثَ دُنياكُمْ شِرارُكُمْ".
"عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم السَّاعةُ حتى تقتلوا إمامَكم" والمراد به: الخليفة أو السلطان.
"وتجتلدوا"؛ أي: تتقابلوا "بأسيافكم"؛ يعني: يحاربُ بعضُ المسلمين بعضًا بالسيوف.
"وَيرِثُ دنياكم شرارُكم"؛ أي: يصير المُلك والمال في أيدي الظَّلَمَة.
4130 -
وقالَ: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بالدُّنيا لُكَعُ ابن لُكَعٍ".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعةُ حتى يكونَ أسعدَ الناس بالدنيا"؛ أي: أكثرَهم مالًا وأطيبَهم عيشًا وأنفذَهم حكمًا.
"لُكَعُ ابن لُكَعٍ"؛ أي: لئيمٌ ابن لئيمٍ، أو أراد به: مَن لا يُعرف له أصلُ ولا يُحمَد له خُلق، وحذف التنوين من (لُكَع) الأول لإجراء اللفظين مجرى
عَلَمَي شخصَين خسيسَين لئيمَين، ثم في بعض النسخ بنصب (أسعد) على أنه خبر (كان)، وفي بعضها برفعه على أن يكون الضمير في (يكون) للشأن، والجملة بعده تفسير الضمير المذكور.
* * *
4131 -
وعن مَنْ سَمعَ عليَّ بن أبي طالِبٍ قال: إنَّا لَجُلوسٌ معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في المَسْجدِ، فاطَّلعَ علينا مُصْعَبُ بن عُمَيْرٍ ما عليهِ إلَّا بُردَةٌ لهُ مَرْقُوعَةٌ بفَرْوٍ، فلَمَّا رآهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بكَى للَّذِي كانَ فيهِ مِنَ النِّعْمَةِ، والذي هُوَ فيهِ أليومَ، ثمَّ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كيفَ بكُمْ إذا غَدا أَحَدُكُمْ في حُلَّةٍ وراحَ في حُلَّةٍ، ووُضعَتْ بينَ يدَيْهِ صَحْفَةٌ ورُفِعتْ أُخرَى، وسَتَرْتُمْ بُيوتَكمْ كما تستَرُ الكَعْبةُ؟ "فقالوا: يا رسولَ الله! نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خيرٌ مِنَّا اليومَ، نتفرَّغُ للعِبادَةِ، ونُكفَى المُؤْنةَ؟ قال:"لا، أنتُمُ اليومَ خَيْرٌ منكُمْ يَوْمَئِذٍ".
"وعمن سمع"، في بعض:"عن""محمد بن كعب: حدثني مَن سمع عليَّ بن أبي طالب أنه قال: إنَّا لَجلوسٌ عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في المسجد، فاطَّلع علينا مصعب بن عُمير": وهو كان مِن أغنياء قريش، هاجَرَ وترك النعمةَ بمكة، وكان من كبار الصحابة وأصحاب الصُّفَّة الساكنين في مسجد قُباء.
"ما عليه إلا بُردة له موقوعةٌ بفروٍ، فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام بكى للذي"؛ أي: للأمر الذي.
"كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: كيف بكم"؛ أي: كيف يكون حالُكم.
"إذا غدا أحدُكم في حُلَّةٍ وراح في حُلَّةٍ"؛ يعني: إذا كَثُرت أموالكم بحيث
يَلبَس كل واحد منكم أولَ النهار حلةً، وآخرَه أخرى من غاية النِّعَم.
"ووُضعت بين يديه صَحْفة"؛ أي: قَصْعة.
"ورُفعت أخرى، وسترتم بيوتَكم"؛ أي: زيَّنتموها بالثياب النفيسة من فرط التنعُّم.
"كما تُستَر الكعبة؟ فقالوا: يا رسولَ الله! نحن يومَئذٍ خيرٌ منا اليومَ، نتفرَّغ للعبادة ونُكفَى المُؤْنَةَ"؛ أي: نستغني عن تحصيل القُوت، هاتان الجملتان سبقتا لبيان كونهم يومَئذٍ خيرًا منهم اليومَ.
"قال: لا"؛ أي: ليس الأمرُ كما تظنون.
"بل أنتم اليومَ خيرٌ منكم يومَئذٍ"؛ لأن طيباتِ الدنيا آفة الدِّين.
* * *
4132 -
عن أنسٍ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يأْتي على النَّاسِ زَمان الصَّابرُ فيهِمْ على دينِهِ كالقابضِ على الجَمْرِ"، غريب.
"عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان الصابرُ فيهم" أي: في أهل ذلك الزمان.
"على دِينه كالقابض على الجمر": وهو الحطب المحترق، قبل أن تخبوَ نارُه؛ يعني: كما أن القابضَ على الجمر لا يَقدِر أن يصبرَ عليه لاحتراق يده، كذلك المتدين يومَئذٍ لا يَقدِر على ثباته على دينه؛ لغلبة العصاة والمعاصي، وانتشار الفسق، وضعف الإيمان.
"غريب".
* * *
4133 -
عن أبي هُريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانَ أُمَراؤُكُمْ خِيارَكمْ، وأَغْنِياؤُكُمْ أَسْخِياءَكُمْ، وأُمورُكُمْ شُورَى بينكُمْ، فظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لكُمْ مِنْ بَطْنِها، وإذا كانَ أُمَراؤُكُمْ شِراكمْ، وأَغْنِياؤُكُمْ بُخَلاءكُمْ، وأُمورُكُمْ إلى نِسائِكُمْ، فبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لكُمْ مِنْ ظَهْرِها"، غريب.
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أمراؤُكم خيارَكم، وأغنياؤُكم أسخياءَكم، وأمرُكم شورى": مصدر بمعنى: التشاور.
"بينكم"، لا ينفرد أحدٌ برأيٍ دون صاحبه.
"فظُهرُ الأرض خيرٌ لكم مِن بطنها"، ظَهرها: كناية عن الحياة، وبطنها: كناية عن الممات.
"وإذا كان أمراؤكم شرارَكم، وأغنياؤكم بخلاءَكم، وأمورُكم إلى نسائكم فبطنُ الأرض خيرٌ لكم من ظهرها""غريب".
* * *
4134 -
عن ثَوْبانَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تُوشِكُ الأمَمُ أنْ تتَداعَى عَلَيكُمْ كما تتَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها"، فقالَ قائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال: "بَلْ أنتُمْ يَوْمَئِذٍ كثيرٌ، ولكنَّكُمْ غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ، ولَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صُدورِ عدُوِّكُم المَهابَةَ مِنْكُمْ، ولَيقذِفَنَّ في قُلوبكُم الوَهْنُ". قالَ قائِلٌ: يا رسولَ الله! وما الوَهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنْيا وكَراهِتةُ المَوْتِ".
"عن ثَوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم"؛ أي: تَقرُب.
"أن تَدَاعَى عليكم"، أصله: تتداعى، أراد بـ (الأمم): فِرَق الكَفَرة والضلال؛ أي: تجتمع ويدعو بعضهم بعضًا لمقاتلتكم وكسرِ شوكتكم وسلب ما ملكتُمُوه من الديار والأموال.