الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهداء بدر غيرهم.
قال أبو داود: هذا المسجد مما يلي النهر": وهو نهر الفرات.
* * *
3 - باب أَشْراطِ السَّاعَةِ
" باب أشراط الساعة" جمع شَرَط بالتحريك، وهي العلامة؛ أي: علامات الغنيمة.
مِنَ الصِّحَاحِ:
4194 -
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِنْ أَشْراطِ السَّاعةِ أنْ يُرْفَعَ العِلمُ، ويَكْثُرَ الجهلُ، ويكثُرَ الزِّنا، ويَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، ويَقِلَّ الرِّجالُ، ويَكْثُرَ النِّساءُ، حتَّى يَكونَ لخَمْسينَ امرَأَةً القَيمُ الوَاحِدُ".
وفي رِوايةٍ: "يَقِل العِلمُ ويَظهَرُ الجَهْلُ".
"من الصحاح":
" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أشراط الساعة: أن يُرفَعَ العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيمُ الواحد": المراد به: القائم بمصالحهن، لا أنْ يَكُنَّ زوجات له، بل يَكُنَّ زوجاته وأمهاته وجداته وأخواته وعماته وخالاته إلى غير ذلك.
"وفي رواية: يقل العلم، ويظهر الجهل".
* * *
4195 -
عن جابرِ بن سَمُرَةَ قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِن بَيْنَ يَدَي السَّاعةِ كذَّابينَ فاحْذَرُوهُم".
"عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن بين يدي الساعة كذَّابين فاحذروهم": يريد بهم: من قلَّ علمه وكثر جهله، وأتى بالموضوعات من الأحاديث، وادَّعى النبوة، أو دعوى فاسدة، واعتقادات باطلة، وأسندها إليه صلى الله عليه وسلم، كأهل البدع والأهواء الباطلة.
* * *
4196 -
عن أبي هُريرةَ قال: بَيْنَما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ إذْ جاءَ أَعْرابيٌّ قال: متَى السَّاعةُ؟ قالَ: "فإذا ضيعَتِ الأَمانة فانتظِرِ السّاعةَ". قالَ: كيْفَ إضاعَتُها؟ قال: "إذا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فانتظِرِ السَّاعةَ".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحدث: جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ قال: إذا ضُيعت الأمانةُ فانتظر الساعةَ، قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسِدَ الأمرُ"؛ أي: فُوِّض الحكم من سلطنة أو إمارة أو قضاء.
"إلى غير أهله"؛ أي: إلى من ليس لها بأهل، كما في أيامنا هذه.
"فانتظر الساعة".
* * *
4197 -
وقالَ: "لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ المالُ ويَفِيضَ حتَّى يُخْرِجَ الرَّجُلُ زكاةَ مالِهِ فلا يَجدُ أَحَدًا يقبَلُهَا منهُ، وحتَّى تَعُودَ أَرْضُ العَرَبِ مُروجًا وأَنْهاراً".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يكثر المال فيفيض، حتى يُخرِجُ الرجلُ زكاةَ ماله، فلا يجد أحدًا يقبلها منه": وذلك يكون لانعدام
رغبة الناس في الأموال؛ لتعاقب أشراط الساعة وظهور الأهوال.
"وحتى تعودُ أرض العرب مُرُوجاً"؛ أي: رياضًا ومزارع.
"وأنهاراً": قيل: كانت أكثر أراضيهم أولًا مروجًا وصحارى ذات مياه وأشجار، فخربت، ثم تكون معمورة باشتغال الناس في آخر الزمان بالعمارة، وقيل: المراد بأرض العرب: هي المدينة.
* * *
4198 -
وقالَ: "تَبْلُغُ المَساكِنُ إِهابَ أوْ يَهابَ".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبلغ المساكنُ"؛ أي: مساكن المدينة.
"إهاب": بكسر الهمزة.
"أو نِهاب": بكسر النون: اسما موضعين بنواحي المدينة على أميال، وهما إن رُويا منصرفين فباعتبار المكان كـ (واسط)، وإن مُنِعا الصرفَ فللتأنيث والعلمية" كـ (بغداد) و (دمشق).
والمعنى: لا تقوم الساعة حتى تبلغ مساكن أهل المدينة لكثرتهم وكثرة عمرانهم إلى ذلك الموضع.
* * *
4199 -
وقالَ: "يكونُ في آخرِ الزَّمانِ خليفة يَقْسِمُ المالَ ولا يَعُدُّهُ".
وفي رِوايةٍ: "يكونُ في آخرِ أُمَّتي خَليفةٌ يَحْثِي المالَ حَثْيًا لا يَعُدُّهُ عَدًّا".
"عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده عداً"؛ أي: يعطي جُزافًا من غير عد وإحصاء، ويحتمل أن يكون من الإعداد، وهو: جعل الشيء عدة وذخيرة؛ أي: لا يدَّخرُ
لغد، ولا يكون له خزانة، كفعل الأنبياء عليهم السلام.
والسر فيه: أن ذلك الخليفة تظهر له كنوز الأرض، أو يعلم الكيمياء، أو يكون من كرامته أن ينقلب الحجر والنحاس ذهبًا كرامةً، كما رُئِيَ من الأولياء.
"وفي رواية: يكون في آخر أمتي خليفةٌ يحثي المال حثياً"؛ أي: يعطي بالكفين، "ولا يعده عداً".
* * *
4200 -
وقالَ: "يُوشِكُ الفُراتُ أن يَخسِرَ عنْ كنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فمنْ حَضَرَ فلا يأخُذْ منهُ شيئًا".
"عن أبي بن كعب وأبي هريرة رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يوشك الفرات"؛ أي: يقرب.
"أن يحسِرَ"؛ أي: يكشف.
"عن كنز من ذهب، فمن حضر فلا يأخذ منه شيئًا": وإنما نهى عن الأخذ؛ لأنه يحتمل أنه مال مغضوب عليه كمال قارون، فيحرم الانتفاع به، أو لأنه مال اقتتل عليه، كما ذكر بعده، فنهى دفعًا لثائرة الفتنة.
* * *
4201 -
وقال: "لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يَحْسِرَ الفُراتُ عنْ جَبلٍ منْ ذَهَبٍ، يَقتتِلُ النَّاسُ عليهِ، فيُقتَلُ مِنْ كلِّ مِئَةٍ تِسْعَةٌ وتسعونَ، ويقولُ كلُّ رَجُلٍ منهُمْ: لَعَلِّي أكُونُ أنا الذي أنْجُو".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى
يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيُقتَلُ من كل مئة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أن أكون أنا الذي أنجو"؛ أي: يرجو كل واحد أن يكون هو الناجي، فيقتل رجاء أن ينجو، فيأخذ المال.
* * *
4202 -
وقالَ: "تَقيءُ الأَرْضُ أفْلاذَ كبدِها أمثالَ الأُسْطُوانِ منَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، فيَجيءُ القاتِلُ فيقولُ: في هذا قتَلْتُ، ويَجيءُ القَاطِعُ فيقولُ: في هذا قَطَعْتُ رَحِمي، ويَجيءُ السَّارِقُ فيقولُ: في هذا قُطِعَتْ يَدي، ثم يَدَعُونه فلا يَأخُذونَ منهُ شيئًا".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقيء الأرض"؛ أي: تُخرِج.
"أفلاذ كبدها": فلذة البعير: قطعة من كبده طولًا، والمراد الكنوز المدفونة فيها، شبهها بالكبد الذي في بطن البعير؛ لأنه من أطيب الجزور عند العرب، أو أراد ما رسخ فيها من العروق المعدنية، يؤيَّده قوله:"أمثالَ الأُسطوان من الذهب والفضة": نصب (أمثالَ) على الحال من أفلاذ، تقديره: شابهها حال كونها أمثال الأسطوان، أو بدلًا عنها.
و (الأسطوان) بضم الهمزة والطاء: السواري، جمع سارية، وهي العمود، والواحد: أسطوانة.
"فيجيء القاتل فيقول: في هذا قَتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعَت يَدي، ثم يدعونه"؛ أي يتركونه، "فلا يأخذون منه شيئًا".
* * *
4203 -
وقالَ: "والذي نَفسِي بيدِه، لا تَذْهَبُ الدُّنيا حتَّى يمُرَّ الرَّجُلُ على القَبرِ فيتمرَّغُ عليهِ ويقولُ: يا لَيتَنِي كنتُ مَكانَ صاحِبِ هذا القَبْرِ، وليسَ بهِ الدِّينُ إلا البَلاءُ".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمرَّ الرجل على القبر، فيتمرغ عليه"؛ أي: يتمعَّك على رأس القبر، ويتقلَّب في التراب.
"ويقول: يا ليتني مكانَ صاحب هذا القبر، وليس به الدِّين": الواو للحال، و (الدين) بكسر الدال: هو العادة.
"إلا البلاءُ"؛ أي: يتمرغ ويتمنى الموت في حالة ليس التمرغ من عادته؛ وإنما حمله عليه شدة البلاء، وكثرة الفتن والمحن.
* * *
4204 -
وقالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخرُجَ نارٌ من أَرْضِ الحِجازِ تُضيءُ أَعْناقَ الإبلِ ببُصرَى".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تَخرُجَ نار من أرض الحجاز تضيء"؛ أي: تضيء الجو حتى يتضح بها.
"أعناقُ الإبل" في سواد الليل: جمع عَنَق بفتح العين والنون، وهو الجماعة.
وقيل: جمع عنق بضمتين، وهو العضو المعروف.
"ببصرى"؛ أي: بأرض بصرى - بضم الباء - مدينة معروفة بالشام، بينها وبين دمشقَ نحو ثلاث مراحل، تخصيصها بالذكر دون غيرها من البلاد من أسرار النبوة، قيل: قد خرجت هذه النار سنة أربع وخمسين وست مئة من
الحجاز من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة، وقريب من المدينة، فسطعت واشتعلت حتى أحرقت أكثر بنيان المدينة، ولبثت نحوًا من خمسين يومًا تتقد، وكانت تُرمى بالحجارة المحمرة بالنار من بطن الأرض إلى ما حولها.
* * *
4205 -
وقالَ: "أَوَّلُ أَشْراطِ السَّاعةِ نارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ".
"وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أولُ أشراطِ الساعة نارٌ تحشر الناس"؛ أي: تسوقهم.
"من المشرق إلى المغرب": قيل: أراد بالنار في هذا الحديث: نار الفتن والحروب، كفتنة الجيوش التاتارية السائرة من المشرق إلى حدود المغرب؛ فلا منافاة بين الحديثين، وفي ذكر النار تنبيهٌ على عظم تلك الفتن.
* * *
مِنَ الحِسَان:
4206 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى يتقارَبَ الزَّمانُ، فتكونُ السَّنَةُ كالشَّهْرِ، والشَّهْرُ كالجُمُعةِ، وتكونُ الجُمُعةُ كاليَوْمِ، ويكونُ اليَوْمُ كالسَّاعةِ، وتكونُ السَّاعةُ كالضَّرْمَةِ بالنَّارِ".
"من الحسان":
" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يتقاربَ الزمان، فتكونُ السنة كالشهر، والشهرُ كالجمعة، وتكونُ الجمعة كاليوم، ويكونُ اليومُ كالساعة، وتكون الساعة كالضَّرمَة بالنار"؛ أي: كزمان إيقاد الضرمة، وهي ما توقد به النار أولًا، كالشعلة من الحشيش والكبريت والقصب
ونحو ذلك في سرعة انقضائها، وذلك قيل: لقصر الزمان، وقيل: لكثرة النعم، وقيل: هو محمول على ما يهمهم من النوازل، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم، فإن الإنسان إذا استولت عليه الهموم والأفكار، فهو لا يدري أسبوعيه من أسبوعه ونحوهما.
* * *
4207 -
عن عبدِ الله بن حَوالةَ قال: بَعَثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِنَغْنَمَ علَى أَقْدامِنا، فَرَجَعْنا فلمْ نَغْنَمْ شَيْئاً، وعَرَفَ الجَهْدَ في وُجوهِنا، فقامَ فينا فقالَ:"اللهمَّ لا تَكِلْهُمْ إليَّ فأَضْعُفَ عنهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أنفُسِهِمْ فيَعْجزُوا عنها، ولا تَكِلْهُم إلى النَّاسِ فيَستأثِروا عليهمْ". ثمَّ وَضَعَ يدَهُ علَى رأْسِي ثُمَّ قال: "يا ابن حَوالَةَ! إذا رأيتَ الخِلافةَ قدْ نزلَت الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ، فقدْ دَنَتِ الزَّلازِلُ والبَلابلُ والأُمورُ العِظامُ، والسَّاعةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ منَ النَّاسِ منْ يَدِي هذهِ إلى رأْسِكَ".
"عن عبد الله بن حوالة": بفتح الحاء المهملة وتخفيف الواو.
"قال بعثنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لنغنم على أقدامنا" في موضع الحال؛ أي: رجالة.
"فرجعنا فلم نغنم شيئًا، وعرف الجهدُ"، وهو بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة.
"في وجوهنا، فقام، فقال: اللهم لا تكِلْهم إلي، فأضْعُفَ عنهم": بالنصب جواباً للنهي.
"ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزُوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم"؛ أي: يختاروا لأنفسهم الجيد، ويدفعوا الرديء إلى أمتي، وفي هذا الدعاء تعليم منه صلى الله عليه وسلم لأمته حتى يكلوا أمورهم وحوائجهم إلى الله تعالى،
ولا يعتمدون على غيره تعالى؛ لأنه تعالى كفاهم؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
"ثم وضع يده على رأسي ثم قال: يا ابن حَوَالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرضَ المقدسة"؛ أي: المطهرة من الذنوب، وهي أرض الشام.
"فقد دنتِ"؛ أي: قربت.
"الزلازلُ": جمع زلزلة، وهي الحركة.
"والبلابل": جمع بلبلة، وهي الهم ووسوسة الصدور.
"والأمورُ العظامُ، والساعةُ يومئذ أقربُ من الناس من يَدِي هذه إلى رأسك".
* * *
4208 -
وعن أبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اتُّخِذَ الفَيْء دوَلاً، والأَمانةُ مَغنَماً، والزَّكاةُ مغرمًا، وتُعُلِّمَ لغيرِ دِينٍ، وأَطاعَ الرَّجُلُ امرأتَهُ، وعَقَّ أُمَّهُ، وأدْنىَ صَديقَهُ، وأقْصَى أباهُ، وظَهَرتِ الأَصْواتُ في المَساجِدِ، وسَادَ القَبيلةَ فاسِقُهُمْ، وكانَ زَعيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وكرِمَ الرَّجُلُ مَخافَةَ شَرِّه، وظَهَرتِ القَيْناتُ والمَعازِفُ، وشُرِبَتِ الخُمورُ، ولَعَنَ آخِرُ هذِه الأمَّةِ أوَّلَها، فارتَقِبُوا عِنْدَ ذلكَ ريحاً حَمْراءَ، وزَلْزَلَةً وخَسْفًا ومَسْخًا وقَذْفاً، وآياتٍ تتابَعُ كنِظامٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فتتابَع".
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اتخذ الفيء"؛ أي: الغنيمة.
"دولاً" بكسر الدال وفتح الواو: جمع دولة بالضم والفتح.
قال الزهريّ: الدولة بالضم: اسم لما يتناول من المال؛ يعني: الفيء،
وبالفتح: الانتقال من حال البؤس والضر إلى حال الغبطة والسرور.
ومعنى الحديث: أنه إذا كان الأغنياء وأصحاب المناصب يتداولون أموال الفيء؛ أي: يقتسمونها بينهم، ويمنعونها مستحقها، كما هو عادة الجاهلية، ويغزون لطلب الغنيمة، لا لإعلاء الدين.
"والأمانة مغنماً"، أي: ذهب الناس بودائع بعضهم بعضًا وأماناتهم، فيتخذونها مغانم يغتنمونها.
"والزكاة مغرماً"، أي: يعدون الزكاة غرامة تؤخذ منهم؛ أي: يشق عليهم أداؤها، كما يشق عليهم أداء الغرامات.
"وتعلم لغير دين"، أي: تعلم العلم؛ ليطلب المناصب والحُطام الدنيوي.
"وأطاع الرجل امرأته، وعن أمه": خصَّ عقوق الأم بالذكر، وإن كان عقوق كل من الأبوين من الكبائر؛ لتأكيد حقها، أو لكون قوله بعد:"وأقصى أباه"؛ أي: أبعده بمنزلة قوله: (وعن أباه)، فيكون عقوقهما مذكوراً.
"وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم"؛ أي: المتكفل بأمرهم.
"أرذلهم": والأرذل من كل شيء: رديئه.
"وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات": وهي بفتح القاف وسكون الياء: المغنيات.
"والمعازف" بفتح الميم والعين المهملة وكسر الزاي المعجمة: اللهو واللعب.
"وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فارتقبوا"؛ أي: فانتظروا عند ذلك.
"ريحاً حمراء"؛ أي: شديدة.
"وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفاً"؛ أي: مطر السوء والبرد، وجاز أن يراد به نوع من البلاء.
"وآيات تتابع"؛ أي: علامات للقيامة يتبع بعضها بعضًا.
"كنظام"؛ أي: كعقد "قُطع سلكه فتتابع".
* * *
4209 -
ورُوِي عن عَلِيٍّ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا فَعَلَتْ أُمَّتي خَمْسَ عشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بها البَلاءُ" وعدَّ هذه الخِصَالَ ولم يَذْكُرْ: "تُعُلِّمَ لغَيْرِ دِينٍ"، وقالَ:"وبَرَّ صَدِيقَهُ، وجَفا أباه"، وقالَ:"وشُرِبَ الخَمْرُ، ولبسَ الحَريرُ".
"وروي عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء وعدَّ"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام.
"هذه الخصال ولم يذكر"؛ أي: علي رضي الله عنه
"تعلم لغير دين وقال"؛ أي: علي رضي الله عنه
"وبر صديقه": مقام (أدنى)، "وجفا أباه": مقام (أقصى)، وهذا من كلام الراوي عن علي رضي الله عنه
"وقال: وشربت الخمور ولبس الحرير".
* * *
4210 -
عن عبدِ الله بن مَسْعودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَذْهَبُ الدّنيا حتَّى يَمْلِكَ العَرَبَ رَجُل منْ أَهْلِ بَيْتي يُواطِئُ اسمُهُ اسمِي".
وفي رِوايةٍ: "لوْ لَمْ يَبْقَ منَ الدّنيا إلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ الله ذلكَ اليَوْمَ حتَّى يَبْعَثَ فيهِ رَجُلاً منِّي - أوْ منْ أَهْلِ بَيْتي - يُواطِئُ اسمُهُ اسِمي، واسمُ أبيهِ اسمَ أبي، يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظلْمًا وجَوْراً".
"عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذهب الدنيا حتى يملك العربَ": منصوب على أنه مفعول (يملك)، وفاعله "رجل من أهل بيتي": يريد أنه يملك العرب والعجم جميعًا، وذكر العرب؛ لغلبتهم في زمانه صلى الله عليه وسلم.
"يواطئ"؛ أي يوافق
"اسمه اسمي".
"وفي رواية: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلًا مني - أو من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه أبي، يملأ الأرض قسطاً": وهو بكسر القاف: العدل وبالفتح: الجور.
"وعدلاً كما مُلئت جَوْرًا وظلماً".
* * *
4211 -
عن أُمِّ سَلَمةَ قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "المَهْدِيُّ منْ عِتْرَتي مِنْ وَلَدِ فاطِمَةَ".
"عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من أولاد فاطمة رضي الله عنها": عترة الرجل: نسله ورهطه الأقربون.
قال الخطابي: العترة: ولد الرجل من صُلْبه، وقد يكون للأقرباء وبني العمومة.
* * *
4212 -
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "المَهْدِيُّ مِنِّي، أجْلَى الجَبْهَةِ أقْنَى الأَنْفِ، يَمْلأُ الأَرْضَ قِسْطًا وعَدْلاً كما مُلِئَتْ ظُلماً وجَوْراً، يَمْلِكُ سَبع سِنين".
"عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي مني أجلى الجبهة"؛ أي: واسع الجبهة.
"أقنى أنف"؛ أي: مرتفع الأنف، وكلاهما صفتا مدح، وقيل: في أنفه فطوسة.
"يملأ الأرض قسطًا وعدلاً، كما مُلِئت جورًا وظلماً، يملك سبع سنين".
* * *
4213 -
وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قِصَّةِ المَهْدِيَ قالَ:"فيَجيءُ إليهِ الرَّجُلُ فيقولُ: يا مَهدِيّ أَعْطِني أَعْطِني، فيَحْثِي لهُ في ثَوبه ما استَطاعَ أنْ يَحْمِلَه".
"عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المهدي قال: فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثي له"؛ أي: المهدي للرجل "في ثوبه ما استطاع أن يحمله".
* * *
4214 -
عن أمِّ سَلَمَةَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "يكونُ اختِلافٌ عِنْدَ مَوتِ خَليفَةٍ، فيَخرُجُ رَجُلٌ منْ أهلِ المَدينةِ هارِباً إلى مكَّةَ، فيأتيهِ ناسٌ مِنْ أهلِ مَكّةَ فيُخْرِجونه وهو كارِهٌ، فيُبايعونه بينَ الرُّكنِ والمَقامِ، ويُبْعَثُ إليهِ بَعْثٌ منَ الشَّامِ، فيُخْسَفُ بهمْ بالبَيْداءَ بينَ مكَّةَ والمَدينةِ، فإذا رأَى النّاسُ ذلكَ أتاهُ أَبْدالُ الشَّامِ وعَصَائِبُ أَهْلِ العِراقِ فيُبايعونه، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ منْ قُرَيشٍ، أَخْوَالُه كلْبٌ، فَيَبْعَثُ إليهم بَعْثاً فيَظهرونَ عَلَيهمْ، وذلكَ بَعْثُ كلْبٍ، ويَعْمَلُ في النَّاسِ بِسُنَّةِ نبيهِمْ، ويُلقي الإِسلامُ بجرانِهِ إلى الأَرْضِ، فيَلبَثُ سبعَ سِنينَ، ثمَّ يُتَوفَّى ويُصلِّي عليهِ المُسْلمون".
"عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه"؛ أي: ذلك الرجل.
"ناس من أهل مكة": بعد ظهور أمره لهم ورفعة شأنه.
"فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث"؛ أي: جيش.
"من الشام، فيخسف بهم بالبيداء"؛ أي: يخسف الله بهم أرضًا يقال له: البيداء، وهي أرض ملساء.
"بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام": وهم الأولياء، وفي "صحاح الجوهري": الأبدال: قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، وسموا بذلك؛ لأنه كما مات منهم واحدًا بدل الله به آخر.
"وعصائب أهل العراق": جمع عصابة، وهي الجماعة من العشرة إلى الأربعين، يقوم بعضهم بأمر بعض، وكذلك العُصْبة، وقيل: يريد بالعصائب:
جماعة من الزهاد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قرنهم بالأبدال، وقيل: يحتمل إرادة خيار الناس بالعصائب، من قولهم: هم من عصب القوم؛ أي: خيارهم.
"فيبايعونه، ثم ينشأ"؛ أي: يظهر.
"رجل من قريش أخواله كلب": يريد أن ذلك الرجل القرشي يكون من قبيلة كلب، فيكون بنو كلب أخواله، فينازع المهدي في أمره، ويستعين عليه بأخواله من بني كلب.
"فيبعث إليهم"؛ أي: الرجل القرشي إلى المبايعين.
"بعثاً"؛ أي: جيشًا.
"فيظهرون عليهم"؛ أي: يغلب المبايعون على بعث القرشي.
"وذلك"؛ أي: البعث الذي بعثه القرشي.
"بعث كلب": لينصروا به ابن أختهم.
"ويعمل في الناس بسنة نبيهم، ويلقي الإِسلام بجرانه في الأرض": الجران بكسر الجيم: باطن عنق البعير، يقال: ألقى البعير جرانه على وجه الأرض: إذا برك واستقر وصار مستريحًا، وهذا كناية عن تمكن الإِسلام وقراره، فلا يكون فتنة ولا هيج، وجرت أحكامه على السنة والاستقامة والعدل.
"فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون".
* * *
4215 -
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قال: "ذكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بلاءً يُصيبُ هذهِ الأُمَّةَ حتَّى لا يَجدَ الرَّجُلُ مَلْجَأً يَلْجَأُ إليهِ مِنَ الظُّلْم، فَيَبْعَثُ الله رَجُلاً، منْ عِتْرتي أهلِ بَيتي، فَيَمْلأُ بهِ الأَرض قِسْطًا وعَدْلاً كما مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْراً، يَرضَى عنهُ ساكِنُ السَّماءِ، وساكنُ الأَرْض، لا تَدع السَّماءُ منْ قَطْرِها شَيْئاً إلَّا صبَّتْهُ
مِدْرارًا، ولا تَدَعَ الأرضُ منْ نبَاتِها شَيْئاً إلَّا أَخْرَجَتْهُ، حتَّى تتَمَنَّى الأَحياءُ الأموَاتَ، يعيشُ في ذلكَ سَبع سِنينَ، أو ثَمانِ سِنينَ، أو تِسعَ سِنينَ".
"عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاءً": بالنصب مفعول (ذكر).
"يصيب هذه الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلًا من عترتي وأهل بيتي، فيملأ به الأرض قسطًا وعدلاً، كما مُلِئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تَدَعَ السماء"؛ أي: لا تترك.
"من قطرها شيئًا إلا صبَّته مِدْرارًا": وهو بكسر الميم: الكثير الدر، منصوب على الحال من (السماء)، يستوي فيه المذكر والمؤنث.
"ولا تدع الأرض من نباتها شيئًا إلا أخرجته، حتى يتمنى الأحياء": بالرفع فاعل (يتمنى).
"الأمواتَ": مفعول به؛ أي: حياة الأموات، ليروا ما هم فيه من الخير والأمن ليشاركوهم فيه.
"يعيش"، أي: هذه الأمة.
"في ذلك"؛ أي: في المذكور من العدل وأنواع الخيرات والأفعال المحمودة.
"سبع سنين، أو ثمان سنين، أو تسع سنين": (أو) هذه للشك من الراوي، وقيل: للتنويع كقوله تعالى: {أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: 33] ، وفي صحته نظر.
* * *
4216 -
عن علِيِّ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ رَجُل منْ وَراءِ
النَّهر يقالُ له الحارِثُ بن حَرَّاثٍ، على مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ يقالُ لهُ: مَنْصُورٌ، يُوَطِّنُ - أو يُمَكِّنُ - لآلِ مُحَمَّدٍ كما مكَّنَتْ قُرَيْشٌ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَجَبَ علَى كلِّ مُؤْمِنٍ نَصْرُه، أو قال: إجابتُهُ".
"عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث حراث": صفة لرجل؛ أي: أكَّار.
"على مقدمته"؛ أي: جيشه "رجل يقال له: المنصور".
"يوطِّن أو يمكِّن لآل محمَّد": (أو) هذه لشكِّ الراوي، أو بمعنى: الواو، ويقال: وطنته جعلت له وطناً، وقد تستعمل في معنى: تهيئة الأسباب.
"كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ": أريد بهم: من آمن منهم، وإلا فكفار قريش أخرجوه من مكة، ولم يوطنوه، ويدخل في التمكين أبو طالب، وإن لم يؤمن على رأي أهل السنة.
"وجب على كل مؤمن نصره، أو قال: إجابته": (أو) هذه للشك أيضًا.
* * *
4217 -
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "والذِي نَفْسِي بيَدهِ، لا تَقُومُ السَّاعةُ حتَّى تُكلِّمَ السِّباعُ الإنْسَ، وحتَّى تُكلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ، وشِرَاكُ نَعْلِهِ، وتُخبرَهُ فَخِذُهُ بما أَحْدَثَ أهلُهُ بَعْدَهُ".
"عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلِّمَ السباعُ الإنسَ، وحتى تكلم الرجلَ عَذَبَةُ سوطه"؛ أي: علاقة سوطه.
"وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده"؛ أي: في غيبته.