الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3550 -
ورُوِيَ عن فَرْوَةَ بن مُسَيْكٍ أنَّه قال: يا رسولَ الله! أرض عندَنا هي أرضٌ ريعِنا ومِيرتِنا، وإنَّ وباءها شديدٌ؟ فقالَ:"دَعْها عنكَ، فإنَّ مِن القَرَفِ التَّلَفَ".
"وروي عن فَروة بن مُسَيك"، بالتصغير.
"أنه قال: يا رسول الله! أرض عندنا هي أرضٌ ريعِنا"؛ الرَّيْعُ: الزيادةُ؛ يعني: يحصلُ لنا فيها الثمارُ والنبات.
"ومِيرتُنا": المِيْرَةُ: الطعامُ المنقولُ من بلدٍ إلى بلد.
"وأن وباءَها شديدٌ، فقال: دَعْها"؛ أي: اترُكْها "عنك، فإنَّ من القَرَف": وهو مداناةُ المرِيضِ ومداناة الوباء، (من) هنا للسببية.
"التَّلَف"؛ أي: الهلاك، وهذا ليس من باب العَدْوى، بل مِن بابِ الطّبِّ، فإنَّ استصلاحَ الهواءِ مِنْ أَعْوَن الأشياءِ على الصِّحَّة، وفَسَاده من أسرعِها إلى الأسقام عند الأطباء، وكلُّ ذلك بإذنِ الله تعالى.
* * *
3 - باب الكهانَةِ
" باب الكِهَانة": وهو الإخبار عن الغَيْبِ في الكوائن المستقبلة.
مِنَ الصِّحَاحِ:
3551 -
عن مُعاويةَ بن الحَكَم رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله! أموراً كُنَّا نصنعُها في الجاهليةِ، كنَّا نأتي الكُهَّانَ؟ قال:"فلا تأتُوا الكُهَّانَ" قال: قلتُ: كُنَّا نتطيَّرُ؟ قال: "ذلكَ شيءٌ يجدُه أحدكم في نفسِهِ فلا يَصُدَّنَكم"، قال: قلتُ: وما مِنَّا رِجال يَخُطُّونَ؟ قال: "كانَ نبيّ من الأنبياء يَخُطُّ فمَنْ وافقَ خطَّهُ فذاكَ".
"من الصحاح":
" عن معاويةَ بن الحَكَم أنه قال: قلت: يا رسولَ الله! أموراً"؛ أي: أذكر أموراً "كنا نصنَعُها في الجاهليةِ، كنَّا نأتي الكُهَّان قال: فلا تأتُوا الكُهَّان، قال: قلت: كنا نتطيَّر قال: ذلك شيء يجدُه أحدكم في نفسِه" مِن قِبَلِ الظنونِ المعتَرِيَةِ بحُكْمِ البشريَّة بلا تأثيرٍ منه.
"فلا يصدَّنكَم"؛ أي: لا يَمنعنَكم التطُّيرُ عن الأمر الذي قَصَدْتُم.
"قال: قلتُ: ومنَّا رجالٌ يخطون؟ قال: كان نبي من الأنبياء يخطُّ فمن وافقَ خَطَّه فذاك"، تَقدمَ بيانهُ في (باب ما لا يجوزُ من العمل في الصَّلاة).
* * *
3552 -
عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: سألَ أُناس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الْكُهانِ؟ فقالَ لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ليسوا بشيءٍ"، قالوا: يا رسولَ الله! فإنَّهم يُحَدثونَ أحياناً بالشَّيءِ يكونُ حَقًّا؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تلكَ الكلِمةُ مِن الحقِّ يخطَفُها الجنِّيُّ فيقُرُّها في أُذُنِ وَلِيهِ قَرَّ الدَّجاجةِ، فيخلِطونَ فيها أكثرَ مِن مِئَةِ كَذْبةٍ".
"عن عائشةَ أنها قالتْ: سألَ أناس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الكُهَّانِ، فقال لهم رسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: لَيْسُوا بشيءٍ"؛ أي: لا يُعْتَمدُ على قَوْلهِم.
"قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدِّثُون أحياناً بالشيء يكون حقًا، فقال رسول الله: تلك الكلمةُ مِن الحَقِّ"؛ أي: من الصدْق.
"يخطَفُها الجنِّيُّ"؛ أي: يَسْتَلِبُها بسرعة، قيل: الجِنُّ قد تتصِلُ بالملائكةِ اتصالاً ما بسببِ مناسبةٍ ما بينَهما، فيستفيدُ بعضَ علومِها بحسب استعدادهِا.
"فَيقُرُّها"؛ أي: يُصَوِّتُ الجِنِّي تلك الكلمةَ "في أُذنِ وَليه" من الكهَّان بحيث لا يَطَّلِعُ عليه غيرُه.
"قَرَّ الدَّجاجةِ"؛ أي: مِثْلَ صوتهِا بما لا يُفْهَم، أو يردِّدُها حتَّى يَفْهَمه كما تُردِّدُ الدجاجةُ صوتهَا، أو يصبها بحيث يتولَّد منها كلماتٌ يصدُقُ في بعضها ويكذِبُ في أكثرَ، مثل صَبِّ الدجاجةِ مَنِيه في صاحبته بحيثُ يتولد منه بيضاتٌ كثيرةٌ.
"فيَخْلِطُون فيها"؛ أي: الكُهَّان في تلك الكلمة.
"أكثر من مئة كَذْبَة" بفتح الكاف وسكون الذال.
* * *
3553 -
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنَّ الملائكةَ تنزِلُ في العَنان - وهو السَّحابُ - فتذكرُ الأمرَ قُضيَ في السَّماءَ فتَسترِقُ الشَّياطينُ السَّمعَ فتسمعُه، فتُوحيهِ إلى الكُهَّانِ فيكذبونَ معَها مِئَةَ كَذْبةٍ مِن عندِ أنفسِهِم".
"وعن عائشةَ أنها قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: إنَّ الملائكةَ تنزِلُ في العَنَان، وهو السَّحَاب" يحتملُ أن يكونَ من قولِ الرَّاوي تفسيراً للعَنَان، والسحاب مجازٌ عن السماء.
"فَتْذكُرُ"؛ أي: الملائكةُ "الأمرَ الذي قضيَ"؛ أي: قَضَى الله تعالى في كلِّ يومِ من الحوادثِ في الدُّنيا، فيحدِّثُ بعضهُم بعضاً.
"في السماء، فتسترِقُ الشياطينُ السَّمْعَ"؛ أي: يسْتَرِقُونه مَسْتَخْفِين.
"فَتْسمَعُه فُتْوحِيه"؛ أي: الشياطينُ الأمرَ.
"إلى الكُهَّان"، والإيحاءُ والوَحْيُ: الإعلامُ بخُفْيَة، وعن الزَّجَّاج: الإيماءُ يُسَمى وَحْياً.
"فَيْكذِبُون معها مئة كذبَةٍ من عندِ أَنْفُسِهم"، فما ظهرَ صِدْقُه فهو من قَسْمِ ما سمعَ من الملائكةِ وما ظهَر كَذِبُه فهو من قَسْمِ ما قالُوه مِن تلقاءِ أنفسِهم، قيل: صعودُ الجِنِّ إلى السَّماءِ قبلَ ولادةِ نبينا صلى الله عليه وسلم، وأمَّا بعدَها فكانت إذا صعدَتْ لاستراقِ السَّمْعِ رُجِمَتْ بكواكبَ أمثالِ النَّارِ يُحرَقُون بها.
* * *
3554 -
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى عَرَّافاً فسألَه عن شيءٍ لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ ليلةً".
"وعن صفيَة بنت أبي عُبيدة أنها قالتْ: قالَ رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: من أَتى عَرَّافاً"، وهو مَن يُخْبرُ بما أخْفِي من المسروق ومكانِ الضَّالَّة.
وفي "الصحاح": العرَّاف: الكاهِن.
"فسألَه عن شيءٍ لم تُقبَلْ له صلاة أربعين ليلةً"؛ أي: يومًا، والمرادُ بعدمِ قَبُولِ صلاتهِ عدُم كمالهِا، وتخصيصُ الصَّلاة مِن بينِ الأعمالِ يَحتملُ أنْ يكونَ لكونهِا عمادَ الدّين فيكونُ صيامُه وغيرُه كذلك، أو يفوضُ عِلْمَه إلى الشَّارع، قيل: ذِكْرُ العَدَدِ هنا للتَّكْثِير، وهذا في حَقِّ مَن اعتقدَ صِدْق العَرَّافِ، لا في حقِّ مَن سألَ للاستهزاءِ أو للتَّكْذيب.
* * *
3555 -
عن زيدِ بن خالدٍ الجُهنيَّ قال: صلَّى لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصُّبح بالحُديبيةِ على إثرِ سماءً كانت من اللَّيلِ، فلمَّا انصرفَ أقبلَ على النَّاسِ، فقال:"هلْ تدرونَ ماذا قالَ ربُّكم؟ " قالوا: الله ورسولُه أعلمُ، قالَ: "أصبحَ مِن عبادِي مؤمن بي وكافر، فأمَّا من قال: مُطِرنا بفضلِ الله وبرحمتِه، فذلك مؤمنٌ
بي كافرٌ بالكواكبِ، وأمَّا مَن قالَ: مُطِرنا بنوْء كذا وكذا، فذلكَ كافِرٌ بي مُؤْمِنٌ بالكواكبِ".
"عن زيدِ بن خالدٍ الجُهَنيِّ أنه قال: صلَّى لنا رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلمَ صلاةَ الصبُّح بالحُدَيْبية على إثْرِ سماءٍ"، بكسر الهمزة وسكون الثاء وبفتحتين أيضًا؛ أي: عَقِيب مطرٍ "كانْت من اللَّيل"، تأنيثُه باعتبار الرَّحمة، أو نظرًا إلى لفظة السَّماء.
"فلما انصرفَ أقبلَ على النَّاسِ فقال: هل تَدْرُون ماذا قال ربُّكم؟ قالوا: الله ورسولُه أعلَمُ، قال: قالَ الله تعالى: أصبحَ مِن عبادي"، (من) للتبعيضِ، وهو مبتدأ، وما بعدَه خبر له، والجملة خبر (أصبح).
"مؤمن بي" وكافرٌ بالكواكب.
"وكافرٌ بي" ومؤمن بالكواكب، ويحتملُ أن يكونَ اسمُه (مؤمنٌ بي)، و (من عبادي) خبرُه، فـ (مِن) بيانية، وفيه قلبٌ مِن حيثُ المعنى كقوله: عرضتُ الناقَة على الحَوْض.
"فأمَّا مَن قال"، تفصيل للمُجْمَل.
"مُطِرْنا" بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي وكافرٌ بالكواكب، وأمَّا مَن قال:
"مُطِرْنا بنوء كذا وكذا فذاك كافرٌ بي ومؤمن بالكواكب".
* * *
3556 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما أنزل الله مِن السَّماء من بركةٍ إلَّا أصبحَ فريق مِن النَّاسِ بها كافرينَ، يُنَزِلُ الله الغيثَ فيقولونَ: بكوكبِ كذا وكذا".
"عن أبي هريرةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: ما أنزلَ الله من السماءَ من بركةٍ"؛ أي: مِن مطرٍ.
"إلَّا أصبحَ فريق من النَّاسِ بها كافِرينَ، يُنزلُ الله الغيثَ فيقولون: بكوكبِ كذا وكذا"؛ أي: نزولُ المطرِ بسببِ طُلوعِ كذا أو غروبه، أو وصوله إلى موضع كذا وكذا، قالوا: مَن قال ذلك معتقِداً أن الكواكبَ فاعلٌ مدِّبر مُنْشئٌ للمطر كما كان بعضُ أهلِ الجاهلية يزعُمُ فهو كافرٌ بالله، ومَن اعتقدَ أنه مِن الله وبرحمتهِ، وأنَّ النَّوْءَ ميقات له وعلامةٌ اعتبارًا بالعادَةِ فلا يكفُر، لكنْ يُكْرَهُ في الأَظْهَر كراهةَ تَنْزيه.
* * *
مِنَ الحِسَان:
3557 -
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَن اقتبسَ عِلْماً مِن النُّجومِ؛ اقتبسَ شُعبةً مِن السَّحْرِ، زادَ ما زادَ".
"من الحسان":
" عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: من اقتْبَسَ"؛ أي: تعلَّمَ.
"عِلماً من النجوم اقتبسَ شُعْبةً"؛ أي: قطعةَ "من السِّحْر"؛ لأنَّ المنجم يُضيفُ الكوائنَ إلى غير الباري تعالى، كالساحرِ يُضيفُها إلى سِحْرِه.
"زاد" اقتباس شعبة السحر "ما زاد" اقتباسُ عِلْمِ النجوم.
* * *
3558 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أتى كاهِناً
فصدَّقه بما يقولُ، أو أتَى امرأتَه حائِضًا، أو أتى امرأتَه في دبرِها فقد بَرِئَ ممَّا أُنزِلَ على محَّمدٍ صلى الله عليه وسلم ".
"عن أبي هريرةَ - رضيَ الله تعالى عنه - قال: قالَ رسولُ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم: مَن أَتى كاهناً فصدَّقَه بما يقولُ، أو أَتى امرأتَه حائضًا، أو أتى امرأتَه في دبرِها" مُستحِلاً بها.
"فقد بَرِئَ بما أنْزِلَ على محمد".
* * *