الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب الحُبِّ في الله والبُغْضِ في الله
" باب الحب في الله"؛ أي: لأجل الله (ومن الله)؛ أي: الحبُّ بين الله والعبد.
مِنَ الصِّحَاحِ:
3889 -
قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأَزواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فما تعارَفَ منها ائتلفَ، وما تناكرَ منها اخَتَلفَ".
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأرواح جنود مجنَّدة"؛ أي: جموعٌ مجموعة.
"فما تعارف منها"؛ أي: من الأرواح، والتعارف جريانُ المعرفة بين اثنين فصاعدًا.
"ائتلف"؛ أي: اجتمع في الدنيا.
"وما تناكر منها" والتناكر ضد التعارف.
"اختلف" قيل: هي إخبارٌ عن مبدأ كون الأرواح وتقدُّمها على الأجساد؛ أي: خُلقت في أول خلقها على قسمين من ائتلافب واختلاف؛ كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت، ومعنى تقابُلِ الأرواح: ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة والائتلافِ والاختلاف في مبدأ الخلقة، فتآلُفُ الأجساد في الدنيا وتخالُفُها على حسب ما خُلقت الأرواح عليه في عالم الملكوت، ولذا ترى الخير يميل إلى الأخيار، والشريرَ يميل إلى الأشرار.
وفي الحديث دليل على أن الأرواح ليست بأعراضٍ، وأنها قد كانت
موجودة قبل الأجساد.
* * *
3890 -
وقالَ: "إنَّ الله إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْريلَ فقال: إنِّي أُحِبُّ فلانًا فأَحِبَّهُ"، قَالَ:"فيُحِبُّه جِبْريلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماء فيقولُ: إنَّ الله يُحِبُّ فلانًا فأَحبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السَّماء، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرضِ، وإذا أبغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْريلَ فيقول: إنِّي أُبغِضُ فُلاناً فأَبْغِضْهُ"، قال:"فيُبْغِضُه جبريلُ، ثُمَّ ينادِي في أهلِ السَّماءِ: إن الله يُبغِضُ فلاناً فأبغِضُوه"، قال:"فيُبغِضُونَه، ثُمَّ تُوضَعُ لهُ البَغْضاءُ في الأرضِ".
"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانًا فأحبه، قال: فيحبه جبريل" محبتُه يحتمل أن تكون ثناؤه ودعاؤه له، وأن تكون الميل له والاشتياق إلى لقائه.
"ثمَّ ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثمَّ يوضع له القبول في الأرض" وهو المحبة والرضا بالشيء وميل النفس إليه؛ أي: توضع [له] المحبة في قلوب الناس.
"وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانًا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثمَّ ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثمَّ يوضع له البغضاء في الأرض".
* * *
3891 -
وقالَ: "إنَّ الله يقولُ يومَ القِيامةِ: أينَ المُتَحابُّونَ بجلالي؟ اليَوْمَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلِّي".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ "؛ أي: بسبب عظمتي؛ يعني: الذين يكون التحابُّ بينهم لأجل رضائي لا للأغراض الدنيوية.
"اليوم" ظرف لمتعلق (أين).
"أظلهم في ظلي"؛ أي: أريحهم من حرارة الموقف راحةَ مَن استظلَّ.
"يوم لا ظل إلا ظلي" بدل من (اليوم).
* * *
3892 -
عن أبي هُرَيْرةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَريةٍ أُخرَى، فأَرصدَ الله لهُ على مَدرَجتِهِ مَلَكاً قال: أينَ تريدُ؟ قال: أريدُ أخًا لي في هذه القَريةِ، قال: هل لكَ عليهِ مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قال: لا، غيرَ أنِّي أَحْبَبتُه في الله، قال: فإنّي رسولُ الله إليكَ بأنَّ الله قد أحَبَّكَ كما أحبَبْتَهُ فيه".
"وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى"؛ يعني: أراد زيارة أخيه، وهو أعم من أن يكون أخاً حقيقةً أو مجازًا.
"فأرصد الله على مدرجته"؛ أي: أعدَّ وهيأ على طريقته.
"ملكاً، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة" قيل: (نعمة) مبتدأ و (من) زائدة و (لك) خبره و (عليه) متعلق بحالٍ محذوف؛ أي: هل لك نعمةٌ داعيةٌ إلى زيارته.
"تربُّها؟ "؛ أي: تحفظها وتستزيدها بالقيام على شكرها.
"قال: لا، غير أني أحببته في الله" بنصب (غير) استثناءً؛ أي: ليس لي داعية إلى زيارته إلا محبتي إياه في طلب رضا الله.
"قال: فإني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه".
* * *
3893 -
وعن ابن مَسْعودٍ: أنَّه قال: جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! كيفَ تقولُ في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْماً ولم يَلْحَقْ بهم؟ فقال: "المرْءُ معَ مَنْ أَحَبَّ".
"عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم؟ "؛ أي: بالصحبة، أو بالعمل؛ يعني: لم يصاحبهم، أو لم يعمل بمثل ما عملوا، وقيل: لم يرهم.
"قال: المرء مع مَن أحبَّ".
* * *
3894 -
عن أنسٍ: أنَّ رَجُلًا قال: يا رسولَ الله! متَى السَّاعةُ؟ قال: "ويلَكَ، وما أعدَدتَ لها؟ " قال: ما أعْدَدتُ لها إلا أنِّي أُحِبُّ الله ورسولَهُ، قال:"أنتَ معَ مَنْ أحبَبْتَ".
"وعن أنس رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله! متى الساعة؟ " كان سؤاله عن وقت قيام الساعة إما على سبيل التعنُّت له صلى الله عليه وسلم والتكذيبِ بها، وإما على سبيل التصديق بها والشفق منها.
"قال" امتحانًا له: "ويلك ما أعددت لها؟ "، (ما) هذه استفهامية.
"قال: ما أعددت لها"، (ما) هذه نافية.
"إلا أني أحب الله ورسوله" فلما علم صلى الله عليه وسلم أنَّه يسأل تصديقاً بها "قال: أنت مع من أحببت" قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء فرحهم به.
3895 -
وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الجليسِ الصّالح والسُّوءَ، كحامِلِ المسكِ ونافخ الكِيرِ، فحامِلُ المِسْكِ إمّا أنْ يُحذِيَكَ، وإمّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجدَ منهُ رِيحًا طيبةً، ونافخُ الكِيرِ إمَّا أنْ يَحرِقَ ثيابَكَ، وإمّا أنْ تجدَ منه رِيحًا خَبيثةً".
"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكبير، فحامل المسك إما أن يُحذيك"؛ أي: يعطيك، من الإحذاء: الإعطاء.
"وإما أن تبتاع"؛ أي: تشتري "منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخُ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة".
* * *
مِنَ الحِسَان:
3896 -
عن مُعاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "قَالَ الله تعالى: وَجَبَتْ مَحبَّتي للمُتحابينَ فِيَّ، والمُتَجالِسينَ فِيَّ، والمُتَزاوِرِينَ فِيَّ، والمُتَباذِلينَ فِيَّ".
وفي رِوايةٍ قال: "يقولُ الله تعالى: المُتَحابُّون في جلالي لهم منابرُ مِن نورٍ، يغبطُهم النَّبيُّونَ والشُّهداءُ".
"من الحسان":
" عن معاذ بن جبل أنَّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ وللمتجالسين فيَّ والمتزاورين فيَّ"؛ أي: الذين يزور بعضُهم بعضاً لأجلي.
"والمتباذلين فيَّ"؛ أي: الذين يبذلون في رضائي.
"وفي رواية: قال: يقول الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء"؛ أي: يتمنون مثل حالهم من غير إرادةِ زوالها عنهم، قيل: المراد بيان فضلهم وعلوِّ شأنهم لا إثباتُ الغبطة لهم على حالهم، ولا يلزم أن يكون للمغبوط مرتبة أعلى من مرتبة النبيين والشهداء، ويحتمل أن يقصد إثباتها لأنَّ كل ما يتعاطاه الإنسان من علم أو عمل يكون لفاعله عنده تعالى منزلةٌ لا يشاركه فيها غيره، وإن كان للغير ما هو أرفع فيغبطه ويتمنى أن يكون له مثلُ ذلك مضموماً إلى حاله.
* * *
3897 -
عن أبي مالكٍ الأَشْعرِيِّ قال: كنتُ عندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ قَالَ: "إن لله عِبادًا لَيْسُوا بأنبياءَ ولا شُهَداءَ، يغبطُهم النَّبيُّونَ والشُّهداءُ بقُربهم ومَقعَدِهم مِن الله يومَ القِيامةِ"، فقال أَعْرابيٌّ: حدِّثْنا يا رسولَ الله! مَن هُم؟ فقال: "هُم عِبادٌ مِن عِبادِ الله مِن بُلدانٍ شَتَّى وقبائلَ شتَّى، لم يَكنْ بينَهم أَرحامٌ يَتَواصَلُون بها، ولا دُنيا يتباذَلُون بها، يتحابُّون برُوحِ الله، يَجْعَلُ الله وُجوهَهُم نورًا، وتُجْعَلُ لهم منابرُ مِن نورٍ قُدّامَ عَرشِ الرَّحمنِ، يَفْزَعُ النّاسُ ولا يَفْزَعُون، ويخافُ النّاسُ ولا يخافُونَ".
"عن أبي مالك الأشعري أنَّه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: إن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم"؛ أي: بسبب قربهم.
"ومقعدهم من الله يوم القيامة، فقال أعرابي: حدثنا من هم يا رسول الله؟ فقال: هم عباد من عباد الله من بلدان": جمع بلد، "شتى"؛ أي: متفرقة، "وقبائل": جمع قبيلة، "شتى، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون برُوح الله" بضم الراء: ما يَحيَى به الخلقُ ويكون حياة
لهم، وقيل: القرآن الذي به حياة القلوب، قال الله تعالى:{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] أي: بالقرآن، فالمعنى: أن السبب الداعي إلى تحابهم الوحيُ المنزل الهادي إلى سواء السبيل. وقيل: المعنى: يتحابون بداعية الإِسلام ومتابعة القرآن فيما حثهم عليه من موالاة المسلمين ومصادقتهم.
"يجعل الله وجوههم نورًا، وتجعل لهم منابر من نور قدّام عرش الرحمن" وهذا عبارةٌ عن قرب المنزلة من الله تعالى.
"يفزع"؛ أي: يخاف "الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون" والفرق بين الفزع والخوف: أن الفزع أشد أنواع الخوف، وقيل: الفزع خوفٌ مع جبن، والخوف غمٌّ يلحق الإنسان بسبب أمر مكروه سيقع.
* * *
3898 -
عن ابن عبّاسٍ قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ: "يا أبا ذرّ! أيُّ عُرا الإيمانِ أَوْثَقُ؟ " قال: الله ورَسولهُ أعْلَمُ! قال: "المُوالاةُ في الله، والحُبُّ في الله، والبُغْضُ في الله".
"وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: يا أبا ذر! أيُّ عرى الإيمان": جمع عروة، وهي ما يتمسك به، والمراد بها الأركان؛ أي: أيُّ أركانه "أوثق؟ "؛ أي: أحْكَم.
"قال: الله ورسوله أعلم، قال: الموالاة"؛ أي: الحبُّ من الطرفين "في الله، والحب في الله والبغض في الله".
* * *
3899 -
عن أبي هُريرةَ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عادَ المُسْلِمُ أخاهُ، أو زارَه،
قال الله تبارك وتعالى: طِبْتَ وطابَ مَمْشاكَ، وتَبَوأتَ مِن الجَنَّةِ منزِلاً"، غريب.
"وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا عاد المسلم أخاه"؛ أي: في المرض.
"أو زاره"؛ أي: في الصحة.
"قال الله تعالى: طبت"؛ أي: حصل لك طيبُ المعاش (1) في الآخرة.
"وطاب ممشاك"؛ أي: صار مشيك سببَ طيبِ عيشك فيها.
"وتبوَّأت"؛ أي: هيَّأت "من الجنة منزلاً" غريب.
* * *
3900 -
عن المِقْدامِ بن مَعْدِ يكرِبَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أحبَّ الرَّجُلُ أَخاهُ فليُخْبرهُ أنَّه يُحِبُّه".
"عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه" وذلك ليعلم أنه يرشده وينصحه بصوابٍ، وإن كان عدوَّه أزال العداوة.
* * *
3901 -
عن أنسٍ قال: مرَّ رَجُل بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعندَه ناسٌ، فقالَ رَجُلٌ مِمَّن عندَه: إنِّي لأحِبُّ هذا للهِ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَعْلَمْتَهُ؟ " قال: لا، قَالَ:"قُمْ إليه فأَعْلِمْهُ"، فقامَ إليه فأَعْلَمَه فقالَ: أحبَّكَ الذي أَحببتَني له، قال: ثُمَّ رَجَعَ، فسألَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبَرَه بما قَالَ، فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم:"أنتَ مَع مَن أحبَبْتَ، ولكَ ما احتَسَبْتَ".
(1) في "غ": "العيش".
وفي رِواية: "المرءُ معَ مَن أحبَّ، ولهُ ما اكتَسَبَ".
"وعن أنس رضي الله عنه أنَّه قال: مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم وعنده أناس، فقال رجل ممن عنده: إني لأحب هذا لله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَعْلَمْتَه؟ " بالاستفهام.
"قال: لا، قال: قم إليه فأَعْلِمْه، فقام إليه فأعلمه، فقال: أحبَّك الذي أحببتني له" يريد به الله، وهذا على طريق الدعاء له.
"قال"؛ أي: الراوي: "ثمَّ رجع"؛ أي: ذلك الرجل.
"فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، أنت مع من أحببت ولك ما احتسبت"؛ أي: ما أعددت به من أجر أو حسنة.
"وفي رواية: المرء مع من أحب وله ما اكتسب".
* * *
3902 -
عن أبي سعيدٍ: أنَّه سَمعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: "لا تُصاحِبْ إلا مُؤْمِناً، ولا يأكُلْ طَعامَك إلا تَقِيٌّ".
"عن أبي سعيد الخدري أنَّه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تصاحب إلا مؤمنًا" يجوز أن يراد به المؤمن الخالص الذي يقابله الفاسق، كقوله تعالى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: 18].
"ولا يأكل طعامك إلا تقي" قال الخطابي: هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة والصدقة، قال الله تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، ومعلوم أن أَسراهم كفارٌ.
وإنما حذَّر عن صحبة غير المتقي وزَجَر عن مؤاكلته لأنَّ المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب.