الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
وخرَّج سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ (2) وإِسماعيل الْقَاضِي عَنْ أَبي أُمامة الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه أَنه قَالَ: أَحدثتم قِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، إِنما كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ، فَدُومُوا عَلَى القيام إذ (3) فعلتموه ولا تتركوه، فإِن ناساً (4) مِنْ بَنِي إِسرائيل (5) ابْتَدَعُوا بِدَعًا لَمْ يَكْتُبْهَا اللَّهُ عَلَيْهِمُ ابْتَغَوْا بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا (6) حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَعَاتَبَهُمُ اللَّهُ بِتَرْكِهَا فَقَالَ:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} إلى آخر (7) الآية.
وفي رواية سعيد (8): فإِن نَاسًا مِنْ بَنِي إِسرائيل ابْتَدَعُوا بِدْعَةً ابتغاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ، فَلَمْ يَرْعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فعاتبهم الله بتركها، فتلا (9) هذه
(1) قوله: "فصل" ليس في (خ)، وفي موضعه بياض في (م).
(2)
في "سننه"(ل180/أ)، فقال: نا هشيم؛ قال: نا زكريا بن أبي مريم الخزاعي؛ قال: سمعت أبا أمامة يحدث
…
، فذكره.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(23/ 206) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به.
وسنده ضعيف لضعف زكريا بن أبي مريم الخزاعي، فقد ذُكر لشعبة، فجعل يتعجب، ثم ذكره فصاح صيحة دلّت على أنه لم يرضه كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 592 ـ 593)، وقال أبو داود:"لم يرو عنه إلا هشيم"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال الساجي:"تكلموا فيه"، وقال الدارقطني:"يعتبر به"؛ كما في "لسان الميزان"(3/ 331 رقم 3520)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 263).
(3)
المثبت من (م)، وفي باقي النسخ "إذا".
(4)
في (خ): "أناساً".
(5)
علق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: فيه: أن الذين ابتدعوا الرهبانية أتباع المسيح، لا بني إسرائيل خاصة. اهـ.
(6)
في (خ): "فما رعوها".
(7)
قوله: "إلى آخر" ليس في (خ).
(8)
قوله: "سعيد" ليس في (خ) و (م).
(9)
في (خ): "وتلا".
الآية: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} (1) إِلَى آخَرِ (2) الْآيَةِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} يُرِيدُ أَنهم قَصَّرُوا فِيهَا وَلَمْ يَدُومُوا عَلَيْهَا.
قَالَ بَعْضُ نَقْلَةِ التَّفْسِيرِ: وَفِي (3) هَذَا التأْويل لُزُومُ الْإِتْمَامِ لِكُلِّ مَنْ بدأَ بِتَطَوُّعٍ وَنَفْلٍ، وأنه يلزمه (4) أن يرعاه (5) حَقَّ رَعْيِهِ (6).
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ (7): وَقَدْ زَاغَ قوم (8) عن منهج الصواب، فظنوا (9) أَنَّهَا رَهْبَانِيَّةٌ كُتِبَتْ (10) عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَن الْتَزَمُوهَا. قال: وليس يخرج هذا من (11) مَضْمُونِ الْكَلَامِ، وَلَا يُعْطِيهِ أُسْلُوبُهُ وَلَا مَعْنَاهُ، وَلَا يُكْتَبُ عَلَى أَحد شَيْءٌ إِلا بِشَرْعٍ أَو نَذْرٍ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهل الْمِلَلِ، وَاللَّهُ أَعلم (12).
وَهَذَا الْقَوْلُ محتاج إِلى النظر والتأَمل إِذا بنينا على (13) الْعَمَلَ عَلَى وَفْقِهِ، إِذ أَكثر الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الأَول، فإِن هَذِهِ الْمِلَّةَ لَا بِدْعَةَ فِيهَا، وَلَا تَحْتَمِلُ الْقَوْلَ بِجَوَازِ الِابْتِدَاعِ بِحَالٍ؛ للقطع بالدليل؛ إِذ كُلَّ (14) بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ـ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ (15) ـ، فَالْأَصْلُ أَن يُتْبَعَ الدَّلِيلُ، وَلَا عَمَلَ عَلَى خِلَافِهِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا نُخَلِّي ـ بِحَوْلِ اللَّهِ ـ قَوْلَ أَبي أُمامة رضي الله عنه مِنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ (16) عَلَى وِفْقِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، وإِن كَانَ فِيهِ بُعد بِالنِّسْبَةِ إِلى ظَاهِرِ الأَمر، وَذَلِكَ أَنه عَدَّ عَمَلَ عُمَرَ رضي الله عنه فِي جمع الناس في
(1) قوله تعالى: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} من (غ) فقط.
(2)
قوله: "إلى آخر" ليس في (خ).
(3)
في (غ) و (ر): "في".
(4)
قوله: "وأنه يلزمه" ليس في (خ).
(5)
في (غ) و (ر): "يرعه"، وفي (خ):"وأن يرعاه".
(6)
في (خ): "رعايته".
(7)
في "أحكام القرآن"(4/ 1745).
(8)
قوله: "قوم" ليس في (خ) و (م).
(9)
في (خ): "من يظن".
(10)
في (غ): "كتب".
(11)
في (خ): "عن" بدل "من".
(12)
قوله: "أعلم" ليس في (خ).
(13)
قوله: "على" ليس في (خ).
(14)
في (غ): "إن كان". وفي (ر): "إن كل".
(15)
(ص108) من المجلد الأول، وسيأتي تخريجه أيضاً (ص318).
(16)
في (غ): "صح". وفي (ر): "يصح".
الْمَسْجِدِ (1) عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ فِي رَمَضَانَ بِدْعَةً؛ لِقَوْلِهِ حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُمْ يُصَلُّونَ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفضل (2).
وَقَدْ مَرَّ أَنه إِنما سمَّاها بدعة بِاعْتِبَارٍ مَّا، وأَن قِيَامَ الإِمام بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ، عَمِلَ بِهَا صَاحِبُ السُّنَّةِ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا تَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ الِافْتِرَاضِ (3)، فَلَمَّا انْقَضَى زَمَنُ الْوَحْيِ زَالَتِ الْعِلَّةُ فَعَادَ (4) الْعَمَلُ بِهَا إِلَى نِصَابِهِ، إِلا أَن ذَلِكَ لَمْ يتأَتَّ لأبي بكر رضي الله تعالى عَنْهُ زَمَانَ (5) خِلَافَتِهِ؛ لِمُعَارَضَةِ مَا هُوَ أَولى بِالنَّظَرِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ صَدْرُ خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، حَتَّى تَأَتَّى النَّظَرُ فَوَقَعَ مِنْهُ ما عُلم (6)، لَكِنَّهُ صَارَ فِي ظَاهِرِ الأَمر كأَنه أَمر لم يَجْر عليه (7) عملُ مَنْ تَقَدَّمَهُ دَائِمًا، فَسَمَّاهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، لَا أَنه أَمر عَلَى خِلَافِ مَا ثَبَتَ من السنة.
فكأَنّ أَبا أُمامة رضي الله عنه اعتبر فيه نظر ترك (8) الْعَمَلِ بِهِ، فَسَمَّاهُ إِحداثاً، مُوَافَقَةً لِتَسْمِيَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، ثُمَّ أَمر بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ من أَن ترك الرعاية هو ترك الدوام، وأنهم قصدوا إِلى (9) الْتِزَامِ عملٍ لَيْسَ بِمَكْتُوبٍ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، فَلَمْ يُوفُوا بِمُقْتَضَى مَا الْتَزَمُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي التطوُّعات غَيْرِ (10) اللَّازِمَةِ، وَلَا السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ، يَقَعُ (11) عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن تُؤْخَذَ عَلَى أَصلها فِيمَا اسْتَطَاعَ الإِنسان، فَتَارَةً يَنْشَطُ لَهَا (12)، وَتَارَةً لَا يَنْشَطُ، أَوْ يُمْكِنُهُ تَارَةً بِحَسْبِ الْعَادَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ أُخْرَى لِمُزَاحَمَةِ أشغالٍ وَنَحْوِهَا، وما أشبه ذلك؛ كالرجل يكون
(1) في (غ) و (ر): "الناس بالمسجد".
(2)
تقدم تخريجه في الجزء الأول (ص50).
(3)
سيأتي تخريجه (ص155).
(4)
في (خ): "فعادت".
(5)
في (غ) و (ر): "زمن".
(6)
قوله: "ما علم" ليس في (خ) و (م).
(7)
في (خ) و (م): "به".
(8)
في (خ): "ذلك".
(9)
في (خ) و (م): "دوامهم على" بدل "الدوام وأنهم قصدوا إلى".
(10)
في (خ): "الغير"، وعلق عليها رشيد رضا بقوله: كلمة "غير" لا يدخل عليها حرف التعريف. اهـ.
(11)
قوله: "يقع" ليس في (غ) و (ر).
(12)
في (غ): "له".
لَهُ الْيَوْمَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيَتَصَدَّقُ وَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ غَدًا، أَوْ يَكُونُ لَهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْشَطُ للعطاءِ، أَو يَرَى إِمساكه أَصلح فِي عَادَتِهِ الْجَارِيَةِ لَهُ، أَو غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَمور الطَّارِئَةِ للإِنسان. فَهَذَا الوجه لا حَرَج على أَحدٍ في ترك (1) التطوُّعات كلها (2)، ولا عَتَبَ (3) وَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ (4)، إِذ لَوْ كَانَ ثَمَّ لَوْمٌ أَوْ عُتْبٌ لَمْ يَكُنْ تَطَوُّعًا، وَهُوَ خلاف الفرض.
والثاني: أَن تؤخذ مأْخذ الْمُلْتَزِمَاتِ، كَالرَّجُلِ يَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ وَظِيفَةً رَاتِبَةً مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوقات، كالتزام قيام حظٍّ من الليل مثلاً، أو صيام (5) يَوْمٍ بِعَيْنِهِ لفضلٍ ثَبَتَ فِيهِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ كَعَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ (6)، أَو يتَّخذ وَظِيفَةً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ (7)، وَمَا أَشبه ذَلِكَ. فَهَذَا الْوَجْهُ أَخذت فِيهِ التَّطَوُعَاتُ مأْخذ الْوَاجِبَاتِ مِنْ وجه؛ لأَنه لما نوى الدؤوب عليها في الاستطاعة، أَشبهت الواجبات أو السنن (8) الراتبة، كما أَنه لما (9) كَانَ ذَلِكَ الإِيجاب غَيْرَ لَازِمٍ بِالشَّرْعِ لَمْ يَصِرْ وَاجِبًا؛ إِذ تَرْكُه أَصلاً لَا حَرَجَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ أَعني تَرْكَ الِالْتِزَامِ. وَنَظِيرُهُ عِنْدَنَا النَّوَافِلُ الرَّاتِبَةُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فِي الأَصل، وَمِنْ حَيْثُ صَارَتْ رَوَاتِبَ أَشبهت السُّنَنَ وَالْوَاجِبَاتِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ (10) صَلَّاهُمَا فَسُئِلَ عَنْهُمَا، فَقَالَ: "يا ابنة أَبي أُمَيَّة! سأَلت عن
(1) في (ر) و (غ): "أخذ" بدل "ترك"، وفي (م) يشبه أن تكون:"اخر" ووضع عليها إشارة، وكتب في الحاشية:"لعله ترك".
(2)
في (غ) و (م) و (ر): "كلها عليه"، والمثبت من (خ) فقط، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعله سقط من هنا كلمة "وفيه".اهـ.
(3)
قوله: "ولا عتب" ليس في (خ) و (م).
(4)
قوله: "عليه" من (خ) فقط، وهو في باقي النسخ بعد قوله:"كلها".
(5)
في (خ): "وصيام".
(6)
في (ر) و (غ): "أو عرفة".
وتقدم ذكر الدليل على فضل صيام هذين اليومين (ص27) من هذا الجزء.
(7)
وفي فضله قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} سورة غافر: آية (55) وغيرها من الآيات.
(8)
في (خ): "والسنن".
(9)
في (خ) و (م): "لو" بدل "لما".
(10)
في (خ): "من" بدل "حين"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعله "حين صلاهما".اهـ.
الركعتين بعد العصر؟ إنه (1) أَتى نَاسٌ مِنْ عَبَدَ الْقَيْسِ (2) بالإِسلام مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ" (3)؛ لأَنه سُئِلَ عَنْ صَلَاتِهِ لَهُمَا بعد ما نهى عنهما، لأنه (4) صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظهر كالنوافل الراتبة، فلما فَاتَتَاهُ صَلَّاهُمَا بَعْدَ وَقْتِهِمَا، كالقضاءِ لَهُمَا حَسْبَمَا يقضى الواجب.
فصار إذاً (5) لهذا النوع من التطوع حالة بَيْنَ حَالَتَيْنِ، إِلا أَنه رَاجِعٌ إِلى خِيْرَةِ المُكَلَّف، بِحَسَبَ مَا فَهِمْنَا مِنَ الشَّرْعِ. وإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ فَهِمْنَا مِنْ مَقْصُودِ الشَّرْعِ أَيضاً الأَخذ بالرِّفْق والتيسير، وأَن لا يلتزم (6) المُكَلّف مَا لَعَلَّهُ يَعْجِزُ عَنْهُ أَو يَحْرَجُ (7) بِالْتِزَامِهِ، فَإِنْ الِالْتِزَامَ (8) إِن لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ النذر (9) الَّذِي يُكره ابْتِدَاءً، فَهُوَ يَقْرُبُ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي يَجْعَلُهُ الإِنسان بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَصَارَ الإِخلال بِهِ مكروهاً.
والدليل على صحة الأَخذ بالرفق والتيسير (10)، وأَنه الأَولى وَالْأَحْرَى ـ وإِن كَانَ الدَّوَامُ عَلَى الْعَمَلِ أَيضاً مَطْلُوبًا عَتِيدًا (11) ـ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (12):{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} (13) عَلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَن (14) الْكَثِيرَ مِنَ الأَمر وَاقِعٌ فِي التَّكَالِيفِ الإِسلامية. وَمَعْنَى
(1) قوله: "إنه" ليس في (خ) و (م).
(2)
في (غ) و (ر): "عبد قيس".
(3)
أخرجه البخاري (1233 و4370)، ومسلم (834).
(4)
في (خ): "فإنه".
(5)
في (خ): "ح" بدل "إذا"، وهو اختصار لقوله:"حينئذٍ".
(6)
في (خ): "لا يلزم".
(7)
في (خ): "يخرج".
(8)
في (خ): "ترك الالتزام".
(9)
في (خ): "القدر".
(10)
قوله: "والتيسير" ليس في (خ) و (م).
(11)
في (غ): "مطلوب عتيد"، وفي (م) و (ر):"مطلوباً عتيد". وعتيد: تأتي بعدة معاني، منها: إذا جَسُمَ الشيء قيل له: عتيد. ومنها: المُعَدّ الحاضر. انظر: "لسان العرب"(3/ 279 ـ 280).
(12)
في (غ) و (ر): "في القرآن والسنة كقوله تعالى"، وعلق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: الظاهر أن قوله: "في الكتاب والسنّة" صفة للدليل، وأن الآية خبر المبتدأ باعتبار لفظها؛ أي: والدليل؛ قوله: {وَاعْلَمُوا} إلخ. اهـ.
(13)
سورة الحجرات: الآية (7).
(14)
في (ر) و (غ): "بأن".
"لَعَنتُّم": لَحَرَجْتُمْ، وَلَدَخَلَتْ عَلَيْكُمُ الْمَشَقَّةُ، وَدِينُ اللَّهِ لَا حَرَجَ فِيهِ:{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ} بالتسهيل والتيسير {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} الْآيَةَ.
وإِنما بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحة (1)، ووَضْعِ الإِصْرِ والأَغلال الَّتِي كَانَتْ عَلَى غَيْرِهِمْ (2). وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صفة نبيه صلى الله عليه وسلم:{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (3)، وَقَالَ تَعَالَى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (4)، وَقَالَ:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا *} (5). وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى الأَخذ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى النَّفْسِ اعتداءً، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} (6){إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (7).
(1) في (خ): "السمحا".
وقد بوب البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من "صحيحه"(1/ 93) بقوله: باب الدين يسر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة" اهـ.
وهذا التعليق قال عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح"(1/ 94): "وهذا الحديث المعلق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب؛ لأنه ليس من شرطه. نعم وصله في كتاب "الأدب المفرد"، وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، وإسناده حسن، استعمله المؤلف في الترجمة لكونه متقاصراً عن شرطه، وقوّاه بما دل على معناه؛ لتناسب السهولة واليسر".
والظاهر أن الحافظ حسّن إسناده لوجود محمد بن إسحاق، واستقرّ عنده أن كلًّا من داود بن الحصين وعكرمة ثقة، بل أخرج البخاري لكلٍّ منهما، إلا أنه لم يخرج لداود شيئاً من روايته عن عكرمة، وإنما أخرج له عن شيوخ آخرين، ورواية داود بن الحصين عن عكرمة منكرة، والغريب أن ابن حجر نفسه قال في ترجمة داود هذا في "التقريب" (1789):"ثقة إلا في عكرمة"، فغابت عنه هذه العلة.
ثم إن الحافظ ابن حجر رحمه الله أورد لهذا الحديث طرقاً في "تغليق التعليق"(2/ 41 ـ 43) لا يخلو شيء منها من مقال، وبعضها مراسيل جيدة، وقوّى الحديث بمجموعها، وانظر:"هدي الساري"(ص20).
(2)
لقوله سبحانه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
…
} سورة الأعراف: الآية (157).
(3)
سورة التوبة: الآية (128).
(4)
سورة البقرة: الآية (185).
(5)
سورة النساء: الآية (28).
(6)
إلى هنا انتهى ذكر الآية في (خ) و (م).
(7)
سورة المائدة: الآية (87).
وَمِنَ الأَحاديث كَثِيرٌ؛ كمسأَلة الْوِصَالِ.
فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنها قَالَتْ: نَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ! قَالَ: "إني لست كهيئتكم، إِني أَبيت عند ربي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي"(1).
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: وَاصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَوَاصَلَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ:"لَوْ مُدَّ لنا الشهر لواصلنا وصالاً يَدَع (2) المتعمِّقون تعمُّقَهم"(3). وَهَذَا إِنكار.
وَعَنْ أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فإِنك يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وأَيكم مِثْلِي؟ إِني أَبيت عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي"(4). فَلَمَّا أبوا أَن ينتهوا عن الوصال واصل بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رأَوا الْهِلَالَ، فَقَالَ:"لَوْ تأَخَّر الشَّهْرُ لَزِدْتُكُمْ"؛ كالْمُنَكِّل حِينَ أَبوا أَن يَنْتَهُوا (5).
وَمِنْ ذَلِكَ: مَسْأَلَةُ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ فِي رَمَضَانَ (6)، فإِنه تَرَكَهُ مَخَافَةَ (7) أَن يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، فَيَعْجِزُوا (8) عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي الإِثم وَالْحَرَجِ، فَكَانَ ذلك رِفقاً منه بهم.
قال القاضي ابن الطَّيِّبُ (9): يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَوحى إِليه أَنه
(1) أخرجه البخاري (1964)، ومسلم (1105).
(2)
في (خ): "حتى يدع".
(3)
أخرجه البخاري (7241)، ومسلم (1104).
(4)
في (غ) و (ر): "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"، وعلق رشيد رضا عليه بقوله: المشهور في تفسيره: يعطيني قوة الطاعم والشارب. اهـ.
(5)
أخرجه البخاري (1965)، ومسلم (1103)
(6)
أخرجه البخاري (729 و731)، ومسلم (781 و782) من حديث زيد بن ثابت وعائشة رضي الله عنهما، وفي حديث زيد قال صلى الله عليه وسلم:"فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة: صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة".
(7)
في (ر) و (غ): "حماية".
(8)
في (خ): "فيعجزون".
(9)
في (خ) و (م): "أبو الطيب"، والصواب ما أثبته من (غ) و (ر)، فقد ذكر هذا النقل الباجي في "المنتقى"(1/ 205)، فقال:"قال القاضي أبو بكر .. "، ثم ذكره. وأبو بكر هذا هو ابن الطيب المالكي، وهو غير أبي الطيب الطبري الشافعي المعروف بالمحب، علماً بأن الحافظ ابن حجر قال في "فتح الباري" (3/ 13): "وأجاب=
إِن وَاصَلَ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فُرِضَتْ (1) عَلَيْهِمْ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: إِن كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ العمل وهو يحب أَن يعمل به خشية أَن يعمل به الناس فيفرض عليهم (2).
وَقَدْ قِيلَ: هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَخُصّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بصيام"(3).
وقال (4) الْمُهَلَّب (5): "وجهه: خَشْيَةُ أَن يُسْتَمرَّ عَلَيْهِ فَيُفْرَضَ".
وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَجْتَمِعُ النَّهْيُ مَعَ قَوْلِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي "الْمُوَطَّأِ"(6)، وَلَا يَكُونُ فِيهِ إِشْكَالٌ.
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ الحَوْلاءِ بِنْتِ تُوَيْت (7)؛ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي امْرَأَةٌ، فَقَالَ:"مَنْ هَذِهِ؟ " فَقُلْتُ: امرأَة لَا تَنَامُ تُصَلِّي، فقال:"عليكم من الأعمال ما تطيقون"(8).
وفي لفظ (9): هذه الحولاء بنت تُوَيْت (10)، زعموا أنها لا تنام الليل (11)، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَنَامُ اللَّيْلَ! خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لا يسأَم الله حتى تسأَموا".
=المحب الطبري بأنه يحتمل
…
"، ثم ذكر هذا النقل، فالظاهر أنه تصحيف بسبب تشابه الرسم بين "ابن الطيب" و"أبي الطيب"، والله أعلم.
(1)
في (غ) و (ر): "فرضها".
(2)
أخرجه البخاري (1128)، ومسلم (718).
(3)
أخرجه مسلم (1144).
(4)
في (خ) و (م): "قال".
(5)
هو المهلب بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الأسدي، الأندلسي، أحد شُرّاح "صحيح البخاري"، توفي سنة (435هـ). انظر ترجتمه في "سير أعلام النبلاء"(17/ 579)، و"الديباج المذهب"(601).
(6)
(1/ 311) برواية يحيى الليثي، ونص عبارة مالك:"لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحرّاه".
(7)
في (ر) و (غ): "تريت".
(8)
أخرجه البخاري (43 و1151)، ومسلم (785/ 221)، واللفظ لمسلم.
(9)
عند مسلم (785/ 220).
(10)
في (ر) و (غ): "تريت".
(11)
من قوله: "فقال: عليكم من الأعمال" إلى هنا سقط من (خ) و (م). وبعد هذا الموضع في (ر) زيادة: "منكراً عليها والله أعلم غير راضٍ"، وأشار الناسخ إلى أنها محذوفة.
فأَعاد لفظ: "لا تنام الليل"(1) مُنْكِرًا عَلَيْهَا ـ وَاللَّهُ أَعلم ـ، غَيْرَ راضٍ فِعْلَهَا؛ لما خافه عليها من المَلَلِ (2) والسَّآمة، أَو تَعْطِيلِ حَقٍّ آكَدٍ (3).
وَنَحْوُهُ حَدِيثُ أَنس رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ ـ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ ـ، فَقَالَ:"مَا هَذَا"؟! قَالُوا: حَبْلٌ لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فإِذا كَسَلت أَو فَتَرَتْ أَمسكت بِهِ. فَقَالَ:"حُلّوه، لِيُصَلّ أحدُكم نشاطَه، فإِذا كَسَلَ أَو فَتَرَ قَعَدَ". وَفِي رِوَايَةٍ قال (4): "لَا، حُلّوه"(5).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (6) رضي الله عنهما قَالَ: بَلَغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَصوم أَسْرُدُ، وأُصلي اللَّيْلَ، فإِما أَرسل إِليَّ، وإِما لَقِيتُهُ، فَقَالَ: "أَلَمْ أُخبر أَنك تَصُومُ لَا تُفْطِرُ، وَتَصِلِي اللَّيْلَ؟ فَلَا تَفْعَلْ؛ فإِن لِعَيْنِكَ حَظًّا، وَلِنَفْسِكِ حَظًّا، ولأَهلك حَظًّا، فَصُمْ وأَفطر، وصَلِّ وَنَمْ
…
"، الْحَدِيثَ (7).
وَفِي رِوَايَةٍ (8) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ (9) قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو (10) بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما؛ قَالَ: كُنْتُ أَصوم الدَّهْرَ، وأَقرأُ الْقُرْآنَ كُلَّ ليلة، قال (11): فإِما ذُكِرْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وإِما أَرسل إِليَّ، فأَتيته فَقَالَ:"أَلَمْ أُخبر أَنك تَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ " فقلت (12): بلى يا رسول الله! ولم أُرِدْ بذلك (13) إِلا الخير، قال:"فإن بحسبك (14) أَن تصوم كل شهر ثلاثة أَيام"، فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِني أُطِيقُ أَفضل مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فإِن لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولزَوْرِك (15) عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". قَالَ: "فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِيِّ اللَّهِ، فإِنه كَانَ أَعبد النَّاسِ". قَالَ: فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: "كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا". قَالَ: "وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: فَقَلَتْ (16): يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِني أَطيق أَفضل مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: (17) "فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ فإِن لِزَوْجِكَ عليك حقًّا،
(1) قوله: "الليل" ليس في (خ).
(2)
في (خ) و (م): "الكلل".
(3)
في (خ): "أوكد".
(4)
قوله: "قال" ليس في (خ) و (م).
(5)
أخرجه البخاري (1150)، ومسلم (784)، واللفظ الأول لمسلم، والآخر للبخاري.
(6)
في (خ) و (م): "عبد الله بن عمر"، وبهامش (م) ما نصه:"لعله ابن عمرو بفتح العين".
(7)
أخرجه البخاري (1131 و1975)، ومسلم (1159/ 186)، واللفظ لمسلم.
(8)
عند مسلم برقم (1159/ 182).
(9)
في (خ) و (م): "ابن سلمة".
(10)
في (خ) عمر.
(11)
قوله: "قال" ليس في (خ).
(12)
في (خ): "فقال"، وفي (م):"فقالت".
(13)
في (خ): "ولم أر في ذلك".
(14)
في (خ): "فإن كان كذلك أو فإن كذلك فحسبك"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: نص "صحيح مسلم": فقلت: بلى يا رسول الله، ولم أُرِدْ بذلك إلا الخير، قال:"فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام".
ولزَوْرك (1) عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكِ عَلَيْكَ حَقًّا". قَالَ: فشدَّدت فُشدِّد (2) عليَّ. قَالَ: وَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنك لَا تَدْرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ". قَالَ: فَصِرْتُ إِلى الَّذِي قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَني كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَفِي رِوَايَةٍ (3) قَالَ: "صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَذَلِكَ صِيَامُ داود، وهو أَعدل الصيام". قال: فقلت (4): فإِني (5) أُطِيقُ أَفضل مِنْ ذَلِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا أَفضل مِنْ ذَلِكَ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لأَن أَكون قَبِلْتُ الثَّلَاثَةَ الأَيام الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحب إِليَّ مِنْ أَهلي وَمَالِيَ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ (6) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ذُكر رَجُلٌ عِنْدَ
(1) في (خ) و (م): "ولزوارك"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: الرواية الصحيحة في كل موضع: "ولزورك" بغير ألف، وهم الزائرون؛ كالسفر؛ بمعنى: المسافرين، والشرب؛ بمعنى الشاربين. اهـ.
(2)
في (م): "قلت".
(3)
من قوله: "فاقرأه في كل عشرين" إلى هنا سقط من (خ)، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: زاد في "الصحيح" بين الشهر والسبع: قال: "فاقرأه في كل عشرين"، فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ من ذلك، قال:"فاقرأه في كل عشر"، قَالَ: فَقَلَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أُطِيقُ أفضل من ذلك .. إلخ. اهـ.
(4)
في (خ) و (م): "ولزوارك".
(5)
في (خ): "فشدد الله".
(6)
عند مسلم برقم (1159/ 181).
(7)
في (م): "قلت".
(8)
في (خ): "إني".
(9)
برقم (2519) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن نبيه، عن محمد بن المنكدر، عن جابر
…
، فذكره.
ثم ضعفه الترمذي بقوله: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن نبيه وهو مجهول كما في "التقريب"(6124).
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعِبَادَةٍ واجتهاد، وذُكر عنده آخر بِدَعَةٍ (1)، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا يُعْدَلُ (2) بالدَّعَة"(1).
والدَّعَةُ (1) هنا: المراد بها (3): الرِّفْقُ وَالتَّيْسِيرُ. قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: "حَسَنٌ غَرِيبٌ"(4).
وَعَنْ أَنس رضي الله عنه قَالَ (5): جاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلى بُيُوتِ أَزواج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يسأَلون عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كأَنهم تقالُّوها، فَقَالُوا: وأَين نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قد (6) غَفَرَ اللَّهُ لَهُ (7) مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (8) وَمَا تأَخر. فَقَالَ أَحدهم: أَما أَنا فإِني أُصلي اللَّيْلَ أَبداً، وَقَالَ الْآخَرُ: إِني أَصوم الدَّهْرَ وَلَا أُفطر، وَقَالَ الْآخَرُ: إِني أَعتزل النساءَ فَلَا أَتزوج أَبداً. فجاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَنتم الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَما وَاللَّهِ إِني لأَخشاكم لِلَّهِ وأَتقاكم لَهُ، لَكِنِّي أَصوم وأُفطر، وأُصلي وأَرقد، وأَتزوج النساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي"(9).
والأَحاديث فِي هَذَا (10) الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وهي بجملتها تدلّ على الأَخذ في الأعمال بالتسهيل (11) وَالتَّيْسِيرِ، وإِنما يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ عَدَمِ الِالْتِزَامِ، وإِن تُصُوِّر مَعَ الِالْتِزَامِ فَعَلَى جِهَةِ مَا لَا يَشُقُّ الدَّوَامُ فِيهِ حسبما نفسِّره (12) الآن.
(1) كذا جاء عند المصنف، والذي في الترمذي:"بِرِعَةٍ"، و"الرِّعَة": المصدر من الورع كما في "النهاية"(5/ 174)، و"لسان العرب"(8/ 388).
(2)
في (غ) و (ر): "لا نعدل".
(3)
في (خ): "والدعة المراد بها هنا".
(4)
هذا جاء في بعض نسخ الترمذي، ويظهر أن النسخ التي حذف منها قوله:"حسن" أجود كما تجد ذلك محكيًّا عن التّرمذي عند المزي في "تحفة الأشراف"(2/ 375)، و"تهذيب الكمال"(25/ 645).
(5)
قوله: "قال" ليس في (غ) و (ر).
(6)
في (خ): "وقد".
(7)
في (غ): "غفر له".
(8)
في (ر): "من ذنبه ما تقدم"، ووضع عليهما الناسخ علامتي التقديم والتأخير.
(9)
تقدم تخريجه ص (147).
(10)
قوله: "هذا" ليس في (خ)، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: أي: في هذا المعنى، أو: في المعنى الذي نتكلم فيه. ويوشك أن يكون سقط من النسخ لفظ "هذا".اهـ.
(11)
في (خ) و (م): "الأخذ في التسهيل".
(12)
في (ر) و (غ): "نفسر".