الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
قَدْ يَكُونُ أَصل الْعَمَلِ مَشْرُوعًا، وَلَكِنَّهُ يَصِيرُ جَارِيًا مَجْرَى الْبِدْعَةِ مِنْ بَابِ الذَّرَائِعِ، وَلَكِنْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي فَرَغْنَا مِنْ ذِكْرِهِ.
وَبَيَانُهُ: أَن الْعَمَلَ يَكُونُ مَنْدُوبًا إِليه ـ مَثَلًا ـ فيَعمل بِهِ الْعَامِلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ عَلَى وَضْعِهِ الأَول مِنَ النَّدْبِيَّة، فَلَوِ اقْتَصَرَ الْعَامِلُ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بأْس، وَيَجْرِي مَجْرَاهُ إِذا دَامَ عَلَيْهِ فِي خَاصِّيَّتِهِ (1) غَيْرَ مُظْهِرٍ لَهُ دَائِمًا، بَلْ إِذا أَظهره لَمْ يُظْهِرْهُ عَلَى حُكْمِ الْمُلْتَزَمَاتِ مِنَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْفَرَائِضِ اللَّوَازِمِ، فَهَذَا صَحِيحٌ لَا إِشكال فِيهِ. وأَصله نَدْبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإِخفاء النَّوَافِلِ وَالْعَمَلِ بِهَا فِي الْبُيُوتِ، وَقَوْلُهُ:"أَفضل الصَّلَاةِ صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلا الْمَكْتُوبَةَ"(2). فَاقْتَصَرَ فِي الإِظهار عَلَى الْمَكْتُوبَاتِ ـ كَمَا تَرَى ـ؛ وإِن كَانَ ذَلِكَ فِي مَسْجِدِهِ عليه السلام، أَو فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَو في مسجد بيت المقدس، حتى قَالُوا: إِن النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ أَفضل مِنْهَا فِي أَحد هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، بِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَجَرَى مَجْرَى الْفَرَائِضِ فِي الْإِظْهَارِ: السُّنَنُ (3)؛ كَالْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ والاستسقاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَبَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ حُكْمُهُ الإِخفاء، وَمِنْ هُنَا ثَابَرَ السَّلَفُ الصَّالِحُ رضي الله عنهم عَلَى إِخفاءِ الأَعمال فيما استطاعوا وخفَّ (4) عَلَيْهِمْ الاقتداءُ (5) بِالْحَدِيثِ، وَبِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام؛ لأَنه القدوة والأسوة.
(1) في (ر) و (غ)"خاصته".
(2)
أخرجه البخاري في "صحيحه"(731 و6113 و7290)، ومسلم (781).
(3)
في (خ): "والسنن".
(4)
في (خ) و (م): "أو خف".
(5)
في (غ) و (ر): "اقتداء".
وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهَا إِذا عُمِلَ بها في البيوت دائماً (1) أَن تقام (2) جَمَاعَةً فِي الْمَسَاجِدِ البتَّةَ، مَا عَدَا رَمَضَانَ ـ حَسْبَمَا (3) تَقَدَّمَ ـ، وَلَا فِي الْبُيُوتِ دَائِمًا، وإِن وَقَعَ (4) ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الأَول فِي الفَرَط (5)؛ كَقِيَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ (6)، وَمَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:"قُومُوا (7) فلأُصلِّ لَكُمْ"(8).
وَمَا فِي "الموطإِ"(9) مِنْ صَلَاةِ يَرْفَأ (10) مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقْتَ الضُّحَى، فَمِنْ فِعْلِهِ فِي بَيْتِهِ وَقْتًا مَّا، فلا حَرَج، وقد نصّ (11) العلماءُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِهَذَا الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ ـ وإِن كَانَ الْجَوَازُ قَدْ وَقَعَ فِي "الْمُدَوَّنَةِ"(12) مُطْلَقًا ـ، فَمَا ذَكَرَهُ تَقْيِيدٌ لَهُ، وأَظن ابْنَ حبيب نقله (13) عَنْ مَالِكٍ مُقَيَّدًا، فإِذا اجْتَمَعَ فِي النَّافِلَةِ أَن تُلْتَزَم (14) التزام السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ، إِما دَائِمًا، وإِما فِي أَوقات مَحْدُودَةٍ وَعَلَى وَجْهٍ مَحْدُودٍ، وأُقيمت فِي الْجَمَاعَةِ، وكان ذلك (15) فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْفَرَائِضُ، أَو المواضع التي تقام
(1) قوله: "دائماً" ليس في (غ) و (ر).
(2)
في (خ) و (م): "أن يقام".
(3)
في (غ) و (ر): "كما".
(4)
في (غ) و (ر): "وإنما وقع".
(5)
علق رشيد رضا هنا بقوله: كذا! ولا يظهر لهذه الكلمة هنا معنى. والمثل الذي ذكره ثابت في "الصحيح"؛ هو أن ابن عباس أراد أن يعرف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، فبات عند خالته ميمونة في ليلتها، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل قام معه، واقتدى به، فصلى إحدى عشرة ركعة، فهي قيامه ووتره صلى الله عليه وسلم. اهـ.
(6)
أخرجه البخاري (117)، ومسلم (763).
(7)
تكرر قوله "قوموا" في (غ).
(8)
أخرجه البخاري (380)، ومسلم (658) عن أنس رضي الله عنه.
(9)
أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 154) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة، فوجدته يسبِّح، فقمت وراءه، فقرّبني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ؛ تأخّرت، فصففنا وراءه.
وسنده صحيح ..
(10)
في (م): "يرقا".
وأوضح رشيد رضا أن يرفأ هذا هو خادم عمر رضي الله عنه.
(11)
في (خ): "ونص".
(12)
"المدونة"(1/ 96).
(13)
في (خ): "نقل"، وعلق عليه رشيد رضا بقوله: لعله: "نقله"، أو:"نقل ذلك".اهـ.
(14)
في (خ) و (م): "يلتزم".
(15)
قوله: "وكان ذلك" ليس في (خ) و (م).
فِيهَا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ؛ فَذَلِكَ ابْتِدَاعٌ (1).
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنه لَمْ يأْت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا عَنْ أَحد مِنَ (2) أَصحابه، ولا التَّابِعِينَ لَهُمْ بإِحسان (3) فعلُ هَذَا الْمَجْمُوعِ هَكَذَا مَجْمُوعًا، وإِن أَتى مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التقييدات مشروعاً (4). فالتقييد في المطلقات التي لم يثبت (5) بدليل الشرع تقييدها رأيٌ (6) في التشريع، كما أَن إِطلاق المُقَيَّدات شرعاً رأْي فِي التَّشْرِيعِ (7)، فَكَيْفَ إِذا عَارَضَهُ الدَّلِيلُ؛ وَهُوَ الأَمر بإِخفاءِ النَّوَافِلِ مَثَلًا؟
وَوَجْهُ دُخُولِ الِابْتِدَاعِ هُنَا: أَن كُلَّ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من النَّوَافِلِ وأَظهره فِي الْجَمَاعَاتِ فَهُوَ سُنَّة، فَالْعَمَلُ بِالنَّافِلَةِ الَّتِي (8) لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ ـ عَلَى طَرِيقِ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ ـ إِخراج لِلنَّافِلَةِ عَنْ مَكَانِهَا الْمَخْصُوصِ بِهَا شَرْعًا. ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِقَادُ الْعَوَامِّ فِيهَا، وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهَذَا فَسَادٌ عَظِيمٌ لِأَنَّ اعْتِقَادَ مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ سُنَّةً (9)، وَالْعَمَلَ بِهَا عَلَى حَدِّ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ: نحوٌ مِنْ تَبْدِيلِ الشَّرِيعَةِ (10)، كَمَا لَوِ اعْتَقَدَ فِي الْفَرْضِ أَنه لَيْسَ بِفَرْضٍ، أَو فيما (11) ليس بفرض أَنه فرض، ثم عمل على وَفْقَ اعْتِقَادِهِ، فإِنه فَاسِدٌ، فَهَبِ العَمَلَ فِي الأَصل صَحِيحًا، فإِخراجه عَنْ بَابِهِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا مِنْ بَابِ إِفساد الأَحكام الشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْ هُنَا ظهر عذر السلف الصالح رضي الله عنهم فِي تَرْكِهِمْ سُنَناً قَصْداً؛ لِئَلَّا يَعتقد الجاهلُ أَنها مِنَ الْفَرَائِضِ؛ كالأُضحية وَغَيْرِهَا؛ كَمَا تَقَدَّمَ ذكره (12).
(1) في (خ): "اتباع".
(2)
قوله: "أحد من" ليس في (خ) و (م).
(3)
في (ر) و (غ): "لهم بإحسان لهم".
(4)
قوله: "مشروعاً" ليس في (خ).
(5)
في (م): "تثبت".
(6)
في (غ): "برأي".
(7)
من قوله: "كما أن إطلاق" إلى هنا سقط من (خ) و (م).
(8)
قوله: "التي" ليس في (م).
(9)
قوله: "سنة" ليس في (خ).
(10)
في (ر) و (غ): "الشرعية".
(11)
في (خ): "أو ما" وفي (م): "أو بما".
(12)
في (خ) و (م): "ذلك" بدل "ذكره".
وترك بعض السلف الأضحية لئلا يعتقد الجاهل أنها من الفرائض لم يتقدم الكلام عنه، ولكنه سيأتي (ص346).
ولأَجله أَيضاً نَهَى أَكثرهم عَنِ اتِّبَاعِ الْآثَارِ؛ كَمَا خَرَّجَ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ وَضَّاحٍ وغيرُهما عَنْ مَعْرُور (1) بْنِ سُوَيد الأَسدي قَالَ: وَافَيْتُ الْمَوْسِمَ مَعَ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فلما انصرف (2) إِلَى الْمَدِينَةِ انْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا صَلَّى لَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ فقرأَ فِيهَا:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ *} (3) و {لإِِيلَافِ قُرَيْشٍ *} (4)، ثُمَّ رأَى نَاسًا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هؤلاءِ؟ قَالُوا: يَأْتُونَ مَسْجِدًا هَاهُنَا صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ (5): إِنما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا، يَتَّبعون آثَارَ أَنبيائهم، فاتّخَذوها كَنَائِسَ وبِيَعاً، مَنْ أَدركته الصَّلَاةُ فِي شيءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وإِلا فَلَا يتعمَّدْها (6).
وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ (7): سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ مُفْتِي أَهل طَرَسُوس يَقُولُ: أَمر عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَطَعَهَا؛ لأَن النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تحتها، فخاف عليهم الفتنة (8).
(1) في (خ): "معزوز".
(2)
في (خ): "انصرفنا".
(3)
إلى هنا انتهى ذكر الآية في (خ) و (م).
(4)
سورة الفيل: الآية (1).
(5)
سورة قريش: الآية (1).
(6)
في (ر) و (غ) و (م): "قال".
(7)
أخرجه عبد الرزاق (2/ 118)، وابن أبي شيبة (2/ 153)، وابن وضاح في "البدع والنهي عنها"(104، 105) جميعهم من طريق الأعمش، عن معرور بن سويد به.
وإسناده صحيح.
وقال الحافظ في "الفتح"(1/ 569): ثابت عن عمر.
(8)
في "البدع والنهي عنها"(106).
(9)
زاد ابن وضاح قوله: قال عيسى بن يونس: وهو عندنا من حديث ابن عون، عن نافع: أن الناس كانوا يأتون الشجرة، فقطعها عمر.
وهذا الأثر أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 100) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، وابن أبي شيبة في "المصنف"(7545) من طريق معاذ بن معاذ، كلاهما عن عبد الله بن عون، عن نافع؛ قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها: شجرة الرضوان، فيصلّون عندها؛ قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقُطعت.
وسنده رجاله ثقات، لكنه منقطع بين نافع وعمر رضي الله عنه، ولذا صححه الحافظ ابن حجر في "الفتح"(7/ 448) إلى نافع، فقال: "ثم وجدت عند ابن سعد بإسناد=
قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ (1): وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنس وَغَيْرُهُ مِنَ علماءِ الْمَدِينَةِ يَكْرَهُونَ إِتيان تِلْكَ الْمَسَاجِدِ، وَتِلْكَ الْآثَارِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ما عدا قُباءَ وحده (2).
قال: وَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ أَن سُفْيَانَ (3) دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ تِلْكَ الْآثَارَ، وَلَا الصَّلَاةَ (4) فِيهَا. وَكَذَلِكَ فَعَلَ غَيْرُهُ أَيضاً مِمَّنْ يُقتدى بِهِ.
وَقَدِمَ وَكِيعٌ أَيضاً مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يعدُ فعلَ سُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ (5): فَعَلَيْكُمْ بِالِاتِّبَاعِ لأَئمة الْهُدَى الْمَعْرُوفِينَ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى: كَمْ مِنْ أَمر هُوَ الْيَوْمَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ مَنْ مَضَى؟
وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ كُلَّ بِدْعَةٍ وإِن كَانَتْ فِي خَيْرٍ (6).
وَجَمِيعُ هَذَا ذَرِيعَةٌ لِئَلَّا يُتّخذ سُنَّةً مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، أَو يُعَدّ مَشْرُوعًا ما ليس بمشروع (7).
وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْمَجِيءَ إِلى بَيْتِ المَقْدِس خِيفَةَ أَن يُتَّخذ ذَلِكَ سُنَّةً، وَكَانَ يَكْرَهُ مجيءَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ (8)، وَيَكْرَهُ مجيءَ قُباءَ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ، مَعَ مَا جاءَ فِي الآثار من الترغيب فيه (9).
=صحيح عن نافع
…
"، فذكره.
وقد أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"(5/ 2876) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة؛ ثنا ابن عون؛ قال: بلغ عمر
…
، فذكره هكذا بإسقاط نافع من الإسناد، وهذا أشد انقطاعاً، لكن رواية ابن أبي شيبة وابن سعد أرجح، لاتفاق ثقتين على روايته عن ابن عون، عن نافع.
(1)
في "البدع والنهي عنها" صفحة (88).
(2)
وقع في المطبوع من "البدع والنهي عنها": "وأحداً".
(3)
أي: الثوري.
(4)
في (ر): "إلا الصلاة"، ويشبه أن تكون هكذا في (غ).
(5)
في "البدع والنهي عنها" صفحة (89).
(6)
المصدر السابق صفحة (91).
(7)
في (خ) و (م): "ما ليس معروفاً".
(8)
أي: لمن كان بالمدينة من غير شدّ رحل إليها؛ لأن شدّ الرحال للقبور محرّم.
(9)
انظر "البدع والنهي عنها" صفحة (91).
وَلَكِنْ لَمَّا خَافَ العلماءُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ تَرَكُوهُ.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وأَشْهَب: سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُولُ لما أَتاها (1) سَعْدُ (2) بْنُ أَبي وَقَّاصٍ؛ قَالَ: وَدِدْتُ أَن رِجْلِي تَكَسَّرت وأَني لَمْ أَفعل (3)(4).
وَسُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَنِ الْآثَارِ الَّتِي تَرَكُوا بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَثبت مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قُباءَ (5)، إِلا أَن مَالِكًا كَانَ يَكْرَهُ مَجِيئَهَا خَوْفًا مِنْ أَن تُتَّخَذَ (6) سُنَّةً (7).
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ (8): كُنْتُ أَقرأُ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِحَدِيثِ التَّوْسعة ليلة عاشوراءَ (9)
(1) في (خ) و (م): "أتاه".
(2)
في (م): "سعيد".
(3)
في (ر) و (غ): "أن رجلي تكسر ولم أفعل"، والمثبت موافق لما في "البدع والنهى عنها".
(4)
انظر: "البدع والنهي عنها" صفحة (91).
(5)
في (ر) و (غ): "أثبت ما عندنا في ذلك".
(6)
في (خ) و (م): "يتخذ".
(7)
انظر "البدع والنهي عنها" صفحة (91).
(8)
كما في المصدر السابق.
(9)
حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء:
ورد من حديث عبد الله بن مسعود، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وموقوفاً على عمر بن الخطاب.
1 ـ أما حديث عبد الله بن مسعود: فأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(3/ 252)، وابن حبان في "المجروحين"(3/ 97)، والطبراني في "الكبير"(10/ 77 رقم 10007)، والبيهقي في "الشعب"(3513)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 211)، والخطيب في "الموضح"(2/ 277)، جميعهم من طريق الهَيْصَم بن الشَّدَّاخ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وسَّع على عياله يوم عاشوراء؛ لم يزل في سعةٍ سائرَ سنته".
ووقع عند العقيلي: "يحيى بن وثاب" بدل "إبراهيم".
قال العقيلي: "ولا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، إلا شيء يروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر مرسلاً، به".
ذكر العقيلي هذا الحديث في ترجمة علي بن المهاجر العيشي، وذكر أنه يروي عن هيصم بن الشماخ [كذا!]، ثم قال:"كلاهما مجهول، والحديث غير محفوظ". وذكره ابن حبان في ترجمة هيصم بن الشداخ من "المجروحين"، وقال عنه:"شيخ يروي عن الأعمش الطّامّات في الروايات، لا يجوز الاحتجاج به". وأما ابن عدي فذكره في ترجمة علي بن أبي طالب الدهّان الراوي له عن الهيصم، ثم قال: "وهذا=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=الحديث بهذا الإسناد لا أعلم يرويه غير علي بن أبي طالب".
قلت: وفي بعض المصادر المتقدمة التي أخرجته جاء من رواية علي بن المهاجر، وهذا يوهم أن علي بن أبي طالب الدّهان توبع عليه، فيستدرك على ابن عدي، وليس كذلك، فقد أخرج الخطيب في الموضع السابق من "الموضح" هذا الحديث من طريق علي بن مهاجر، ثم قال: "وهو علي بن أبي طالب الدهّان
…
"، ثم أخرج الحديث مرة أخرى بتسميته علي بن أبي طالب، ثم قال: "قال لنا أبو نعيم: لم يروه عن الأعمش إلا الهيصم، وعنه علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب: مهاجر".
وذكر ابن الجوزي في "الموضوعات"(1142) هذا الحديث، وذكر قول العقيلي وابن حبان، وتَعَقَّبَه السيوطي في "اللآلئ"(2/ 111) بالطرق الآتية.
وقال الذهبي في ترجمة علي بن مهاجر من "الميزان"(3/ 158 رقم 5950): "لا يُدرى من هو، والخبر موضوع".
ويدلّ على وضعه: تفرُّد علي بن المهاجر به، عن شيخه الهيصم بن الشَّدَّاخ، عن الأعمش، وعلي وشيخه متكلم فيهما بما سبق ذكره، والأعمش إمام مشهور مكثر جدّاً من الحديث، والرواة عنه كُثُر، ومنهم أئمة كشعبة والثوري، فأين كانوا عن هذا الحديث الذي لا يعرف إلا من طريق هذا المتهم: الهيصم؟!! وانظر "لسان الميزان"(7/ 277).
2 ـ وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه: العقيلي في "الضعفاء"(4/ 65)، وابن عدي في "الكامل"(6/ 200)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 198)، والبيهقي في "الشعب"(3515) ـ من طريق ابن عدي ـ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(910) ـ من طريق العقيلي ـ، جميعهم من طريق حجاج بن نصير، عن محمد بن ذكوان، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
، فذكره.
ذكر العقيلي هذا الحديث فيما ينتقد على محمد بن ذكوان، وزاد عقب إخراجه له قوله:"وسليمان بن أبي عبد الله مجهول بالنقل، والحديث غير محفوظ".
وذكره ابن عدي فيما ينتقد على محمد بن ذكوان.
وأعله ابن الجوزي بكلام العقيلي، وكذا صنع في "الموضوعات"(2/ 572 ـ 573). وللحديث ثلاث علل.
أـ حجاج بن نُصير الفَسَاطيطي ضعيف، كان يقبل التلقين كما في "التقريب"(1148).
ب ـ محمد بن ذكوان الأزدي الطّاحي، ويقال: الجَهْضَمي؛ قال عنه البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 79 رقم 206): "منكر الحديث"، وكذا قال أبو حاتم الرازي=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=كما في "الجرح والتعديل"(7/ 251 رقم 1378)، وكذا قال النسائي كما في الموضع السابق من "الكامل" لابن عدي، وقال مرة:"ليس بثقة، ولا يكتب حديثه"؛ كما في "تهذيب الكمال"(25/ 182).
فإن قيل: وثقه يحيى بن معين؛ قلنا: لعله التبس عليه بآخر، وانظر رَدّ المعلِّمي لتوثيقه في تعليقه على "الفوائد المجموعة"(ص98 ـ 99).
جـ الراوي عن أبي هريرة: سليمان بن أبي عبد الله، وهو مقبول كما في "التقريب"(2597)، وتقدم قول العقيلي عنه:"مجهول بالنقل، والحديث غير محفوظ".
وبهذه العلل الثلاث يتضح أن الحديث ضعيف جداً، ولا ينجبر ضعفه بتعدد طرقه، فضلاً عن أن يكون صحيحاً أو حسناً. ومن هنا يتضح ما في قول الحافظ العراقي من البعد؛ حيث قال في "أماليه":"لحديث أبي هريرة طرق صحح بعضها ابن ناصر الحافظ، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق سليمان بن أبي عبد الله عنه، وقال: سليمان مجهول، وسليمان ذكره ابن حبان في الثقات، فالحديث حسن على رأيه" اهـ من "المقاصد الحسنة"(ص431).
3 ـ وأما حديث أبي سعيد الخدري: فقال إسحاق بن راهويه في "مسنده" ـ كما في "اللآلئ (2/ 112) ـ: أنبأنا عبد الله بن نافع؛ حدثني أيوب بن سليمان بن ميناء، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وسع على عياله
…
"، الحديث.
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(3514) و"فضائل الأوقات"(245) من طريقين عن عبد الله بن نافع، به.
وهذا سند ضعيف جدّاً أيضاً فيه ثلاث علل:
أـ الراوي عن أبي سعيد مبهم لا يُدْرَى من هو؟
ب ـ الراوي عنه: أيوب بن سليمان بن ميناء غير معروف، ولم يرو عنه سوى عبد الله بن نافع ـ وسيأتي بيان حاله ـ، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 417 رقم 1331) وقال:"روى عنه عبد الله بن نافع الصائغ المدني، مرسل"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 248 رقم 885). وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 61) وقال:"يروي المقاطيع"، وقاعدة ابن حبان معروفة في توثيق المجاهيل.
جـ عبد الله بن نافع الصائغ المخزومي، مولاهم، أبو محمد المدني: ثقة إذا حدث من كتابه، وأما حفظه فضعيف، ولذا يقول عنه ابن حجر في "التقريب" (3683):"ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين"، ولم يتبين أن هذا الحديث من كتابه، ولو تبين فالعلتان الأوليان فيهما كفاية في إعلاله.
ولحديث أبي سعيد هذا طريق أخرى أخرجها الطبراني في "الأوسط"(9302) من=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=طريق محمد بن إسماعيل الجعفري؛ ثنا عبد الله بن سلمة الرَّبَعي، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَة، عن أبيه، عن أبي سعيد، به. ثم قال الطبراني:"لا يُروى هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به محمد بن إسماعيل الجعفري".
وقال الهيثمي في "المجمع"(3/ 189): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن إسماعيل الجعفري؛ قال أبو حاتم: منكر الحديث".
قلت: الجعفري؛ هذا قال عنه أبو حاتم الرازي: "منكر الحديث، يتكلمون فيه"؛ كما في "الجرح والتعديل"(7/ 189 رقم 1073)، وقال عنه أبو نعيم: متروك، كما في "لسان الميزان"(6/ 151 رقم 7123)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 88) وقال:"يغرب".
وفي سنده أيضاً عبد الله بن سلمة الرَّبعَي، وهو متروك؛ كما في "لسان الميزان"(4/ 295 رقم 4663 و4664).
4 ـ وأما حديث جابر: فله عنه طريقان:
أـ أخرجه البيهقي في "الشعب"(3512) من طريق محمد بن يونس، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن عبد الله بن أبي بكر ـ ابن أخي محمد بن المنكدر ـ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
قال البيهقي: "هذا إسناد ضعيف".
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في "تمام المنة"(ص410 ـ 411): "فهذا إسناد موضوع من أجل محمد بن يونس ـ وهو الكُدَيمي ـ، فإنه كذاب، قال ابن عدي: قد اتُّهم الكديمي بالوضع، وقال ابن حبان: لعله قد وضع أكثر من ألف حديث.
وشيخه: عبد الله بن إبراهيم الغفاري؛ قال الذهبي: وهو عبد الله بن أبي عمرو المدني، يدلِّسونه لوهنه، نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث، وذكر له ابن عدي في فضل أبي بكر وعمر حديثين، وهما باطلان، قال الحاكم: يروي عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة. قلت [أي: الألباني]: وهذا منها، فإن شيخه عبد الله بن أبي بكر ـ ابن أخي محمد بن المنكدر ـ ضعيف كما في "الميزان" اهـ.
ب ـ أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار"(10/ 140 رقم 14294) من طريق محمد بن معاوية؛ قال: حدثنا الفضل بن الحباب؛ قال: حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي؛ قال: حدثنا شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره.
قال جابر: جرّبناه فوجدناه كذلك. وقال أبو الزبير وقال شعبة مثله.
وهذا الحديث ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي خليفة الفضل بن الحباب من=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
="لسان الميزان"(6/ 19)، فقال: "روى عنه ابن عبد البر في الاستذكار من طريقه حديثاً منكراً جدّاً، ما أدري من الآفة فيه!
…
وشيوخ ابن عبد البر الثلاثة مُوَثّقون، وشيخهم محمد بن معاوية هو ابن الأحمر راوي السنن عن النسائي وثقه ابن حزم وغيره، فالظاهر أن الغلط فيه من أبي خليفة، فلعل ابن الأحمر سمعه منه بعد احتراق كتبه، والله أعلم".
قلت: ولو كان الحديث مروياً عن شعبة بهذه الصفة لما غفل عنه أصحاب المصنفات المشهورة ودواوين الإسلام المعروفة ولم يوجد إلا عند ابن عبد البر المتأخر!
5 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر: فأخرجه الدارقطني في "الأفراد" ـ كما في "اللآلئ"(2/ 112)، و"كشف الخفاء"(2/ 284) ـ، ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(909)، من طريق محمد بن موسى بن سهل؛ قال: نا يعقوب بن خرة الدّبّاغ؛ قال: نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره.
قال ابن الجوزي: "حديث ابن عمر منكر من حديث الزهري عن سالم، وإنما يُروى هذا من قول إبراهيم بن محمد بن المنتشر، ويعقوب بن خرة ضعيف"، وهذا قول الدارقطني. وذكر الحافظ ابن حجر في "اللسان" قول الذهبي في يعقوب بن خرة الدباغ:"عن سفيان بن عيينة، ضعفه الدارقطني. قلت: له خبر باطل لعله وهم". ثم قال ابن حجر: "قال الدارقطني في الأفراد: حدثنا محمد بن موسى بن سهل
…
"، فذكر هذا الحديث، ثم ذكر قول الدارقطني الذي حكاه ابن الجوزي، ثم قال: "وقال ـ أي الدارقطني ـ في المؤتلف والمختلف: يعقوب بن خرة ـ بالخاء المعجمة ـ شيخ من أهل فارس، يحدِّث عن أزهر بن سعد السَّمّان وسفيان بن عيينة وغيرهما، لم يكن بالقوي في الحديث".
ولحديث ابن عمر هذا طريق آخر: أخرجه الخطيب في "رواة مالك" ـ كما في اللآلئ (2/ 113) ـ، من طريق هلال بن خالد، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره.
قال الخطيب: "في إسناده غير واحد من المجهولين، ولا يثبت عن مالك".
وقال المعَلِّمي في "حاشيته على الفوائد المجموعة"(ص99): "سند مظلم"، ثم ذكر كلام الخطيب، ثم قال:"وآخر المجهولين: هلال بن خالد، روى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وفي ترجمته من لسان الميزان: هذا باطل".
6 ـ وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الموقوف عليه: فأخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار"(14297) من طريق ابن وضّاح؛ قال: حدثنا أبو محمد العابد، عن بهلول بن راشد، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب؛=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=قال: قال عمر بن الخطاب: من وسَّع على أهله يوم عاشوراء؛ وسَّع الله عليه سائر السنة.
قال يحيى بن سعيد: جربنا ذلك فوجدناه حقّاً.
وأبو محمد العابد شيخ ابن وضاح لم أعرفه، وسعيد بن المسيب روايته عن عمر مرسلة، والحديث موقوف وليس بمرفوع.
ومن خلال ما تقدم يتضح أن الحديث لا ينجبر ضعفه بهذه الطرق، وقد ذهب البيهقي إلى أنه يتقوَّى بها فقال في "الشعب" (7/ 379) بعد أن ذكر طرقه:"هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة، فهي إذا ضُمَّ بعضها إلى بعض أخذت قوَّة، والله أعلم".
وذهب إلى تصحيحه أيضاً الحافظ أبو الفضل ابن ناصر، والعراقي كما في "المقاصد الحسنة"(ص431 رقم 1193)، والسيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 111 ـ 113)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص98 ـ 100) حيث قال:"طرقه يقوي بعضها بعضاً"، وذهب إلى تضعيفه الإمام أحمد كما سيأتي، والعقيلي، وابن عدي، وابن حبان كما سبق نقله عنهم، وابن الجوزي؛ فذكره في "العلل المتناهية" و"الموضوعات" ـ كما سبق ـ، ونقد طرقه التي أوردها. كما ذهب إلى تضعيفه الذهبي ـ كما سبق ـ، ومن المتأخرين: الشيخ عبد الرحمن المعلمي، والشيخ ناصر الدين الألباني رحمهما الله، وتقدم النقل عنهما.
ومن أجود من نقد الحديث وأعلّه: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.
أما ابن القيم فقال في "المنار المنيف"(ص111 ـ 113): "ومنها [يعني: الأحاديث الباطلة]: أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء، والتزيُّن، والتوسعةِ، والصلاة فيه، وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شيء، ولا حديث واحد، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء غير أحاديث صيامه، وما عداها فباطل، وأمثل ما فيها: "من وسَّع على عياله يوم عاشوراء؛ وسّع الله عليه سائر سنته"، قال الإمام أحمد: لا يصحّ هذا الحديث. وأما حديث الاكتحال، والادّهان، والتطيُّب: فمن وضع الكذّابين، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألُّم وحُزن، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنّة. وأهل السنّة يفعلون فيه ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع" اهـ.
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية فتكلم عنه في مواضع عدَّة؛ "كمنهاج السنة"(7/ 39)، و"اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 300).
وسئل في "الفتاوى"(25/ 299 ـ 301) عما يفعله الناس في يوم عاشوراء؛ من الكحل، والاغتسال، والحنّاء، والمصافحة، وطبخ الحبوب، وإظهار السرور، وغير ذلك إلى الشارع، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أم لا؟ وإذا لم يَرِدْ حديث صحيح في شيء من ذلك، فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا؟ وما تفعله=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=الطائفة الأخرى من المأْتَمِ، والحزن، والعطش، وغير ذلك؛ من النَّدْبِ، والنِّياحة، وقراءة المصروع، وشَقّ الجيوب، هل لذلك أصل أم لا؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، لم يَرِدْ في شيءٍ من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة، ولا غيرهم، ولا رَوى أهلُ الكتب المعتمدة في ذلك شيئاً، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة، ولا التابعين، لا صحيحاً، ولا ضعيفاً، لا في كتب الصحيح، ولا في السنن، ولا المسانيد، ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث؛ مثل ما رووا: أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، وأمثال ذلك
…
، ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء، ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم، واستواء السفينة على الجودِيّ، ورَدَّ يوسف على يعقوب، وإنجاء إبراهيم من النار، وفداء الذبيح بالكبش، ونحو ذلك. ورووا في حديثٍ موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم أنه من وسَّع على أهله يوم عاشوراء؛ وسَّع الله عليه سائر السنة. ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب، ولكنه معروف من رواية سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه؛ قال: بلغنا أنه من وسَّع على أهله يوم عاشوراء؛ وسّع الله عليه سائر سنته، وإبراهيم بن محمد بن المنتشر من أهل الكوفة، وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان: طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت، وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة، وإما جهال وأصحاب هوى، وطائفة ناصِبَة تبغض عليّاً وأصحابه؛ لمّا جرى من القتال في الفتنة ما جرى. وقد ثبت في "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيكون في ثقيف كذّاب ومُبِيرٌ، فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان يظهر موالاة أهل البيت، والانتصار لهم وقتل عبيد الله بن زياد أمير العراق الذي جهّز السَّرِيَّة التي قتلت الحسين بن علي رضي الله عنهما، ثم إنه أظهر الكذب، وادّعى النبوة،
وأن جبريل عليه السلام ينزل عليه، حتى قالوا لابن عمر وابن عباس؛ قالوا لأحدهما: إن المختار بن أبي عبيد يزعم أنه ينزل عليه؟ فقال: صدق، قال الله تعالى:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ *تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *} [الشعراء: 221، 222] وقالوا للآخر: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه؟ فقال: صدق {وَإِنَّ الشَّيْاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَولِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121]. وأما المبير: فهو الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان منحرفاً عن علي وأصحابه، فكان هذا من النواصب، والأول من الروافض اهـ.
وقال في (25/ 312 ـ 313):
والصحيح: أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع؛ لأن هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: لئن عشت إلى قابل؛ لأصومنَّ التاسع مع العاشر؛ كما جاء ذلك=
قال لي: حَوِّقْ (1) عَلَيْهِ، قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَبا مُحَمَّدٍ؟ قال: خوفاً من أَن يُتّخذ سنة.
=مُفَسَّراً في بعض طرق الحديث، فهذا الذي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما سائر الأمور؛ مثل اتخاذ طعامٍ خارجٍ عن العادة، إما حبوب، وإما غير حبوب، أو تجديد لباس، أو توسيع نفقة، أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة؛ كصلاة مختصة به، أو قصد الذبح، أو ادّخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال، أو الاختضاب، أو الاغتسال، أو التصافح، أو التزاور، أو زيارة المساجد والمشاهد ونحو ذلك، فهذا من البدع المنكرة التي لم يسنّها رسول الله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين، لا مالك، ولا الثوري، ولا الليث بن سعد، ولا أبو حنيفة، ولا الأوزاعي، ولا الشافعي، ولا أحمد بن حنبل، ولا إسحاق بن راهويه، ولا أمثال هؤلاء من أئمة المسلمين وعلماء المسلمين، وإن كان بعض المتأخرين من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ذلك، ويروون في ذلك أحاديث وآثاراً، ويقولون: إن بعض ذلك صحيح، فهم مخطئون غالطون بلا ريبٍ عند أهل المعرفة بحقائق الأمور، وقد قال حرب الكرماني في "مسائله": سُئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: من وسَّع على أهله يوم عاشوراء؟ فلم يره شيئاً، وأعلى ما عندهم: أثر يُروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه أنه قال: بلغنا: أنه من وسّع على أهله يوم عاشوراء؛ وسّع الله عليه سائر سنته. قال سفيان بن عيينة: جرّبناه منذ ستّين عاماً فوجدناه صحيحاً. وإبراهيم بن محمد كان من أهل الكوفة، ولم يذكر ممن سمع هذا، ولا عمَّن بلغه، فلعل الذي قال هذا من أهل البدع الذين يبغضون عليّاً وأصحابه، ويريدون أن يقابلوا الرافضة بالكذب مقابلة الفاسد بالفاسد، والبدعة بالبدعة. وأما قول ابن عيينة: فإنه لا حُجَّة فيه، فإن الله سبحانه أنعم
عليه برزقه، وليس في إنعام الله بذلك ما يدل على أن سبب ذلك كان التوسيع يوم عاشوراء، وقد وسع الله على من هم أفضل الخلق من المهاجرين والأنصار، ولم يكونوا يقصدون أن يوسعوا على أهليهم يوم عاشوراء بخصوصه، وهذا كما أن كثيراً من الناس ينذرون نذراً لحاجة يطلبها، فيقضي الله حاجته، فيظن أن النذر كان السبب اهـ، والله أعلم.
(1)
في (خ) و (م): "حرق"، والمثبت من (ر) و (غ)، وهو الصواب. ومعنى "حَوِّقْ": أي: اجعل عليه دائرة؛ كما يتضح من "لسان العرب"(10/ 71)، كأنه قال: اضرب عليه. وقد اعتمد رشيد رضا رحمه الله على نسخة (خ) فقط، وفيها:"حرق" بالراء، فعلّق عليه بقوله: لعلّها: "حوق" بالواو؛ يقال: حوق عليه الكلام: إذا خلطه وأفسده عليه بحيث لا يفهم، أو لا يقرأ إلا إذا كان مكتوباً. وهو من الحُوَاقة؛ أي: الكناسة التي يختلط بها ما يكنس بعضه ببعض. ويقال: حَاقَ الدار بالمِحْوَقَة: كنسها. ومما حفظته من صبيان المكتب ـ إذ كنا نتعلّم الخطّ ـ: "حَوِّق عليه"؛ أي السطر ـ مثلاً ـ؛ أي:=
فَهَذِهِ أُمور جَائِزَةٌ أَو مَنْدُوبٌ إِليها، وَلَكِنَّهُمْ كَرِهُوا فِعْلَهَا خَوْفًا مِنَ الْبِدْعَةِ؛ لأَن اتِّخَاذَهَا سُنَّةً إِنما هُوَ بأَن يُوَاظِبَ النَّاسُ عَلَيْهَا مُظْهِرِينَ لَهَا، وَهَذَا شأْن السُّنَّةِ، وإِذا جَرَتْ مَجْرَى السُّنَنِ صَارَتْ مِنَ الْبِدَعِ بِلَا شَكٍّ.
فإِن قيل: فكيف (1) صَارَتْ هَذِهِ الأَشياءُ مِنَ الْبِدَعِ الإِضافية، وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنها بِدَعٌ حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ إِذَا عُمل بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، فَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ إِذْ لَمْ يضَعْها صاحبُ السُّنّة؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم على هَذَا الْوَجْهِ (2)، فَصَارَتْ (3) مِثْلَ مَا إِذا صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَاعْتَقَدَهَا عِبَادَةً، فإِنها بِدْعَةٌ مِنْ غَيْرِ إِشكال، هَذَا إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهَا بمآلِها، وإِذا نَظَرْنَا إِليها أَوّلاً فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ إِلى بِدْعَةٍ أَصلاً؟
فَالْجَوَابُ: أَن السُّؤَالَ صَحِيحٌ، إِلا أَن لِوَضْعِهَا أَولاً نَظَرَيْنِ:
أَحدهما: مِنْ حَيْثُ هِيَ مَشْرُوعَةٌ؛ فَلَا كَلَامَ فِيهَا.
وَالثَّانِي: مِنْ حَيْثُ صَارَتْ كَالسَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِاعْتِقَادِ الْبِدْعَةِ أَو لِلْعَمَلِ بِهَا عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، فَهِيَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (4) غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لأَن وَضْعَ الأَسباب لِلشَّارِعِ لَا للمُكَلَّف، وَالشَّارِعُ لَمْ يَضَعِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ قباءَ أَو بَيْتِ الْمَقْدِسِ ـ مَثَلًا ـ سَبَبًا لأَنْ تُتَّخَذَ سُنَّةً، فَوَضْعُ المُكَلَّف لَهَا كَذَلِكَ رأْي غَيْرُ مُسْتَنِدٍ إِلى الشَّرْعِ، فَكَانَ ابْتِدَاعًا.
=رمِّجْه، أو اجعل حوله خطّاً ليُعلم أنه غير مقصود. وهو استعمال عربي. وأما "حرق عليه" بالراء، فلا يظهر له معنى هنا، إلا إذا كانوا استعملوا التحريق بمعنى برد المعدن بالمبرد في حكّ الحروف المكتوبة بِمِبْراةِ القلم، ولم أره" اهـ.
(1)
في (خ) و (م): "كيف".
(2)
في (خ): "لم توجه"، وعلق رشيد رضا عليه بقوله:"لعلّه: على هذا الوجه" اهـ.
(3)
في (ر) و (غ): "وصارت".
(4)
في (خ): "البدعة" بدل "الوجه"، ووضع الناسخ عليها ما يدل على استشكاله لها:(سـ)، ولذا لم يثبتها رشيد رضا في طبعته، وعلق على موضعها بقوله: لعل الأصل: "من هذا القبيل"، أو:"من هذا الوجه"، وكتب في الأصل:"فهي من هذه البدعة غير مشروعة"، ووضع فوق كلمة البدعة علامة الترميج. اهـ.
وَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهَا بِدْعَةً إِضافية.
أَما إِذا استقرَّ السَّبَبُ وَظَهَرَ عَنْهُ مُسَبِّبُهُ الَّذِي هُوَ اعْتِقَادُ الْعَمَلِ سُنَّةً، وَالْعَمَلُ عَلَى وَفْقِهِ، فَذَلِكَ بِدْعَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَا إِضافية، وَلِهَذَا الأَصل أَمثلة كَثِيرَةٌ وَقَعَتِ الإِشارة إِليها فِي أَثناءِ (1) الْكَلَامِ، مَعْنَى لِلتَّكْرَارِ.
وإِذا ثَبَتَ فِي الأُمور الْمَشْرُوعَةِ أَنها قَدْ تُعَدُّ بِدَعًا بالإِضافة، فَمَا ظَنُّكَ بالبدع الحقيقية؛ فإِنها قد يجتمع (2) فِيهَا أَن تَكُونَ حَقِيقِيَّةً وإِضافية مَعًا لَكِنْ من جهتين، فإِن (3) بِدْعَةُ "أَصْبِحْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ"(4) فِي نداءِ الصُّبح ظَاهِرَةٌ، ثُمَّ لَمَّا عُمِلَ بِهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ، مُوَاظَباً عَلَيْهَا، لَا تُتْرَكُ كَمَا لَا تترك الواجبات وما أشبهها، كان تشريعُها (5) أَولاً يلزمه أَن يُعتقد فيها الْوُجُوبَ أَو السُّنَّةَ، وَهَذَا ابْتِدَاعٌ ثانٍ إِضافي. ثُمَّ إِذا اعتُقِد فِيهَا ثَانِيًا السُّنِّيَّة (6) أَو الفَرَضِيَّة صَارَتْ بِدْعَةً مِنْ ثَلَاثَةِ أَوجه، وَمِثْلُهُ يَلْزَمُ فِي كُلِّ بِدْعَةٍ أُظهرت والتُزِمَتْ. وأَما إِذا خَفِيَتْ وَاخْتُصَّ بِهَا صَاحِبُهَا فالأَمر عَلَيْهِ أخفّ، فيالله وَيَا لِلْمُسْلِمِينَ! مَاذَا يَجْنِي الْمُبْتَدِعُ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا لَا يَكُونُ فِي حِسَابِهِ؟ وَقَانَا اللَّهُ شرور أَنفسنا بفضله.
(1) في (م): "استثناء".
(2)
في (خ) و (م): "تجتمع".
(3)
في (خ) و (م): "فإذاً".
(4)
انظر (ص87 ـ 89) من هذا المجلد.
(5)
في (خ) و (م): "تشريعاً".
(6)
في (ر) و (غ): "السنة".